بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال هنا :- هل هنالك سبب نزول واحد لهذه الآيات أي نزات دفعة واحدة ، وفي وقت واحد ، وذات غرض واحد ، لكي تشكل سياقاً واحداً يوثر في المعنى ،ويحدد معاني المفردات .
قبل الكلام في هذا الامر نقدم مقدمة :-
قال الواحدي في اسباب النزول :[ص4]
{فآل الامر بنا إلى إفادة المبتدئين المتسترين بعلوم الكتاب، إبانة ما أنزل فيه من الاسباب، إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها، وأولى ما تصرف العناية إليها، لامتناع معرفة تفسير الآية وقصد سبيلها، دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها،}
قال ابن تيمية مجموع الفتاوى [ج13 ص339 ]
{ وَمَعْرِفَةُ " سَبَبِ النُّزُولِ " يُعِينُ عَلَى فَهْمِ الْآيَةِ فَإِنَّ الْعِلْمَ بِالسَّبَبِ يُورِثُ الْعِلْمَ بِالْمُسَبِّبِ}
نقول: من المسلم عند المفسرين إن سورة المائدة وان نزلت في اخر حياة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) في حجة الوداع لكن لم تنزل جميع آياتها دفعة واحدة في وقت واحد فن من ضمن آياتها ما قد نزل قبل ذلك الوقت ،وان من مضامينها تشهد بذلك الانقطاع .
فليس مجرد نزول آية بعد آية اوقبل آية يدل على وحدة السياق ،او ان هنالك بين اية واخرى يدل على الوحدة تلك (1)
ويؤيد هذا الانقطاع في الوقت والغرض ما ذكره ابن ابي حاتم في تفسيره في اسباب النزول فقد ذكر اسبابا مختلفة لنزول هذه الآيات ،بل اكثرمن ذلك انه يجزء الآية الى اجزاء ويذكر اسباب نزول كل جزء.
وهنا نقوم بقراءة بعض الصفحات في تفسير ابن ابي حاتم
قوله تعالى : يا ايها الذين امنوا آية [54] المائدة : ( 54 ) يا أيها الذين . . . . .
6531 أخبرنا يونس بن عبد الاعلى قراءة اثنا ابن وهب حدثني عبد الله بن عباس يعني : ابن عباس القباني عن أبى صخر عن محمد بن كعب عن عمر بن عبد العزيز ارسل اليه يوما وعمر يومئذ امير المدينة ، فقال : يا أبا حمزة آية قراتها البارحة قال محمد : وما هي ايها الامير ؟ قال : قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا من يرتد ---
"""" صفحة رقم 1160 """"
-- منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال ابن كعب : ايها الامير انما عنى الله بايها الذين امنوا الولاة من قريش .
قوله تعالى : من يرتد منكم عن دينه
6532 وبه عن محمد بن كعب قوله : يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه قال : من يرتد عن الحق .
6533 حدثنا أبى ، ثنا هوذه بن خليفة ثنا عوف بن الحسن ومن يرتد منكم عن دينه قال : هم الذين قاتلوا اهل الردة من العرب بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع أبى بكر .
قوله تعالى : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه
6534 حدثنا أبى ثنا محمد بن المصفى ، ثنا معاوية بن حفص عن أبى زياد الخلفاني عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : سئل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عن قوله : فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال : هؤلاء قوم من اهل اليمن ثم من كندة ثم من السكون ، ثم من تجيب .
6535 حدثنا عمر بن شبة ، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة عن سماك قال : سمعت عياض يحدث عن الاشعري . قال : لما نزلت فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : هم قوم هذا .
6536 حدثنا أبو سعيد الاشج ثنا عبد الله بن الاجلح عن محمد بن عمروا عن سالم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله : فسوف ياتي الله بقوم يحبهم ويحبونه انه وعيد من الله انه من ارتد منهم سنستبدل بهم خيرا منهم .
والوجه الثاني :
6537 حدثنا أبو سعيد الاشج وعمرو الاودي قالا : ثنا وكيع عن الفضل بن دلهم عن الحسين فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال : هو والله أبو بكر واصحابه.
"""" صفحة رقم 1161 """"
6538 حدثنا أبو فضيل محمد بن جابر ، ثنا المحاربي عن جويبر عن الضحاك في قوله : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال : هو أبو بكر واصحابه لما ارتدت العرب . جاء بهم أبو بكر واصحابه حتى ردهم إلى الاسلام .
الوجه الثالث :
6539 ذكر عن أبى بكر بن أبى شيبة قال : سمعت أبا بكر بن عياش يقول في قوله : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال : اهل القادسية .
والوجه الرابع :
6540 حدثنا أبو سعيد الاشج ، ثنا ابن ادريس عن ليث عن مجاهد فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال : قوم من سبا .
قوله تعالى : اذلة
6541 حدثنا أبى ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس قوله : اذلة على المؤمنين يعني : بالاذلة الرحمة .
قوله تعالى : على المؤمنين
6542 حدثنا علي بن الحسن المسنجاني ، ثنا عبد الرحمن بن أبى العمرو سالته يعني أبا صخر عن قول الله اذلة على المؤمنين قال : قال عمر بن عبد العزيز . . عن قوله : اذلة على المؤمنين فقال : أنتم المؤمنون .
قوله تعالى : اعزة على الكافرين
6543 ذكر عن حجاج عن ابن جريج عن مجاهد اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين اشداء عليهم .
قوله تعالى : يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم
6544 حدثنا علي بن الحسين ثنا عثمان بن أبى شيبة ، ثنا اسحاق بن منصور عن أبى مريم عن ليث عن مجاهد قوله : يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم قال : يسارعون في الحرب .
