إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحريم الخمر في القرآن الكريم؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحريم الخمر في القرآن الكريم؟؟

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله وسلام على عباده الذين اصطفى
    الخمر لغةً : ما أسكر من عصير العنب لأنها خامرت العقل قال ابن الاعرابي :
    وسميت الخمر خمراً لأنها تركت فاختمرت ، وإختمارها تغير ريحها . والخمر : ما خمر
    العقل ، وهو المسكر من الشراب وهي : خمرة وخمر وخمور بزنةِ : تمرة وتمر وتمور (1
    ) .
    والعرب تسمي العنب خمراً باعتبار ما يؤول إليه ، فالتسمية مجازية ، وعليه
    حمل قوله تعالى
    :
    (
    إِنِّي أَراَنِي أَعصِرُ خَمراً ) (2) . فهو يعصر العنب الذي سيصير خمراً .
    والخمرة محرمة شرعاً ، وحرمتها ثابتة تشريعاً في نصوص قرآنية غير قابلة للتأويل ،
    ومنصوص عليها ، روائياً في أحاديث غير خاضعة للاجتهاد ، فلا إجتهاد مقابل النص
    .
    ليس لنا بعد هذا أن نبيح ما حرّم الله ، وليس لنا أيضاً أن نحرم ما أباح
    الله ، سواءً أكان ذلك صادراً عن الله في كتابه ، أو عن النبي صلى الله عليه وآله
    وسلم في سنته ، أو عن الائمة الطاهرين في صحاح ما روي عنهم . كل أولئك لما ورد أن
    : حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة . « متّفقٌ
    عليه
    » .
    هذا التحديد الصارم في المنظور لأحكام الشريعة بعامة ، له منطلق
    (1)
    ابن منظور ، لسان العرب : 5 / 339 / مادة : خمر .
    (2)
    يوسف : 36 .
    واحد ، واعتبار واحد : إنه قانون السماء الذي لا يصح التحكم في ثوابته
    المطلقة حساً وعقلاً وتجربة وشرعاً وعرفاً ، ذلك أن قانون السماء مصدر غيبي عتيد لا
    يخضع للعلم التجريبي ، ولا يقوم على أسس الدساتير الفيزياوية والرياضية ، ولا يكون
    نتيجة للفرز المختبري ، ولا يصح حيثية للاختيار البشري ، كما هو القانون الوضعي من
    جهة ، والكشف العلمي من جهة أخرى ، لأن الأنظمة السماوية لها منظورها الخاص الصادر
    من وراء الغيب ، وطبيعتها الملكوتية النازلة بتعليمات الوحي وإذا كان الامر كذلك ،
    وهو كذلك فليس لنا أن نقول : لم ؟ وكيف ؟ ولو ؟ فهذه اعتبارات أرضية لا ترتبط
    بالبعد الآلهي الذي قدّر فهدى . وليس للانسان المحدود التعقل والتفكير والاستنتاج
    أن يتدخل في شؤون ذلك النظام الدقيق الذي تديرهُ القوة الغيبية المدبرة ، لأنه
    عاجز عن تدبير نفسه إلا باذن من الله مرتبط بالإساءة ، فكيف به لهذا العالم الفسيح
    الهائل
    .في هذا الضوء من الاستقرار يمكننا التحدث عن تحريم الخمر في القرآن الكريم
    ضمن نصوصه التي لا تقبل الردّ أو الاجتهاد لأنها نصوص مقدسة أملاها الوحي من كلام
    الله على رسوله الأمين
    .
    (
    وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَلَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ
    * عَلَى قَلبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المَنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * )
    (1
    ) .ويتكفل البحث في معالجة هذا الموضوع إنطلاقاً من تلك النصوص بحسب أسبقيتها
    في النزول ـ مكيّها ومدنيّها ـ لنصل إلى رؤية معاصرة تتولى رعاية هذا الملحظ
    الجدير بالأهمية
    .
    أولاً : الذي يبدو للبحث أن أول ما نزل في الموضوع : قوله تعالى :
    (
    قُل إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ
    وَالإِثمَ وَالبَغىَ بِغَيرِ الحَقِّ ) (2) . والفواحش في تصوّر أولي هي تلك
    المعاصي الكبيرة التي يبالغ في سَوءَتِها إلى درجة التشنيع ، والأثم هو الذنب الذي
    يورث المرء هواناً

