الحلقة الرابعة
كيف نبرمج عقولنا
العنوان/ القوة الادراكية
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
تحدثنا في الحلقات السابقة عن الغريزية التي تحكم مملكة الانسان وعالمه الخاص والان ننتقل الى القوة التي هي بسببها صار الانسان انسانا وهي القوة الادراكية، او قوة الادراك الموجودة عند كل واحد من افراد البشر، وهذه القوة موجودة عند الحيوان ايضا لكنها ضعيفة جدا، فالحيوان رغم انه قد يفوق الانسان في قوة الغريزة، لكنه في قوة الادراك هو اضعف بكثير من الانسان الذي يمتلك قابليات وطاقات كبيرة على مستوى الادراك والفكر، ولذا استطاع الانسان بهذه القوة، ان يقدم انتاجا علميا كبيرا، عجز الحيوان الى يومنا هذا عن تقديمه، ولكن لابد لنا من التعرف على القوة الادراكية وعلى كيفية حصول هذه المعلومات والادراكات والمعارف لدى الانسان.
الانسان يولد خالي الذهن من المعلومات
من المعلوم ان الانسان يولد وهو خالي النفس من اي معارف او علوم او ادراكات، نعم هو كل مايملكه هي تلك الغرائز، والقوة الغريزية الجامحة التي تولد معه، وترافقه طوال حياته، ولذلك القران الكريم يبين ذلك بقوله (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)، حيث ان الاية صريحة في ان الانسان لايملك اي معارف واي علوم عند ولادته، وهذا امر واضح ، فان الطفل يبدا اول رحلته في اكتساب العلوم والمعارف عن طريق الحواس الخمسة التي هي الباصرة، والسامعة، والشامة ، واللامسة، والذائقة، فيحصل على اول درجات المعرفة، التي هي البذرة الاولى لجميع العلوم والمعارف الانسانية.
الذهن يحفظ الصور
كما ان القوة الادراكية، او هذه العملية الفكرية العقلية التي يمارسها الذهن البشري، هي في النتيجة تقوم بادوار ووظائف متعددة، فمنها حفظ الصور التي تاتينا عن طريق الحواس، فلولا ان اذهاننا لم تستطع الاحتفاظ بالصور، لما استطعنا ان نعرف اباءنا، او امهاتنا، او اصدقاءنا، الذين تعرفنا عليهم في زمان ما، فانا مثلا الذي التقي بشخص ما، واقيم معه علاقة صداقة، فذهني يحفظ صورة الشخص بعد فراقه، ويحتفظ بصورته، ويحفظ الحديث الذي دار بيننا، ولذا استطيع استذكار كل شيء عند لقاء هذا الشخص مرة ثانية، ولذا ان عملية الادراك او القوة الادراكية تؤدي هذا الدور الذي هو واحد من الادوار المهمة وهي ما يسموها المناطقة قوة المتخيلة او الخيال.
الادراك يصنع اللغة
وكذلك ايضا ان عملية الادراك هي من تصنع اللغة، فاللغة هي ليست اكثر من احتياج الانسان لنقل افكاره وتجاربه الى الاخرين، ولايمكن ان تتم عملية نقل الافكار الى الاشخاص الاخرين الا ببعض الطرق، منها الاشارة، او الكتابة، واهمها اللغة التي تمثل اهم الطرق في نقل هذه الافكار الذهنية الى الاخرين، والذهن البشري هو من يصنع اللغة وهو الذي يفك الغازها.
وهناك وظائف عديدة للقوة الادراكية او الذهن البشري، لايمكن للانسان ان يكون قادرا على ممارسة السلوك الاجتماعي الموزون او العقلاني من دونها، فان الانسان ممكن ان يستغني عن بعض اجزاء جسده كاليد اوالرجل، ولكنه من المستحيل ان يستطيع الاستغناء عن القوة الادراكية التي تمثل اهم جزء في حياة هذا الكائن الانساني الذي يستطيع الانسان من خلال قوة الادراك ان يكون عظيما ومحترما.
