بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِّ على محمد وآله الطيبين الطاهرين
من هم السلفية ؟
سؤال نطرحه لنعرف من هم السلفية ولماذا سموا أنفسهم بذلك وهم حركة تخلخلت في الاوساط الإسلامية ، ولطالما تذرّعوا بالدعوة السلفية واتّباع السلف الصالح، ولم أعلم حتّى الآن من يعنون بالسلف الصالح، والظاهر أنّها دعوة حقّ أُريد بها باطل.
فالمعروف بين الجمهور أنّ السلف الصالح هم الأشاعرة والماتريدية أُصولا، والمذاهب الأربعة ـ أعني الأحناف، والمالكية، والشوافع، والحنابلة ـ فروعاً، وآراؤهم وفتاواهم معروفة ومدوّنة في مصادرهم وليس فيها ما يوافق آراء الوهّابية والسلفية المزعومة.
وكذا بقيّة المذاهب المنقرضة كمذهب الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وداود الظاهري، وابن جرير الطبري، وغيرهم.
وحتّى الصحابة والتابعون فإنّ رواياتهم وآثارهم منقولة ومدوّنة، ولا نرى فيها أثراً لما يدّعيه الوهّابية أو السلفية ، نعم هناك منهم من ادّعى بأنّهم على مذهب أحمد بن حنبل، إلاّ أنّه ليس بصحيح، لأنّ الحنابلة أنكروا ذلك وردّوا عليهم، منهم: الشيخ سليمان بن عبد الوهّاب الحنبلي، أخو محمّد بن عبد الوهّاب، له كتاب " الصواعق الإلهية في الردّ على الوهّابية " وهو مطبوع ".
والشيخ عبد القدّومي النابلسي في " رحلته ".
والشيخ عفيف الدين عبد الله بن داود الحنبلي، له كتاب " الصواعق والرعود ".
والعلاّمة محمّد بن عبد الرحمن بن عفالق الحنبلي، له كتاب " تهكّم المقلّدين بمن ادّعى تجديد الدين ".
والشيخ حسن الشطّي، له رسالة في الردّ عليهم.
وعبد المحسن الأشيقري الحنبلي، له مؤلف في الردّ على الوهابية.
والشيخ مصطفى بن أحمد بن حسن الشطّي الحنبلي، له كتاب " النقول الشرعية في الردّ على الوهّابية ".
فضلا عن عشرات الردود من بقيّة علماء المذاهب الأُخرى.
علماً بأنّ علماء الكلام والملل والنحل حدّدوا بأنّ أُصول الفرق الإسلامية تعود إلى أربع فرق، وهي: 1 ـ المعتزلة، 2 ـ الخوارج، 3 ـ المرجئة أو الصفاتية، 4 ـ الشيعة.
ولا ندري أيّ عنوان من هذه العناوين ينطوي تحته لواء السلفية ؟ نعم، نرى لهم اهتماماً واضحاً بآراء ومصنّفات ابن خزيمة النيسابوري ـ صاحب كتاب " التوحيد " والذي يسمّيه الرازي كتاب الشرك لما فيه من تجسيم وتشبيه الخالق بالمخلوقين ـ، وعثمان بن سعيد الدارمي ـ صاحب كتابي " الردّ على الجهمية " و" النقض على بشر المريسي " ـ، وكان ابن تيمية يوصي بكتابي الدارمي هذين أشدّ الوصية ويعظمهما جداً، ولذا تصدّى له أغلب فقهاء عصره وأفتوا بابتداعه وضلاله، وحوكم على ذلك وسجن أكثرمن مرّة حتّى مات في السجن، ثمّ تلميذه وتوْلبه ابن القيّم الجوزية، فإذا كانوا يقصدون بالسلف الصالح هؤلاء ؟ فلا خير ولا فلاح بهذا السلف.
قال العلاّمة شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري: لا يوجد في كتب علماء أهل السُنّة والجماعة عبارة (السلفية) و (مذهب السلفية) ، ومثل هذه الأسماء ابتدعت من طرق الوهّابيّين واللامذهبيّين(1) .