"""" صفحة رقم 1162 """"
قوله تعالى : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
6545 حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم ، ثنا أحمد بن مفضل ، ثنا اسباط ، عن السدى قوله : يؤتيه من يشاء قال : يختص به من يشاء .
التعليق على اية [54]
فقد اختلف في سبب نزولها على اقوال :
منها : انها نزلت في (الولاة من قريش)
منها : انها نزلت في (من يرتد عن الحق ).
منها : انها نزلت في (هم الذين قاتلوا اهل الردة من العرب بعد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع أبى بكر )
هذه الاقوال فقط في المقطع واحدمن الآية وهو :{ قول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا من يرتد}
اما في قوله : فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه قال (هو والله أبو بكر واصحابه)
وقال (اهل القادسية .) وقال ( قوم من سبا )
لاحظوا :انه في مقطعين اعطى ما يقارب ست اقوال ،كيف اذا بالآية كلها كم قول يكون .
قوله تعالى : انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا آية 55المائدة : ( 55 ) إنما وليكم الله . . . .
6546 حدثنا أبى ثنا أبو صالح كاتب الليث ، حدثنا معاوية بن صالح عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس قوله : انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا يعني : انه من اسلم تولاه الله ورسوله والذين امنوا .
قوله تعالى : والذين امنوا
6547 حدثنا أبو سعيد الاشج ثنا المحاربي ، عن عبد الملك بن أبى سليمان قال : سالت أبا جعفر محمد بن علي عن قوله : انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا قلت : نزلت في علي قال : علي من الذين امنوا .
6548 حدثنا الحسن بن عرفة ، ثنا عمر بن عبد الرحمن أبو حفص عن السدى قوله : انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا قال : هم المؤمنون وعلي منهم .
6549 حدثنا الربيع بن سليمان المرادي ، ثنا ايوب بن سويد عن عقبة بن أبى حكيم في قوله : انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا قال : علي بن أبى طالب .
قوله تعالى : الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
6550 حدثنا علي بن الحسين ، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، ثنا الوليد ثنا عبد الرحمن بن نمر قال : قال الزهري : اقامتها : ان تصلي الاوقات الخمس لوقتها .
قوله تعالى : ويؤتون الزكاة وهم راكعون
6551 حدثنا أبو سعيد الاشج ثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الاحوال ، ثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل قال : تصدق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون .
"""" صفحة رقم 1163 """"
الوجه الثاني :
6552 حدثنا أبو سعيد الاشج ثنا عبد الله بن ادريس عن أبيه عن عطية قال : في عبادة نزلت انما وليكم لله ورسوله .
التعليق على الآية [55]
قال انها نزلت في ( انه من اسلم تولاه الله ورسوله والذين امنوا ).
وقال انها نزلت في (نزلت في علي قال : علي من الذين امنوا .)
وقال انها نزلت في (هم المؤمنون وعلي منهم )
وقال انها نزلت في (علي بن أبى طالب ) عليه السلام
وقال انها نزلت في (تصدق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون )
وقال انها نزلت ( في عبادة نزلت انما وليكم لله ورسوله )
لاحظوا :القول في انها نزلت في حق الامام علي عليه السلام امر مشهور بين المفسرين لان الاعم الاغلب يقول انها نزلت في الامام علي عليه السلام. هذا اولا.
الامر الثاني :انه حاول ان يجزء الآية كذلك في قوله تعالى (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ) قال (اقامتها : ان تصلي الاوقات الخمس لوقتها)
الامر الثالث: عند الجمع بين هذين الايتن بعتبار اسباب النزول نجد ان الاية [54]تتكلم في شيء والاية [55]تتكلم في شيء اخر ، فكيف يردون ان يجعلوا سبع آيات في سياق واحد !!!!!
قوله تعالى : ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا آية 56المائدة : ( 56 ) ومن يتول الله . . . . .
6553 حدثنا أبي ثنا الاصبغ الحراني ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق ، حدثني أبي اسحاق بن يسار عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت قال : نزلت : ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون وذاك لقول عبادة بن الصامت اتولى الله ورسوله ، وتبرئة من بني قينقاع من حلفهم وولايتهم . قوله تعالى : فان حزب الله هم الغالبون
6554 أخبرنا أحمد بن عثمان بن حيم فيما كتب إلى ، ثنا أحمد بن مفضل ثنا اسباط عن السدى قوله : فان حزب الله هم الغالبون قال : ثم اخبرهم ، يعني الرب عز وجل من الغالب فقال : لا تخافوا الدولة ولا الدائرة فقال : ومن يتول الله ورسوله الآية .
قوله تعالى : يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين اوتوا الكتاب اية 57المائدة : ( 57 ) يا أيها الذين . . . . .
6555 وبه عن السدى قوله : لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم قال : نهاهم وتقدم اليهم
6556 حدثنا محمد بن يحيى ، ثنا أبو غسان ، ثنا سلمة قال : قال محمد بن اسحاق : قال محمد بن أبي محمد : وكان رفاعة بن ديد بن التابوت ، وسويد بن الحارث قد ظهرا الاسلام ونافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما ، فأنزل الله فيهما يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم والكفار اولياء واتقوا الله ان كنتم مؤمنين .
كذلك القول في الآية [56 ] اسباب النزول مختلفة
----------------------------
1- مسالة ترتيب الايات في القران الكريم لاشك انها توقيفة وقد كانت بامر الرسول (صلى الله عليه واله وسلم ) وهنالك ابان نزات بمكة وقد جعلهت النبي في سورة مدنية او ان اية نزلت في سنة متاخرة يجعلها في سنة لاحقة