    (1)
    الشعراء : 192 ـ 195 .
    (2)
    الأعراف : 33 .
    وإنحداراً عن الاسراع في تحصيل الثواب . قال الراغب ( ت : 502 هـ ) : « الاثم اسم للأفعال
    المبطئة عن الثواب » (1) . هذا في معناه العام ، ولكنه ، قد يخصص بالخمر وحده ،
    وذلك لاشتهار الخمر عند العرب وفي الشرع باسم الإثم
    .
    ففي الوسائل : عن علي بن يقطين عن الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، وهو
    يتحدث عن الآية أعلاه ، قال : « وأما الاثم فإنها الخمر بعينها » (2
    ) .
    قال أبو علي الطبرسي ( ت : 548 هـ ) :
    «
    والأثم : قيل هو الذنوب والمعاصي عن الجبائي ، وقيل : الاثم ما دون الحد عن
    الفراء . وقيل : الاثم الخمر ، وأنشد الأخفش
    :
    شربتُ الأثمَ حتى ضلَّ عقلي * كَذاكَ الأثمُ يَذهبً بالعقول
    وقال الآخر :
    نهانا رسول الله أن نقرب الخفا * وأن نشربَ الأثم الذي يوجب الوزرا (3)
    وقد ظهر مما تقدم : أن الاثم لا يخلو من معنيين ، فإما أن يكون هو المعاصي
    والذنوب ، والخمر أحد مفرداته ، وأبرز مصاديقه وإما أن يكون هو الخمر بعينها كما
    تسنده الرواية ، ويؤيده لغة الشاهدان الشعريان المتقدمان ، وعلى كلا المذهبين في
    المعنى ، فالخمر محرمة بهذه الآية ، إما لكونها أحد مصاديق الاثم ، وإما لأنها
    الاثم بذاته ، وإما بهما معاً كما هو واضح
    .
    ثانياً : وفي مجال إحصاء ما يتخذه الناس من ثمرات النخيل والاعناب قال
    تعالى
    وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعنَبِ تَتَّخِذُونَ مِنهُ سَكَراً
    وَرِزقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَةً لِقَومٍ يَعقِلُونَ * ) (4
    ) .
    قال الراغب : « والسُكرُ حالة تعرض بين المرء وعقله ، وأكثر ما يستعمل ذلك
    في الشراب . . . والسَكَر ـ

    (1)
    الراغب ، المفردات في غريب القرآن : 10 .
    (2)
    الحر العاملي ، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة : 17 / 241 .
    (3)
    الطبرسي ، مجمع البيان : 2 / 414 .
    (4)
    النحل : 67 .
    بفتحتين ـ اسم لما يكون منه السكر » (1) .
    وفي الآية ـ وهي مكية أيضاً كسابقتها ـ تفصيل لما يتّخذه الناس بعامة ـ دون
    الخواص ـ من النخيل والأعناب ، وذلك على نوعين : ما هو مسكر كالخمر ومشتقاتها ،
    وما هو من الرزق الحسن كالتمر والخل والزبيب والدبس وسواها
    .
    وتقييد الرزق بكونه حسناً ، إشارة دقيقة يلمحها البلاغي في تحقيقه ،
    والمتشرع في إستنباطه ، إلى أن هناك ما ليس بحسن وهو السَكَر ، فكأن هناك رزقين
    رزقاً طيباً وصف بالحسن ، وهو المباح من ثمرات النخيل والأعناب كالتمر والزبيب
    وسواهما ، ورزقاً غير طيب ، وهو المحرم مما تتخذ منه المسكرات ، فكان بين الاثنين
    مقابلة في البين . وليس في ذلك أدنى إشارة إلى تحليل المسكرات
    .
    قال الطباطبائي في الميزان « ولا دلة في الآية على إباحة استعمال المسكر ،
    ولا على تحسين استعماله ، إن لم تدل على نوع من تقبيحه من جهة مقابلته بالرزق
    الحسن ، وإنما الآية تعد ما ينتفعون به من ثمرات النخيل والأعناب ، وهي مكية بخاطب
    المشركين ، وتدعوهم إلى التوحيد » (2
    ) .
    ثالثاً : وفي عملية لفرز مضار الخمر عن منافعها المتصورة قال تعالى :
    (
    يَسئَلُونَكَ عَن الخَمرِ وَالمَيسَرِ قُلْ فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ
    وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثمُهُمَا أَكبَرُ مِن نَّفعِهِمَا ) (3
    ) .
    فبيّن سبحانه وتعالى أن في الخمر والميسر إثماً كبيراً ، والإثم هو الوزر
    العظيم ، وفيهما أيضاً « منافع للناس » بما يتخيلونه نفعاً من أثمانها في بيعها
    وشرائها ، وما يتوهمونه من النشوة في شرب الخمر ومعاقرتها ، وما يأخذونه من السحت
    في لعب القمار ، وما يجدونه من الغلبة حيناً فيها ، وما

