التوحيد : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ فَقَالَ إِنَ لِلْعَرْشِ صِفَاتٍ كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةً لَهُ فِي كُلِّ سَبَبِ وَضْعٍ فِي الْقُرْآنِ صِفَةٌ عَلَى حِدَةٍ «1» فَقَوْلُهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يَقُولُ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ وَ قَوْلُهُ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يَقُولُ عَلَى الْمُلْكِ احْتَوَى وَ هَذَا مُلْكُ الْكَيْفُوفِيَّةِ فِي الْأَشْيَاءِ «2» ثُمَّ الْعَرْشُ فِي الْوَصْلِ مُتَفَرِّدٌ مِنَ الْكُرْسِيِ «3» لِأَنَّهُمَا بَابَانِ مِنْ أَكْبَرِ أَبْوَابِ الْغُيُوبِ وَ هُمَا جَمِيعاً غَيْبَانِ وَ هُمَا فِي الْغَيْبِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ الْكُرْسِيَّ هُوَ الْبَابُ الظَّاهِرُ «1» مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي مِنْهُ مَطْلَعُ الْبِدَعِ وَ مِنْهُ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا وَ الْعَرْشُ هُوَ الْبَابُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ عِلْمُ الْكَيْفِ وَ الْكَوْنِ وَ الْقَدْرِ وَ الْحَدِّ وَ الْأَيْنِ وَ الْمَشِيَّةِ وَ صِفَةِ الْإِرَادَةِ وَ عِلْمُ الْأَلْفَاظِ وَ الْحَرَكَاتِ وَ التَّرْكِ وَ عِلْمُ الْعَوْدِ وَ الْبَدْءِ «2» فَهُمَا فِي الْعِلْمِ بَابَانِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ مُلْكَ الْعَرْشِ سِوَى مُلْكِ الْكُرْسِيِّ وَ عِلْمَهُ أَغْيَبُ مِنْ عِلْمِ الْكُرْسِيِّ فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَيْ صِفَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ صِفَةِ الْكُرْسِيِّ وَ هُمَا فِي ذَلِكَ مَقْرُونَانِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَلِمَ صَارَ فِي الْفَضْلِ جَارَ الْكُرْسِيِّ قَالَ إِنَّهُ صَارَ جَارَهُ لِأَنَّ عِلْمَ الْكَيْفُوفِيَّةِ فِيهِ وَ فِيهِ الظَّاهِرُ مِنْ أَبْوَابِ الْبَدَاءِ وَ أَيْنِيَّتِهَا «3» وَ حَدِّ رَتْقِهَا وَ فَتْقِهَا- فَهَذَانِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا حَمَلَ صَاحِبَهُ فِي الصَّرْفِ «1» وَ بِمَثَلٍ صَرَّفَ الْعُلَمَاءُ «2» و يستدلوا [لِيَسْتَدِلُّوا] عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُمَا «3» لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ فَمِنِ اخْتِلَافِ صِفَاتِ الْعَرْشِ «4» أَنَّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى- رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ «5» وَ هُوَ وَصْفُ عَرْشِ الْوَحْدَانِيَّةِ لِأَنَّ قَوْماً أَشْرَكُوا كَمَا قُلْتُ لَكَ «6» قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَبِّ الْعَرْشِ رَبِّ الْوَحْدَانِيَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ قَوْماً وَصَفُوهُ بِيَدَيْنِ فَقَالُوا يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وَ قَوْماً وَصَفُوهُ بِالرِّجْلَيْنِ فَقَالُوا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَمِنْهَا ارْتَقَى إِلَى السَّمَاءِ «7» وَ قَوْماً وَصَفُوهُ بِالْأَنَامِلِ فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً ص قَالَ إِنِّي وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ عَلَى قَلْبِي فَلِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ رَبِ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يَقُولُ رَبِّ الْمَثَلِ الْأَعْلَى عَمَّا بِهِ مَثَّلُوهُ «1»- وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى الَّذِي لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَ لَا يُوصَفُ وَ لَا يُتَوَهَّمُ فَذَلِكَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَ وَصَفَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْتَوْا مِنَ اللَّهِ فَوَائِدَ الْعِلْمِ فَوَصَفُوا رَبَّهُمْ بِأَدْنَى الْأَمْثَالِ وَ شَبَّهُوهُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْهُمْ فِيمَا جَهِلُوا بِهِ «2» فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فَلَيْسَ لَهُ شِبْهٌ وَ لَا مِثْلٌ وَ لَا عَدْلٌ وَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى الَّتِي لَا يُسَمَّى بِهَا غَيْرُهُ وَ هِيَ الَّتِي وَصَفَهَا فِي الْكِتَابِ فَقَالَ- فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ «3» جَهْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَالَّذِي يُلْحِدُ فِي أَسْمَائِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ يُشْرِكُ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ وَ يَكْفُرُ بِهِ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ فَلِذَلِكَ قَالَ- وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ «4» فَهُمُ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضَعُونَهَا غَيْرَ مَوَاضِعِهَا يَا حَنَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُتَّخَذَ قَوْمٌ أَوْلِيَاءَ فَهُمُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ اللَّهُ الْفَضْلَ وَ خَصَّهُمْ بِمَا لَمْ يَخُصَّ بِهِ غَيْرَهُمْ فَأَرْسَلَ مُحَمَّداً ص فَكَانَ الدَّلِيلَ عَلَى اللَّهِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى مَضَى دَلِيلًا هَادِياً فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَصِيُّهُ ع دَلِيلًا هَادِياً عَلَى مَا كَانَ هُوَ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمِهِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ ع.