احتياج القوة الغريزية الى المرشد
وبكل تاكيد ان النفس الانسانية او القوة الغريزية التي اشرنا لها سابقا هي لاتستطيع الحركة في هذا العالم وممارسة انشطتها من دون ان يكون لها مرشدا ودليلا، واول دليل ومرشد لهذه النفس الانسانية او القوة الغريزية، هي القوة الادراكية او العقل الانساني الذي يستطيع ان يرشد النفس الانسانية في ارادتها او حركتها في هذا العالم، فانا مثلا اريد ان اصبح في المستقبل طبيبا فانا احتاج الى العقل حتى استطيع ان اكون طبيبا، او انسان يريد ان يبني بيتا فانه بالضرورة يحتاج الى العقل ليستطيع بناء البيت فالعقل هو المرشد للانسان للوصول الى مطلوبه.
كما انه لايقتصر موضوع القوة الادراكية على الصور الحسية او القوة المتخيلة التي يحصل عليها الذهن الانساني من الواقع كما ارى صورة الاناء الذي امامي واحتفظ بصورته في ذهني، بل الموضوع اعقد من ذلك بكثير، حيث ان القوة الادراكية تقوم بعميلة اكثر اهمية، فبعد ان يرى الانسان الاشياء التي من حوله، ويسمع مايدور في مجتمعه، فيريد ان يفهم حقيقة كل مايحصل من حوله او في مجتمعه، او يريد ان يفهم حقيقة هذا العالم، وحقيقة الاشياء، وحقيقة وجود هذا العالم، ومن اوجده، ولذا نجد ان امير المؤمنين عليه السلام يترحم على الانسان الذي يبحث عن مبدأ وخالق هذا العالم وايضا معرفة نهاية هذا العالم ومايجب عليه ان ياديه من سلوكيات وافعال في هذا العالم، حيث قال عليه السلام
(رَحِمَ الله اِمْرَءاً اَعَدَّ لِنَفْسِه وَاسْتَعَدَّ لِرَمْسِه وَعَلِمَ مِنْ أَيْنَ وَفي أَيْنَ وَإِلي أَيْنَ) ،
ولذا نجد ان تاسيس المعارف الانسانية الباحثة عن الحقائق، ويعود كل الفضل لهذه القوة الادراكية.
وهذه القوة الادراكية هي ليست قوة واحدة عند الجميع، فنجد عند اشخاص تكون اقوى من عند اشخاص اخرين، مثل الاجسام التي نجد بعض الاشخاص يمتلكون بنى قوية والبعض الاخر يمتلكون اجسادا ضعيفة، و(هذا فضل الله ياتيه من يشاء من عباده) .
ضعف القوة الادراكية
كما ان القوة الادراكية هي كما قلنا تشمل القوة الحسية والقوة المتخيلة والقوة العقلية او المفكرة، واذا ما وجدنا شخصا اعمى، فعند ذلك تضعف عند هذا الشخص القوة الادراكية، وبالضرورة سيجهل عندها الكثير من الامور التي يراها ويعلمها الانسان غير الاعمى، وبالتالي سيؤثر العمى على القوة المتخيلة، فان صور الشجر والجبال الخ سوف يحرم الاعمى من مشاهدتها ومعرفتها، وهذا سيؤثر بالضرورة على قوة خياله وايضا يؤثر على تفكيره وتعقله عندما يريد ان يتعمق في تفكيره.
وكذلك الانسان الذي يبتلى بالنسيان، فانه سيؤثر على القوة العاقلة والمفكره عنده بشكل كبير، ولذا من تكون له قوة حسية عالية المستوى، وقوة خيالية قوية جدا وهي الذاكرة التي تحفظ الصور، ولديه قوة عقلية مفكرة في غاية الابداع، فبالضرورة ان مثل هذا الانسان سيكون من كبار العلماء، اذا لم توجد ظروف قاهرة تحرم مثل هذا الانسان من بلوغ العلوم والمعارف، لان العلم يحتاج الى كل هذه القوى الثلاثة التي ذكرناها لكي يصل الانسان الى درجة من العلم والمعرفة ليكون فيها ليس عالما فقط وانما سيد العلماء.
