إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

إحتجاج الحسين عليه السلام على معاوية وتوبيخه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • إحتجاج الحسين عليه السلام على معاوية وتوبيخه

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلِّ على محمد وآل محمد


    إحتجاج الحسين عليه السلام على معاوية وتوبيخه على قتل من قتله من شيعة أمير المؤمنين وترحمه عليهم

    عن صالح بن كيسان (1) قال: لما قتل معاوية حجر بن عدي وأصحابه حج ذلك العام فلقي الحسين بن علي عليه السلام فقال:
    يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعنا بحجر، وأصحابه، وأشياعه، وشيعة أبيك؟
    فقال عليه السلام: وما صنعت بهم؟
    قال: قتلناهم، وكفناهم، وصلينا عليهم.
    فضحك الحسين عليه السلام ثم قال: خصمك القوم يا معاوية ، لكننا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ، ولا صلينا عليهم ، ولا قبرناهم ، ولقد بلغني وقيعتك في علي وقيامك ببغضنا ، واعتراضك بني هاشم بالعيوب ، فإذا فعلت ذلك فارجع إلى نفسك ، ثم سلها الحق عليها ولها ، فإن لم تجدها أعظم عيبا فما أصغر عيبك فيك ، وقد ظلمناك يا معاوية فلا توترن غير قوسك ، ولا ترمين غير غرضك ، ولا ترمنا بالعداوة من مكان قريب ، فإنك والله لقد أطعت فينا رجلا ما قدم إسلامه ، ولا حدث نفاقه ، ولا نظر لك فانظر لنفسك أو دع - يعني: (عمرو بن العاص) .

    وقال عليه السلام - في جواب كتاب كتب إليه معاوية على طريق الإحتجاج -:
    أما بعد: فقد بلغني كتابك أنه بلغك عني أمور أن بي عنها غنى ، وزعمت أني راغب فيها ، وأنا بغيرها عنك جدير، أما ما رقى إليك عني فإنه رقاه إليك الملاقون المشاؤن بالنمائم المفرقون بين الجمع ، كذب الساعون الواشون ما أردت حربك ولا خلافا عليك وأيم الله إني لأخاف الله عز ذكره في ترك ذلك ، وما أظن الله تبارك وتعالى براض عني بتركه ، ولا عاذري بدون الاعتذار إليه فيك ، وفي أولئك القاسطين الملبين حزب الظالمين ، بل أولياء الشيطان الرجيم ، ألستَ قاتل حجر بن عدي أخي كندة وأصحابه الصالحين المطيعين العابدين ، كانوا ينكرون الظلم ، ويستعظمون المنكر والبدع ، ويؤثرون حكم الكتاب ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، فقتلتهم ظلما وعدوانا ، بعدما كنت أعطيتهم الأيمان المغلظة ، والمواثيق المؤكدة ، لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ، ولا بأحنة تجدها في صدرك عليهم ، أو لست قاتل عمرو ابن الحمق صاحب رسول الله ، العبد الصالح الذي أبلته العبادة فصفرت لونه ، ونحلت جسمه ، بعد أن أمنته وأعطيته من عهود الله عز وجل وميثاقه ما لو أعطيته العصم ففهمته لنزلت إليك من شعف الجبال ، ثم قتلته جرأة على الله عز وجل ، واستخفافا بذلك العهد ، أو لست المدعي زياد بن سمية ، المولود على فراش عبيد عبد ثقيف ، فزعمت أنه ابن أبيك ، وقد قال رسول الله: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فتركت سنة رسول الله واتبعت هواك بغير هدى من الله ، ثم سلطته على أهل العراق فقطع أيدي المسلمين وأرجلهم وسمل أعينهم ، وصلبهم على جذوع النخيل كأنك لست من هذه الأمة ، وليسوا منك؟ أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب إليك فيهم ابن سمية أنهم: على دين علي ورأيه ، فكتبت إليه اقتل كل من كان على دين علي عليه السلام ورأيه فقتلهم ، ومثل بهم بأمرك ، ودين علي والله وابن علي الذي كان يضرب عليه أباك ، وهو أجلسك بمجلسك الذي أنت فيه ولو لا ذلك لكان أفضل شرفك وشرف أبيك تجشم الرحلتين اللتين بنا مَنْ الله عليكم فوضعهما عنكم؟ وقلت فيما تقول أنظر نفسك ولدينك ولأمة محمد صلى الله عليه وآله ، واتق شق عصا هذه الأمة ، وأن تردهم في فتنة ، فلا أعرف فتنة أعظم من ولايتك عليها ، ولا أعلم نظرا لنفسي وولدي وأمة جدي أفضل من جهادك ، فإن فعلته فهو قربة إلى الله عز وجل ، وإن تركته فأستغفر الله لذنبي وأسأله توفيقي لإرشاد أموري ، وقلت فيما تقول إن أنكرك تنكرني ، وإن أكدك تكدني ، وهل رأيك الأكيد الصالحين منذ خلقت؟! فكدني ما بدا لك إن شئت فإني أرجو أن لا يضرني كيدك ، وأن لا يكون على أحد أضر منه على نفسك ، على أنك تكيد فتوقظ عدوك ، وتوبق نفسك ، كفعلك بهؤلاء الذين قتلتهم ومثلث بهم بعد الصلح والأيمان والعهد والميثاق فقتلتهم من غير أن يكونوا قتلوا إلا لذكرهم فضلنا ، وتعظيمهم حقنا ، بما به شرفت وعرفت ، مخافة أمر لعلك لو لم تقتلهم مت قبل أن يفعلوا ، أو ماتوا قبل أن يدركوا ، أبشر يا معاوية بقصاص ، واستعد للحساب ، واعلم أن لله عز وجل كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وليس الله تبارك وتعالى بناس أخذك بالظنة ، وقتلك أولياءه بالتهمة ، ونفيك إياهم من دار الهجرة إلى دار الغربة والوحشة وأخذك الناس ببيعة ابنك ، غلام من الغلمان ، يشرب الشراب ، ويلعب بالكعاب لا أعلمك إلا قد خسرت نفسك ، وشريت دينك ، وغششت رعيتك ، وأخزيت أمانتك ، وسمعت مقالة السفيه الجاهل ، وأخفت التقي الورع الحليم .

    قال: فلما قرأ معاوية كتاب الحسين عليه السلام قال: لقد كان في نفسه ضب علي ما كنت أشعر به.
    فقال ابنه يزيد ، وعبد الله بن أبي عمير بن جعفر: أجبه جوابا شديدا تصغر إليه نفسه ، وتذكر أباه بأسوء فعله وآثاره.

    فقال: كلا أرأيتما لو أني أردت أن أعيب عليا محقا ما عسيت أن أقول ، إن مثلي لا يحسن به أن يعيب بالباطل ، وما لا يعرف الناس ، ومتى عبت رجلا بما لا يعرف لم يحفل به صاحبه ولم يره شيئا ، وما عسيت أن أعيب حسينا ، وما أرى للعيب فيه موضعا إلا أني قد أردت أن أكتب إليه وأتوعده وأهدده ، وأجهله ثم رأيت لا أفعل.
    قال: فما كتب إليه بشئ يسوءه ، ولا قطع عنه شيئا كان يصله به ، كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم سوى عروض وهدايا من كل ضرب .

    ____________
    (1) صالح بن كيسان المدني عده الشيخ من أصحاب علي بن الحسين عليه السلام ص 93 من رجاله .

    المصدر : الإحتجاج : ( ج2 )أحمد بن علي الطبرسي


    نسألكم الدعـــاء
    sigpic
يعمل...
X