الحلقة الاولى
كيف نبرمج عقولنا؟
القوى التي تحكم مملكة الانسان
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
كيف نبرمج عقولنا؟
القوى التي تحكم مملكة الانسان
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
سنبدأ معكم اليوم في اولا حلقاتنا من برنامج كيف نبرمج عقولنا، ودعونا اولا ان نتحدث عن سبب تسمية هذا البرنامج بهذا الاسم :
برمجة العقل 1\ الحاسوبي 2\البشري
ان برمجة العقل اليوم اصبحت من المفردات الشائعة استخدامها في جميع المجتمعات الانسانية، بسبب اكتشاف الحاسوب والعقل الالكتروني الذي استطاع اليوم ان يؤثر تاثيرا كبيرا في الفكر الانساني والمجتمع الانساني، فكما اننا نبرمج هذا العقل الكمبيوتري كذلك اصبح شائعا اليوم استخدام مفردة البرمجة في العقل البشري، فنقول اننا نبرمج العقل البشري بالافكار او نبرمج عقولنا،
التشابه بين العقل الحاسوبي والعقل البشري
خصوصا هذا التشابه الكبير بين العقل البشري والعقل الحاسوبي او الالكتروني في بعض الوجوه طبعا، والا المطابقة مستحيلة جدا، فان العقل الالكتروني هو من نتاجات العقل البشري وهو خاضع له.
ولكن قبل الحديث عن برمجة العقل الانساني، وماهي البرامج او الافكار والاعتقادات المهمة التي على الانسان الايمان بها ، وكيف يكون للعقل قبول هذه الافكار دون غيرها وغير ذلك من الابحاث المهمة،
القوى التي تحكم عالم الانسان
فاننا لابد في اول الامر ان نتعرف على المملكة الانسانية التي تحكم كل واحد منا، ففي داخل كل منا مجموعة من القوى، وهذه القوى تؤثر بعضها على بعض ، وهي محكومة لمجموعة من القوانين، ونحن باذن الله من خلال هذا البحث نريد التعرف على كيفية عمل هذه القوى،
القوة الغريزية القوة الادراكية القوة الروحية
وهي القوة الغريزية والقوة الادراكية والقوة الروحية التي تحكم كل منا من افراد البشر وتخضعنا لحكمها.
اننا جميعا نرى هذا الانسان العالم او المهندس او الطبيب او التاجر او الفلاح او المنظف او المراة او الطفل او الرجل، فان هؤلاء جميعا كل لديه عالمه الخاص ومملكته الخاصة التي تحكم وجوده وسلوكياته وتصرفاته، وان كانت القوى الغريزية، والعقلية، والروحية، الموجودة عند هؤلاء جميعا واحدة،
القوى تختلف من حيث القوة والضعف
ولكن بطبيعة الحال هي مختلفة من حيث القوة والضعف، يعني ان زيد يملك مجموعة من القوى، وخالد ايضا يمتلك نفس القوى التي هي موجوده عند زيد، ولكن الفرق ان زيد الذي يمتلك هذه المجموعة من القوى، تظهر عنده بعض القوى اقوى من القوى الموجودة عند خالد، واذا جئنا الى خالد، نجد انه تضعف عنده القوى الموجودة قوية عند زيد وتقوى عنده قوى اخرى هي ضعيفة عنده، فلذلك بالنتيجة نجد هذا التغاير والاختلاف الموجود عند البشر، لان كل واحد من البشر هو يمتلك عالمه الخاص ومملكته الخاصة التي يمتاز بها عن الاخر ، وهذا الامتياز والاختلاف هو بسبب هذا التباين واختلاف القوى الغريزية والروحية والعقلية عند كل واحد من افراد الانسان، والاية القرانية لعله تشير الى ماذكرناه ولو من بعيد حيث يقول تعالى بسم الله الرحمن الرحيم يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا. صدق الله العلي العظيم فالاية الكريمة وان كانت تتكلم عن عمل الانسان الذي سيجده امامه يوم القيامة، ولكن هذا العمل الذي سيصدر من كل منا في هذه الدنيا، هو خاضع بكل تاكيد لهذه القوى التي تحكم نفوسنا، وسنبين ذلك في الابحاث اللاحقة ان شاء الله .
