نفسي تريد التمثل بصفات خالقها
ثم ان ذلك الموجود العظيم الكبير ارى نفسي ملهوفة لبلوغه فهي تجد فيه المثال الاكمل والاشرف والافضل, فهي تسعد به وتعشقه لانه كله قدرة وحياته ابدية وازلية وقدرته عظيمة وكبيرة, وهي في طلب حثيث لذلك, ومن ينكر ذلك الوجود العظيم انما ينكر طلب نفسه للعلم اللامتناهي والقدرة اللامتناهية والحياة الازلية والابدية وغيرها من الصفات, وكل هذه الصفات نفسي تطلبها غاية الطلب, وهي تسعد بها واجدها تعشق ذلك سواء اردت ذلك ام ابيت, فاني كما تقدم اجد من نفسي في سعي دائم, وطلب حثيث للعلم والقدرة والحياة الابدية والسلطة, وهذه الامور متاصلة في وجودي ونفسي ولا تستطيع مفارقتها, وان انكاري لموجود هكذا مواصفاته فانه انكار لنفسي, فان نفسي تريد ان تبلغ ذلك الموجود وتطابقه وتماثله وهي تسعد بذلك.
الدين ضرورة انسانية
ثم ان كل ماذكرته سابقا هو ان نفسي ليس عندها علم وليس لديها قدرة وليس لديها شيء, وانها في هذه الحياة تريد تحصيل العلم والقدرة والاستطاعة وغير ذلك, فان علمي هو الذي يحكم مملكتي, وان نفسي لاتقبل شيء الا عن طريق العقل, لانها هي الاداة التي الى الان اعلمها هي ولااعلم غيرها, وان العقل لاينتج الا علوم ومعارف, فاذا كان العلم الذي تعلمته وسعدت به نفسي, فان ذلك يغنيني, ولااحتاج ان ابحث بعد ذلك ان علمي هذا هل صحيح او ليس بصحيح, وانا اعلم من خلال تجربتي في حياتي بان علمي يكبر معي فكلما تعلمت اكثر وعشت تجاربي مع زوجتي واولادي ومجتمعي, فاني بذلك ازداد علما ومعرفة, وكلما زادت معارفي زادت سعادتي, فاني اذا علمت ان الذي امامي ارنب فمايهمني اذا اتضح انه في الواقع اسد, او انه شيء غير موجود, فيكفيني اني انظر الى شيء يسعدني, فكل مارايته بمنظار عقلي وتوصلت اليه عن طريق ادراكاتي, فان معرفتي به, تكفيني عناء الخطا والضلال, اذا كانت نفسي قد سعدت به وعشقته, فان نفسي تعلم اداتها العقل هي لاتدلها على مايضرها ويحصّل لها الشقاء الابدي, وهذا الكلام لمن يعتقدون بان معارفنا كلها اوهام وخيالات وان لاشيء في الواقع الخارجي.