وتحت عنوان (التمذهب بالسلفية بدعة لم تكن من قبل) ، قال محمّد سعيد رمضان البوطي وهو من كبار علماء الشام في كتابه " السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي ": إذا عرف المسلم نفسه بأنّه ينتمي إلى ذلك المذهب الذي يسمّى اليوم بالسلفية فلا ريب أنّه مبتدع(2) .
وقال: إنّ من الخطأ بمكان أن نعمد إلى كلمة (السلف) فنصوغ منها مصطلحاً جديداً طارئاً على تاريخ الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي ألا وهو (السلفية) فنجعله عنواناً مميزاً تندرج تحته فئة معينة من المسلمين تتّخذ لنفسها من معنى هذا العنوان وحده مفهوماً معيناً، وتعتمد فيه على فلسفة متميزة بحيث تغدو هذه الفئة بموجب ذلك، جماعة إسلامية جديدة في قائمة جماعات المسلمين المتكاثرة والمتعارضة بشكل مؤسف في هذا العصر، تمتاز عن بقيّة المسلمين بأفكارها وميولها، بل تختلف عنهم حتّى بمزاجها النفسي ومقاييسها الأخلاقية كما هو الواقع اليوم فعلا.
بل إنّنا لا نعدو الحقيقة إن قلنا: إنّ اختراع هذا المصطلح بمضامينه الجديدة التي أشرنا إليها بدعة طارئة في الدين لم يعرفها السلف الصالح لهذه الأمّة، ولا الخلف الملتزم بنهجه(3) .
وقال: ولم نعلم أنّ في أهل هذه القرون الغابرة كلّها من قد استبدل بهذا المنهج الذي كان ولا يزال فيصل ما بين أهل الهداية والضلال، التمذهب بمذهب يسمّى السلفية بحيث يكون الانتماء إليه هو عنوان الدخول في ساحة أهل الهداية والرشاد، وعدم الانتماء إليه هو عنوان الجنوح إلى الزيغ والضلالة والابتداع.
ولقد أصغينا طويلا ونقّبنا كثيراً فلم نسمع بهذا المذهب في عصر من عصور الإسلام الغابرة، ولم يأتِ من يحدّثنا بأنّ المسلمين في عصر ما قد انقسموا إلى فئة تسمّي نفسها السلفية وتحدد شخصيتها المذهبية هذه بآراء محدّدة تنادي بها وأخلاقية معينة تصطبغ بها، وإلى فئة أخرى تسمّى من وجهة نظر الأولى بدعية أو ضلالية أو خَلفية أو نحو ذلك، كلّ الذي سمعناه وعرفناه أنّ ميزان استقامة المسلمين على الحقّ أو جنوحهم عنه إنّما مردّه إلى اتّباع المنهج المذكور.
وهكذا، فقد مرّ التاريخ الإسلامي بقرونه الأربعة عشر دون أن نسمع عن أيّ من علماء وأئمّة هذه القرون أنّ برهان استقامة المسلمين على الرشد يتمثل في انتسابهم إلى مذهب يسمّى بالسلفية، فإن هم لم ينتموا إليه ويصطبغوا بميزاته وضوابطه، فأولئك هم البدعيّون الضالّون.
إذاً فمتى ظهرت هذه المذهبيّة التي نراها بأُمِّ أعيننا اليوم والتي تستثير الخصومات والجدل في كثير من أصقاع العالم الإسلامي، بل تستثير التنافس والهرج في كثير من بقاع أوربا حيث يقبل كثيرٌ من الأوروبّيّين على فهم الإسلام ويبدون رغبة في الانتساب إليه(4) .
ثمّ عرّف السلفي بقوله: فالسلفي اليوم، كلّ من تمسّك بقائمة من الآراء الاجتهادية المعينة ودافع عنها وسفّه الخارجين عليها ونسبهم إلى الابتداع سواءٌ منها ما يتعلق بالأمور الاعتقادية أو الأحكام الفقهية والسلوكية(5) .
ولو تنزّلنا وقلنا إنّهم يؤمنون بالاجتهاد، وهذا حسن لو كان مبنيّاً على أُسس وقواعد علمية سليمة، ولكن لا يخفى أنّ محور الاجتهاد هو فروع الدين، فعلى من يعتمدون في الأُصول؟ علماً أنّ رأيهم بأبي الحسن الأشعري إمام أهل السُنّة والجماعة في الأُصول في غاية السوء، ويعدّونه ضالاّ، ولا يساوي عندهم شيئاً، كما هو واضح من أقوالهم ومصنّفاتهم، وهل يوجد فرع بلا أصل أو بنيان بلا أساس ؟! إنّه لبنيان واه، بل أوهن من بيت العنكبوت.
