اللهم صل على محمد وآل محمد
فقال له كسرى : لم لا تقول إنّها قوّة اليد ؟
فأجاب : إنّ قوّة اليد فرع على قوّة القلب .
كما يطلق الكبش أيضاً على مقدّم الجيش أميراً كان وملكاً ، ويطلق أيضاً على سيّد القوم وقائدهم ، والكتيبة يعني الجيش .
وفي العرف : إنّ الكبش لا يطلق في الحرب على أحد إلاّ على مَنْ تكاملت فيه معاني البطولة ، واجتمعت فيه خصال الرجولة والفروسيّة ؛ ولذلك لم يطلقوا هذا اللّقب في الإسلام على أحد قبل أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) إلاّ على الأشتر مالك بن حارث النخعي صاحب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، حيث كانوا يطلقون عليه لقب كبش العراق , وقد عُرف به .
كبش الكتيبة وسام عظيم
ثمّ إنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) هو الذي فاز بهذا اللقب الكبير ( كبش الكتيبة ) من بين أصحاب الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وأهل بيته الذين استشهدوا معه في يوم عاشوراء ، ولقد وسمه به أخوه الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ومنحه إيّاه تقديراً على شجاعته وبطولته ، وتبجيلاً إيّاه على شهامته ومراجله .
فلقد كان ظهراً للإمام الحسين (عليه السّلام) على أعدائه ، وأمناً لنسائه وأطفاله ، ورعباً في قلوب مناوئيه والمجتمعين على قتاله ، فإنّ جيش ابن سعد كانوا يهابونه مهابة الكلب الأجرب من الأسد الغاضب ، ويخافون منه مخالفة الثعلب الجبان من الليث الغضبان .
وما قصة عرض الأمان عليه الذي جاء به الشمر من عند ابن زياد ، ولعبة إغرائه بالمال ، وعرض إمارة جيش ابن زياد عليه إلاّ خوفاً من سيفه وصارمه ، وذعراً من صولاته وسطواته ، وتخلّصاً من شدّته وبأسه . فلقد كانوا عرفوه من صفّين وهابوه منها ؛ لِما أبدى فيها من شجاعة وشهامة ، وصلابة وبسالة فكانوا لا ينامون ولا يهدؤون خوفاً من قوّة ساعده وفتك صمصامه ، حتّى قيل فيه :
ولذلك لمّا صرع أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) واستشهد صابراً مظلوماً ، اشتدّ الحال على الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وقال حين وقف على مصرعه معبّراً عن ذلك : (( الآن انكسر ظهري ، وقلّت حيلتي ، وشمت بي عدوّي )) .
وأمّا حال المعسكرين : معسكر
الإمام الحسين (عليه السّلام) من نساء وأطفال ، ومعسكر ابن سعد من خيّالة ورجالة ، فقد أصبح كما قال الأُزري فيهم :
بينما حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والأطفال والنساء الذين كانوا يعتزّون بوجود أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ، ويفتخرون بأنّه في معسكرهم ، وينامون آمنين ؛ لأن عيني أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ساهرة في حمايتهم ، ويرقدون مطمئنّين ؛ لأنّ قلب أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) يقظان لحراستهم ، أصبحوا بعد قتله خائفين ، وعلى إثر مصرعه وجلين ؛ قد تسهّدت عيونهم وقلقت قلوبهم ، فعزّ منامهم وسهرت جفونهم ، واستسلموا للأسر والسبي ، وتوقّعوا السلب والنهب ، وقد وقع كلّ ذلك بعد استشهاد كبش الكتيبة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) .
إني كبش كتيبتك
ثمّ إنّه جاء في بعض كتب المقاتل : أنّه لمّا أقبل الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى مصرع أخيه أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ورآه بتلك الحالة ، وقال فيه ما يقوله الأخ الشقيق في فراق أخيه العزيز ، أراد أن يحمله بعدها إلى المخيّم ، فقال له العبّاس (عليه السّلام) : ما تريد أن تفعل يا أخي ؟
فقال (عليه السّلام) : (( اُريد أن أحملك إلى المخيّم )) .
فقال العبّاس (عليه السّلام) : سألتك بحقّ جدّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لما تركتني في مكاني هذا .
