قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : «اِتَّقِ اَيُّهَا السَّامِعُ مِنْ سَكْرَتِكَ وَاسْتَيْقِظْ مِنْ غَفْلَتِكَ، وَاَخْتَصِرْ مِنْ عَجَلَتِكَ».
وطبقاً لهذا البيان الشامخ فإنّ السبب الأساس لشقاء الإنسان يكمن في ثلاث أشياء : سكر الشهوة، الغفلة عن حقائق العالم، العجلة في الاُمور.
حيث نجد أنّ الإمام أميرالمؤمنين يحذر في هذا الكلام المختصر أفراد الإنسان من كلّ طائفة وقوم من هذه العناصر الثلاثة ليكونوا من أهل النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة.
المرض العضال كما تقدّم آنفاً في حديث الامام ( عليه السلام ) وغيرها من الاحاديث
التي تخص هذا الموضوع ودعوا الناس إلى التدبر والتفكر،والجدير بالذكر أنّ «الغفلة» لها مفهوم واسع وشامل، أي أنّ هذه المفردة
وهذا المفهوم يشمل موارد كثيرة منها الغفلة عن الله، والغفلة عن يوم القيامة، والغفلة عن كون الحياة الدنيا فانية وغير باقية ، والغفلة عن
الشيطان ووساوسه، وبشكل عام فإنّ الغفلة تستوعب جميع الاُمور الّتي تتعلق بشكل أو بآخر بسعادة الإنسان في حركة الحياة.
ومن بعض الامور التي تعالج الغفلة هي :
1. دوام الذكر : قال أميرالمؤمنين (عليه السلام) «بِدَوَامِ ذِكْرِ اللهِ تَنْجابُ الْغَفْلَةُ».
لأن دوام ذكر الله تعالى يحيي ويجلي الروح ويفتح نور البصيرة حيث يرى الإنسان حقائق
عالم الوجود ويرى الحقّ حقّاً والباطل باطلاً، وحينئذ يتمكن من تشخيص الصديق والعدو
لسعادته وكماله المعنوي في حركة الحياة.
2. الصلاة مع حضور القلب : قال الإمام الباقر (عليه السلام) : «اَيُّمَا مُؤْمِن حَافَظَ عَلَى الصَّلَواتِ الْمَفْرُوضَةِ فَصَلاّهَا لِوَقَتِهَا فَلَيْسَ هَذَا
مِنَ الْغَافِلين».
إن أداء الصلاة في الوقت المقرر مع حضور القلب والتوجه إلى مضامينها
السامية ومفاهيمها العالية والتعامل مع الله تعالى في الصلاة من موقع الفقر
والمناجاة كلّ ذلك من شأنه أن يطهر القلب من أدران«الغفلة» ويجلي مرآة
الروح الإنسانية في حركة الانفتاح على الله والكمالات الإلهية.
3. التفكروالتدبر : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) «يَا أَباذَر ! هَمِّ بِالْحَسَنةِ وَاِنْ لَمْ تَعْمَلْهَا لِكَي لا تُكْتَبَ مِنَ الْغَافِلِينَ».
التفكير بالموت ونهاية الحياة من جملة الأفكار الّتي تورث الإنسان اليقظة
وتبعده عن الغفلة وخاصّةً عندما يمر الشخص على مقبرة من المقابر ويتصور انه في الغد القريب سيكون أحد سكنة هذه المقبرة وينقطع عن
الحياة الدنيا، فهذا التفكير من شأنه أن يزيل استار الغفلة الّتي تتراكم على
القلب بسبب الأهواء والشهوات والنوازع الدنيويةالاُخرى.
4.تغير المحيط :إن الكثير من الاجواء الاجتماعية والطبيعية تورث الإنسان الغفلة وخاصةً الاشتراك في مجالس الغافلين والبطالين، وجلسات اللهو واللعب، والسكن في القصور الفخمة والمزخرفة وأمثال ذلك، فكلها تقود الإنسان باتجاه الغفلة عن حقائق الاُمور.
فلذلك نرى أنّ الإمام السجاد يقول لأبي حمزة الثمالي عند بيان أحد عوامل سلب التوفيق : «اَو لَعَلَّكَ رَأَيْتَني آلِفُ مَجَالِسَ البَطَّالِينَ فَبَيْني وبَيْنَهُم خَلَّيْتَني».
ونختم بحديث عن أميرالمؤمنين (عليه السلام) حيث قال «اِحْذَرْ مَنَازِلَ الْغَفْلَةِ وَالْجَفاءِ وَقِلَّةَ الاَعْوَانِ عَلَى طَاعَةِ الله».
........................ (الهي إن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك ، فقد نبهتني المعرفة بكرم ِ الآئكَ)...............................