الى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم والتي تحدثنا فيها عن التعريف بالقوة الادراكية وماهي حقيقة القوة الادراكية ونلتقي في حلقة قادمة لاكمال الحديث عن هذه القوة المهمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف نبرمج عقولنا
العنوان/ القوة الادراكية
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
تحدثنا في الحلقات السابقة عن الغريزية التي تحكم مملكة الانسان وعالمه الخاص والان ننتقل الى القوة التي هي بسببها صار الانسان انسانا وهي القوة الادراكية، او قوة الادراك الموجودة عند كل واحد من افراد البشر، وهذه القوة موجودة عند الحيوان ايضا لكنها ضعيفة جدا، فالحيوان رغم انه قد يفوق الانسان في قوة الغريزة، لكنه في قوة الادراك هو اضعف بكثير من الانسان الذي يمتلك قابليات وطاقات كبيرة على مستوى الادراك والفكر، ولذا استطاع الانسان بهذه القوة، ان يقدم انتاجا علميا كبيرا، عجز الحيوان الى يومنا هذا عن تقديمه، ولكن لابد لنا من التعرف على القوة الادراكية وعلى كيفية حصول هذه المعلومات والادراكات والمعارف لدى الانسان.
الانسان يولد خالي الذهن من المعلومات
من المعلوم ان الانسان يولد وهو خالي النفس من اي معارف او علوم او ادراكات، نعم هو كل مايملكه هي تلك الغرائز، والقوة الغريزية الجامحة التي تولد معه، وترافقه طوال حياته، ولذلك القران الكريم يبين ذلك بقوله (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا)، حيث ان الاية صريحة في ان الانسان لايملك اي معارف واي علوم عند ولادته، وهذا امر واضح ، فان الطفل يبدا اول رحلته في اكتساب العلوم والمعارف عن طريق الحواس الخمسة التي هي الباصرة، والسامعة، والشامة ، واللامسة، والذائقة، فيحصل على اول درجات المعرفة، التي هي البذرة الاولى لجميع العلوم والمعارف الانسانية.
الذهن يحفظ الصور
كما ان القوة الادراكية، او هذه العملية الفكرية العقلية التي يمارسها الذهن البشري، هي في النتيجة تقوم بادوار ووظائف متعددة، فمنها حفظ الصور التي تاتينا عن طريق الحواس، فلولا ان اذهاننا لم تستطع الاحتفاظ بالصور، لما استطعنا ان نعرف اباءنا، او امهاتنا، او اصدقاءنا، الذين تعرفنا عليهم في زمان ما، فانا مثلا الذي التقي بشخص ما، واقيم معه علاقة صداقة، فذهني يحفظ صورة الشخص بعد فراقه، ويحتفظ بصورته، ويحفظ الحديث الذي دار بيننا، ولذا استطيع استذكار كل شيء عند لقاء هذا الشخص مرة ثانية، ولذا ان عملية الادراك او القوة الادراكية تؤدي هذا الدور الذي هو واحد من الادوار المهمة وهي ما يسموها المناطقة قوة المتخيلة او الخيال.
الادراك يصنع اللغة
وكذلك ايضا ان عملية الادراك هي من تصنع اللغة، فاللغة هي ليست اكثر من احتياج الانسان لنقل افكاره وتجاربه الى الاخرين، ولايمكن ان تتم عملية نقل الافكار الى الاشخاص الاخرين الا ببعض الطرق، منها الاشارة، او الكتابة، واهمها اللغة التي تمثل اهم الطرق في نقل هذه الافكار الذهنية الى الاخرين، والذهن البشري هو من يصنع اللغة وهو الذي يفك الغازها.
وهناك وظائف عديدة للقوة الادراكية او الذهن البشري، لايمكن للانسان ان يكون قادرا على ممارسة السلوك الاجتماعي الموزون او العقلاني من دونها، فان الانسان ممكن ان يستغني عن بعض اجزاء جسده كاليد اوالرجل، ولكنه من المستحيل ان يستطيع الاستغناء عن القوة الادراكية التي تمثل اهم جزء في حياة هذا الكائن الانساني الذي يستطيع الانسان من خلال قوة الادراك ان يكون عظيما ومحترما.