نبوغ بعض القوى يسبب التنوع
وايضا اننا نجد تنوع هذه القوى، فنحن نجد ان بعض الناس ينبغون في القوة الروحية الخيرة او الشريرة، فيخرج منهم الانبياء والمصلحون والاتقياء او بالعكس يخرج منهم الشياطين واعوانهم الظلمة والطواغيت كما سياتي بيانه ، وبعضهم ينبغون في القوة العقلية فبفضلهم تؤسس العلوم والمعارف والفنون، ويرتقي الانسان في درجات الفكر والعلم، وبعضهم تقوى عندهم القوى الجسدية، فنجد بفضل هؤلاء تزدهر المهن والحرف اليدوية اوالزراعة او الصناعة او تعمر الارض اوغير ذلك... فالاية الكريمة تقول بسم الله الرحمن الرحيم(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) صدق الله العلي العظيم فهذا يعني ان الله سبحانه الهم النفس الانسانية مجموعة من القوى النفسية الغريزية والروحية والعقلية، ثم يقول الله سبحانه،بسم الله الرحمن الرحيم قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا صدق الله العلي العظيم، وقطعا ان المراد من التزكية، هي تزكية النفس الانسانية، ونموها وتكاملها في هذ العالم،اما سلبا او ايحابا، اما القوة الجسدية فان الجسد متعلق نموه بالغذاء والرياضة التي تزيد من قوته وتكامله.
تفضيل الله سبحانه بعض الناس على بعض
وكذلك نجد ايضا ان اية قرانية اخرى تشير الى ان الله فضل بعض البشر على بعض في هذه القوى الغريزية والروحانية والعقلية، ولم يجعلهم على درجة واحدة، فقوله سبحانه بسم الله الرحمن الرحيم (فانْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) صدق الله العلي العظيم وهذه القضية من القضايا الوجدانية التي نلمسها نحن في حياتنا اليومية، ولاتحتاج الى استدلالات علمية لكي نثبت ذلك، فهذا الذي تحدثنا عنه حقائق لايمكن لعاقل انكارها.
وهنا خاطرة لطيفة للشيخ المتولي الشعراوي في تفسير هذه الاية الكريمة
حيث يقول والمتأمل يجد أن الله تعالى جعل التفضيل هنا عامّاً، فلم يُبيّن مَن المفضَّل ومَنِ المفضّل عليه، فلم يقُلْ: فضلت الأغنياء على الفقراء، أو فضلت الأصحاء على المرضى.
إذن فما دام في القضية عموم في التفضيل، فكلُّ بعض مُفضَّل في جهة، ومُفضّل عليه في جهة أخرى، لكن الناس ينظرون إلى جهة واحدة في التفضيل، فيفضلون هذا لأنه غني، وهذا لأنه صاحب منصب.. الخ.
وهذه نظرة خاطئة فيجب أن ننظر للإنسان من كُلِّ زوايا الحياة وجوانبها؛ لأن الحق سبحانه لا يريدنا نماذج مكررة، ونُسَخاً مُعَادة، بل يُريدنا أُنَاساً متكاملين في حركة الحياة، ولو أن الواحد مِنّا أصبح مَجْمعاً للمواهب ما احتاج فينا أحدٌ لأحد، ولتقطعت بيننا العَلاقات،
فمن رحمة الله أن جعلك مُفضَّلاً في خَصْلة، وجعل غيرك مُفضَّلاً في خصال كثيرة، فأنت محتاج لغيرك فيما فُضِّل فيه، وهم محتاجون إليك فيما فُضِّلْتَ فيه، ومن هنا يحدث التكامل في المجتمع، وتسلَمْ للناس حركة الحياة.
ونستطيع أن نخرج من هذه النظرة بقضية فلسفية، تقول: إن مجموع مواهب كل إنسان تساوي مجموع مواهب كل إنسان، فإنْ زِدْتَ عني في المال فربما أزيد عنك في الصحة، وهكذا تكون المحصّلة النهائية متساوية عند جميع الناس في مواهب الدنيا، ويكون التفاضل الحقيقي بينهم بالتقوى والعمل الصالح، كما قال تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
صدق الله العلي العظيم لذلك يجب على المسلم أن يلتزمَ أدب الإسلام في حِفْظ مكانة الآخرين، فمهما كنت مُفضَّلاً فلا تحتقر غيرك، واعلم أن لهم أيضاً ما يفضلون به، وسوف يأتي اليوم الذي تحتاج إليهم فيه.
وقد ضربنا لذلك مثلاً بالعظيم الوجيه الذي قد تضطره الظروف وتُحوِجه لسباك أو عامل بسيط ليؤدي له عملاً لا يستطيع هو القيام به، فالعامل البسيط في هذا الموقف مُفضِّل على هذا العظيم الوجيه. ولك أنْ تتصورَ الحال مثلاً إذا أضرب المنظفون عدة أيام عن العمل. إذن مهما كان الإنسان بسيطاً، ومهما كان مغموراً فإن له مهمة يفضّل بها عن غيره من الناس.
الى هنا نصل الى نهاية حلقتنا وسندخل في الحلقة القادمة في اول قوة وهي القوة الغريزية