أخبرني أبو الحسن الحسني ، قال : بلغني ان مولانا الباقر عليه السلام كان جالسا في مجلسه إذ جاءه رجلان ، فقالا له : يا أبا جعفر ، أليس ذكرت لنا أن أمير المؤمنين عليه السلام ما رضى بإمامة من تقدم عليه ؟
فقال لهما : وما الحجة لكما في ذلك ؟
قالا : هذه خولة الحنفية نكحها من سبيهم ، وقبل هديتهم ولم يخالف على أمر أحد منهم في أيام حياته .
فقال أبو جعفر عليه السلام : من فيكم يأتيني بجابر بن حزام ،
فأتي به إليه ، وكان الرجل قد أضر لا يدري أين يوضع رجله ، فسلم وجلس ،
فقال له عليه السلام : يا جابر ، أتدري عما أريد أسألك به ؟
فقال : لا ، يا مولاي .
فقال له عليه السلام : عندي رجلان ذكرا أن أمير المؤمنين عليه السلام رضي بإمامة من تقدم عليه ، فسألتهما عن الحجة في ذلك ، فذكرا لي خولة الحنفية .
فبكى جابر حتى اخضلت لحيته من دموعه ،
ثم قال : والله يا باقر ، لوددت اني أموت ولا اسأل عن هذه المسألة .
فقال : أنا والله كنت جالسا من جانب أبي بكر وقد عرض عليه سبي من سبي بني حنيفة بعد قتل مالك بن نويرة ، وكانت فيهم خولة الحنفية وهي جارية مراهقة ،
فلما دخلت المسجد قالت : يا أيها الناس ، ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قالوا : قبض ، فقالت : أله بنية تقصد ؟
فقالوا : نعم ، وهذه حجرته التي فيها قبره ، فدخلت عليه ، فنادت : السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا رسول الله ، أشهد أنك تسمع كلامي ، وتقدر على جوابي ، وتعلم أنا سبينا بعدك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله ، وجلست ، فوثب طلحة بن عبد الله والزبير بن العوام ، فطرحا ثوبيهما عليها .
فقالت : مالكم معاشر العرب تصونون حلائلكم ، وتهتكون حلائل الغير ؟ !
فقالا لها : لمخالفتكم الله ورسوله حتى قلتم : إننا نزكي ولا نصلي ، أو نصلي ولا نزكي .
فقالت لهما : والله ما قالها أحد من بني حنيفة ، وإنا لنضرب صبياننا على الصلاة من التسع ، وعلى الصيام من السبع ، وإنا لنخرج الزكاة من حيث إن يبقى في جمادى الآخرة عشرة أيام ، ويوصي مريضنا بها لوصيه .
والله يا قوم ، ما نكثنا ولا غيرنا ولا بدلنا حتى تقتلوا رجالنا ، وتسبوا حريمنا ،
فإن كنت يا أبا بكر وليت بحق فما بال علي لم يكن سبقك علينا ، وإن كان راضيا بولايتك فلم لا ترسله إلينا يقبض الزكاة منا ويسلمها إليك .
والله ما رضى ولا يرضى،
قتلت الرجال ، ونهبت الأموال ، وقطعت٨ الأرحام ، فلا نجتمع معك في الدنيا ولا في الآخرة ، افعل ما أنت فاعله .
فضج الناس ، وقال الرجلان اللذان طرحا ثوبيهما عليها : لتغالين في ثمنك .
فقالت : أقسمت بالله ربي ، وبمحمد نبيي أن لا يملكني إلا من يخبرني بما رأت أمي في منامها وهي حاملة بي ، وما قالت لي عند الولادة ، وما العلامة التي بيني وبينها ، وإلا إن ملكني أحد منكم بقرت بطني بيدي فتذهب نفسي وماله ، ويكون مطالبا بذلك في القيامة .
فقالوا : يا بنية ، ابدي رؤياك التي رأت أمك وهي حاملة بك حتى نبدي لك العبارة ، فأخذ الرجلان ثوبيهما وعادا إلى المسجد ،
ودخل المسجد عقيب ذلك أمير المؤمنين عليه السلام وقال : ما هذا الرجف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فقالوا : امرأة من بني حنيفة حرمت نفسها على المسلمين ، وقالت : ثمني من يخبرني بالرؤيا التي رأتها أمي في منامها والعبارة لها .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أخبروها تملكوها ما دعت إلى باطل .
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ليس فينا من يعلم الغيب على أن ابن عمك قبض وأخبار السماوات والأرض كان يخبره بها جبرئيل عليه السلام ساعة فساعة .
فقال أبو بكر : اخبرها ، يا أمير المؤمنين .
فقال عليه السلام : اخبرها وأملكها بلا اعتداء على أحد منكم ؟
فقال أبو بكر والمسلمون : نعم .
فقال : عليه السلام : يا حنفية ، أخبرك وأملكك .
فقالت : نعم ، من أنت الجريء دون أصحابك ؟
فقال لها : أنا علي بن أبي طالب .
فقالت : لعلك الرجل الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله صبيحة يوم الجمعة بغدير خم علما للناس ؟
فقال : أنا ذلك .
