بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله عليكم يا اهل بيت النبوة يامن : بَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ في مَرْضَاتِهِ ، وَصَبَرْتُمْ عَلى مَا أَصَابَكُمْ في جَنْبِهِ ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ، وَأَمَرْتُمْ بِالمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتُمْ عَنِ المُنْكَرِ ، وَجَاهَدْتُمْ في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، حَتَّى أَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ ، وَبَيَّنْتُمْ فَرَائِضَهُ ، وَأَقَمْتُمْ حُدُودَهُ ، وَنَشَرْتُمْ شَرَائِعَ أَحْكَامَهُ ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ ، وَصِرْتُمْ في ذَلِكَ مِنْهُ إِلى الرِّضَا ، وَسَلَّمْتُمْ لَهُ القَضَاءَ ، وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضَى .
وصلى الله عليكم يا اهل بيت النبوة يامن : بَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ في مَرْضَاتِهِ ، وَصَبَرْتُمْ عَلى مَا أَصَابَكُمْ في جَنْبِهِ ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلاةَ ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ، وَأَمَرْتُمْ بِالمَعْرُوفِ ، وَنَهَيْتُمْ عَنِ المُنْكَرِ ، وَجَاهَدْتُمْ في اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ ، حَتَّى أَعْلَنْتُمْ دَعْوَتَهُ ، وَبَيَّنْتُمْ فَرَائِضَهُ ، وَأَقَمْتُمْ حُدُودَهُ ، وَنَشَرْتُمْ شَرَائِعَ أَحْكَامَهُ ، وَسَنَنْتُمْ سُنَّتَهُ ، وَصِرْتُمْ في ذَلِكَ مِنْهُ إِلى الرِّضَا ، وَسَلَّمْتُمْ لَهُ القَضَاءَ ، وَصَدَّقْتُمْ مِنْ رُسُلِهِ مَنْ مَضَى .
***
المتن :( وأيضا إن اتحد معناه فمع تشخصه وضعا علم ، وبدونه متواط ، إن تساوت افراده ، ومشكك إن تفاوتت بأولية او اولوية ، وإن كثر فإن وضع لكل فمشترك و الا فإن اشتهر في الثاني فمنقول ينسب الى الناقل وإلا فحقيقة ومجاز )
الشرح :
يدور هذا المقطع من المتن حول تقسيم آخر للمفرد وبيانه في نقاط :
النقطة الأولى : اشكال يتوقف بيانه على مقدمة نعرضها بصيغة سؤال وجواب .
ـ ماهو المقْسَم لهذه القسمة هل هو المفرد او الاسم هل هو المفرد او الاسم؟
ـ الجواب هو " المفرد " وليس " الاسم " والشاهد على ذلك هو قول الماتن " وأيضا " فان هذه الكلمة مصدر يعني الرجوع ، و مفعول مطلق لفعل محذوف تقيدره : آض ، يئيض ايضا اي رجع رجوعا ، والرجوع انما هو للمفرد فبعد ما تم تقسيمه الى : اسم ، وكلمة ، واداة ، يقسمه هنا أقسام اليك بيانها اجملا :
المفرد : اما له معنى واحد فهو علم وجزئي او كلي وهو متواطئ او مشكك واما له معنى متكثر فاما مشترك او منقول او حقيقة ومجاز .
وبعد المقدمة نعود لبيان الاشكال وحاصله :
بما ان المقسم هو المفرد والمفرد اسم ، وكلمة واداة فيلزم ان التقسيم اعلاه ثابت للمفرد باقسامه الثلاثة والتي منها ـ الكلمة والاداة ـ مع ان الفعل والحرف لا يقال عنهما علم ومتواطئ ومشكك لعدم اتصاف معناهما بالكلية والجزئية التي تدور هذه عليها .
والجواب : التقسيم للمفرد الموجود في ضمن الاسم ، اي للمفرد بشرط شيء لا المفرد لا بشرط والشرط المعتبر في المفرد الواقع مقسما هو استقلال المعنى والفعل والحرف ليسا كذلك فيختص بالمفرد الاسم .
النقطة الثانية : الوضع .
ان قيد " وضعا " في كلام الماتن يعني ان تشخص اللفظ المفرد جاء من اصل الوضع كما هو الحال في الاعلام فان الواضع فيها وضع اللفظ لمعنى خاص معين ومتشخص دون غيره وعليه فيخرج اللفظ الموضوع لمعنى كلي المتشخص في الاستعمال لأن تشخصه بسبب الاستعمال لا الوضع ويمثل لهذا بالاسماء الموصولة واسماء الاشارة ونحوها فانها من الوضع العام وكلي والمعنى الموضوع له عام ايضا الا انها تتشخص بالاستعمال فيكون قيد " وضعا " في قوله " فمع تشخصه وضعا " لاخراج هذه الاسماء المتشخصة بالاستعمال لا بالوضع .
النقطة الثالثة : اشكال المحشي على الماتن .
وبناءً على ما تم تبيينه في النقطة الثانية من شرح لقيد " وضعا " يعرض الملا عبد الله اشكالا ينصب كلمة المعنى في عبارة المتن " ان اتحد معناه ... وإن كثر " اي معناه ، فيتسائل عن المقصود من المعنى في هذا التقسيم فهو لا يخلو من امرين :
أ ـ المعنى الموضوع له اللفظ ./ فلا يصح ادخال الحقيقة والمجاز في متكثر المعنى .