وبالرغم ممّا عرفت من وهنهم هذا إلاّ أنّهم لم يدعوا الآخرين وشأنهم، بل تراهم بين نعيق وزعيق، ونعيب ونقيق، ورغاء ونهيق، فمرّة يكفّرون هذا ومرّة يضلّلون ذاك، وأُخرى يفترون على ثالث، كاشفين بذلك عن خبث سرائرهم، وسوء دخائلهم وقبح عوارهم، وفي كلّ يوم لهم مع الآخرين سوءة بادية، وفرية واهية، وقالة نابية، وفعل طائش، وعمل شائن، بعيد كلّ البعد عن روح الإسلام المشرقة، ونابع من الفراغ الفكري.
وإذا ما اتّفق ورأيت على أحدهم سيماء حملة العلم، وحاورته وجادلته بالتي هي أحسن وجدته أجهل من راعي ضأن، وأنّ علمه كعلم الأباعر بما تحمل، وما أن تأخذه من بين يديه ومن خلفه، وتلوي عنقه بالدليل والبرهان، حتّى يبدأ باللغط والتهريج، وتغيير الموضوع الذي هو محلّ النقاش، وهذا دأب كلّ من تعوزه الحجّة والدليل.
نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الزلل وسوء المعتقد، إنّه سميع الدعاء، والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين وسلّم تسليما.
منقول عن جواد حسين الورد دمشق الشام
12 / جمادى الآخرة / 1424 بتصرف يسير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإيمان والإسلام ص 78 ط/ إسطنبول 1986.
(2) السلفية مرحلة زمنية ص 236.
(3) السلفية مرحلة زمنية ص 13.
(4) السلفية مرحلة زمنية ص 230 ـ 231.
(5) السلفية مرحلة زمنية ص 237.
اللهم صلِّ على محمد وآله الطيبين الطاهرين
من هم السلفية ؟
سؤال نطرحه لنعرف من هم السلفية ولماذا سموا أنفسهم بذلك وهم حركة تخلخلت في الاوساط الإسلامية ، ولطالما تذرّعوا بالدعوة السلفية واتّباع السلف الصالح، ولم أعلم حتّى الآن من يعنون بالسلف الصالح، والظاهر أنّها دعوة حقّ أُريد بها باطل.
فالمعروف بين الجمهور أنّ السلف الصالح هم الأشاعرة والماتريدية أُصولا، والمذاهب الأربعة ـ أعني الأحناف، والمالكية، والشوافع، والحنابلة ـ فروعاً، وآراؤهم وفتاواهم معروفة ومدوّنة في مصادرهم وليس فيها ما يوافق آراء الوهّابية والسلفية المزعومة.
وكذا بقيّة المذاهب المنقرضة كمذهب الحسن البصري، وإبراهيم النخعي، وابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وداود الظاهري، وابن جرير الطبري، وغيرهم.
وحتّى الصحابة والتابعون فإنّ رواياتهم وآثارهم منقولة ومدوّنة، ولا نرى فيها أثراً لما يدّعيه الوهّابية أو السلفية ، نعم هناك منهم من ادّعى بأنّهم على مذهب أحمد بن حنبل، إلاّ أنّه ليس بصحيح، لأنّ الحنابلة أنكروا ذلك وردّوا عليهم، منهم: الشيخ سليمان بن عبد الوهّاب الحنبلي، أخو محمّد بن عبد الوهّاب، له كتاب " الصواعق الإلهية في الردّ على الوهّابية " وهو مطبوع ".
والشيخ عبد القدّومي النابلسي في " رحلته ".
والشيخ عفيف الدين عبد الله بن داود الحنبلي، له كتاب " الصواعق والرعود ".
والعلاّمة محمّد بن عبد الرحمن بن عفالق الحنبلي، له كتاب " تهكّم المقلّدين بمن ادّعى تجديد الدين ".
والشيخ حسن الشطّي، له رسالة في الردّ عليهم.
وعبد المحسن الأشيقري الحنبلي، له مؤلف في الردّ على الوهابية.