فقال (عليه السّلام) : (( ولماذا يا أخي يا أبا الفضل ؟ )) .
فقال أبو الفضل (عليه السّلام) : إني مستحٍ من ابنتك سكينة ، فقد وعدتها بالماء ولم آتها به ، ثمّ إنّي كبش كتيبتك فإذا رآني أصحابك
مقتولاً فلربما قلّ عزمهم ووهنت إرادتهم .
فقال له أخوه الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وهو يشكره على موقفه الجميل وشعوره الطيّب : (( جُزيت عن أخيك خيراً ، فلقد نصرته حيّاً وميّتاً )) .
وهكذا كان أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) ، فلقد نصر أخاه الإمام الحسين (عليه السّلام) في حياته ولم يقصّر عن نصرته حتّى بعد مصرعه واستشهاده ، وكلامه المذكور آنفاً إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على كبير وفائه ، وعظيم إخلاصه ، وتأدّبه مع أخيه وسيّده أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) وأهل بيته . كما إنّه يدلّ على مهارته بفنون الحرب وخبرته بتعاليم القتال والمجابهة ، ممّا يدلّ كلّ ذلك على إنّه (عليه السّلام) قد نال بجدارة وسام كبش الكتيبة ، وكبش كتيبة الإمام الحسين (عليه السّلام) .
عـبّاسُ كبش كتيبتي وكنانتي وسريّ قومي بل أعزُّ حصوني
وقال الأُزري في رثائه للعبّاس (عليه السّلام) :اليومُ بانَ عن الكتائبِ كبشُها اليومُ فلَّ عن البنودِ iiنظامُها
الكبش يطلق على البطل الشجاع الذي يعجز عن مقاومته الأبطال والشجعان ، علماً أنّ الشجاعة هي قوّة القلب ، ورباطة الجأش ، فقد روي : أنّ كسرى أنوشيروان سأل الحكيم (بوذر جمهر) عن الشجاعة ما هي ، فأجاب : إنّها قوّة القلب . فقال له كسرى : لم لا تقول إنّها قوّة اليد ؟
فأجاب : إنّ قوّة اليد فرع على قوّة القلب .
كما يطلق الكبش أيضاً على مقدّم الجيش أميراً كان وملكاً ، ويطلق أيضاً على سيّد القوم وقائدهم ، والكتيبة يعني الجيش .
وفي العرف : إنّ الكبش لا يطلق في الحرب على أحد إلاّ على مَنْ تكاملت فيه معاني البطولة ، واجتمعت فيه خصال الرجولة والفروسيّة ؛ ولذلك لم يطلقوا هذا اللّقب في الإسلام على أحد قبل أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) إلاّ على الأشتر مالك بن حارث النخعي صاحب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، حيث كانوا يطلقون عليه لقب كبش العراق , وقد عُرف به .
كبش الكتيبة وسام عظيم
ثمّ إنّ أبا الفضل العبّاس (عليه السّلام) هو الذي فاز بهذا اللقب الكبير ( كبش الكتيبة ) من بين أصحاب الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وأهل بيته الذين استشهدوا معه في يوم عاشوراء ، ولقد وسمه به أخوه الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ومنحه إيّاه تقديراً على شجاعته وبطولته ، وتبجيلاً إيّاه على شهامته ومراجله .
فلقد كان ظهراً للإمام الحسين (عليه السّلام) على أعدائه ، وأمناً لنسائه وأطفاله ، ورعباً في قلوب مناوئيه والمجتمعين على قتاله ، فإنّ جيش ابن سعد كانوا يهابونه مهابة الكلب الأجرب من الأسد الغاضب ، ويخافون منه مخالفة الثعلب الجبان من الليث الغضبان .
