إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

شرح الحاشية [ شرح الخطبة ] (1)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شرح الحاشية [ شرح الخطبة ] (1)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ ، وَمَوْضِعَ الرِّسَالَةِ ، وَمُخْتَلَفَ المَلائِكَةِ ، وَمَهْبِطَ الوَحْيِ ، وَمَعْدِنِ الرَحْمَةِ ، وَخُزَّانَ العِلْمِ ، وَمُنْتَهَى الحِلْمِ ، وَأُصُولَ الكَرَمِ ، وَقَادَةِ الأُمَمِ ، وَأَوْلِيَاءَ النِّعَمِ ، وَعَنَاصِرَ الأَبْرَارِ ، وَدَعَائِمَ الأَخْيَارِ ، وَسَاسَةِ العِبَادِ ، وَأَرْكَانَ البِلادِ ، وَأَبْوابَ الإِيمَانِ ، وَأُمَنَاءَ الرَّحْمَانِ ، وَسُلالَةَ النَّبِيِّينَ ، وَصَفْوَةَ المُرْسَلِينَ ، وَعِتْرَةَ خِيرَةِ رَبِّ العَالَمِينَ ، وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
    ***

    قال التفتازاني :

    ( بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي هدانا سواء الطريق وجعل لنا التوفيق خير رفيق والصلاة على من ارسله هدى هو بالاهتداء حقيق ونورا به الاقتداء يليق وعلى آله وأصحابه الذين سعدوا في مناهج الصدق بالتصديق وصعدوا معارج الحق بالتحقيق)


    الشرح :

    شرح هذا المقطع يقع في نقاط :

    * ( الابتداء بالحمد بعد البسلمة )

    انما ابتدأ صاحب التهذيب كتابه بالحمدلة بعد البسملة لإمرين :
    1ـ لإنها من خير الكلام وافضل الذكر لإشتمالها على اسم افضل الموجودات وهو لفظ الجلالة " الله "
    2ـ امتثالا لما ورد عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله حيث روي عنه انه قال :
    " كل امر ذي بال لا يبدؤ بالحمد لله فهو ابتر " وذو بال بمعنى ذي حال وشأن {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه : 51] .
    ـ ويرد على خصوص الامر الثاني اشكال مفاده : ان ما ذكر من حديث الابتداء بالحمدلة وارد في البسلمة ايضا فلا يمكن الجمع بينهما لإن العمل بمضمون احدهما يلغي العمل بمضمون الثاني فلو ابتدأنا بالبسملة الغينا ما ورد في الحمدلة والعكس صحيح وعليه فكيف يمكن التوفيق بينهما بحيث نعمل بمضمون كلا الحديثين ؟
    الجواب : يتوقف على بيان مقدمة حاصلها :
    الابتداء على انحاء ثلاثة :
    1ـ حقيقي : وهو ما قدم على غيره ولم يقدم شيء غيرُه عليه ابدا كالواحد على بقية الاعداد .
    2ـ الأضافي : وهو ما قدم على شيء واُخر عن شيء اخر فهو مقدم بالنسبة لشيء ومؤخر بالقياس لآخر . كالاثنين بالقياس للثلاثة مبتدأ بها ومقدمة وللواحد مؤخرة عنه .
    3ـ العرفي : وهو المقدم بالنظرة العرفية التي تكون تسامحية عادة كالصفحة الثانية من الكتاب فالعرف يراها مبدأ بها وان تقدمت عليها الصفحة الأولى المشتملة على اسم المطبعة وسنة الطبع وما الى ذلك .
    اذا اتضحت هذه المقدمة فنقول في الجواب عن السؤال وجوه عدة اهمها ما ذكرها الملا عبد الله وهي ثلاثة :