والشيخ مصطفى بن أحمد بن حسن الشطّي الحنبلي، له كتاب " النقول الشرعية في الردّ على الوهّابية ".
فضلا عن عشرات الردود من بقيّة علماء المذاهب الأُخرى.
علماً بأنّ علماء الكلام والملل والنحل حدّدوا بأنّ أُصول الفرق الإسلامية تعود إلى أربع فرق، وهي: 1 ـ المعتزلة، 2 ـ الخوارج، 3 ـ المرجئة أو الصفاتية، 4 ـ الشيعة.
ولا ندري أيّ عنوان من هذه العناوين ينطوي تحته لواء السلفية ؟ نعم، نرى لهم اهتماماً واضحاً بآراء ومصنّفات ابن خزيمة النيسابوري ـ صاحب كتاب " التوحيد " والذي يسمّيه الرازي كتاب الشرك لما فيه من تجسيم وتشبيه الخالق بالمخلوقين ـ، وعثمان بن سعيد الدارمي ـ صاحب كتابي " الردّ على الجهمية " و" النقض على بشر المريسي " ـ، وكان ابن تيمية يوصي بكتابي الدارمي هذين أشدّ الوصية ويعظمهما جداً، ولذا تصدّى له أغلب فقهاء عصره وأفتوا بابتداعه وضلاله، وحوكم على ذلك وسجن أكثرمن مرّة حتّى مات في السجن، ثمّ تلميذه وتوْلبه ابن القيّم الجوزية، فإذا كانوا يقصدون بالسلف الصالح هؤلاء ؟ فلا خير ولا فلاح بهذا السلف.
قال العلاّمة شرف الدين أحمد بن يحيى المنيري: لا يوجد في كتب علماء أهل السُنّة والجماعة عبارة (السلفية) و (مذهب السلفية) ، ومثل هذه الأسماء ابتدعت من طرق الوهّابيّين واللامذهبيّين(1) .
وتحت عنوان (التمذهب بالسلفية بدعة لم تكن من قبل) ، قال محمّد سعيد رمضان البوطي وهو من كبار علماء الشام في كتابه " السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي ": إذا عرف المسلم نفسه بأنّه ينتمي إلى ذلك المذهب الذي يسمّى اليوم بالسلفية فلا ريب أنّه مبتدع(2) .
وقال: إنّ من الخطأ بمكان أن نعمد إلى كلمة (السلف) فنصوغ منها مصطلحاً جديداً طارئاً على تاريخ الشريعة الإسلامية والفكر الإسلامي ألا وهو (السلفية) فنجعله عنواناً مميزاً تندرج تحته فئة معينة من المسلمين تتّخذ لنفسها من معنى هذا العنوان وحده مفهوماً معيناً، وتعتمد فيه على فلسفة متميزة بحيث تغدو هذه الفئة بموجب ذلك، جماعة إسلامية جديدة في قائمة جماعات المسلمين المتكاثرة والمتعارضة بشكل مؤسف في هذا العصر، تمتاز عن بقيّة المسلمين بأفكارها وميولها، بل تختلف عنهم حتّى بمزاجها النفسي ومقاييسها الأخلاقية كما هو الواقع اليوم فعلا.
بل إنّنا لا نعدو الحقيقة إن قلنا: إنّ اختراع هذا المصطلح بمضامينه الجديدة التي أشرنا إليها بدعة طارئة في الدين لم يعرفها السلف الصالح لهذه الأمّة، ولا الخلف الملتزم بنهجه(3) .
وقال: ولم نعلم أنّ في أهل هذه القرون الغابرة كلّها من قد استبدل بهذا المنهج الذي كان ولا يزال فيصل ما بين أهل الهداية والضلال، التمذهب بمذهب يسمّى السلفية بحيث يكون الانتماء إليه هو عنوان الدخول في ساحة أهل الهداية والرشاد، وعدم الانتماء إليه هو عنوان الجنوح إلى الزيغ والضلالة والابتداع.
ولقد أصغينا طويلا ونقّبنا كثيراً فلم نسمع بهذا المذهب في عصر من عصور الإسلام الغابرة، ولم يأتِ من يحدّثنا بأنّ المسلمين في عصر ما قد انقسموا إلى فئة تسمّي نفسها السلفية وتحدد شخصيتها المذهبية هذه بآراء محدّدة تنادي بها وأخلاقية معينة تصطبغ بها، وإلى فئة أخرى تسمّى من وجهة نظر الأولى بدعية أو ضلالية أو خَلفية أو نحو ذلك، كلّ الذي سمعناه وعرفناه أنّ ميزان استقامة المسلمين على الحقّ أو جنوحهم عنه إنّما مردّه إلى اتّباع المنهج المذكور.
وهكذا، فقد مرّ التاريخ الإسلامي بقرونه الأربعة عشر دون أن نسمع عن أيّ من علماء وأئمّة هذه القرون أنّ برهان استقامة المسلمين على الرشد يتمثل في انتسابهم إلى مذهب يسمّى بالسلفية، فإن هم لم ينتموا إليه ويصطبغوا بميزاته وضوابطه، فأولئك هم البدعيّون الضالّون.
إذاً فمتى ظهرت هذه المذهبيّة التي نراها بأُمِّ أعيننا اليوم والتي تستثير الخصومات والجدل في كثير من أصقاع العالم الإسلامي، بل تستثير التنافس والهرج في كثير من بقاع أوربا حيث يقبل كثيرٌ من الأوروبّيّين على فهم الإسلام ويبدون رغبة في الانتساب إليه(4) .
ثمّ عرّف السلفي بقوله: فالسلفي اليوم، كلّ من تمسّك بقائمة من الآراء الاجتهادية المعينة ودافع عنها وسفّه الخارجين عليها ونسبهم إلى الابتداع سواءٌ منها ما يتعلق بالأمور الاعتقادية أو الأحكام الفقهية والسلوكية(5) .
ولو تنزّلنا وقلنا إنّهم يؤمنون بالاجتهاد، وهذا حسن لو كان مبنيّاً على أُسس وقواعد علمية سليمة، ولكن لا يخفى أنّ محور الاجتهاد هو فروع الدين، فعلى من يعتمدون في الأُصول؟ علماً أنّ رأيهم بأبي الحسن الأشعري إمام أهل السُنّة والجماعة في الأُصول في غاية السوء، ويعدّونه ضالاّ، ولا يساوي عندهم شيئاً، كما هو واضح من أقوالهم ومصنّفاتهم، وهل يوجد فرع بلا أصل أو بنيان بلا أساس ؟! إنّه لبنيان واه، بل أوهن من بيت العنكبوت.
وبالرغم ممّا عرفت من وهنهم هذا إلاّ أنّهم لم يدعوا الآخرين وشأنهم، بل تراهم بين نعيق وزعيق، ونعيب ونقيق، ورغاء ونهيق، فمرّة يكفّرون هذا ومرّة يضلّلون ذاك، وأُخرى يفترون على ثالث، كاشفين بذلك عن خبث سرائرهم، وسوء دخائلهم وقبح عوارهم، وفي كلّ يوم لهم مع الآخرين سوءة بادية، وفرية واهية، وقالة نابية، وفعل طائش، وعمل شائن، بعيد كلّ البعد عن روح الإسلام المشرقة، ونابع من الفراغ الفكري.
وإذا ما اتّفق ورأيت على أحدهم سيماء حملة العلم، وحاورته وجادلته بالتي هي أحسن وجدته أجهل من راعي ضأن، وأنّ علمه كعلم الأباعر بما تحمل، وما أن تأخذه من بين يديه ومن خلفه، وتلوي عنقه بالدليل والبرهان، حتّى يبدأ باللغط والتهريج، وتغيير الموضوع الذي هو محلّ النقاش، وهذا دأب كلّ من تعوزه الحجّة والدليل.
نسأل الله تعالى أن يحفظنا من الزلل وسوء المعتقد، إنّه سميع الدعاء، والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين وسلّم تسليما.
منقول عن جواد حسين الورد دمشق الشام
12 / جمادى الآخرة / 1424 بتصرف يسير
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإيمان والإسلام ص 78 ط/ إسطنبول 1986.
(2) السلفية مرحلة زمنية ص 236.
(3) السلفية مرحلة زمنية ص 13.
(4) السلفية مرحلة زمنية ص 230 ـ 231.
(5) السلفية مرحلة زمنية ص 237.