وما قصة عرض الأمان عليه الذي جاء به الشمر من عند ابن زياد ، ولعبة إغرائه بالمال ، وعرض إمارة جيش ابن زياد عليه إلاّ خوفاً من سيفه وصارمه ، وذعراً من صولاته وسطواته ، وتخلّصاً من شدّته وبأسه . فلقد كانوا عرفوه من صفّين وهابوه منها ؛ لِما أبدى فيها من شجاعة وشهامة ، وصلابة وبسالة فكانوا لا ينامون ولا يهدؤون خوفاً من قوّة ساعده وفتك صمصامه ، حتّى قيل فيه :
قسماً بصارمهِ الصقيلِ iiوإنّني في غيرِ صاعقةِ السما لا أقسمُ
لولا القضا لمحا الوجودَ بسيفهِ واللهُ يـقضي ما يشاءُ iiويحكمُ
مصرع كبش الكتيبةلولا القضا لمحا الوجودَ بسيفهِ واللهُ يـقضي ما يشاءُ iiويحكمُ
ولذلك لمّا صرع أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) واستشهد صابراً مظلوماً ، اشتدّ الحال على الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وقال حين وقف على مصرعه معبّراً عن ذلك : (( الآن انكسر ظهري ، وقلّت حيلتي ، وشمت بي عدوّي )) .
وأمّا حال المعسكرين : معسكر
الإمام الحسين (عليه السّلام) من نساء وأطفال ، ومعسكر ابن سعد من خيّالة ورجالة ، فقد أصبح كما قال الأُزري فيهم :
اليوم نامتْ أعينٌ بكَ لمْ تنم وتسهّدتْ اُخرى فعزَّ منامُها
يعني إنّ أعين الأعداء التي كانت قد بقيت ساهرة خوفاً من سيف أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) وصارمه ، وذعراً من سطوته وصولته , قد آمنت بعد مصرعه ، ونامت هانئة بعد مقتله . بينما حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والأطفال والنساء الذين كانوا يعتزّون بوجود أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ، ويفتخرون بأنّه في معسكرهم ، وينامون آمنين ؛ لأن عيني أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ساهرة في حمايتهم ، ويرقدون مطمئنّين ؛ لأنّ قلب أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) يقظان لحراستهم ، أصبحوا بعد قتله خائفين ، وعلى إثر مصرعه وجلين ؛ قد تسهّدت عيونهم وقلقت قلوبهم ، فعزّ منامهم وسهرت جفونهم ، واستسلموا للأسر والسبي ، وتوقّعوا السلب والنهب ، وقد وقع كلّ ذلك بعد استشهاد كبش الكتيبة أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) .
إني كبش كتيبتك
ثمّ إنّه جاء في بعض كتب المقاتل : أنّه لمّا أقبل الإمام الحسين (عليه السّلام) إلى مصرع أخيه أبي الفضل العبّاس (عليه السّلام) ورآه بتلك الحالة ، وقال فيه ما يقوله الأخ الشقيق في فراق أخيه العزيز ، أراد أن يحمله بعدها إلى المخيّم ، فقال له العبّاس (عليه السّلام) : ما تريد أن تفعل يا أخي ؟
فقال (عليه السّلام) : (( اُريد أن أحملك إلى المخيّم )) .
فقال العبّاس (عليه السّلام) : سألتك بحقّ جدّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لما تركتني في مكاني هذا .
فقال (عليه السّلام) : (( ولماذا يا أخي يا أبا الفضل ؟ )) .
فقال أبو الفضل (عليه السّلام) : إني مستحٍ من ابنتك سكينة ، فقد وعدتها بالماء ولم آتها به ، ثمّ إنّي كبش كتيبتك فإذا رآني أصحابك
مقتولاً فلربما قلّ عزمهم ووهنت إرادتهم .
فقال له أخوه الإمام الحسين (عليه السّلام) ، وهو يشكره على موقفه الجميل وشعوره الطيّب : (( جُزيت عن أخيك خيراً ، فلقد نصرته حيّاً وميّتاً )) .
وهكذا كان أبو الفضل العبّاس (عليه السّلام) ، فلقد نصر أخاه الإمام الحسين (عليه السّلام) في حياته ولم يقصّر عن نصرته حتّى بعد مصرعه واستشهاده ، وكلامه المذكور آنفاً إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على كبير وفائه ، وعظيم إخلاصه ، وتأدّبه مع أخيه وسيّده أبي عبد الله الحسين (عليه السّلام) وأهل بيته . كما إنّه يدلّ على مهارته بفنون الحرب وخبرته بتعاليم القتال والمجابهة ، ممّا يدلّ كلّ ذلك على إنّه (عليه السّلام) قد نال بجدارة وسام كبش الكتيبة ، وكبش كتيبة الإمام الحسين (عليه السّلام) .