    (1)
    الراغب ، المفردات في غريب القرآن : 236 .
    (2)
    الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 12 / 290 .
    (3)
    البقرة : 219 .
    يتمتعون به من اللهو واللعب والعربدة في الاجتماع عليهما .
    إلا أن الله عز وجل عقب على ذلك بقوله تعالى فرقاناً بين الآمرين « وإثمهما
    أكبر من نفعهما » إذن : ما فيهما من الإثم أكبر مما فيهما من النفع ، وعبر تعالى
    بأكبر دون أكثر مع العلم أن الكبر يستعمل في قياس الاحجام ، كما أن الكثرة تستعمل
    في المعدودات ، فإن الملحظ غير هذا باعتبارهما وصفين يتعلقان بالقياس النظري أو
    التطبيقي « فهما وصفان إضافيان بمعنى أن الجسم أو الحجم يكون كبيراً بالنسبة إلى
    آخر أصغر منه ، وهو بعينه صغير بالنسبة إلى آخر أكبر منه ، ولولا المقايسة
    والاضافة لم يكن كبر ولا صغر ، كما لا يكون كثرة ولا قلة ، ويشبه أن يكون أول ما
    تنبه الناس لمعنى الكبر إنما تنبهوا له في الأحجام التي هي من الكميات المتصلة وهي
    جسمانية ، ثم إنتقلوا من الصور إلى المعاني ، فاطّردوا معنى الكبر والصّغر فيها »
    (1
    ) .وهذا النفع المتصور ينحصر بالمضاربات المالية وما يترتب عليها في البيع
    والشراء ، وما يصاحب ذلك من العبث واللهو والاسراف في كل من الخمر والميسر ، وكل
    أولئك منافع على سبيل الحياة الدنيا فهي من المعاني الاعتبارية الزائلة ؛ ولكن
    الاثم بهما مما يوجب الغضب المطبق في الآخرة ، ويستنزل سخط الباري ، وهذا مما لا
    يقوم له شيء ، فالأثم إذن أكبر من النفع
    .
    قال الطبرسي ( ت : 548 هـ ) وفي الآية تحريم الخمر من وجهتين : ( أحدهما ) قوله : « وإثمهما أكبر
    » فإنه إذا زادت مضرة الشيء على منفعته إقتضى العقل الامتناع عنه
    .
    (
    الثاني ) أنه بيّن أن فيهما الاثم ، وقد حرم في آية أخرى الأثم فقال:
    (
    إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ آلفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنهَا وَمَا بَطَنَ
    وَالإِثمَ وَالبَغىَ بِغَيرِ الحَقِّ ) (2) إنتهى كلام الطبرسي أعلى الله مقامه (3
    ).
    (1)
    محمد حسين الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 2 / 196 . (2) الأعراف : 33 . (3)
    الطبرسي ، مجمع البيان : 1 / 316 . وآية الأعراف مكية سبقت هذه الآية المدنية ،
    والإثم هناك منصوص عليه إما بإعتباره خمراً ، وإما بإعتبار الآية تحرم مطلق الاثم
    ، والخمر أجد مصاديق هذا الاثم . وفي هذه الآية على إقتراف الاثم ، وإقتراف الاثم
    من المحرمات ، فالخمر حرام بدلالة الآيتين معاً . وهذا مَعلَمٌ دقيق المسلك
    .
    رابعاً : ولدى تجاوز المسلمين ـ بعضهم بالطبع ـ بعض هذه التعليمات الصريحة
    في دلالتها نزل قوله تعالى
    :
    (
    يَا أَيُّهَا آلَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَقرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنتُم
    سُكَرَى حَتَّى تَعلَمُوا مَا تَقُولُونَ ) (1
    )
    وفي الآية نهي صريح عن مقاربة الصلاة حال السكر متلبسين بذلك ، وفيه إشارة
    إلى تحريم السكر قبل الصلاة لأن الاتجاه بالصلاة إلى الله ينافيه ابطال العمل
    بالسكر ، فالمعنى ليس لكم أن تسكروا وتتجهوا إلى الصلاة ، فللصلاة مقام عظيم في
    نهج المرء التعبدي ، وهذا المقام ينبغي أن يضل ملازماً للطهارة الروحية والبدنية ،
    والسيطرة في تخليص النفس من الرجس العارض لتلك الطهارة إنما يتم بالعقل المسيطر في
    إدراك علما يقينا بعيدا عن التلوث والتدرن بسكر الخمر ، فإذا لم يعلم ما يقول ،
    وقد فقد أعز ما يملك وهو العقل الدال على إرادة فعل الصلاة إمتثالاً للأمر المولوي
    فلا معنى لتلك العبادة الفاقدة لشرائطها في الانتهاء عن الخمر ، فإذا هم انتهوا عن
    ذلك ، وطهروا نفوسهم عن شربها ، ولا معنى لامتثال أمره تعالى مع عبادة غيره ، لا
    سيما وأن هذه العبادة بالذات تقتضي حضور القلب ، ولا حضور لغائب العقل حتى يعلم ما
    يقول ، وكيف له أن يعلم ما يقول وهو يعاقر الخمرة التي تذهب بالعقول
    .
    وليس المراد أن الصلاة قد تصح من السكران لو علم ما قال ، فهذا لا يقول به
    أحد من المسلمين بل على العكس
    .
    قال الطبرسي « وفي الآية دلالة على أن السكران لا تصح صلاته ، وقد حصل
    الاجماع على أنه يلزمه القضاء » (2) . وقد تأتي سكارى بالمعنى

