إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عناصر الحديث السند والمتن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عناصر الحديث السند والمتن

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد للّه الذي تواترت نعماؤه، وتسلسلت واستفاضت آلاؤه; والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين، وخاتم النّبيّين محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين، صلاة موصولة لا مقطوعة إلى يوم الدّين. (((عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعن أحمد بن محمد بن خالد، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدثكم فإن كان حقا فلكم وإن كان كذبا فعليه.)))1

    موضوع البحث: عناصر الحديث وهما السند والمتن
    قبل الكلام نقدم مقدمات:



    المقدمة الاولى :عندما كان علم الحديث من اشرف العلوم واوثقها واكثرها نفعاً ، لاتصاله بالله ورسله وخلفائه ،عكف المسلمون وفي طليعتهم الشيعة الامامية على تدوينه ومن ثم ّ نقله الى الاجيال ، وبذلك ارسوا قواعد الشريعة ،واضفوا عليها سمة الخلود والدوام .
    فانهم بعد ان دونوا الحديث وبعد ذلك ألَّفوا علوم ورسائل في علم رجال الحديث ومن ثم عزّزوه بعلم ثالث ،باسم : علم الدراية الذي يبحث عن العوارض الطارئة على الحديث من ناحية السند والمتن وكيفية تحمله وآداب نقله .

    المقدمة الثانية : اطلاقات علم الحديث.



    ان لعلم الحديث اطلاقان .
    الاول :علم الحديث الخاص بالرواية: وهو العلم بالقواعد الكلية المتعلقة بعملية ضبط وتدوين ما أضيف إلى المعصومين (عليهم السلام) من أقوال وأفعال وتقرير وضبط روايتها وألفاظها .
    الثاني :علم الحديث الخاص بالدراية : الدراية لغـةً : العلـم و الاطلاع ، يقال درى أي علـم بدقة و إمعـان و منه قوله تعــالى {[ مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الايمَانُ ] سورة الشورى، 52.))

    -----------------
    1.الكافي، باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة ج1 ص68


    وقوله تعالى [ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً ] سورة لقمان:34 .1



    اما المعنى الاصطلاحي للدراية :



    ان صياغة التعريف الاصطلاحي لهذا العلم ،يكون من خلال تتبع العناصر الاساسية التي تدرس فيه وتدور حولها ابحاثه
    وبما ان سند الحديث ومتنه هما العنصران الاساسيان اللذان تدور حولهما رحى ابحاث هذا العلم فقد عرفه شيخنا البهائي في وجيزته .2
    (علم يبحث فيه عن متن الحديث وسنده وكيفية تحمله وآداب نقله)



    ولهذا قال الشهيد الثاني (قدس سره) : في منية المريد : أقسام العلوم الشرعية الأصلية أربعة : علم الكلام ، وعلم الكتاب العزيز ،وعلم الأحاديث النبوية ،وعلم الأحكام الشرعية المعبر عنها بالفقه … وأما علم الحديث فهو أجل العلوم قدراً وأعلاها رتبة وأعظمها مثوبة بعد القرآن وهو ما أضيف إلى النبي أوالى الأئمة المعصومين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفةً حتى الحركات والسكنات واليقظة والنوم وهو ضربان رواية ودراية . فالأول العلم بما ذكر والثاني وهو المراد بعلم الحديث عند الإطلاق … وهو أفضل العلمين.3


    ونقول محل البحث هو الاطلاق الثاني
    ان قال قائل ان علم الرجال وعلم الدراية كلاهما يبحثان عن السند فإذن لا فرق بين علم الرجال وعلم الدراية من حيث الموضوع ؟
    قلنا: أن كليهما يُبحث فيه عن سند الحديث لكن جهة البحث تختلف فالدراية تبحث عن أحوال نفس السند و علم الرجال يبحث فيه عن أحوال أجزائه وأعضائه التي يتألف منها السند. لكنه ليس بتمامه فان غالبية مسائل علم الدراية من هذا القبيل وليس كلها.




    -------------------------------
    1. الدروس للشيخ الصافي ص4
    2. ص 94 ـ المطبوع مع ضياء الدراية
    3. منية المريد .