احتياج القوة الغريزية الى المرشد
وبكل تاكيد ان النفس الانسانية او القوة الغريزية التي اشرنا لها سابقا هي لاتستطيع الحركة في هذا العالم وممارسة انشطتها من دون ان يكون لها مرشدا ودليلا، واول دليل ومرشد لهذه النفس الانسانية او القوة الغريزية، هي القوة الادراكية او العقل الانساني الذي يستطيع ان يرشد النفس الانسانية في ارادتها او حركتها في هذا العالم، فانا مثلا اريد ان اصبح في المستقبل طبيبا فانا احتاج الى العقل حتى استطيع ان اكون طبيبا، او انسان يريد ان يبني بيتا فانه بالضرورة يحتاج الى العقل ليستطيع بناء البيت فالعقل هو المرشد للانسان للوصول الى مطلوبه.
كما انه لايقتصر موضوع القوة الادراكية على الصور الحسية او القوة المتخيلة التي يحصل عليها الذهن الانساني من الواقع كما ارى صورة الاناء الذي امامي واحتفظ بصورته في ذهني، بل الموضوع اعقد من ذلك بكثير، حيث ان القوة الادراكية تقوم بعميلة اكثر اهمية، فبعد ان يرى الانسان الاشياء التي من حوله، ويسمع مايدور في مجتمعه، فيريد ان يفهم حقيقة كل مايحصل من حوله او في مجتمعه، او يريد ان يفهم حقيقة هذا العالم، وحقيقة الاشياء، وحقيقة وجود هذا العالم، ومن اوجده، ولذا نجد ان امير المؤمنين عليه السلام يترحم على الانسان الذي يبحث عن مبدأ وخالق هذا العالم وايضا معرفة نهاية هذا العالم ومايجب عليه ان ياديه من سلوكيات وافعال في هذا العالم، حيث قال عليه السلام
(رَحِمَ الله اِمْرَءاً اَعَدَّ لِنَفْسِه وَاسْتَعَدَّ لِرَمْسِه وَعَلِمَ مِنْ أَيْنَ وَفي أَيْنَ وَإِلي أَيْنَ) ،
ولذا نجد ان تاسيس المعارف الانسانية الباحثة عن الحقائق، ويعود كل الفضل لهذه القوة الادراكية.
وهذه القوة الادراكية هي ليست قوة واحدة عند الجميع، فنجد عند اشخاص تكون اقوى من عند اشخاص اخرين، مثل الاجسام التي نجد بعض الاشخاص يمتلكون بنى قوية والبعض الاخر يمتلكون اجسادا ضعيفة، و(هذا فضل الله ياتيه من يشاء من عباده) .
ضعف القوة الادراكية
كما ان القوة الادراكية هي كما قلنا تشمل القوة الحسية والقوة المتخيلة والقوة العقلية او المفكرة، واذا ما وجدنا شخصا اعمى، فعند ذلك تضعف عند هذا الشخص القوة الادراكية، وبالضرورة سيجهل عندها الكثير من الامور التي يراها ويعلمها الانسان غير الاعمى، وبالتالي سيؤثر العمى على القوة المتخيلة، فان صور الشجر والجبال الخ سوف يحرم الاعمى من مشاهدتها ومعرفتها، وهذا سيؤثر بالضرورة على قوة خياله وايضا يؤثر على تفكيره وتعقله عندما يريد ان يتعمق في تفكيره.
وكذلك الانسان الذي يبتلى بالنسيان، فانه سيؤثر على القوة العاقلة والمفكره عنده بشكل كبير، ولذا من تكون له قوة حسية عالية المستوى، وقوة خيالية قوية جدا وهي الذاكرة التي تحفظ الصور، ولديه قوة عقلية مفكرة في غاية الابداع، فبالضرورة ان مثل هذا الانسان سيكون من كبار العلماء، اذا لم توجد ظروف قاهرة تحرم مثل هذا الانسان من بلوغ العلوم والمعارف، لان العلم يحتاج الى كل هذه القوى الثلاثة التي ذكرناها لكي يصل الانسان الى درجة من العلم والمعرفة ليكون فيها ليس عالما فقط وانما سيد العلماء.
الى هنا انتهت حلقتنا لهذا اليوم والتي تحدثنا فيها عن التعريف بالقوة الادراكية وماهي حقيقة القوة الادراكية ونلتقي في حلقة قادمة لاكمال الحديث عن هذه القوة المهمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته