الحلقة الخامسة
كيف نبرمج عقولنا
العنوان/ تكملة بحث القوى الادراكية
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
تحدثنا في الحلقة السابقة عن معنى القوة الادراكية و كيفية حصول المعارف لدى الانسان بنحو الاجمال والاختصار واليوم نريد الاشارة الى ان القوة الادراكية تعتمد في قوتها على ركنين:
قوة الادراك :
1- قوة الذهن نفسه 2- تعلم الانسان للعلوم
الركن الاول هو ان هذه القوة بنفسها هي قوية، مثل انسان يولد وهو يمتلك بنية جسدية قوية، فان الله يتفضل على انسان فيجعله منذ طفولته في غاية الذكاء والفطانة والنباهة، بما وهبه من قوة ذهنية قوية.
والركن الثاني: هو ان الانسان لابد ان يقف على مجموعة من العلوم والمعارف الانسانية ، فلابد له ان يتعرف على افكار العلماء الاولين السابقين وعلى علومهم، وكذلك ان يقف على مجموعة كبيرة من العلوم والمعارف الموجودة في زمانه، فعندها يكون مثل هذا الشخص هو الاقرب الى الحقيقة والصواب وان كلامه وعلومه تنير الطريق للناس، وهذا الكلام في جميع تخصصات العلوم والمعارف الانسانية سواء كانت علوم الهية او علوم طبية او علوم هندسية او غير ذلك.
اسئلة الاطفال النوابغ
وهؤلاء العباقرة لابد ان يتمتعوا بالركنين معا ، وهم ينبغون منذ نعومة اظفارهم، وتبدا عقولهم بطرح اسئلتهم واستفهاماتهم منذ صغرهم ، فانا مثلا الذي اولد في يوم ما، فما يدريني اي دين هو الصحيح، ولماذا يجب علي ان اكون مطيعا لعادات وطبائع مجتمعي، ولماذا علي ان اقيم علاقات اجتماعية، او اخلاقية، ولماذا علي ان اكون انسانا صالحا في المجتمع، وهذه التساؤلات قد يطرحها ذهن العباقرة منذ طفولتهم ويبحثون عن الاجابة عنها.
الحقيقة ليس لها حدود تقف عندها.
كما لابد ان يعلم ان القوة الادراكية هي عاجزة عن بلوغ حقيقة المعرفة ، واهم الاسباب هي ان الحقيقة ليس لها حد تقف عنده، فان الوجود الذي نراه امامنا مازال كبار العلماء في الفلسفة والفيزياء والفلك وغيرها من العلوم ، مازالوا عاجزين عن الوصول الى الحقيقة المطلقة لهذا العالم، فمثلا ما زال الفيزيائيون الكبار يحاولون ان يكتشفوا ويتعرفوا اكثر عن اسرار هذا الكون، وكلما وصلوا الى نقطة وجدوا وراءها افاق جديدة واسرار عظيمة وجب عليهم فك الغازها ، ما يعني ذلك ان الحقيقة من المحال الوصول اليها وادراكها، ومهما بلغنا الى حقيقة سنجد ان خلفها حقيقة اخرى.
القران يصحح مسار الانسان
ولذلك ان علماءنا لم يتنازلوا عن القرآن، واحاديث النبي واهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين في تصحيح مسار حركة العقل الانساني، لان العقل اولا انه محدود في معارفه.
العقل معرض للخطأ
وهو معرض للاشتباه والخطأ واللبس، فلذا كان علماءنا يستنيروا بالوحي النبوي الكريم عندما يصلوا الى معارف عقلية فلسفية تشير الى مسائل علمية صعبة ومعقدة.
الغرب اعتمدوا على العقل
بخلاف ما نجده من علماء الغرب في بداية حركتهم التنويرية، قد اعتمدوا على العقل البشري، واعطوه المرتبة العليا، وجعلوه هو الحاكم على كل حياتهم، حتى وصلنا اليوم وفي عصرنا هذا الى ازمات خانقة على جميع المستويات، سواء كانت السياسية، او الاقتصادية، اوالثقافية، او النفسية، بل وصلنا الى طرق مسدودة، وان السعادة المنشودة التي بشر بها فلاسفة الغرب، باعتمادهم على العقل، هي لم تكن في محلها، حيث هناك مقال ذكر فيه : فما بعد الحداثة تعبر عن مجمل مشاعر وافكار فالمشاعر تتمحور حول القلق والتململ والاغتراب الفردي والتشكك ، واما الافكار انها تدور حول الشك في الفكر الحداثي الذي نشر مسلمات ، عدها من اليقينيات ، وانها ستقود الانسان الى السعادة ، فاكتشف بعد تجربة قرون ، وحقب وموجات وممارسات ان الغرب يمارس الازدواجية في ابشع صورها في قضايا الحقوق والحريات ، ويحكم العقل في مسائل ، ويغيبه في قضايا انتهى كلام صاحب المقال .
علماءنا استمسكوا بالعقل والدين
اما علماء الاسلام من الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم، اعطوا للعقل الانساني مكانة عظيمة كما اشرنا، ولكن هذه المكانة لاتكون مقدمة على الدين الحنيف، وعلى الوحي الالهي، خصوصا اذا علمنا ان الوحي الالهي هو من المستحيل ان يخالف العقل الانساني المستقيم، لان الوحي الالهي هو يخبرنا عن ماخلقه الله سبحانه في هذا الكون الفسيح ويخبرنا عن القوانين التي اودعها الله سبحانه في هذا الوجود، والعقل الانساني لايسعى اكثر من التعرف على هذه الحقائق الوجودية والقوانين والسنن التي اودعها الله سبحانه في هذا العالم، فالعقل والوحي متوافقان.
واستطاعت فلسفة الحكمة المتعالية (والمقصود هي مدرسة الفيلسوف الكبير صدر المتالهين كما لقبوه ، ويعتبر صاحب تفسير الميزان واغلب علمائنا اليوم هم تابعون لهذه المدرسة) حيث استطاع هذا الفيلسوف من التوفيق بين الدين والبراهين العقلية الفلسفية، حيث انه توصل الى نتائج فلسفية عقلية، متوافقة مع النص الديني ، فلذلك نجد أي صدر المتالهين يقول وحاشا الشريعة الحقة الالهية البيضاء ان تكون احكامها مصادمة للمعارف اليقينية الضرورية ، وتبا لفلسفة تكون قوانينها غير مطابقة للكتاب والسنة انتهى كلامه.
والا لو خالف العقل الكتاب والسنة لصار الكتاب والسنة خرافة واسطورة لاننا بالعقل عرفنا صدق الكتاب والسنة.
ولكن رغم ذلك كما قلنا ان العقل الانساني في كثير من الاحيان هو عاجز عن ادراك الحقيقة اللامتناهية، فمهما بلغ فهو يبقى منقادا الى الوحي الالهي الذي يمتلك حقيقة هذا العالم سواء كانت الحقيقة الارضية ام السماوية، فكيف للعقل المتناهي في مستوى تفكيره ان يحيط بحقيقة هذا العالم الواسع واللامتناهين.
الى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم وتحدثنا عن القوة الادراكية وكيف تصل هذه القوة الى اوج قوتها وبنوغها نلتقيكم في حلقة اخرى وبحث اخر عن هذه القوة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كيف نبرمج عقولنا
العنوان/ تكملة بحث القوى الادراكية
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
تحدثنا في الحلقة السابقة عن معنى القوة الادراكية و كيفية حصول المعارف لدى الانسان بنحو الاجمال والاختصار واليوم نريد الاشارة الى ان القوة الادراكية تعتمد في قوتها على ركنين:
قوة الادراك :
1- قوة الذهن نفسه 2- تعلم الانسان للعلوم
الركن الاول هو ان هذه القوة بنفسها هي قوية، مثل انسان يولد وهو يمتلك بنية جسدية قوية، فان الله يتفضل على انسان فيجعله منذ طفولته في غاية الذكاء والفطانة والنباهة، بما وهبه من قوة ذهنية قوية.
والركن الثاني: هو ان الانسان لابد ان يقف على مجموعة من العلوم والمعارف الانسانية ، فلابد له ان يتعرف على افكار العلماء الاولين السابقين وعلى علومهم، وكذلك ان يقف على مجموعة كبيرة من العلوم والمعارف الموجودة في زمانه، فعندها يكون مثل هذا الشخص هو الاقرب الى الحقيقة والصواب وان كلامه وعلومه تنير الطريق للناس، وهذا الكلام في جميع تخصصات العلوم والمعارف الانسانية سواء كانت علوم الهية او علوم طبية او علوم هندسية او غير ذلك.
اسئلة الاطفال النوابغ
وهؤلاء العباقرة لابد ان يتمتعوا بالركنين معا ، وهم ينبغون منذ نعومة اظفارهم، وتبدا عقولهم بطرح اسئلتهم واستفهاماتهم منذ صغرهم ، فانا مثلا الذي اولد في يوم ما، فما يدريني اي دين هو الصحيح، ولماذا يجب علي ان اكون مطيعا لعادات وطبائع مجتمعي، ولماذا علي ان اقيم علاقات اجتماعية، او اخلاقية، ولماذا علي ان اكون انسانا صالحا في المجتمع، وهذه التساؤلات قد يطرحها ذهن العباقرة منذ طفولتهم ويبحثون عن الاجابة عنها.
الحقيقة ليس لها حدود تقف عندها.