    نعم الفرق هو أن علم الرجال يبحث عن آحاد مفردات السند على وجه التفصيل جرحاً وتعديلاً ووثاقةً وضعفاً وطبقةَ الراوي وكيفية تمييزه عمن يشاركه في الاسم أو اللقب وغير ذلك ، وضبطها تحت قواعد كلية مما لها الدخل في جواز القبول عنهم وعدمه.
    وأما علم الدراية فانه يبحث عن الأحوال الطارئة على الحديث باعتبار السند ككل أو المتن أو كليهما . فأن مباحث علم الحديث الخاص بالرواية تدخل في مباحث علوم الدراية.(1)


    المبحث الاول : في عناصر علم الحديث ،وفيه عدة امور .
    الاول : في تعرف العنصر الأول وهو :السند :لغة واصطلاحا .
    معناه اللغوي: يأتي بعدة معاني منها: 1-المُعتَمد يقال: فلان سند أي معتمد. 2- ما علا ورتفع من سفح الجبل .( 2)



    معناه الاصطلاحي: هو طريق المتن، والمراد به رواته.3


    سر التسمية :وقد سمِّي طريق المتن بالسند :اما لاعتماد العلماء في صحة الحديث وضعفه عليه، فيناسب المعنى الاول ،وإما لأن المُسِند يرفعه الى قائله ،فيناسب المعنى اللغوي الثاني .4



    الامر الثاني :الفرق بين السند والاسناد :



    وردت في عبارات بعض علماء الدراية ان الاسناد يأتي بمعنى السند(5) ولكن البعض منهم رفض هذا الاتحاد اصلا ،واصرَّ على الفارق بينهم بان الاسناد هو نسبة الحديث الى قائله ورفعه اليه ، أي الاخبار عن الطريق(6) بينما السند هو نفس الطريق.



    ------------------------
    1.الصافي . الدروس،ص5
    2. الجوهري، الصحاح، ج2، ص489
    3. الشهيد الثاني، الرعاية، ص53
    4. السيوطي ،تدريب الراوي ،ج1 ،ص22
    5. الميرداماد،الرواشح السماوية ،ص126
    6. المامقاني ،مقباس الهداية ،ج1،ص52




    وقد ورد الاسناد بهذا المعنى في جملة من الروايات كالذي رواه الكليني في الكافي بسنده عن أبي عبد الله (عليه السلام ) قال امير المؤمنين (عليه السلام ){ اذا حدّثتم بحديث فأسندوه الى الذي حدَّثكم : فان كان حقا فلكم : وان كان كذبا فعليه } (1 )
    وعلى الاساس هذا الفارق بين السند والاسناد، خطَّأوا من عرفَّ السند بأنه الاخبار عن طريق المتن ( 2 ) :لأن هذا تعريف لأسناد لا للسند (3 )
    ملحوظة :وهنالك اصطلاح اخر لعلم الحديث باسم (علم الاسناد ).




    الامر الثالث :العنصر الثاني :المتن .



    معناه اللغوي: يأتي بعدة معان:منها:1-الظهر. 2- ما صلب وارتفع من الارض(4)



    معناه الاصطلاح :هو { لفظ الحديث الذي يتقوَّم به معناه }(5)



    سر التسمية: سُمي لفظ الحديث الذي يتقوم به معناه بالمتن ، اما بلحاظ أن عمدة قوة الانسان هي بظهره (متنه) فكذا قوام الخبر بمتنه ،فيناسب المعنى اللغوي الاول ،وما بلحاظ ان المُسِند يُقوَّي المتن بالسند ،ويرفعه الى قائله ،فيناسب المعنى اللغوي الثاني(6)
    ملحوظة :وهنالك اصطلاح اخر لعلم الحديث باسم (علم الاسناد ).



    المبحث الثاني :في اوصاف السند والمتن


    الامر الاول :في بيان الاوصاف الاولية:



    ينقسم الخبر باعتبار اختلاف احوال رواته على ما اصطلح عليه المتأخرون الى اربعة اقسام : الصحيح والحسن والموثق والضعيف وهي اصول الأقسام الآتية واليها يرجع الباقي .وكذلك تسمى اصول الحديث وهذه الاوصاف تختص بالسند.