    (1)
    النساء : 43 .
    2)
    الطبرسي ، مجمع البيان : 2 / 53 .
    المجازي ، أو أنها تحمل على المعنى المجازي ، بمعنى إتيان الصلاة متكاسلاً
    أو متثاقلاً ، أو مستغرقاً بالانصراف عنها بأثار النوم والنعاس كما في تفسير
    العياشي عن الامام محمد الباقر عليه السلام أنه قال : « لا تقم إلى الصلاة
    متكاسلاً ولا متقاعساً ولا متثاقلاً فإنها من خلل النفاق ، فإن الله نهى المؤمنين
    أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى » (1) . فقد يكون هذا من باب التشبيه التمثيلي
    للمتكاسل والمتقاعس والمتثاقل بحال السكران ، والله أعلم
    . ولا يصح لنا علمياً
    القول بأن هذه الآية قد نزلت قبل تحريم الخمر كما عن بعض المفسرين ، لأن آية
    التحريم المكية قد سبقت إلى ذلك ، والآية مدنية بالأجماع . وقد سبقتها آية البقرة
    وهي مدنيّة أيضاً
    .
    خامساً : وكان آخر ما نزل بتحريم الخمر قوله تعالى :
    (
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الخَمرَ وَالمَيسِرُ
    وَالأَنصَابُ وَالأَزلاَمُ رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّيطَنِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم
    تُفلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَنُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَوَةَ
    وَالبَغضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنْ
    الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُمْ مُّنتَهُونَ * ) (2
    ) .
    هاتان الآيتان بالانضمام للآيات السابقة الناطقة بتحريم الخمر ، قد توحي
    جميعاً بدلالة تدرج الشارع المقدس بتحريم الخمر ، ولكن ليس التدرج القائل بالسكوت
    عن حرمة الخمر ، بل ببيان أنها إثم فحسب دون التعقيب على ذلك بالحرمة ، ومن ثم
    حرّم الاقتراب من الصلاة في حالة السكر ، وحينما إستجابت النفوس ، وتحسست المدراك
    بضرورة تنفيذ الأوامر الألهية جاء النهي المطلق العام بجميع الحدود والأبعاد في
    آيتي سورة المائدة
    .
    2)
    الطبرسي ، مجمع البيان : 2 / 53 .
    المجازي ، أو أنها تحمل على المعنى المجازي ، بمعنى إتيان الصلاة متكاسلاً
    أو متثاقلاً ، أو مستغرقاً بالانصراف عنها بأثار النوم والنعاس كما في تفسير
    العياشي عن الامام محمد الباقر عليه السلام أنه قال : « لا تقم إلى الصلاة
    متكاسلاً ولا متقاعساً ولا متثاقلاً فإنها من خلل النفاق ، فإن الله نهى المؤمنين
    أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى » (1) . فقد يكون هذا من باب التشبيه التمثيلي
    للمتكاسل والمتقاعس والمتثاقل بحال السكران ، والله أعلم
    . ولا يصح لنا علمياً
    القول بأن هذه الآية قد نزلت قبل تحريم الخمر كما عن بعض المفسرين ، لأن آية
    التحريم المكية قد سبقت إلى ذلك ، والآية مدنية بالأجماع . وقد

    سبقتها آية البقرة وهي مدنيّة أيضاً . خامساً : وكان آخر ما نزل بتحريم
    الخمر قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الخَمرَ
    وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلاَمُ رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّيطَنِ
    فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ

    *
    إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَنُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَوَةَ
    وَالبَغضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنْ
    الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُمْ مُّنتَهُونَ * ) (2). هاتان الآيتان بالانضمام للآيات
    السابقة الناطقة بتحريم الخمر ، قد توحي جميعاً بدلالة تدرج الشارع المقدس بتحريم
    الخمر ، ولكن ليس التدرج القائل بالسكوت عن حرمة الخمر ، بل ببيان أنها إثم فحسب
    دون التعقيب على ذلك بالحرمة ، ومن ثم حرّم الاقتراب من الصلاة في حالة السكر ،
    وحينما إستجابت النفوس ، وتحسست المدراك بضرورة تنفيذ الأوامر الألهية جاء النهي
    المطلق
يعمل...
X