    الوجه الأول : ان نحمل الابتداء الوارد في حديث البسملة على الابتداء الحقيقي لإنها سابقة على كل كلام وغير مسبوقة بأي كلام غيرها ، ونحمل الابتداء في حديث الحمدلة على الاضافي فانها مبتدأ بها بالقياس الى ما بعدها وان تقدمت عليها البسملة .
    الوجه الثاني : ان نحمل الابتداء في حديث البسملة على الحقيقي ايضا ولكنه في حديث الحمدلة نحمله على الابتداء العرفي فان العرف يراه بنظرته التسامحية واقع في مفتتح الكلام وبدايته لان نظرته غير دقيقة عادة .
    الوجه الثالث : ان نحمل الابتداء في الحديثين على العرفي لإنهما برأي العرف واقعان في بداية الكلام وان تقدمت احداهما وتأخر الاخر فان هذا لا يضر في اطلاق الابتداء عليهما معا شيئا .
    وانت بعد ملاحظة هذه الوجوه الثلاثة بامكانك استخراج ستة فروض اخرى غير الوجوه الثلاثة المتقدمة ، نعم هذه الستة ليست كلها صحيحة بل ثلاثة منها صحيحة وثلاثة منها غير صحيحة ، ولا يصعب عليك تحديدها فلذا تركناها .
    ***
    * بيان جملة " الحمد لله ".
    وهي مؤلفة من مفردتين وبعد تسليط الضوء عليهما سيبين المعنى التركيبي للجملة .
    المفردة الأولى : ( الحمد ) والالف واللام فيه جنسية فتفيد الإطلاق اي مطلق الحمد له تعالى والمراد منه هو : الثناء باللسان على الجميل الأختياري نعمة كان او غيرها .
    وفي هذا التعريف قيود اربعة :
    1ـ الثناء وهو التوصيف بالخير والذكر به . فمثلا يقول ابن مالك في مطلع الفيته عن ابن معط : وهو بسبق حائز تفضيلا * مستوجب ثنائيا الجميلا . اي يستحق مني ان اذكره واصفه بالخير .
    2ـ ( باللسان ) وهذا القيد يعني لنا ان الحمد لا يكون الا باللسان وهو لإخراج الشكر لإن الشكر قد يكون باللسان " الشكر القولي " كقولك : الشكر لله ، وقد يكون الشكر بالفعل " الشكر الفعلي " ولذا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : ( شكر النعم اجتناب المحارم )
    3ـ (على الجميل الأختياري )
    الجميل قسمان :
    أ ـ اختياري ، ب ـ وغير اختياري
    ومثال الأول : كل ما اغدق به الله علينا من نعم كنعمة العقل والبصر والسمع وما الى ذلك من نعم .
    ومثال الثاني : ما في الطبيعة من جمال كخضار النباتات وصفاء الماء وجمال وجه يوسف عليه السلام .
    والحمد يقع على الأول فقط وقيد الاختياري لإخراج " المدح " لإنه اعم من الحمد لان المدح يقال للجميل سواء اكان اختياريا ام غير اختياري ، فوصفك لجمال الطبيعة يقال له مدح ولا يقال له حمد .
    4ـ ( نعمة كان او غيرها ) هذا القيد وصف للجميل ، فيكون معناه :
    ان حمد الله على جميله سواء أكان جميله تعالى وفيضه وصل الينا كنعمة الحياة والبصر والرزق ام كان جميله عائد ومقتصر على ذاته تعالى ولم يصلنا ويبقى متفرد ومتجمل به هو وحده كحياته وعلمه فإن الحمد يقع على الاثنين .
    وقد جاء كلا القبيلين في الدعاء المروي عن الامام الصادق عليه السلام :
    " الحمد لله بمحامده كلها، على نعمه كلها، حتى ينتهي إلى ما يحب ربي، ويرضى، الحمد لله على علمه، والحمد لله على فضله علينا وعلى جميع خلقه " ( قرب الاسناد ص 4 )