    -------------------------------
    1. الكليني ، اصول الكافي ،ج1 ،ص52 ،حديث 7
    2. السيوطي ،تدريب الراوي ،ج1 ،ص22
    3. المامقاني ،مقباس الهداية ،ج1،ص51 -52
    4.الفيومي، المصباح المنير، ص562
    5. الشهيد الثاني الرعاية ص52





    في تعريف الاقسام الاربعة :



    الاول :الصحيح: ((هو ما اتصل سنده الى المعصوم بنقل العدل الإمامي عن مثله في جميع الطبقات حيث تكون متعددة))



    الثاني : الحسن : ((وهو ما اتصل سنده الى المعصوم بإمامي ممدوح من غير نص على عدالته مع تحقق ذلك في جميع مراتب رواة طريقه أو في بعضها مع كون الباقي من رجال الصحيح))
    الثالث : الموثق ((وهو ما دخل في طريقه من نص الاصحاب على توثيقه مع فساد عقيدته ولم يشمل باقيه على ضعف ))
    الرابع: الضعيف: ((وهو ما لا يجتمع فيه شروط احد الثلاثة المتقدمة بان يشتمل طريقة على مجروح بالفسق ونحوه أو مجهول الحال أو ما دون ذلك ))(1)




    ملحوظة : ما اعتبرنا من الشروط من كونه عدلاً إمامياً في الصحيح، وإمامياً ممدوحاً في الحسن، وثقة غير إمامي في الموثق إنّما تعتبر في عامّة السند; فلو افترضنا انّ السند يتصل إلى المعصوم بعدولإماميّين، لكن فيه إمامي ممدوح، فالنتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين، فهو من أقسام الحسن لا الصحيح. وهكذا بقية الأقسام.(2)



    الامر الثاني :الاوصاف الثانوية



    ويمكن ان يقال ان هذه بقية التقسيمات المتفرعة على هذا التقسيم المتقدم وهي على قسمين :
    القسم الأول: ما يشترك في الأقسام الأربعة:



    (1) المسند : هو الخبر المتصل سنده الى المعصوم (عليه السلام )ويقابله المرسل، سيأتي .



    --------------------------
    1. الدراية : ص97 ،101، 104
    2.السبحاني ،علم الرجال والدراية.



    (2) المتصل : وهو الخبر المتصل سنده الى المعصوم أو غيره ويسمى الموصول ايضاً . فاذا وصل الى المعصوم فهو مسند والا فهو موقوف .
    (3) المرفوع : وهو ما اضيف الى المعصوم سواء اكان متصلاً أو منقطعاً . وهذا معناه انه من الرفعة أي مرفوع المنزلة .
    وهناك اصطلاح آخر ((وهو ما أشتمل على لفظ الرفع. مثلاً اذا روى الكليني وقال : علي بن إبراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير يرفعه الى الصادق عليه السلام... فهو مرفوع(1) . وهذا يرجع الى المرسل وهو مختص بالضعيف .
    أقول(2) : المتتبع لاستعمالات اهل الفن يرى انهم يطلقون صفة المرفوع على الثاني فلا وجه لجعله من أقسام المشترك .
    (4) المعنعن : ((هو الخبر الذي جاء في سنده كلمة (عن)
    5) المعلق : وهو ما حذف من مبدأ اسناده واحداً أو اكثر . كما اذا روى الشيخ الطوسي (قدس سره) عن الكليني وقال : محمد بن يعقوب عن ابي علي الاشعري عن محمد بن عبد الجبار ... ومن المعلوم ان بين الطوسي (قدس سره) والكليني (قدس سره) واسطتين فحذفهما يجعل السند معلقاً .
    والمعلِق اما ان يذكر المحذوف من خلال مقدمة أو خاتمة ـ بعنوان مشيخة ـ فهو مسند أولا يبين المحذوف ويتركه ويهمله فهو مرسل مختص بالضعيف .
    ومن المعلوم ان روايات التهذيبين والفقيه اكثرها من المعلق لكنها معلومة المحذوف غالباً بواسطة المشيخة.
    (6) الفرد ـ المفرد ـ وهو الخبر الذي ينفرد بنقله اما راوٍ واحد أو نحلة واحدة أو أهل بلد واحد .
    فالأول : مثل ما رواه ابو بكر عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) : ((نحن معاشر الانبياء لا نورث ديناراً ولا درهماً ما تركناه صدقة)) . فقد تفرد به ابو بكر ولم يروه عن النبي غيره .




    ----------------------
    1. سبحاني : ص68 .
    2.الصافي، الدروس.



    ((ومثاله عندنا ما انفرد به احمد بن هلال العبرتائي حيث ذهب المشهور ممن وثقه الى عدم الالتفات الى ما تفرد به . قال الشيخ في التهذيب عن احمد بن هلال هذا: وما يختص بروايته لا نعمل به )).(1)
    والثاني : مثل ما تفرد به الفطحية أو الواقفية أو الزيدية .
    والثالث : كما اذا تفرد بنقله اهل بلد معين كمكة والمدينة والكوفة . والاخيران يقال لهما المفرد النسبي .
    (7) المدْرَج : وهو ما ادرج فيه كلام من الراوي فيظن انه من الحديث . والادراج اما في السند أو في المتن . والادراج ان كان لغرض التدليس فهو حرام وهو مختص بالضعيف وله ثلاثة اشكال آخر :
    الاول :ـ ان يكون عنده متنان باسنادين فيدرج احد اسنادي الحديث ويترك الاخر .
    الثاني: ـ ان يسمع حديثاً واحداً من جماعة مختلفين في سنده بان رواه بعضهم بسند ورواه غيره بغيره . فيدرج روايتهم جميعاً على الاتفاق في المتن أو السند ولا يذكر الاختلاف.
    الثالث :ـ ان يسمع حديثاً واحداً من جماعة مختلفين في متنه مع اتفاقهم على سنده فيدرج ولا يذكر الاختلاف .
    وهذه الأقسام الثلاثة كلها تدليس وهو حرام.
    (8) المشهور : وهو ما شاع من الحديث بكثرة النقل وهو على انواع ثلاثة :
    الاول: ـ ما شاع عند اهل الحديث خاصة دون غيرهم بان نقله منهم رواة كثيرون .
    الثاني: ـ ما شاع عندهم وعند غيرهم كحديث ((انما الاعمال بالنيات)) الذي هو من الروايات المشهورة بين المحدثين والمفسرين والفقهاء والعرفاء .
    الثالث: ـ أو شاع عند غير المحدثين بل الاصل له عندهم كما يقولون رب مشهور لا اصل له.(2)



    -------------------------
    1. اكرم بركات العاملي ـ دروس في علم الدراية ـ ص65 .
    2.الدروس .للصافي ،ص89.



    (9) الغريب : وله اطلاقان : الاول ـ الغريب وهو المتفرد بالرواية واقسامه ثلاثة :
    (أ) الغريب اسناداً ومتناً وهو ما تفرد برواية متنه واحد من الرواة .
    (ب) الغريب اسناداً فقط كحديث يعرف متنه عن جماعة وينفرد واحد بروايته عن آخر غيرهم .
    (جـ) الغريب متناً خاصة : وهو ما تفرد واحد برواية متنه وهو اما غريب ما طرف واحد كحديث ((انما الاعمال بالنيات)) وهو غريب في طرفه الاول لأنه مشهور في طرفه الاخر . أو غريب من الطرفين.
    ثانيا: ـ ((وقد يطلق الغريب على غير المتداول في الالسنة والكتب المعروفة))(1)والصحيح ان هذا شاذ لان مقابله المشهور وليس مقابل الغريب شيء .
    ثالثا ـ الغريب لفظاً : وهو عبارة عن الحديث المشتمل متنه على لفظ غامض بعيد عن الفهم لقلة استعماله في الشائع من اللغة و ((مثاله الحديث عن علي عليه السلام : (من يعذرني من هؤلاء الضباطرة) والضباطرة هم الضخام الذين لا غناء عندهم والواحد ضبطار))(2)
    واعلم ان فهم ومعرفة الحديث الغريب لفظاً جزء من علوم الحديث وان كان بالاصل من علوم اللغة وقد اهتم علماء الحديث بهذا الامر حتى صنفوا في ذلك كتباً .
    (10) المتفق عليه : وهو الحديث الذي رواه اكثر من محدث واحد في كتابه كما لو اتفق الشيخان الكليني والصدوق على نقل رواية بسند واحد أو بسندين واعلى منهما ما اذا اتفق المشايخ ـ المحمدون ـ الثلاثة الكليني والصدوق والطوسي (قدس سرهما) على نقل رواية كذلك. فان للاتفاق مزية واضحة لا تنكر . أو اتفق فضلاء اصحاب احد الائمة (عليهم السلام)كزرارة ومحمد بن مسلم وبُريد بن معاوية على نقل رواية فيقال لها رواية الفضلاء أو المتفق عليها بين اصحاب الامام الصادق عليه السلام مثلاً .
    قال النووي : ((واذا قالوا صحيح متفق عليه أو على صحته فمرادهم اتفاق الشيخان))(3) أي اتفق البخاري ومسلم على نقله .



