بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف خلق
الله من الأولين والاخرين
محمد صلى الله عليه واله
الطيبين الطاهرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تذهب الإمامية أخذاً بما جاء عن آل البيت (عليهم السلام) بالرجعة ، وهو أن الله سبحانه وتعالى يُعيد قوماً من آلاموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة في صورهم التي كانوا عليها، وذلك عند قيام مهدي آل محمد(عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام) الذي يملأ الآرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلماً، ولذلك تعد الرجعة مظهراً يتجلى فيه مقتضى العدل الإلهي بعقاب النجرمين على نفس الآرض التي ملآوها ظلماً وعدواناً .
ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده ألى النشور، وما يستحقونه من الثواب او العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمنّي هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع، فنالوا مقت الله، أن يخرجوا ثالثاً لعلهم يصلحون:{ قَالوُا رَبنا أمَّتنا اثنَتين وأحييتَنَا اثنتين فاعتَرفنَا بِذنوبنا فَهل إلى خُروجٍ من سبيل }(غافر .11 ) ولكن أنى لهم ذلك وهم في عذاب مقيم؟
إمكان الرجعة وادلتها
إن الرجعة من نوع البعث والمعاد الجسماني، غير أنها بعث موقوت فيالدنيا ومحدود كماً وكيفاً، ويحدث قبل يوم القيامة، بينما يُبعث الناس جميعاً
يوم القيامة ليلاقوا حسابهم ويبدأوا حياتهم الخالدة،وأهوال يوم القيامة أعجب وأغرب وأمرها أعظم من الرجعة.
يقول السيد المرتضى قدس سره: إعلم أنّ الذي يقوله الإمامية في الرجعة لا خلاف بين المسلمين ـ بل بين الموحدين ـ في جوازه، وأنه مقدور لله تعالى،وإنما الخلاف بينهم في أنّه يوجد لا محالة أو ليس كذلك .
ولا يخالف في صحة رجعة الآموات إلا خارج عن أقوال أهل التوحيد ، لأن الله تعالى قادر على إيجاد الجواهر بعد إعدامها، وإذا كان عليها قادراً، جاز أن يوجدها متى شاء (رسائل الشريف المرتضى .ج3 :135 ) .
فإذا كان إمكان الرجعة امراً مسلّماً به عند جميع المسلمين ـ حتى قالالآلوسي : وكون الاحياء بعد الاماتة والارجاع إلى الدنيا من الامور المقدورة له عز وجل مما لا ينتطح فيه كبشان، إلا أنّ الكلام في وقوعه (روح المعاني ج20 :27 )إذن فلماذا الشك والاستغراب لوقوع الرجعة ؟ ولماذا التشنيع والنبز بمن يعتقد بها لورود الآخبار الصحيحة المتواترة عن أئمة الهدى (عليهم السلام) بوقوعها ؟
نعم في مثل ذلك، مما لادليل عقلي لنا على نفيه أو إثباته، أو نتخيل عدم وجودالدليل، يلزمنا الرضوخ إلى النصوص القرآنية التي هي من مصدر الالهي، وقد ورد في القرآن الكريم ما يثبت وقوع الرجعة إلى الدنيا لبعض الاموات كمعجزة عيسى (عليه السلام ) في إحياء الموتى { وأبرئ الاكمَهَوالابَرصَ وأحيي الموتى بإذن اللهِ } ( آل عمران :49 ) يضاف الى ذلك أنَّ نفوس الظالمين تأنى إقامة العدل وإحقاق الحق لما اقترفته أيديهم الآثمة من الظلم والجور والمنكرات، والرجعة تنطوي على أمرٍ يحقق العدالة الالهية في أرض الواقع .
أن نفوس المكابرين من أهل الجاهلية أبت الاعتقاد بالمعاد والنشور رغم أنهم عاينوا المعجزات وضربت لهم الأمثال الواضحة واقيمت لهم الدلائل البينة والبراهين الساطعة، لان قبول هذا الاعتقاد يعني الانصياع للحق والعدل بالوقوف أمام المحكمة الالهية الكبرى { يوم تشهد عليهم ألسنتُهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعلمونَ }( النور : 24 ) .
أدلة الرجعة :
اورد الحر العاملي في الباب الثاني من ( الايقاظ من الهجعة على الرجعة ) أثنى عشر دليلاً على صحة الاعتقاد بالرجعة منها لا : اولاً : وقوعها في الامم السابقة لقد حدثنا القرآن الكريم بصريح العبارة وبما لايقبل التأويل او الحمل عن اقوام الاى الحياة الدنيا رغم ما عرف وثبت موتهم وخروجهم من الحياة الى عالم الموتى، فإذا جاز حدوثها في الازمنة الغابرة، فلم يجوز حدوثها مستقبلاً قال تعالى :{ سنة الله في الذينَ خلوا من قبلُ ولن تجدَ لسنةِ الله تبديلاً }( الاحزاب: 62 ) .
روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن الحسن بن الجهم، قال : قال المامون للرضا (عليه السلام ) : يا ابا الحسن، ما تقول في الرجعة ؟ فقال (عليه السلام ) : (( إنها الحق، قد كانت في الامم السالفة ونطق بها القرآن))، وقد قال رسول، الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ((يكون في هذه الامة كل ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة))، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : (( إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسى بن مريم (عليه السلام ) فصلى خلفه )). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم ) : ((إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء )). قيل : يا رسول الله، ثم يكون ماذا ؟ قال (صلى الله عليه وأله وسلم ) : ((ثم يرجع الحق الى اهله )) ( بحار الانوار :53: | 45 ) .
الرجعة في الامم السابقة منها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إحياء قوم من بني أسرائيل : قال تعالى :{ ألم ترَإلى الذينَ خرجوا من ديارهم وهم ألوفٌ حذر الموت فقال لهمالله موتوا ثم احياهم ان الله لذو فضل على الناسِ ولكن أكثر الناس لا يشكرونَ } ( البقرة :243 ) .
فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية تدل على أن هؤلاء ماتوا مدة طويلة ثم أحياهم اللع فرجعوا الى الدنيا وعاشوا مدة طويلة .
وعن احياء قوم بني أسرائيل، سأل حمران بن اعين الامام أبا جعفر الباقر (عليه السلام ) عن هؤلاء، قائلاً : أحياهم حتى نظر الناس اليهم ثم اماتهم من يومهم ، او ردهم الى الدنيا حتى سكنوا الدور ،واكلوا الطعام ،ونكحوا النساء قال عليه السلام : بل ردهم الله حتى سكنوا الدور، واكلوا الطعام، ونكحوا النساء، ولبثوا بذلك ما شاء الله، ثم ماتوا باجالهم ( تفسير العياشي ج1:130ـ 433 ) .
المسيح عليه السلام يحيي الموتى
ذكر في القران الكريم في غير مورد إحياء المسيح للموتى، قال تعالى لعيسى عليه السلام : { واذ تخرجُ المتى بإذني } (المائدة : 110 ) وقال تعالى حاكياً عنه : { واحيي الموتى بإذن الله } (ال عمران :49 ) .
فكان بعض الموتى الذين احياهم عيسى عليه السلام باذن الله تعالى قد رجعوا الى الدنيا وبقوا فيها ثم ماتول باجالهم ( اكافي ج8 : 337 ـ 532 وتفسير العياشي ج1 :147ـ 51 )
[ اللهم اجعلني وكافة المؤمنين والمؤمنات من انصار الحجة عجل الله فرجه ]