كما لابد ان يعلم ان القوة الادراكية هي عاجزة عن بلوغ حقيقة المعرفة ، واهم الاسباب هي ان الحقيقة ليس لها حد تقف عنده، فان الوجود الذي نراه امامنا مازال كبار العلماء في الفلسفة والفيزياء والفلك وغيرها من العلوم ، مازالوا عاجزين عن الوصول الى الحقيقة المطلقة لهذا العالم، فمثلا ما زال الفيزيائيون الكبار يحاولون ان يكتشفوا ويتعرفوا اكثر عن اسرار هذا الكون، وكلما وصلوا الى نقطة وجدوا وراءها افاق جديدة واسرار عظيمة وجب عليهم فك الغازها ، ما يعني ذلك ان الحقيقة من المحال الوصول اليها وادراكها، ومهما بلغنا الى حقيقة سنجد ان خلفها حقيقة اخرى.
القران يصحح مسار الانسان
ولذلك ان علماءنا لم يتنازلوا عن القرآن، واحاديث النبي واهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين في تصحيح مسار حركة العقل الانساني، لان العقل اولا انه محدود في معارفه.
العقل معرض للخطأ
وهو معرض للاشتباه والخطأ واللبس، فلذا كان علماءنا يستنيروا بالوحي النبوي الكريم عندما يصلوا الى معارف عقلية فلسفية تشير الى مسائل علمية صعبة ومعقدة.
الغرب اعتمدوا على العقل
بخلاف ما نجده من علماء الغرب في بداية حركتهم التنويرية، قد اعتمدوا على العقل البشري، واعطوه المرتبة العليا، وجعلوه هو الحاكم على كل حياتهم، حتى وصلنا اليوم وفي عصرنا هذا الى ازمات خانقة على جميع المستويات، سواء كانت السياسية، او الاقتصادية، اوالثقافية، او النفسية، بل وصلنا الى طرق مسدودة، وان السعادة المنشودة التي بشر بها فلاسفة الغرب، باعتمادهم على العقل، هي لم تكن في محلها، حيث هناك مقال ذكر فيه : فما بعد الحداثة تعبر عن مجمل مشاعر وافكار فالمشاعر تتمحور حول القلق والتململ والاغتراب الفردي والتشكك ، واما الافكار انها تدور حول الشك في الفكر الحداثي الذي نشر مسلمات ، عدها من اليقينيات ، وانها ستقود الانسان الى السعادة ، فاكتشف بعد تجربة قرون ، وحقب وموجات وممارسات ان الغرب يمارس الازدواجية في ابشع صورها في قضايا الحقوق والحريات ، ويحكم العقل في مسائل ، ويغيبه في قضايا انتهى كلام صاحب المقال .
علماءنا استمسكوا بالعقل والدين
اما علماء الاسلام من الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم، اعطوا للعقل الانساني مكانة عظيمة كما اشرنا، ولكن هذه المكانة لاتكون مقدمة على الدين الحنيف، وعلى الوحي الالهي، خصوصا اذا علمنا ان الوحي الالهي هو من المستحيل ان يخالف العقل الانساني المستقيم، لان الوحي الالهي هو يخبرنا عن ماخلقه الله سبحانه في هذا الكون الفسيح ويخبرنا عن القوانين التي اودعها الله سبحانه في هذا الوجود، والعقل الانساني لايسعى اكثر من التعرف على هذه الحقائق الوجودية والقوانين والسنن التي اودعها الله سبحانه في هذا العالم، فالعقل والوحي متوافقان.
واستطاعت فلسفة الحكمة المتعالية (والمقصود هي مدرسة الفيلسوف الكبير صدر المتالهين كما لقبوه ، ويعتبر صاحب تفسير الميزان واغلب علمائنا اليوم هم تابعون لهذه المدرسة) حيث استطاع هذا الفيلسوف من التوفيق بين الدين والبراهين العقلية الفلسفية، حيث انه توصل الى نتائج فلسفية عقلية، متوافقة مع النص الديني ، فلذلك نجد أي صدر المتالهين يقول وحاشا الشريعة الحقة الالهية البيضاء ان تكون احكامها مصادمة للمعارف اليقينية الضرورية ، وتبا لفلسفة تكون قوانينها غير مطابقة للكتاب والسنة انتهى كلامه.
والا لو خالف العقل الكتاب والسنة لصار الكتاب والسنة خرافة واسطورة لاننا بالعقل عرفنا صدق الكتاب والسنة.
ولكن رغم ذلك كما قلنا ان العقل الانساني في كثير من الاحيان هو عاجز عن ادراك الحقيقة اللامتناهية، فمهما بلغ فهو يبقى منقادا الى الوحي الالهي الذي يمتلك حقيقة هذا العالم سواء كانت الحقيقة الارضية ام السماوية، فكيف للعقل المتناهي في مستوى تفكيره ان يحيط بحقيقة هذا العالم الواسع واللامتناهين.
الى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم وتحدثنا عن القوة الادراكية وكيف تصل هذه القوة الى اوج قوتها وبنوغها نلتقيكم في حلقة اخرى وبحث اخر عن هذه القوة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.