    ------------------
    1. سبحاني : ص75 .
    2. بركات : ص69 .
    3.التقريب والتيسير ج1 ، ص104 عن سبحاني ص76 .



    (11) المصحف: وفي البحث جهات عديدة:
    الجهة الاولى : معناه لغة هو التغيير يقال : هذا اللفظ مصحفٌ عن كذا أي مغير عنه . صحَّفَ الكلمة : اخطأ في قراءتها أو حرفها عن وضعها . وليس في الاصطلاح معنى آخر يقصده المحدثون بهذه الكلمة بل يستعملونها بمالها من المعنى اللغوي .
    الجهة الثانية : ان التصحيف اما ان يقع في السند أو في المتن أو في كليهما ؟
    ومن امثله الاول : تصحيف بُريد بـ (يزيد)(1) . وحريز بـ (جرير) ومراجم بـ (مزاحم) وابو البحتري بـ (ابي البختري) والخناط بـ (الخياط) والحراز بـ (الحزاز) وما شاكلها وسيأتي في علم الرجال تصحيف (و) العاطفة بـ (عن) . ومن المتن تصحيف خيل بـ (خير) ومن الشواهد المهمة رواية عمار . فان الكليني روى ياسناده عن عمار عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال : سألته عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع اسفل من موضعه الذي يصلي فيه ... الى ان قال (عليه السلام) : ((اذا كان الارتفاع ببطن مسيل ...))
    (12) المؤتلف والمختلف : ((ومجموعهما اسم لسند اتفق فيه اسمان فما زاد خطاً واختلفا نطقاً سواء اكان مرجع الاختلاف الى النقط ام الشكل) (2)
    أقول : هذا يرجع الى المصحف فانه احد صوره .
    (13) العالي سنداً: وهو المتصل بالمعصوم بقلة الوسائط وفائدته بعد التبرك والتشرف قلة الخطأ والاشتباه والعكس بالعكس . ولذلك عدوا قلة الوسائط (أي علو الاسناد) من مرجحات الخبر ومزاياه فقد كانوا يرحلون الى المحدثين في اقصى البلاد ولاجل ذلك . ومن أصحابنا الامامية هناك العديد ممن دونوا الحديث العالي السند ووسموا كتبهم بـ (قرب الاسناد) اشهرهم في ذلك الثقة الجليل عبد الله بن جعفر الحميري.(3)
    وهو على قسمين مطلق ونسبي والأول على نوعين:





    ----------------------------
    1) جاء في كتاب تذكرة الاعيان للسبحاني ص66 : (( ...وابي بصير الاسدي ويزيد بن معاوية والفضيل بن يسار وهؤلاء من الافاضل خريجي مدرسة ابي جعفر الباقر وابي عبد الله(عليه السلام) ...)) والشيخ اجل من ان يصحف فهو من خطأ المطبعي جزماً . 2. سبحاني : ص93 .
    3.راجع الذريعة 17ح ، ص69 تجد غيره كثير .




    (أ) أعلاها وأشرفها هو قرب الاسناد من المعصوم بالنسبة الى سند آخر يروى به ذلك الحديث بعينه بوسائط كثيرة . وهو العلو المطلق .
    (ب) وتأتي بعدها في المرتبة قرب الاسناد الى احد ائمة الحديث كابن ابي عمير ومحمد بن يحيى مؤلف كتاب النوادر وغيرهما . فمن يروي النوادرعن مؤلفه اقرب اسناداً ممن يروي بواسطة وهو اعلى ممن يرويه بواسطتين .

    والثاني : (وهو النسبي) وهو ايضاً على نوعين :

    (أ) العالي اسناداً هو ما تقدم زمان سماع احد الراويين على زمان سماع الاخر وان اتفقا في العدد والواقع في الاسناد أو في عدم الواسطة كما لو رويا عن واحد في زمانين مختلفين فاولهما سماعاً اعلى من الاخر لقرب زمانه بالنسبة الى الآخر .

    (ب) وهو ما تقدم وفاة راوي احد السندين المتساويين في العدد على من في طبقته من راوي السند الآخر فان المتقدم بالوفاة عالٍ بالنسبة الى الآخر.(1)

    (14) الشاذ : وهو ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه الاكثر ـ أي المشهور ـ ولو كان غير ثقة فهو منكر وعندنا مثال له نذكره قال الشيخ في التهذيب : ((... حديث حذيفة بن منصور عن معاذ بن كثير قال قلت لابي عبد الله (عليه السلام) ان الناس يقولون : ان رسول الله صام تسعة وعشرين اكثر مما صام ثلاثين . فقال كذبوا ما صام رسول الله منذ بعثه الله تعالى الى ان قبضه اقل منثلاثين يوماً ولا نقص من شهر رمضان منذ خلق الله السموات من ثلاثين يوماً وليلة)) ......))) 2

    (15) المزيد: على غيره من الأحاديث المروية في معناه وهو المشتمل على زيادة في المتن أو السند ليست في غيره . اما في المتن فبأن يروي فيه كلمة زائدة تتضمن معنى لا يستفاد من غيره ومثاله حديث ((وجعلت لنا الأرض مسجداً وترابها طهوراً)) فكلمة (ترابها) زائدة تفرد بها بعض الرواة . ورواية الاكثر لفظها جعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً . وأمثلته في الفقيه كثيرة.




    ----------------------------------------
    1. راجع صبحي الصالح ص239 ، علوم الحديث ومصطلحه
    2.من اراده التكملة فيراجع الدروس للشيخ الصافي ،ص96.




    واما الزيادة في السند فبان يرويه بعضهم باسناد مشتمل على ثلاثة رجال معينين مثلاً فيرويه المزيد باربعة يتخلل الرابع بين الثلاثة أو كما اذا اسنده المزيد وأرسله الآخرون أو وصله وقطعه الاخرون .

    (16) المختلف : وهو ان يوجد حديثان متضادان في المعنى ظاهراً سواء اتضادا واقعاً ام لا. فالمختلفان في اصطلاح الدراية هما المتعارضان في اصطلاح الاصوليين .
    (17ـ18) الناسخ والمنسوخ : وهو ايضاً من علوم الحديث المهمة ومعرفته من مهمات فن الاستنباط وهو واقع في القرآن والسنة وان منع من وقوعه بل امكانه البعض فقد ورد مضافاً الى القرآن : ما يدل على وقوعه في السند فقد روى محمد بن مسلم عن ابي عبد الله قال قالت له ما بال اقوام يروون عن فلان عن رسول الله لا يتهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه ؟ قال((ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن)1
    (19) المقبول : هو الحديث الذي تلقاه الاصحاب بالقبول والعمل بمضمونه وهو من الاقسام المشتركة لا من المختص بالضعيف لان القبول وعدمه مرحلة لاحقة للصحيح وغيره اما انه كل صحيح مقبول ـ كما ادعاه البعض ـ فهو ليس بمقبول ومثاله المعروف مقبولة عمر بن حنظلة التي قبلها الاصحاب سواء قلنا انها صحيحة ام لا .

    (20) المعتبر : وهو ما عمل الجميع أو الاكثر به أو اقيم الدليل على اعتباره لصحة اجتهادية أو وثاقة أو حسن وعلى هذا فهو اعم من المقبول .
    (21) المكاتب : وهو الحديث الحاكي عن كتابة المعصوم سواء اكتبه ابتداءً لبيان حكم أو غيره أو في مقام الجواب سواء أكانت الكتابة منه ام من الراوي وهو يملي عليه . ومثالها عندنا مكاتبات علي بن جعفر عن اخيه موسى ومكاتبات الأصحاب عن الأئمة ومكاتبات ـ توقيعات ـ الحجة صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه الشريف) للسفراء وغيرها كثيرة .


    --------------------
    1. الكافي ج1 ، ص65 .



