بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين
نذكر في هذه اللمحة البلاغية فناً بديعياً وهو حسن التعليل .وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين
حسن التعليل : هو أن ينكرَ الأديبُ صراحةً، أو ضمناً، علةَ الشيءِ المعروفةِ، ويأتي بعلةٍ أخرى أدبيةٍ طريفةٍ، لها اعتبارٌ لطيفٌ، ومشتملةٌ على دقةِ النظرِ، بحيثُ تناسبُ الغرضَ الذي يرمي إليه بحيث لا يكون علّة له في الواقع ، و إلاّ لما عُدّ من محسّنات الكلام ، لعدم التّصرف فيه ، يعني أنَّ الأديبَ: يدّعي لوصفٍ علّةً مناسبةً غيرَ حقيقيةٍ، ولكنَّ فيها حسناً وطرافةً، فيزداد بها المعنى المرادُ الذي يرمي إليه جمالاً وشرفاً [1].
كقول أمير المؤمنين عليه السلام : " وَ أُحَذِّرُكُمُ اَلدُّنْيَا فَإِنَّهَا مَنْزِلُ قُلْعَةٍ وَ لَيْسَتْ بِدَارِ نُجْعَةٍ وَ قَدْ تَزَيَّنَتْ بِغُرُورِهَا وَ غَرَّتْ بِزِينَتِهَا دَارٌ هَانَتْ عَلَى رَبِّهَا فَخَلَطَ حَلاَلَهَا بِحَرَامِهَا وَ خَيْرَهَا بِشَرِّهَا "
ومثله قول الشاعر :
أَما ذُكاءُ فَلمْ تَصْفَرَّ إذْ جَنَحَتْ … …إلا لِفُرْقَةِ ذَاكَ الْمَنْظَر الْحَسَن
يقصدُ: أنَّ الشمسَ لم تصفرَّ عند الجنوحِ إلى المغيب للسببِ المعروفِ ولكنها (اصفرتْ مخافةَ أنْ تفارقَ وجهَ الممدوحِ) .
كقول الشاعر في الرثاء :
بكتْ فقدَك الدنيا قديما بدمعها ***فكان لها في سالف الدهر طوفان
فقد ادّعى الشاعر أنّ الطوفان الذي حدث قديما هو بكاء الدنيا بسبب حزنها على الفقيد منذ ذلك الزمان .
و كأن تقول مثلا : احمرّ الورد خجلا منك .
فهذا الفنّ البلاغي يسمّى ( حسن التعليل ) .
[1] . الخلاصة في علم البلاغة ج 1 ص 60 .