بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد الكائنات الروح الأمين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
اما بعد: فإنه لازال الكلام في تفسير الآيات الاولى من سورة البقرة:
﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ﴾البقرة (6-7)
س لماذا يصرّ الأنبياء على هداية هؤلاء إذا كانوا لا يهتدون؟والصلاة والسلام على سيد الكائنات الروح الأمين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
اما بعد: فإنه لازال الكلام في تفسير الآيات الاولى من سورة البقرة:
﴿إِنَّ الَّذينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ * خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ عَلى سَمْعِهِمْ وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظيمٌ﴾البقرة (6-7)
ج وهذا سؤال آخر يُطرح في إطار الآيات المذكورة والجواب عليه يتضح لوعرفنا أن العقاب الإلهي يرتبط بمواقف الإنسان العملية وسلوكه الفعلي لا بما يُكنّه في قلبه من زيغ وضلال فقط من هنا كان لابدّ من توجيه الدعوة حتى إلى هؤلاء الذين لا يهتدون، بعد ذلك يستحق الفرد العقاب تبعاً لموقفه من الدعوة. بعبارة اُخرى لابدّ من «إتمام الحجّة» قبل العقاب وبعبارة موجزة: الثّواب والعقاب يتوقفان حتماً على العمل بعد إنجازه لا على المحتوى الفكري والروحي للفرد وأضف إلى ما سبق: أن الأنبياء بُعثوا للناس جميعاً وهؤلاء الذين (طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ) قليلون في المجتمع أما الأكثرية فهم التائهون الذين يتقبّلون الهداية ضمن برنامج تعليمي تربوي صحيح.
س مامعنى الختم على القلوب الذي تتحدث عنه الآيه الكريمه؟
ج في الآيات المذكورة وآيات اُخرى عبّر القرآن عن عملية سلب حسّ التشخيص والإدراك الواقعي للأفراد بالفعل «ختم» وأحياناً بالفعل «طبع» و«ران» وفي اللغة «خَتَمَ» الإناء بمعنى سدّه بالطين أو غيره وأصلها من وضع الختم على الكتب والأبواب كي لا تُفتح والختم اليوم مستعمل في الإستيثاق من الشّيء والمنع منه كختم سندات الأملاك والرسائل السرّية الهامة وهناك شواهد من التأريخ تدلّ على أن الملوك وأرباب السلطة كانوا سابقاً يختمون صرر الذهب بخاتمهم الخاص ويبعثون بها إلى المنظورين للاطمئنان على سلامة الصرر وعدم التلاعب في محتوياتها والشائع في هذا الزمان الختم على الطرود البريدية أيضاً وقد استعمل القرآن كلمة «الختم» هنا للتعبير عن حال الاشخاص المعاندين الذين تراكمت الذنوب والآثام على قلوبهم حتى منعت كلمة الحق من النفوذ اليها وأمست كالختم لا سبيل إلى فتحه و«طبع» بمعنى ختم أيضاً أما «ران» فمن «الرين» وهو صدأ يعلو الشيء الجليّ واستعمل القرآن هذه الكلمة في حديثه عن قلوب الغارقين في أوحال الفساد والرّذيلة كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
المهم أن الإنسان ينبغي أن يكون حذراً لدى صدور الذنب منه، فيسارع إلى غسله بماء التوبة والعمل الصالح، كي لا يتحول إلى صفة ثابتة مختوم عليها في القلب وفي حديث عن الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام):«مَا مِنْ عَبْد مُؤْمِن إلاّ وَفي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجُ فِي تِلْكَ النُّكْتَةِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا تَابَ ذَهَبَ ذَلِكَ السَّوَادُ فَإِنْ تَمَادى في الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتّى يُغَطِّيَ الْبَيَاضَ فَإِذَا غُطّيَ الْبَيَاضُ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَى خَيْر أبَدَاً وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كَلاّ بَلْ رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).