    (22ـ23) المحكم والمتشابه : اما المحكم فهو صفة للمتن بان كان متنه ظاهراً أو نصاً في شيء من غير قرينة تقترن ولا دلالة تدل على المراد منه لوضوحه . واما المتشابه فهو قد يكون صفة للمتن أو للسند اولهما معاً . فالمتشابه متناً هو ما كان للفظه معنى غير راجح وعلم انه هو المراد منه بقرينة خارجية ـ أي لابد من تأويله ـ . واما المتشابه سنداً فهو ما اتفقت اسماء سنده خطاً ونطقاً واختلفت أسماء آبائهم نطقاً مع الائتلاف خطاً . مثل محمد بن عقيل فان عقيلاً يقرأ بفتح العين تارة وبضمها اخرى فالأول اسم للنيسابوري والثاني اسم للفرياني . ومن المتشابه سنداً ما لو اتفقا في اسمه واسم ابيه واختلفا في الجد مثل احمد بن يحيى واحمد بن محمد بن الحسن وقد يختلفان في اللقب مثل احمد بن محمد بن عيسى الاسدي واحمد بن محمد بن عيسى القسري .
    (24) المشتبه والمقلوب : وهو اسم للسند الذي يقع الاشتباه فيه في الذهن لا في الخط وسمي مقلوباً لانه ((انقلب فيه على احد الرواة لفظ في المتن أو اسم رجل أو نسبهُ في الاسناد فقدم ما حقه التأخير أو أخر ما حقه التقديم أو وضع شيء مكان شيء ..))1
    أقول2 : قد يكون المشتبه المقلوب صفة للمتن ايضاً الا انهم جعلوه من المضطرب ومثاله ((ما رواه مسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله ... ورجل تصدق بصدقة اخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله فالحديث في الصحيحين هذا لفظه(حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) ولعل من طرقنا ما رواه في الكافي والطوسي في حديث اختبار الدم المشتبه بالقرحة وسيأتي في المضطرب .
    (25) المشترك : وهو ما كان احد رجاله أو أكثرهم مشتركاً بين الثقة والضعيف واهم المشتركات عند ناهي روايات محمد بن قيس فانه مشترك بين ستة واحد منهم ضعيف وروايات ابو بصير فانه مشترك ايضاً وابن سنان وغيرهم.


    -----------------------
    1. صبحي الصالح : ص191 . 2.الشيخ الصافي :الدروس،ص99 .





    (26) المدبج ورواية الاقران : رواية الاقران هو ما لو روى احد القرينان في السن أو في الاسناد أو في اللقاء ـ وهو الاخذ من المشايخ ـ عن قرينه الاخر واما لو روى كل منهما عن الآخر فهو المدبج . ومثال الاول عندنا هو رواية الطوسي عن قرينة السيد المرتضى (قدس سره) وهو كثير . ومثال المدبج عندنا هو رواية ...........))) (27) رواية الأكابر عن الاصاغر : كما لو روى كبير السن عن صغيره أو الاقدم لقاءاً عن حديثه أو الاب عن ابنه أو الشيخ عن تلميذه أو الصحابي عن التابعي . (28) السابق واللاحق : قال الشهيد الثاني (قدس سره) : ((وان اشترك اثنان عن شيخ وتقدم موت احدهما على الاخر فهو النوع المسمى بـ (السابق واللاحق) واكثر ما وقفنا عليه في عصرنا من ذلك ست وثمانون سنة فان شيخنا المبرور نور الدين علي بن عبد العال القيسي والشيخ الفاضل ناصر بن إبراهيم البويهي الاحسائي كلاهما يروي عن الشيخ ظهير الدين بن الحسام وبين وفاتيهما ما ذكرناه)1فان الاحسائي توفي سنة 852 والميسي توفي سنة938 فينهما 86 سنة .
    (29) المطروح : ((وهو ما كان مخالفاً للدليل القطعي ولم يقبل التأويل وربما يتحد مع الشاذ في النتيجة وان لم يتحد في الاسم)2

    (30) المتروك : ((ما يرويه من يتهم بالكذب ولا يعرف ذلك الحديث الا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة)3

    (31) المشكل : ((وهو المشتمل على مطالب غامضة لا يفهمها الا العارفون)4
    (32) النص : وهو ما كان صريحاً في دلالته لا يحتمل الا معنى واحداً .
    (33) الظاهر : وهو ما دل على معنىً دلالة ظنية راجحة مع احتمال غيره.



    ------------------------
    1. الدارية : ص279 .
    2. سبحاني : ص95 .
    3. سبحاني : ص95 .
    4. سبحاني : ص96



    (34) المؤول : وهو ما كان فيه لفظ يحمل على معناه المرجوح بقرينة حالية أو مقالية .
    (35) المجمل : وهو ما كان غير ظاهر الدلالة على المقصود .
    (36) المبين : وهو خلاف المجمل . أقول1 : هذه هي أسماء وأوصاف أقسام الحديث المشتركة بين الأقسام الأربعة وقلنا بان بعضها صفة للسند فقط وبعض آخر صفة للمتن والباقي يقع صفة لهما. والان نتكلم عن الأقسام المختصة بالضعيف :
    (1) الموقوف : وهو مطلق ومقيد . فان جاء مطلقا ـ كما لو قيل حديث موقوف ـ فالمراد به ما روي عن مصاحب المعصوم كما لو وقف على سلمان الفارسي أو زرارة أو ابو بصير . وان وقف على غير المصاحب للمعصوم لابد ان يقيد به كما لو وقف على الكليني مثلاً .
    (2) المقطوع : وله اطلاقات ثلاثة :
    أـ اذا روي عن خصوص مصاحب المعصوم.
    ب
    ـ اذا روي عن غير المصاحب للمعصوم سواء اكان مصاحباً له ام لا .
    جـ
    ـ المقطوع هو ما سقط واحد من اسناده .

