إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموت بل أحياء ولكن لا تشعرون؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموت بل أحياء ولكن لا تشعرون؟

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
    قال تعالى:ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموت بل أحياء ولكن لا تشعرون (154). تفسير الآية الكريمة من مراجعة التفاسير في شهداء بدر وكان عددهم اربعة عشر شهيد وفي تفسير مجمع البيان للطبرسي(بل احياء) فيها اربعة اقوال الاخير منها أن المراد أحياء لما نالوا من جميل الذكر والثناء كما روي عن امير المؤمنين(عليه السلام) هلك خزان الاموال وهم احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر اعيانهم مفقودة وآثارفي القلوب موجوده (1).
    قيل للإمام الصادق (عليه السلام )ان ارواح المؤمنين تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش فقال ابو عبد الله (عليه السلام) سبحان الله المؤمن اكرم على الله من ذلك، ان يجعل روحه في حوصلة طائر اخضر (يا يونس) المؤمن إذا قبضه الله تعالى صير روحه في قالب كقالبه في الدنيا، فيأكلون ويشربون، فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الهيئة التي كان عليها في الدنيا.
    وربما فسر الاية الكريمة بعض المفسرون: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء و لكن لا تشعرون ، أن الآية بالاضافة الى القول بها مع المومنين إنما تثبت الحياة بعد الموت في جماعة مخصوصين، و هم الشهداء المقتولون في سبيل الله، في مقابل غيرهم من المؤمنين، و جميع الكفار، مع أن حكم الحياة بعد الموت عام شامل للجميع فالمراد بالحياة بقاء الاسم، و الذكر الجميل على مر الدهور، و بذلك فسره جمع من المفسرين.ويرد على هذا القول
    أولاً: أن هذه الحياة التي يعشونها مجرد وهم فقط دون الخارج فهي حياة تخيلية ليست حقيقية (فقط اسمها حياة).ومثل هذا الموضوع الوهمي لايليق بجلاله جل اسمه الكريم وهو يدعوا الى الحق ويقول ماذا بعد الحق الا الضلال(2)
    واما الذي سأله ابراهيم في قوله تعالى(واجعل لي لسان صدق في الآخرين(3).كان يريد دعوة الحقة ولسانه الصادق لا حسن ثنائه وجميل ذكره بعده. وانما هذا الكلام كلام الماديين الذين يعتقدون بمادية النفوس وبطلانها بالموت ونفوا الحياة الآخرة ثم احسوا باحتياج الإنسان بالفطرة إلى القول ببقاء النفوس و تأثرها بالسعادة و الشقاء، بعد موتها في معالي أمور، لا تخلو في الارتقاء إليها من التفدية و التضحية، لا سيما في عظائم العزائم التي يموت و يقتل فيها أقوام ليحيا و يعيش آخرون، فالعاقل لايعطي شيئا الا وياخذ شيئا مكانه واما الاعطاء من غير بدل والترك من غير اخذ كالموت في سبيل احياء الآخرون والحرمان في طريق تمتع الغير فان الفطرة الانسانية ترفضه, فلما شعروا بهذا النقص وضعوا هذه الاوهام الكاذبة التي موطنها الخيال وحظيرة الوهم و ليت شعري إذا لم يكن إنسان، و بطل هذا التركيب المادي، و بطل بذلك جميع خواصه، و من جملتها الحياة و الشعور، فمن هو الذي ينال هذه الحياة و هذا الشرف؟ و من الذي يدركه و يلتذ به؟ فهذه خرافة .
    ثانياً: أن ذيل الاية الكريمة وهو(ولكن لاتشعرون)لايناسب هذا المعنى بل المناسب ان يقول ببقاء ذكرهم الجميل وثناء الناس عليهم بعد موتهم لانه المناسب لمقام التسلية وتطيب النفس،
    ثالثاً: ان الآية الكرية اعلاه نظيرها وهي تفسيرها وصف حياتهم بعد القتل بما ينافي هذا المعنى المذكور اعلاه في النقطة الثانية، قال تعالى: (ولاتحسبنَ الذين قُتلوا في سبيل اللهِ امواتاً بل احياءٌ عنَد ربهم يرزقون)(4).ومعلوم ان هذه الحياة حياة خارجية حقيقية.ليس فيها تقدير اي ليست مقدرة.
    رابعاً: ان الجهل بهذه الحياة التي بعد الموت ليس من البعيد ان تكون من بعض الاوساط في عهد رسول الله (صلى الله عليه واله)فان النص الذي هو غير قابل للتأويل هو البعث للقيامة وأما ما بين الموت الى الحشر وهي الحياة البرزخية فهي وان كانت من جملة ما بينه القرآن الكريم من المعارف الحقة لكنها ليست من الضروريات في القران الكريم والمسلمون غير مجمعين عليه بل ينكره بعضهم، حتي اليوم ممن يعتقد كون النفس غير مجردة عن المادة بل الانسان، يبطل وجوده بالموت وانحلال تركيبه ثم يبعثة الله للقضاء يوم القيامة للعقاب او الثواب. فيمكن أن يكون المراد بيان حياة الشهداء في البرزخ لمكان جهل بعض المؤمنين بذلك، و إن علم به آخرون.و بالجملة اي على( نحو الموجبة الكلية منطقياً): المراد بالحياة في الآية الحياة الحقيقية دون التقديرية، وقد عد الله سبحان وتعالى حياة الكافر بعد موته هلاكا وبورا في موضوع من كلامه ففي الاية الكريمة واحلوا قومهم دار البوار(5).
