إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيف يقوم الدين بصياغة الانسان بان يضحي بالمصلحة الخاصة لاجل العامة ؟؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف يقوم الدين بصياغة الانسان بان يضحي بالمصلحة الخاصة لاجل العامة ؟؟






    العقل الانساني قد لوحده لا يستطيع ان يصل الى حقيقة انه لابد من يقوم بملأ الارض قسطا وعدلا
    ولكن عندما ناتي الى النقل نجد انه يؤكد هذه الحقيقة . (( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ
    أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ )) الانبياء ( 21)

    وبالرجوع الى الاحاديث الواردة عن النبي الاكرم والائمة الهداة صلوات الله عليهم اجمعين تؤكد على ذلك
    وبذلك يتعاون العقل مع النقل في سبيل رسم المشهد المهدوي .
    فبعض الناس يعيش القضية المهدوية بشكل مُبهم واجمالي والصورة الموجودة صورة مشوشة ومتناقضة
    وهذه الصورة لا تستطيع ان تحفز الانسان على المُضي والاقدام والتضحية والتمهيد الدقيق والعميق
    المخطط له للظهور المبارك ، والصورة الواقعية الواضحة المعالم تجعل الانسان ان ُيقدم اقدام كبيرا فدائيا
    في سبيل التمهيد لهذه القضية ، فأذا اردنا ان نجند الطاقات الموجودة في مجتمعاتنا المؤمنة لابد من توضيح
    المشهد في ذهن الانسان المكلف قبل توضيحه في داخل الساحة الاجتماعية

    والمعركة هنا معركة عقول معركة ادراكات فلا بد من التفصيل والوضوح وليس الاجمال .
    وبالتالي ننطلق من الحقيقة الذي يؤكدها النقل التي تخدم البشرية فالانسان اذا لم يعرف القضية
    ( الارض تملأ قسطا وعدلا بعدما مُلئت ظلما وجورا ) سوف يعيش في فوضى من الاحتمالات
    والاتجاهات التي يمكن ان تتجه اليها مسيرة السير الانساني .
    فعندما تأتي الاحاديث تتحدث عن نقطة من الزمان وتشير اليها بأن الارض تملأ قسطا وعدلا
    بعد ان مُلئت ظلما وجورا وبذلك حينئذٍ سوف تُحذف كل المسارات الاخرى ويفكر في اتجاه واحد
    وبعبارة اخرى الاحاديث تُحدد لنا غاية الهدف والمقصد الذي تتوجه اليه المسيرة الانسانية .
    فالارض في مستقبل الزمان سوف تُملئ قسطا وعدلا بعدما مُلئت ظلما وجورا عبارات قليلة
    ( كلمات بسيطة) ولكنها ذات حقيقة كبرى فالعقل بمعزل عن الآيات الشريفة وبمعزل عن الوحي
    وبمعزل عن احاديث اهل البيت لا يستطيع ان يعرف اتجاه المسيرة الانسانية ولكن بضم قضية الوحي
    سوف تكتمل الصورة فالنقل لا يأتي ليلغي العقل فالعقل من الله والنقل والاحاديث من الله ايضا
    والله تبارك وتعالى يُريد من النقل والعقل ان يتفاعلان معا من اجل ان يسير الانسان نحو الكمال
    الذي خُلق من اجله .