    أقول : الظاهر ان الثالث هو المنصرف عند الاطلاق والكل يرجع الى المرسل بالمعنى الاعم وكذا ما سيأتي .
    (3) المنقطع
    : وهو ما لم يتصل اسناده على أي وجه كان .
    (4) المعضل : وهو الذي سقط من اسناده اكثر من واحد .
    (5) المعلق
    : وهو ما حذف من اول اسناده واحد أو اكثر على التوالي .
    (6) المضمر : ((وهو ما يطوى فيه ذكر المعصوم في ذلك المقام بالضمير الغائب)2
    (7) المرسل : وهو ما رواه عن المعصوم من لم يدركه . وبعض المراسيل معروفة وواضحة وبعضها يحتاج الى حذاقة وكشفها من اهم علوم الحديث يحتاج الى ممارسة ومعرفة بالطبقات ومعرفة زمان ومكان اللقاء ـ السماع ـ .


    ---------------------
    1.الصافي ،الدروس،ص101
    2. المامقاني : ص60 .


    ثم ان المرسل اما ان يعلم اسم الراوي المحذوف اسمه اولا فان عرف فهو من المسند .
    (8) المعلل : فهو ما أشتمل على امر خفي غامض في المتن أو السند فهو مأخوذ من المرض وهو صفة ضعف . قال الشهيد الثاني (قدس سره) : ((وانما يتمكن من معرفة ذلك اهل الخبرة بطرق الحديث ومتونة ومراتب الرواة الضابطة لذلك واهل الفهم الثاقب في ذلك ويستعان على ادراكها بتفرد الراوي بذلك الطريق أو المتن الذي تظهر عليه قرائن العلة وبمخالفة غيره له في ذلك مع انضمام قرائن تنبه العارف على تلك العلة من ارسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم أو غيره ذلك من الأسباب المعللة للحديث بحيث يغلب على الظن ذلك ولا يبلغ اليقين والا لحقه حكم ما تيقن من ارسال أو غيره ......))))1
    (9) المدلس : وهو اخفاء العيب الموجود في السند وهو على انواع ثلاثة : أ ـ ان يروي عمن لقيه أو عاصره وهو لم يسمع منه على وجه يوهم انه سمع منه . ب ـ ان يسقط من السند رجلاً ضعيفاً أو فيه غمز ليحسن السند بذلك . جـ ـ اخفاء اسم شيخه لغرض من الاغراض فيسميه باسم أو كنيه غير معروف بهما .
    (10) المضطرب : وهو الحديث الذي اختلف في متنه أو سنده فيروى مرة على وجه واخرى على وجه آخر مخالف له بحيث يشتبه الواقع . والاضطراب في المتن مثلوا له في رواياتنا خبر اختبار الدم في المرأة عند اشتباهه بالقرحة . ففي الكافي : ((قال : فان خرج الدم من الجانب الايمن فهو من الحيض وان خرج من الجانب الايسر فهو القرحة)))2
    واما الاضطراب في السند فهو ((بان يرويه الراوي تارة عن ابيه عن جده واخرى عن جده بلا واسطة وثالثة عن ثالث غيرهما كما اتفق ذلك في رواية امر النبي بالخط للمصلي سترة حيث لايجد العصى))3التهذيب ج1 ، ص385 .ا
    (11) المقلوب : ((وهو حديث ورد بطريق فيروى بغيره اما بمجموع الطريق أو ببعض رجاله بان ينقلب بعض رجاله خاصة بحيث يكون اجود منه .) ووقوعه اما سهواً أو للامتحان . واما في السند أو في المتن وقد عرفت امثلته .
    (12) الموضوع : وهو المكذوب المختلق المصنوع.



    -----------------
    1. الدراية : ص146 .
    2. الكافي ج3 ، ص94 .
    التعديل الأخير تم بواسطة ابو ذر الغفاري ; الساعة 23-04-2013, 09:12 AM. سبب آخر:
يعمل...
X