بسم الله الرحمن الرحيم
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء (59) ]
المبحث الرابع
ما هو المراد من اولي الأمر
اولي الأمر :اصحاب الشأن ،وهم فئة خاصة لهم القيادة والتقدم والمرجعية والنيابة العامة عن الرسول في الدين والدنيا ، ومصداقه هم اهل البيت عليهم السلام ابتداءً من امير المؤمنين علي وانتهاءً بالحجة بن الحسن المهدي صلوات الله عليهم اجمعين لأدلة جمة نستغني بإيراد ثلاثة منها .
الدليل الاول :- اجماع المسلمين على انطباقها وشمولها لاهل البيت عليهم السلام وهو دليل منجز ومعذر لكل مسلم .
على إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال الدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه ( صلى الله عليه واله وسلم) ومن إجماع
المسلمين فأما كتاب الله تبارك وتعالى فقوله عز وجل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) فدعانا سبحانه إلى طاعة أولي الأمر كما دعانا إلى طاعة نفسه وطاعة رسوله فاحتجنا إلى معرفة أولي الأمر كما وجبت علينا معرفة الله تعالى ومعرفة الرسول عليه وآله السلام فنظرنا في أقاويل الأمة فوجدناهم قد اختلفوا في أولي الأمر وأجمعوا في الآية على ما يوجب كونها في علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فقال بعضهم أولي الأمر هم أمراء السرايا وقال بعضهم هم العلماء وقال بعضهم هم القوام على الناس والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر وقال بعضهم هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من ذريته ( عليهم السلام )فسألنا الفرقة الأولة فقلنا لهم أليس علي بن أبي طالب ع من أمراء السرايا فقالوا بلى فقلنا للثانية ألم يكن ( عليه السلام ) من العلماء قالوا بلى فقلنا للثالثة أليس علي ( عليه السلام ) قد كان من القوام على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقالوا بلىفصار أمير المؤمنين ع معينا بالآية باتفاق الأمة واجتماعها وتيقنا ذلك بإقرار المخالف لنا في الإمامة والموافق عليها فوجب أن يكون إماما بهذه الآية لوجود الاتفاق على أنه معني بها ولم يجب العدول إلى غيره والاعتراف بإمامته لوجود الاختلاف في ذلك وعدم الاتفاق وما يقوم مقامه من البرهانوأما السنة فإنا وجدنا النبي ( صلى الله عليه واله وسلم)استقضى عليا ع على اليمن وأمرهعلى الجيوش وولاه الأموال وأمره بأدائها إلى بني جذيمة الذين قتلهم خالد بن الوليد ظلما واختاره لأداء رسالات الله سبحانه والإبلاغ عنه في سورة براءة واستخلفه عند غيبته على من خلف ولم نجد النبي ص سن هذه السنن في أحد غيره ولا اجتمعت هذه السنن في أحد بعد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) كما اجتمعت في علي ( عليه السلام ) وسنة رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم)بعد موته واجبة كوجوبها في حياتهوإنما يحتاج الأمة إلى الإمام بهذه الخصال التي ذكرناها فإذا وجدناها في رجل قد سنها الرسول ( صلى الله عليه واله وسلم) فيه كان أولى بالإمامة ممن لم يسن النبي فيه شيئا من ذلك وأما الإجماع فإن إمامته ثبتت من جهته من وجوه منها أنهم قد أجمعوا جميعا أن عليا ( عليه السلام ) قد كان إماما ولو يوما واحدا ولم يختلف في ذلك أصناف أهل الإمامة ثم اختلفوا فقالت طائفة كان إماما في وقت كذا وكذا وقالت طائفة بل كان إماما بعد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) في جميع أوقاته ولم يجمع الأمة على غيره أنه كان إماما في الحقيقة طرفة عين والإجماع أحق أن يتبع من الاختلاف ومنها أنهم أجمعوا جميعا على أن عليا ( عليه السلام )كان يصلح للإمامة وأن الإمامة تصلح لبني هاشم واختلفوا في غيره وقالت طائفة لم يكن تصلح لغير علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ولا تصلح لغير بني هاشم والإجماع حق لا شبهة فيه والاختلاف لا حجة فيه ومنها أنهم أجمعوا على أن عليا ( عليه السلام )كان بعد النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) ظاهر العدالة واجبة له الولاية ثم اختلفوا فقال قوم كان مع ذلك معصوما من الكبائر والضلال وقال آخرون لم يك معصوما ولكن كان عدلا برا تقيا على الظاهر لا يشوب ظاهره الشوائب فحصل الإجماع على عدالته ( عليه السلام ) واختلفوا في نفي العصمة عنه ( عليه السلام )ثم أجمعوا جميعا على أن أبا بكر لم يكن معصوما واختلفوا في عدالته فقالت طائفة كان عدلا وقال آخرون لم يكن عدلا لأنه أخذ ما ليس له فمن أجمعوا على عدالته واختلفوا في عصمته أولى بالإمامة وأحق ممن اختلفوا في عدالته وأجمعوا على نفي العصمة عنه .))))))
الدليل الثاني :-تفسير حديث الثقلين لإولي الأمر .
حدثنا علي بن المنذر الكوفي حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما
قال هذا حديث حسن غريب1
----------------------------
1- سنن الترمذي :مناقب اهل البيت النبي صلى الله عليه وسلم ج12 ص258
الدليل الثالث:- تعيين الولي الأول بالنص عليه قرأنا وسنة.
أما القرآن فقوله تعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }[المائدة (55)]
وإما السنة :-فجميع الاحاديث الناصة على عين امير المؤمنين وشخصه كحديث الغدير
{من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاده } وهذا الحديث متواتر
وحديث الاستخلاف أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي قال ابن عباس وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت ولي كل مؤمن بعدي ومؤمنة قال ابن عباس وسد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب المسجد غير باب علي فكان يدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيره قال ابن عباس : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فإن مولاه علي .)[ صححه الحاكم والذهبي وحسنه الألباني ]
وغيرها من الاحاديث المستفيضة عند جميع المسلمين وهو بدوره يعين الإمام الذي يليه .
والحمد لله رب العالمين