بسم الله الرحمن الرحيم
المسألة الثالثة: في وقوع العدم وكيفيته
بعد ان اثبت المصنف (قده) جواز العدم على العالم وابطل دعوى من قال بامتناعه بيّن كيفية هذا الاعدام وفائدته رد شبهة للقائلين بالامتناع خلاصتها:
انه قد ثبت في محله (امتناع اعادة المعدوم) وهذه القاعدة يقر بها المصنف (قده) هذا من جهة ومن جهة اخرى المصنف – كسائر المليين – قائل بالمعاد الجسماني وهو متوقف على اعادة العالم المعدوم لكن بحسب القاعدة (امتناع اعادة المعدوم) تكون اعادته ممتنعة؟
وبعبارة اوضح لو جاز عدم العالم لوجب اعادته يوم القيامة بمقتضى وجوب المعاد الجسماني لكن هذا يخالف القاعدة التي يقر بها المصنف وهي (امتناع اعادة المعدوم) ؟
واجاب عن هذه الشبهة بان الاعدام ليس هو افناء للعالم بالكلية وحوه من دائرة الوجود بل يتحقق الاعدام في المكلف بتفريق اجزائه فتكون اعادته بتجميع ما تفرق وهذا ليس من اعادة المعدوم اي ان المعاد الجسماني ليس من موارد القاعدة لان القاعدة تتكلم ان امتناع اعادة المعدوم تماما وجسم المكلف لا يعدم تماما وانما تفرق اجزائه.
ويشهد لهذا القول ما ذكره الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم في قصة ابراهيم (عليه الصلاة والسلام) قال في سورة البقرة:
[وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260)]
والاية صريحة في بيان كيفية احياء الموتى وهي دالة على انها عملية تجميع الاجزاء المتفرقة، وفي الاية اشارة الى توقف الاعادة على القدرة والعلم فالله تبارك وتعالى يعلم بمكان كل ذرة من جسم الانسان وهو قادر على اعادتها وتجميعها وهذا ما اشارت اليه الاية الكريمة (وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
هذا في المكلف واما غير المكلف فحتى لو حصل الانعدام التام والفناء فلا ضير فيه اذ لا يجب اعادة غير المكلف فلا اعادة للمعدوم فايضا تخرج عن القاعدة (امتناع اعادة المعدوم).