    المفردة الثانية : ( لفظ الجلالة ـ الله ـ )
    جاء لفظ الجلالة في الجملة مجرورا بحرف الجر " اللام " التي تفيد الاختصاص وفي لفظ الجلالة بشكل عام مطالب متعددة كأصل اشتقاقه والالف واللام فيه ومعناه وغير ذلك وقد بينت بشكل مفصّل في كتب التفسير كمجمع البيان وبامكانكم الرجوع لها للإطلاع عليها وتحديدا عند تعرضهم لتفسير البسملة في سورة الفاتحة فراجعوا ثمة ، والمهم هنا هو معرفة ما بينه الملا عبد الله وحاصله : ان لفظ الجلالة مختص بحسب استعماله بربنا تبارك وتعالى الواجب الوجود الذي له جميع الصفات الكمالية كالعلم والقدرة والحياة والحكمة ..الخ فمن يذكر لفظ الجلالة " الله " كأنه ذكر جميع اسمائه وصفاته تبارك وتقدس والكلام بهذا المقدار لم يقع فيه خلاف يذكر ، وانما الخلاف وقع في جهة اختصاصه برب العالمين الواجب الوجود فما هو المخصص وباي شيء صار مختصا به تعالى ؟
    بكلمة اخرى : هل لفظ الجلالة جزئي ام كلي ليس له الا فرد واحد كالشمس والقمر مثلا ؟
    فاذا كان جزئيا فمعنى ذلك ان منشأ التخصيص جاء من اصل وضعه باعتباره عَلَما كسائر الاعلام من هذه الجهة واذا كان كليا فالمنشأ مختلف تماما حيث سيكون منشؤه عدم وجود اي فرد له الا رب العزة والا فلفظ الجلالة كلي صالح للإنطباق على كثيرين . وقد اختصار الملا عبد الله القول بعلميته ، وبعد ان اشار الى بيان هذه المفردة انتقل الى بيان المعنى التركيبي لجملة " الحمد لله " وانها تفيد حصر الحمد المطلق به تبارك وتعلى كل ذلك على ضوء ما تقدم بيانه من معنى مفردتيها وحاصل ما افاده في المقام هو : بعد ان ثبت ان لفظ الجلالة يقوم مقام جميع الصفات الكمالية واللام الداخلة عليه حرف جر يفيد الاختصاص وان المراد من الحمد هنا جنسه فيثبت انحصار مطلق الحمد بالله تعالى وسبب ذلك انه مستجمع لجميع الصفات الكمالية ومن هنا صارت الدعوى كانها معززة بالبرهان ، فكأننا قلنا " الحمد لله " فقيل لنا ولِمَ استحق مطلق الحمد ؟ فقلنا : لكونه المستجمع لجميع الصفات الكمالية فاستحق مطلق الحمد لذلك .
    ***
    * ( الذي هدانا سواء الطريق )
    من الكلمات القرآنية التي استخدمها صاحب التهذيب ايضا في المتن هي كلمة الهداية حيث قال : الحمد لله الذي هدانا ، وفي الهداية ايضا ابحاث موسعة تطلب من مظانها الا ان المهم هنا هو بيان ما نبه عليه الملا حيث عرض تفسيرين لها ثم نقضهما قرآنيا ثم ذكر اختيار التفتازاني في حاشية له على الكشاف للزمخشري ولخص لنا المحشي رأيه في ضابطة يعرف بها معنى الهداية في الاستعمال القرآني للهداية واخيرا بين المقصود من " سواء الطريق " وهو ما يمكن ان نعبر عنه بالمهدي اليه ، فالكلام في نقاط ستة :
    1ـ التفسير الأول للهداية هو : الإيصال الى المطلوب ، كمن يسألك عن مكان بيتك فتأخذ بيده وتوصله الى بيتك وتدخله فيه ، فالهداية هي عبارة عن الدلالة الموصلة.
    الا ان هذا التفسير للهداية منقوض بقوله تعالى : {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [فصلت : 17]
    فلو كانت الهداية بمعنى الإيصال الى المطلوب فكيف يمكننا ان نتصور الضلال بعده ؟!
    فذاك الشخص الذي اوصلته الى بيتك هل يعقل منه ان يتوجه لك بالكلام وهو في باب دارك او في داخل بيتك ويخبرك انه ضل بيتك ولم يهتد اليه ؟ !
    اذن لا يمكننا قبول هذا التفسير للهداية بوصفه تفسيرا جامعا لموارد استعمالاتها فعلى الأقل تم نقضه بالآية المتقدمة .
    2ـ التفسير الثاني للهداية هو : إراءة الطريق الموصل الى المطلوب لمن يراد هدايته لا ايصاله كما في التفسير الأول ، كما لو اجبت ذلك السائل عن موضع بيتك فأريته الشارع المؤدي اليه وبدأت تصف له مكان الدار على وجه التحديد دون وتركته .
    والفارق بين التفسيرين : ان الأول لا يتصور فيه ضلالة المهتدي بخلاف الثاني ، اذ قد يضل سائلك حين يريد الوصول الى بيتك لوحده فقد يلتبس عليه الشارع او الفرع او العلامات التي اشردته بها لبيتك وما اشبه ذلك .
    وهذا المعنى هو الآخر الذي لا يمكن قبوله على انه تفسير جامع لاستعمالات الهداية لإنه منقوض ايضا بقوله تعالى {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص : 56] .
    فلو كان معنى الهداية منحصر بإراءة الطريق فكيف فكيف نفتها الآية عن النبي الأكرم صلى الله عليه واله والحال انها وضيفته التي لا يمكن ان يتخلى عنها ؟ !
    والحاصل لا يمكن حصر معنى الهداية بالتفسير الأول فقط ، كما ولا يمكن حصرها بالمعنى الثاني . اذن فما القول الفصل في معناها الذي لا يلزم منه اي نقض ؟
    3ـ الجواب هو ما ذكره الملا نقلا عن حاشية التفتازاني على الكشّاف وحاصله :
    ان لفظ " الهداية " مشترك لفظي بين المعنيين ـ الإيصال و الإراءة ـ فقد تستعمل بمعنى اراءة الطريق وقد تستعمل بمعنى الإيصال والدلالة الموصلة للمطلوب . وما تقدم من نقضين على التفسيرين يُحلان لا يردان على هذا الرأي كما هو واضح .
    لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : بما انها مشترك لفظي فكيف يمكن تشخيص أحد معنييها ؟
    4ـ أجاب عن ذلك الملا عبد الله مستفيدا الجواب ايضا من رأي التفتازاني في تلك الحاشية وقد قام بتلخيصه وخرج لنا بما يمكن بيانه في المخطط التوضيحي الآتي :





    والحمد لله رب العالمين .

    تابع التتمة =>

    ( الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّةُ عَلَيْهَا بَاقِي الْكِتَابِ وَ آثَارُ النُّبُوَّةِ وَ مِنْهَا مَنْفَذُ السُّنَّةِ وَ إِلَيْهَا مَصِيرُ الْعَاقِبَةِ ) .
    { نهج البلاغة }
يعمل...
X