    وهناك الكثير من التفاصيل تركتها الاحاديث للعقل الانساني فالائمة عليهم السلام يقولون علينا القاء
    الاصول وعليكم التفريع
    لذلك نجد الرسالة العملية الواحدة فيها الاف الفتاوى وهذه الفتاوى
    هي تفريعات لتلك الاصول . وكذلك بالنسبة للقضية المهدوية لها اصول وفروع .
    فالعقل الانساني له نشاطات متنوعة فهناك نشاط الاستنباطي ينتقل فيه العقل من الكليات الى الجزئيات ،
    وهناك الاستقرائي ينتقل من الجزئيات الى الكليات ، وهناك التحليلي يحلل الاشياء وهناك التركيبي
    يُركب الاشياء وبهذه العمليات التي يقوم بها العقل ننطلق من حقيقة ان الارض تُملا قسطا وعدلا
    بعدما مُلئت ظلما وجورا في مستقبل الزمان اي نظام اجتماعيا صالح يُعطي كل ذي حق حقه
    سوف يسود في مستقبل الزمان وهذا يفتحنا على :
    المشكلة الكبرى ( ام المشاكل ) التي ارقت المجتمع وهي حُب الذات والتي تؤدي الى سيادة الظلم ،
    فالمجتمع يُبنى اذا كان الانسان قادرا على تجنيد مصالحه الذاتية لصالح المصلحة الاجتماعية فلو كانت
    بعض انفاس علي (عليه السلام) ولو بقشر معشاره في الساحة الاجتماعية لما ساد الظلم والجور
    (( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)) الدهر
    والحل الوحيد القادر على معالجة المشكلة الاجتماعية والتي ارقت الانسان هو الدين اي تجنيد مصالحه الذاتية
    في سبيل المصلحة العامة .
    وهنا نسأل كيف يقوم الدين بذلك ؟
    (( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )) الرعد : ( 11)
    البعض يتصور بأن حل المشكلة في العراق بكثرة الاموال والخدمات والامكانات نعم هذه مطلوبة
    ولكنها ليست الحل ولكن الحل والاهم هو اعادة صياغة الانسان بحيث يكون قادرا على تجنيد دوافعه
    الذاتية في سبيل المصلحة العامة ،
    فلو ان تُراب البلد تحول الى ذهبا ولو جئنا بأرقى وافضل واعظم
    التنظيمات الادارية والفكرية لما ازدادت المشكلة الا تعقيدا . فحجر الاساس هو اعادة تشكيل النفس الانسانية .
    فكيف نطور الذات من حُب الذات تدمر الانسان الى حُب الذات التي تبني الانسان ؟
    الدين الذي صنع الانبياء والائمة والذي صنع عاشوراء هو الوحيد القادر على صياغة ذلك الانسان
    ويقوم ذلك من خلال عنصرين :
    1- الدين يُعطي تصورا واقعيا للحياة فالانسان بمعزل عن الدين يعتقد ان حياته تكمن بالحياة الدنيا
    ((وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ ۚ وَمَا لَهُمْ بِذَٰلِكَ مِنْ عِلْمٍ ۖ إِنْ
    هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ )) 45 ( الجاثية)

    وان الموت ليس قنطرة ومعبرا يعبر به من حياة الى حياة وانما هو حالة عدمية ان هذا التصور
    هو المسؤول عن تجنيد حُب الذات لصالح تدمير المجتمع ، فالانسان الذي يعتقد ان حياته تنتهي
    بالموت فسوف يندفع للاستفادة من الحياة ولو على انّات الاخرين او على جماجم الاخرين ، واما أذا اعتقد
    ان الحياة مزرعة الاخرة وان اعماله الدنيوية تنعكس على الاخرة خيرا فخير وشرا فشر وان عليه ان يزرع
    ليُمهّد خيرا فسوف يبدا بترويض دوافعه الذاتية لصالح المصلحة العامة وبالتالي نحصل على صورة ان الدين
    يجعل الانسان يربح الاخرة وفي الدنيا يربح المجتمع والفرد .

    البعض يؤمن بالاخرة ولكن لا يُرتب الاثر على الاخرة ولكن لابد ان تكون الاخرة حاضرة في ذهنه واهدافه
    يشتقها من الاخرة لا من الدنيا .
    2- يأتي الدين بتمرين ( سلسلة من التكاليف ) تشكل سلسلة تمارين تُمكّن الانسان من تنمية الدافع الذاتي فلو
    ان الدين اتى بالمعاد ولم يأتي بالتكاليف ( صلاة، صيام ، زكاة ،........الخ ) في هذه الحالة
    لم يُنمى الدافع الذاتي لصالح المصلحة العامة .

    والدين قام بعمليتين :
    ا- وسّع من نطاق ادراك الانسان وان الحياة الانسانية لا تنحصر بالدنيا بل تمتد الى الاخرة وهذا ركن
    ركين في العملية التربويه وفي عملية تحويل الانسان الذي يضحي بالمصلحة الخاصة في سبيل المصلحة العامة .
    ب- جاء الدين بسلسلة من التكاليف كل تكليف عبارة عن تمرين فمثلا الرياضة لا يكفي الانسان ان يتعرف
    على النظريات الصحيحة لتنمية العضلات بل يقوم بعملية التطبيق ، والاطباء مثال اخر الجانب النظري
    لجميعهم واحد ولكن الاختلاف من الجانب العملي .
    فالتكاليف كلما مارسها الانسان كلما تجندت الدوافع الذاتية لصالح العمل فثلا الزكاة هي تمرين يُمكّن الانسان
    من التضحية بالمصلحة الذاتية لصالح العام وكذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من التكاليف
    فلا يتصور ان هذه التكاليف تنقذ الانسان من النار فقط ولكنها ايضا تقوم بعمل اخر في الساحة
    الدنيوية وهي ترويض الدافع الذاتي وبالتالي عزل الدين عن الحياة هي جريمة نكراء وحرمان خطير للمجتمع
    من العطاء الكبير .

يعمل...
X