إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تكملة تلخيص كتاب الغدير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تكملة تلخيص كتاب الغدير

    فو الله ما وصفي لها جاز حده * ولكنها في الحسن قد جازت الحدا
    (المغالاة في الفضائل)


    الغلو على ما صرح به أئمة اللغة كالجوهري والفيومي والراغب وغيرهم هو تجاوز

    الحد، ومنه غلا السعر يغلو غلاء، وغلا الرجل غلوا، وغلا بالجارية لحمها وعظمها إذا
    خمصانة قلق موشحها * رود الشباب غلابها عظم
    ( ومنه قول رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تغالوا في النساء فإنما هن سقيا الله ( ٢)
    والغلو ممقوت لا محالة أينما كان أمر كان، وحيثما كان في أي
    ولا سيما في الدين وعليه ينزل قوله تعالى في موضعين ( ٤) من الذكر الحكيم: يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم. ويعني في ذلك كما ذكره المفسرون ( ٥) غلو اليهود في عيسى
    حتى قذفوا مريم، وغلو النصارى فيه حتى جعلوه ربا. فالأفراط والتقصير كله سيئة.
    والحسنة بين السيئتين وقال الشاعر:
    ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد * كلا طرفي قصد الأمور ذميم
    --------------------
    1-) كابن تيمية وابن كثير، والقصيمي وموسى جار الله. ومن لف لفهم
    . ٢) البيان والتبيين ٢ ص ٢١ )
    . ٣) راجع الجزء السادس من الكتاب ص ٩٦ ط ٢ )
    . ٤) النساء: ١٧١ ، المائدة: ٧٧ )
    . ٥) تفسير القرطبي ٦ ص ٢١ )
    وقال آخر:
    عليك بأوساط الأمور فإنها * نجاة ولا تركب ذلولا ولا صعبا
    وقال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام): إن دين الله بين المقصر والغالي فعليكم بالنمرقة الوسطى فيها يلحق المقصر، ويرجع إليها الغالي ( ١)
    غير أن من الواجب تعيين الحد
    الذي لا يجوز في الدين أن يتجاوزه الانسان لاستلزام الغلو الكذب تارة، والاغراء
    بالجهل أخرى، وبخس الحقوق الواجبة آونة، لا ما دأبت عليه أمة من الرمي بالغلو
    كل قائل ما لا يروقها، وتحدوها العصبية العمياء إلى التجهم أمام القول بما لا يلائم
    ذوقها،
    ومن هذا الباب أكثر ما ترمى به الشيعة الأمامية من الغلو لاعتقادهم أو روايتهم
    فضائل لأئمة أهل البيت عليهم السلام، وقد طفحت بها الصحاح والمسانيد، وتدفقت
    بنقلها الكتب والمؤلفات، حيث لم يقم من نبزهم به لأئمة الهدى وزنا تقيمه الحقيقة
    ويقضيه مقامهم الأسمى، ذلك المقام الشامخ المستنبط من الكتاب والسنة والاعتبار
    الصحيح والقضايا الخارجية الصادقة المتسالم عليها بين الأمة، لولا أن هناك من يتعامى
    أو يتصامم عن رؤية هذه وسماع هاتك، أو تقصر منته العلمية عن تحليل الفلسفة
    الصحيحة، أو يقصر باعه عن الإحاطة بالكائنات التاريخية، من الذين استأسرهم الهوى
    وتدهور بهم الجهل إلى هوة التيه والضلال، فعدوا من الغلو الفاحش القول بعلم
    الغيب فيهم أو إخبارهم عما في الضمير، أو تكلم الموتى معهم، أو علمهم بمنطق
    الطير والحيوانات، أو إحياء الله الموتى بدعائهم، أو استجابة دعواتهم في برء الأكمه
    والأبرص، وبل كل ذي عاهة، أو القول بالرجعة لهم، أو ظهور كرامة لهم تخرق
    العادة، أو الشخوص إلى زيارة قبورهم والتوسل بهم، والتبرك بتربتهم، والدعاء والصلاة
    عند مراقدهم، أو التلهف والتأسف على ما انتابهم من المصائب، إلى كثير من أمثال
    هذه من مبادئ تراها الشيعة في العترة الهادية من فضائلهم المدعومة بالبرهنة الصحيحة والحجج القوية مما أنكرته أبناء حزم وجوزي وتيمية وقيم وكثير ومن حذا حذوهم ولف لفهم.
    ولعل لهم العذر في ذلك بأن الذي يرتأونه في الخليفة لا يزيد على أنه رجل يقطع
    --------------------
    1ربيع الأبرار للزمخشري.


    السارق ويقتص من القاتل، ويحفظ الثغور، ويدحر الهرج في الأوساط، ويجمع الفيء

    ويقسم، إلى أمثال هذه مما هو شأن الملوك والأمراء في الأمم والأجيال، وتعرب عنه خطب أبي بكر وعمر لما استخلفا ( ١) واستخلاف عثمان ومعاوية وابنه الطاغي، وهلم
    جرا، وهم لا يوجبون في الخليفة قوة في النفس منبعثة عن نزاهة وقداسة وعصمة
    بها صاحبها في الكائنات كيفما اقتضته المصلحة، ويبصر المغيب بعين بصيرته،
    ١) راجع الجزء السادس من كتاب الغدير
    فهلم معي إلى أناس يشنعون على الشيعة بأثبات تلكم النسب ويقذفونهم بالغلو
    والكفر والشرك وهم يثبتونها لغير واحد من أولياءهم، وذكروا أضعاف ما عند الشيعة
    من تلكم الفضائل المرمية بالغلو في تراجم العاديين من رجالهم، ونشروها في الملأ
    واتخذوها تاريخا صحيحا من دون أي غمز وإنكار في السند، ومن غير مناقشة و
    نظرة صحيحة في المتون، كل ذلك حبا وكرامة لأولئك الرجال، وحب الشيء يعمي
    ويصم، وهذه السيرة مطردة فيهم منذ القرن الأول حتى اليوم، ولا يسع لأي باحث
    رمي أولئك المؤلفين الحفاظ بالضلال والشرك والغلو وخروجهم عما أجمعت عليه
    الأمة الإسلامية كما هم رموا الشيعة بذلك، على أن الباحث يجد فيما لفقته يد
    الدعاية والنشر، ونسجته أكف المخرقة والغلو في الفضائل، عجائب وغرائب أو
    سفسطات، تبعد عن نطاق العقل السليم، فضلا عن أن تكون مشروعة
يعمل...
X