    فالحياة حياة السعادة و الإحياء بهذه الحياة المؤمنون خاصة كما قال: "و أن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون(6)": و إنما لم يعلموا، لأن حواسهم مقصورة على إدراك خواص الحياة المادية الدنيوية، و أما ما وراءها فإذا لم يدركوه لم يفرقوا بينه و بين الفناء فتوهموه فناء، و ما توهمه الوهم مشترك بين المؤمن و الكافر في الدنيا، فلذلك قال: في هذه الآية، بل أحياء و لكن لا تشعرون أي: بحواسكم، كما قال في الآية الأخرى: لهي الحيوان لو كانوا يعلمون، أي باليقين كما قال تعالى: "كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم(7).
    فمعنى الآية و الله أعلم و لا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، و لا تعتقدوا فيهم الفناء و البطلان كما يفيده لفظ الموت عندكم، و مقابلته مع الحياة، و كما يعين على هذا القول حواسكم فليسوا بأموات بمعنى البطلان، بل أحياء و لكن حواسكم لا تنال ذلك و لا تشعر به، و إلقاء هذا القول على المؤمنين - مع أنهم جميعا أو أكثرهم عالمون ببقاء حياة الإنسان بعد الموت، و عدم بطلان ذاته - إنما هو لإيقاظهم و تنبيههم بما هو معلوم عندهم، يرتفع بالالتفات إليه الحرج عن صدورهم، و و الاضطراب و القلق عن قلوبهم إذا أصابتهم مصيبة القتل، فإنه لا يبقى مع ذلك من آثار القتل عند أولياء القتيل إلا مفارقة في أيام قلائل في الدنيا و هو هين في قبال مرضاة الله سبحانه و ما ناله القتيل من الحياة الطيبة، و النعمة المقيمة، و رضوان من الله أكبر، و هذا نظير خطاب النبي بمثل قوله تعالى: الحق من ربك فلا تكونن من الممترين الآية، مع أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أول الموقنين بآيات ربه، و لكنه كلام كني به عن وضوح المطلب، و ظهوره بحيث لا يقبل أي خطور نفساني لخلافه.
    نشأة البرزخفالآية تدل دلالة واضحة على حياة الإنسان البرزخية، كالآية النظيرة لها و هي قوله: "و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون": آل عمران - 169،فالقول الفصل في هذا البحث الواسع اننا من خلال مراجعة التفاسير والرويات راينا الروات والمفسرون من خلص وجهابذة وعلماء مذهب الامامية وفقهم الله لطاعتة وسدد خطاهم على العكس من مناوئيم ومخالفيهم ان الاية الكريمة تشير الى الحياة الحقيقية لهولاء الشهداء بقولهم: فهم أحياء يرزقون بالأكل و الشرب و سائر التمتعات - و هم غائبون عن الحس - و ما ناله الحس من أمرهم بالقتل و قطع الأعضاء و سقوط الحس و انحلال التركيب فقد أخطأ في ذلك من رأس، فلو جاز على الحس أمثال هذه الأغلاط فيصيب في شيء و يغلط في آخر من غير مخصص بطل الوثوق به على الإطلاق، و لو كان المخصص هو الإرادة الإلهية احتاج تعلقها إلى مخصص آخر، و الإشكال - و هو عدم الوثوق بالإدراك على حاله، فكان من الجائز أن نجد ما ليس بواقع واقعا و الواقع ليس بواقع، و كيف يرضى عاقل أن يتفوه بمثل ذلك؟ و هل هو إلا سفسطة؟.و قد سلك هؤلاء في قولهم هذا مسلك العامة من المحدثين، حيث يرون أن الأمور الغائبة عن حواسنا مما يدل عليه الظواهر الدينية من الكتاب و السنة، كالملائكة و أرواح المؤمنين و سائر ما هو من هذا القبيل موجودات مادية طبيعية، و أجسام لطيفة تقبل الحلول و النفوذ في الأجسام الكثيفة، على صورة الإنسان و نحوه، يفعل جميع الأفعال الإنسانية مثلا، و لها أمثال القوى التي لنا غير أنها ليست محكومة بأحكام الطبيعة: من التغير و التبدل و التركيب و انحلاله، و الحياة و الموت الطبيعيتين، فإذا شاء الله تعالى ظهورها ظهرت لحواسنا، و إذا لم يشأ أو شاء أن لا تظهر لم تظهر، مشية خالصة من غير مخصص في ناحية الحواس، أو تلك الأشياء.وهذا القول منهم مبني على إنكار العلية و المعلولية بين الأشياء، و لو صحت هذه الأمنية الكاذبة بطلت جميع الحقائق العقلية، و الأحكام العلمية، فضلا عن المعارف الدينية و لم تصل النوبة إلى أجسامهم اللطيفة المكرمة التي لا تصل إليها يد التأثير و التأثر المادي الطبيعي، و هو ظاهر.والخلاصة: أن الآية دالة على الحياة البرزخية، و هي المسماة بعالم القبر، عالم متوسط بين الموت و القيامة، ينعم فيه الميت أو يعذب حتى تقوم القيامة.
    ------
    (1)- نهج البلاغة: ص 496، الخطبة 147
    (2)- سورة يونس الآية32.
    (3) – سورة الشعراء الآية84.
    (4) –سورة ال عمران الآية196.
    (5) – سورة ،ابراهيم ،الآية 18.
    (6)- سورة العنكبوت، الاية64.
    (7) –سورة التكاثر، الاية 6.

يعمل...
X