فقالت : انا من سبيلك أصبنا ، ومن نحوك أوتينا لان رجالنا قالت : لا نسلم الصدقات من أموالنا ولا طاعة أنفسنا إلا إلى الذي نصبه محمد صلى الله عليه وآله فينا وفيكم علما .
فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام : إن أجركم لغير ضائع ، وإن الله تعالى يؤتي كل نفس ما اقترفت .
ثم قالظ السلام : يا حنفية ، ألم تحملك أمك في زمان قحط ، منعت السماء فيه قطرها ، والأرض نباتها حتى أن البهائم ترعى فلا تجد رعيا ، وكانت أمك تقول لك : إنك حمل مشوم في زمان غير مبارك ،
فلما كان بعد سبع شهور رأت أمك في منامها كأنها وقد وضعتك وهي تقول لك :إنك لولد مشوم في زمان غير مبارك ،
وكأنك أنت تقولين لها : يا أماه ، لا تتشأمي بي فإني ولد مبارك أنشو نشوءا حسنا ، يملكني سيد يولدني وليا مباركا يكون لبني حنيفة عزا .
فقالت : صدقت يا أمير المؤمنين ، إنه كذلك .
فقال عليه السلام : إنه من إخبار النبي صلى الله عليه وآله لي .
فقالت : وما العلامة يا أمير المؤمنين بيني وبين أمي ؟
فقالت : عليه السلام : لما وضعتك أمك كتبت كلامك والرؤيا في لوح من النحاس ، وأودعته يمنة الباب ، فلما كان بعد حولين عرضته عليك فأقررت به ، فلما كان بعد ثمان سنين عرضته عليك فأقررت به ، فلما كان بعد ثمان سنين جمعت بينك وبينه ، وقالت لك : يا بنية ، إذا نزل بساحتكم سافك دمائكم ، وناهب أموالكم ، وسابي ذراريكم ، وسبيت فيمن يسبى ، فخذي هذا اللوح معك ، واجهدي أن يملكك من الجماعة إلا من يخبرك بالرؤيا واللوح .
فقالت : صدقت يا أمير المؤمنين ، وأين اللوح ؟
فقال : في عنقك ، فرفعت اللوح إليه ، فملكها والله يا أبا جعفر هذا ما ظهر من حجته وبينته ،
ثم قالت : يا معاشر الناس ، اشهدوا أني قد جعلت نفسي له عبدة .
فقال عليه السلام : لابل قولي زوجة .
فقالت : اشهدوا أني قد زوجته نفسي كما أمرني أهلي .
فقال عليه السلام : قد قبلتك زوجة ، فماج الناس .
????????????????
مدينة المعاجز ج2 ص224
فقال لهما : وما الحجة لكما في ذلك ؟
قالا : هذه خولة الحنفية نكحها من سبيهم ، وقبل هديتهم ولم يخالف على أمر أحد منهم في أيام حياته .
فقال أبو جعفر عليه السلام : من فيكم يأتيني بجابر بن حزام ،
فأتي به إليه ، وكان الرجل قد أضر لا يدري أين يوضع رجله ، فسلم وجلس ،
فقال له عليه السلام : يا جابر ، أتدري عما أريد أسألك به ؟
فقال : لا ، يا مولاي .
فقال له عليه السلام : عندي رجلان ذكرا أن أمير المؤمنين عليه السلام رضي بإمامة من تقدم عليه ، فسألتهما عن الحجة في ذلك ، فذكرا لي خولة الحنفية .
فبكى جابر حتى اخضلت لحيته من دموعه ،
ثم قال : والله يا باقر ، لوددت اني أموت ولا اسأل عن هذه المسألة .
فقال : أنا والله كنت جالسا من جانب أبي بكر وقد عرض عليه سبي من سبي بني حنيفة بعد قتل مالك بن نويرة ، وكانت فيهم خولة الحنفية وهي جارية مراهقة ،
فلما دخلت المسجد قالت : يا أيها الناس ، ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
قالوا : قبض ، فقالت : أله بنية تقصد ؟
فقالوا : نعم ، وهذه حجرته التي فيها قبره ، فدخلت عليه ، فنادت : السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا رسول الله ، أشهد أنك تسمع كلامي ، وتقدر على جوابي ، وتعلم أنا سبينا بعدك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك محمد رسول الله ، وجلست ، فوثب طلحة بن عبد الله والزبير بن العوام ، فطرحا ثوبيهما عليها .
فقالت : مالكم معاشر العرب تصونون حلائلكم ، وتهتكون حلائل الغير ؟ !
فقالا لها : لمخالفتكم الله ورسوله حتى قلتم : إننا نزكي ولا نصلي ، أو نصلي ولا نزكي .
فقالت لهما : والله ما قالها أحد من بني حنيفة ، وإنا لنضرب صبياننا على الصلاة من التسع ، وعلى الصيام من السبع ، وإنا لنخرج الزكاة من حيث إن يبقى في جمادى الآخرة عشرة أيام ، ويوصي مريضنا بها لوصيه .
والله يا قوم ، ما نكثنا ولا غيرنا ولا بدلنا حتى تقتلوا رجالنا ، وتسبوا حريمنا ،
فإن كنت يا أبا بكر وليت بحق فما بال علي لم يكن سبقك علينا ، وإن كان راضيا بولايتك فلم لا ترسله إلينا يقبض الزكاة منا ويسلمها إليك .
والله ما رضى ولا يرضى،
قتلت الرجال ، ونهبت الأموال ، وقطعت٨ الأرحام ، فلا نجتمع معك في الدنيا ولا في الآخرة ، افعل ما أنت فاعله .
فضج الناس ، وقال الرجلان اللذان طرحا ثوبيهما عليها : لتغالين في ثمنك .
فقالت : أقسمت بالله ربي ، وبمحمد نبيي أن لا يملكني إلا من يخبرني بما رأت أمي في منامها وهي حاملة بي ، وما قالت لي عند الولادة ، وما العلامة التي بيني وبينها ، وإلا إن ملكني أحد منكم بقرت بطني بيدي فتذهب نفسي وماله ، ويكون مطالبا بذلك في القيامة .
فقالوا : يا بنية ، ابدي رؤياك التي رأت أمك وهي حاملة بك حتى نبدي لك العبارة ، فأخذ الرجلان ثوبيهما وعادا إلى المسجد ،
ودخل المسجد عقيب ذلك أمير المؤمنين عليه السلام وقال : ما هذا الرجف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ؟
فقالوا : امرأة من بني حنيفة حرمت نفسها على المسلمين ، وقالت : ثمني من يخبرني بالرؤيا التي رأتها أمي في منامها والعبارة لها .
فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أخبروها تملكوها ما دعت إلى باطل .
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ليس فينا من يعلم الغيب على أن ابن عمك قبض وأخبار السماوات والأرض كان يخبره بها جبرئيل عليه السلام ساعة فساعة .
فقال أبو بكر : اخبرها ، يا أمير المؤمنين .
فقال عليه السلام : اخبرها وأملكها بلا اعتداء على أحد منكم ؟
فقال أبو بكر والمسلمون : نعم .
فقال : عليه السلام : يا حنفية ، أخبرك وأملكك .
فقالت : نعم ، من أنت الجريء دون أصحابك ؟
فقال لها : أنا علي بن أبي طالب .
فقالت : لعلك الرجل الذي نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله صبيحة يوم الجمعة بغدير خم علما للناس ؟
فقال : أنا ذلك .
فقالت : انا من سبيلك أصبنا ، ومن نحوك أوتينا لان رجالنا قالت : لا نسلم الصدقات من أموالنا ولا طاعة أنفسنا إلا إلى الذي نصبه محمد صلى الله عليه وآله فينا وفيكم علما .
فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام : إن أجركم لغير ضائع ، وإن الله تعالى يؤتي كل نفس ما اقترفت .
ثم قالظ السلام : يا حنفية ، ألم تحملك أمك في زمان قحط ، منعت السماء فيه قطرها ، والأرض نباتها حتى أن البهائم ترعى فلا تجد رعيا ، وكانت أمك تقول لك : إنك حمل مشوم في زمان غير مبارك ،
فلما كان بعد سبع شهور رأت أمك في منامها كأنها وقد وضعتك وهي تقول لك :إنك لولد مشوم في زمان غير مبارك ،
وكأنك أنت تقولين لها : يا أماه ، لا تتشأمي بي فإني ولد مبارك أنشو نشوءا حسنا ، يملكني سيد يولدني وليا مباركا يكون لبني حنيفة عزا .
فقالت : صدقت يا أمير المؤمنين ، إنه كذلك .
فقال عليه السلام : إنه من إخبار النبي صلى الله عليه وآله لي .
فقالت : وما العلامة يا أمير المؤمنين بيني وبين أمي ؟
فقالت : عليه السلام : لما وضعتك أمك كتبت كلامك والرؤيا في لوح من النحاس ، وأودعته يمنة الباب ، فلما كان بعد حولين عرضته عليك فأقررت به ، فلما كان بعد ثمان سنين عرضته عليك فأقررت به ، فلما كان بعد ثمان سنين جمعت بينك وبينه ، وقالت لك : يا بنية ، إذا نزل بساحتكم سافك دمائكم ، وناهب أموالكم ، وسابي ذراريكم ، وسبيت فيمن يسبى ، فخذي هذا اللوح معك ، واجهدي أن يملكك من الجماعة إلا من يخبرك بالرؤيا واللوح .
فقالت : صدقت يا أمير المؤمنين ، وأين اللوح ؟
فقال : في عنقك ، فرفعت اللوح إليه ، فملكها والله يا أبا جعفر هذا ما ظهر من حجته وبينته ،
ثم قالت : يا معاشر الناس ، اشهدوا أني قد جعلت نفسي له عبدة .
فقال عليه السلام : لابل قولي زوجة .
فقالت : اشهدوا أني قد زوجته نفسي كما أمرني أهلي .
فقال عليه السلام : قد قبلتك زوجة ، فماج الناس .
????????????????
مدينة المعاجز ج2 ص224