البحار: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ فَقَالَ إِنَ لِلْعَرْشِ صِفَاتٍ كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةً لَهُ فِي كُلِّ سَبَبٍ وَ صُنْعٍ «1» فِي الْقُرْآنِ صِفَةٌ عَلَى حِدَةٍ فَقَوْلُهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يَقُولُ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ وَ قَوْلُهُ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يَقُولُ عَلَى الْمُلْكِ احْتَوَى وَ هَذَا مُلْكُ الْكَيْفُوفِيَّةِ فِي الْأَشْيَاءِ ثُمَّ الْعَرْشُ فِي الْوَصْلِ مُفْرَدٌ «2» مِنَ الْكُرْسِيِّ لِأَنَّهُمَا بَابَانِ مِنْ أَكْبَرِ أَبْوَابِ الْغُيُوبِ وَ هُمَا جَمِيعاً غَيْبَانِ وَ هُمَا فِي الْغَيْبِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ الْكُرْسِيَّ هُوَ الْبَابُ الظَّاهِرُ مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي مِنْهُ مَطْلَعُ الْبِدَعِ وَ مِنْهَا «3» الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا وَ الْعَرْشُ هُوَ الْبَابُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ عِلْمُ الْكَيْفِ وَ الْكَوْنِ وَ الْقَدْرِ وَ الْحَدِّ وَ الْأَيْنِ وَ الْمَشِيَّةِ وَ صِفَةِ الْإِرَادَةِ وَ عِلْمُ الْأَلْفَاظِ وَ الْحَرَكَاتِ وَ التَّرْكِ وَ عِلْمُ الْعَوْدِ وَ الْبَدَاءِ فَهُمَا فِي الْعِلْمِ بَابَانِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ مُلْكَ الْعَرْشِ سِوَى مُلْكِ الْكُرْسِيِّ وَ عِلْمَهُ أَغْيَبُ مِنْ عِلْمِ الْكُرْسِيِّ فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَيْ صِفَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ صِفَةِ الْكُرْسِيِّ وَ هُمَا فِي ذَلِكَ مَقْرُونَانِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَلِمَ صَارَ فِي الْفَضْلِ جَارَ الْكُرْسِيِّ قَالَ ع إِنَّهُ صَارَ جَارَهُ لِأَنَّ عِلْمَ الْكَيْفُوفِيَّةِ فِيهِ وَ فِيهِ الظَّاهِرُ مِنْ أَبْوَابِ الْبَدَاءِ وَ أَيْنِيَّتِهَا «4» وَ حَدِّ رَتْقِهَا وَ فَتْقِهَا فَهَذَانِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا حَمَلَ صَاحِبَهُ فِي الظَّرْفِ وَ بِمِثْلِ صَرْفِ الْعُلَمَاءِ وَ لْيَسْتَدِلُّوا «5» عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُمَا لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ فَمِنِ اخْتِلَافِ صِفَاتِ الْعَرْشِ أَنَّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَبِّ الْعَرْشِ رَبِّ الْوَحْدَانِيَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ قَوْمٌ وَصَفُوهُ بِيَدَيْنِ فَقَالُوا يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وَ قَوْمٌ وَصَفُوهُ بِالرِّجْلَيْنِ فَقَالُوا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَمِنْهَا ارْتَقَى إِلَى السَّمَاءِ وَ وَصَفُوهُ «1» بِالْأَنَامِلِ فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً ص قَالَ إِنِّي وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ عَلَى قَلْبِي فَلِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يَقُولُ رَبِّ الْمَثَلِ الْأَعْلَى عَمَّا بِهِ مَثَّلُوهُ وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَ لَا يُوصَفُ وَ لَا يُتَوَهَّمُ فَذَلِكَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَ وَصَفَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْتَوْا مِنَ اللَّهِ فَوَائِدَ الْعِلْمِ فَوَصَفُوا رَبَّهُمْ بِأَدْنَى الْأَمْثَالِ وَ شَبَّهُوهُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْهُمْ فِيمَا جَعَلُوا بِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فَلَيْسَ لَهُ شِبْهٌ وَ لَا مِثْلٌ وَ لَا عَدْلٌ وَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى الَّتِي لَا يُسَمَّى بِهَا غَيْرُهُ وَ هِيَ الَّتِي وَصَفَهَا فِي الْكِتَابِ فَقَالَ فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ جَهْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَالَّذِي يُلْحِدُ فِي أَسْمَائِهِ جَهْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ يُشْرِكُ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ وَ يَكْفُرُ بِهِ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَهُمُ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضَعُونَهَا غَيْرَ مَوَاضِعِهَا يَا حَنَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُتَّخَذَ قَوْمٌ أَوْلِيَاءَ فَهُمُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفَضْلَ وَ خَصَّهُمْ بِمَا لَمْ يَخُصَّ بِهِ غَيْرَهُمْ فَأَرْسَلَ مُحَمَّداً ص فَكَانَ الدَّلِيلَ عَلَى اللَّهِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى مَضَى دَلِيلًا هَادِياً فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَصِيُّهُ ع دَلِيلًا هَادِياً عَلَى مَا كَانَ هُوَ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمِهِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ ع.
تفسير نور الثقلين : عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث طويل ذكر فيه العرش و قال: ان للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كل سبب وضع في القرآن صفته على حده يقول فيه فمن اختلاف صفات العرش انه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ و هما وصف عرش الوحدانية لان قوما أشركوا كما قلت لك قال تبارك و تعالى: رب العرش رب الوحدانية عما يصفون، و قوم وصفوه بيدين فقالوا «يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ» و قوم وصفوه بالرجلين، فقال: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء و قوم وصفوه بالأنامل فقالوا: ان محمدا قال: انى وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال: «رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ» يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء و لا يوصف و لا يتوهم فذلك المثل الأعلى.
البحار: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَرْمَكِيِّ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَنَانِ بْنِ سَدِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْعَرْشِ وَ الْكُرْسِيِّ فَقَالَ إِنَ لِلْعَرْشِ صِفَاتٍ كَثِيرَةً مُخْتَلِفَةً لَهُ فِي كُلِّ سَبَبٍ وَ صُنْعٍ «1» فِي الْقُرْآنِ صِفَةٌ عَلَى حِدَةٍ فَقَوْلُهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ يَقُولُ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ وَ قَوْلُهُ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يَقُولُ عَلَى الْمُلْكِ احْتَوَى وَ هَذَا مُلْكُ الْكَيْفُوفِيَّةِ فِي الْأَشْيَاءِ ثُمَّ الْعَرْشُ فِي الْوَصْلِ مُفْرَدٌ «2» مِنَ الْكُرْسِيِّ لِأَنَّهُمَا بَابَانِ مِنْ أَكْبَرِ أَبْوَابِ الْغُيُوبِ وَ هُمَا جَمِيعاً غَيْبَانِ وَ هُمَا فِي الْغَيْبِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ الْكُرْسِيَّ هُوَ الْبَابُ الظَّاهِرُ مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي مِنْهُ مَطْلَعُ الْبِدَعِ وَ مِنْهَا «3» الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا وَ الْعَرْشُ هُوَ الْبَابُ الْبَاطِنُ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ عِلْمُ الْكَيْفِ وَ الْكَوْنِ وَ الْقَدْرِ وَ الْحَدِّ وَ الْأَيْنِ وَ الْمَشِيَّةِ وَ صِفَةِ الْإِرَادَةِ وَ عِلْمُ الْأَلْفَاظِ وَ الْحَرَكَاتِ وَ التَّرْكِ وَ عِلْمُ الْعَوْدِ وَ الْبَدَاءِ فَهُمَا فِي الْعِلْمِ بَابَانِ مَقْرُونَانِ لِأَنَّ مُلْكَ الْعَرْشِ سِوَى مُلْكِ الْكُرْسِيِّ وَ عِلْمَهُ أَغْيَبُ مِنْ عِلْمِ الْكُرْسِيِّ فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَيْ صِفَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ صِفَةِ الْكُرْسِيِّ وَ هُمَا فِي ذَلِكَ مَقْرُونَانِ قُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ فَلِمَ صَارَ فِي الْفَضْلِ جَارَ الْكُرْسِيِّ قَالَ ع إِنَّهُ صَارَ جَارَهُ لِأَنَّ عِلْمَ الْكَيْفُوفِيَّةِ فِيهِ وَ فِيهِ الظَّاهِرُ مِنْ أَبْوَابِ الْبَدَاءِ وَ أَيْنِيَّتِهَا «4» وَ حَدِّ رَتْقِهَا وَ فَتْقِهَا فَهَذَانِ جَارَانِ أَحَدُهُمَا حَمَلَ صَاحِبَهُ فِي الظَّرْفِ وَ بِمِثْلِ صَرْفِ الْعُلَمَاءِ وَ لْيَسْتَدِلُّوا «5» عَلَى صِدْقِ دَعْوَاهُمَا لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ فَمِنِ اخْتِلَافِ صِفَاتِ الْعَرْشِ أَنَّهُ قَالَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَبِّ الْعَرْشِ رَبِّ الْوَحْدَانِيَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَ قَوْمٌ وَصَفُوهُ بِيَدَيْنِ فَقَالُوا يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ وَ قَوْمٌ وَصَفُوهُ بِالرِّجْلَيْنِ فَقَالُوا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَمِنْهَا ارْتَقَى إِلَى السَّمَاءِ وَ وَصَفُوهُ «1» بِالْأَنَامِلِ فَقَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً ص قَالَ إِنِّي وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ عَلَى قَلْبِي فَلِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ يَقُولُ رَبِّ الْمَثَلِ الْأَعْلَى عَمَّا بِهِ مَثَّلُوهُ وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى الَّذِي لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ وَ لَا يُوصَفُ وَ لَا يُتَوَهَّمُ فَذَلِكَ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَ وَصَفَ الَّذِينَ لَمْ يُؤْتَوْا مِنَ اللَّهِ فَوَائِدَ الْعِلْمِ فَوَصَفُوا رَبَّهُمْ بِأَدْنَى الْأَمْثَالِ وَ شَبَّهُوهُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْهُمْ فِيمَا جَعَلُوا بِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا فَلَيْسَ لَهُ شِبْهٌ وَ لَا مِثْلٌ وَ لَا عَدْلٌ وَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى الَّتِي لَا يُسَمَّى بِهَا غَيْرُهُ وَ هِيَ الَّتِي وَصَفَهَا فِي الْكِتَابِ فَقَالَ فَادْعُوهُ بِها وَ ذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ جَهْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَالَّذِي يُلْحِدُ فِي أَسْمَائِهِ جَهْلًا بِغَيْرِ عِلْمٍ يُشْرِكُ وَ هُوَ لَا يَعْلَمُ وَ يَكْفُرُ بِهِ وَ هُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ فَلِذَلِكَ قَالَ وَ ما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَ هُمْ مُشْرِكُونَ فَهُمُ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضَعُونَهَا غَيْرَ مَوَاضِعِهَا يَا حَنَانُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَمَرَ أَنْ يُتَّخَذَ قَوْمٌ أَوْلِيَاءَ فَهُمُ الَّذِينَ أَعْطَاهُمُ الْفَضْلَ وَ خَصَّهُمْ بِمَا لَمْ يَخُصَّ بِهِ غَيْرَهُمْ فَأَرْسَلَ مُحَمَّداً ص فَكَانَ الدَّلِيلَ عَلَى اللَّهِ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ حَتَّى مَضَى دَلِيلًا هَادِياً فَقَامَ مِنْ بَعْدِهِ وَصِيُّهُ ع دَلِيلًا هَادِياً عَلَى مَا كَانَ هُوَ دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ مِنْ ظَاهِرِ عِلْمِهِ ثُمَّ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ ع.
تفسير نور الثقلين : عن أبى عبد الله عليه السلام في حديث طويل ذكر فيه العرش و قال: ان للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كل سبب وضع في القرآن صفته على حده يقول فيه فمن اختلاف صفات العرش انه قال تبارك و تعالى: رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ و هما وصف عرش الوحدانية لان قوما أشركوا كما قلت لك قال تبارك و تعالى: رب العرش رب الوحدانية عما يصفون، و قوم وصفوه بيدين فقالوا «يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ» و قوم وصفوه بالرجلين، فقال: وضع رجله على صخرة بيت المقدس، فمنها ارتقى إلى السماء و قوم وصفوه بالأنامل فقالوا: ان محمدا قال: انى وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال: «رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ» يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه، و لله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء و لا يوصف و لا يتوهم فذلك المثل الأعلى.