ب ـ المعنى المستعمل فيه اللفظ . / فيدخل اسماء الاشارة في متكثر المعنى ويخرج عن المتحد فتنتفي فائدة قيد " وضعا "
وقد اجيب عنه بان في المصنف استخدم ما يعرف في فن البديع بـ ( الاستخدام ) و" هو أن يذكر لفظ له معنيان، فيراد به أحدهما، ثم يراد بالضمير الراجع إلى ذلك اللفظ معناه الآخر، أو يراد بأحد ضميريه أحد معنييه، ثم بالآخر معناه الآخر، فالأول كقوله: إذا نزل السماء بأرض قوم ... رعيناه وإن كانوا غضابا
أراد بالسماء: الغيث، وبالضمير الراجع إليه من رعيناه: النبت، والسماء يطلق عليهما، والثاني كقوله:
فسقى الغضى والساكنيه وإن هُمُ ... شبوه بين جوانحي وضلوعي
أراد بأحد الضميرين الراجعين إلى الغضى وهو المجرور في الساكنيه: المكان، وبالآخر، وهو منصوب في شبوه: النار، أي: أوقدوا بين جوانحي نار الغضى، يعني نار الهوى التي تشبه نار الغضى " اهـ / التعريفات 21 .
وبالعودة للمتن وتطبيق هذا المفهوم عليه نقول : اراد المصنف بقوله " اتحد معناه " المعنى الموضوع له اللفظ ، فتدخل الحقيقة والمجاز في متكثر المعنى .
واراد بقوله " وان كثر " المعنى المستعمل فيه ، فلا يكون قيد " وضعا " زائدا ولا فائدة منه اذ ببركته تخرج اسماء الاشارة ونحوها عن متحد المعنى وتدخل في متكثر المعنى فينتفي الاشكال بشقيه .
النقطة الرابعة : بيان التقسيم والاقسام .
وبناءً على ما مر يصبح حينئذ التقسيم كما يلي :

فالأقسام ستة كما هو واضح ثلاثة اقسام لما كان معناه واحدا وثلاثة لمتكثر المعنى فاليك بيان كل قسم بشكل موجز :
أ ـ ( اقسام المفرد الذي له معنى واحد في اصل الوضع )
1ـ الجزئي : وهو المفرد الذي يكون له معنى واحدا متشخصا بحسب الوضع دون الاستعمال ومثاله الأعلام الشخصية كمحمد وعلي وفاطمة ، فيخرج ما كان متشخصا في الاستعمال وان كان معناه في اصل الوضع كليا كاسماء الاشارة فانها عند المصنف موضوعة لمعان كلية لكنها تتشخص في الاستعمال فتقول : هذا الكتاب وذاك القلم وهكذا مع ان " هذا " مثلا في اصل وضعها موضوعة لكل مشار اليه مفرد .
2ـ المتواطئ : هو المفرد الكلي الموضوع لمعنى واحد الذي يكون حصول معناه وصدقه على أفراده الذهنية والخارجية على السوية، كالإنسان ، فإن الإنسان له أفراد في الخارج، وصدقه عليها بالسوية اي لا تكون ثمة اولوية واسبقية لبعض الافراد على البعض الاخر في صدق الكلي عليها ففي مثالنا : لا يسبق حضور الانسان الطويل قبل القصير ولا الشرقي قبل الغربي عند سماع كلمة " الانسان " .
3ـ المشكك : وهو الكلي الذي يتفاوت صدقه على افراده فيسبق صدقه على بعض الافراد البعض الاخر ولهذا التفاوت في الصدق مناشئ نذكر بعضها :
أـ التقدم بالعلية والاقدمية : ومثاله صدق مفهوم " الوجود " على الخالق تبارك وتعالى مقدم وسابق على صدقه على الممكن .
ب ـ التقدم بالاولوية والاشرفية ومثاله : " الامام " فان صدقه على الامام المعصوم المفترض الهادي اولى واشرف من صدقه على امام الضلال او امام الجماعة .
حـ ـ التقدم بالزيادة والنقصان ومثاله : " العدد " فان صدقه على الالف مقدم وسابق على صدقه على الاثنين والثلاثة فسبب التقدم هنا كمي .
د ـ التقدم بسبب الشدة والضعف ومثاله : " النور " فان صدقه على نور الشمس مقدم على صدقه على نور المصباح ومنشأ التقدم هنا كيفي .
ب ـ ( المفرد المتكثر المعنى )
4ـ المشترك : وهو المفرد ذو المعاني الكثيرة الموضوع ابتداءا لكل معنى منها على حدة و لا علاقة ولا مناسبة بين كل معنى منها وبين المعنى الاخر ، ومثاله : مفردة " العين " فان معانيها كثيرة منها وقد وضعت لها جميعا بلا علاقة بينها فالباصرة عين و عين الذهب عين ومنها والذات عين ولا مناسبة بين هذه المعاني .
5ـ المنقول : وفرقه عن سابقه انه نقل من معنى لمعنى اخر مع مناسبة بينهما وصار المعنى الثاني مشهورا والاول مهجورا وامثلته كثيرة جدا ابرزها في الفقه كالصلاة والصيام والحج ..والخ ، فان الصلاة موضوعة للدعاء ونقلت لمعنى اخر هو الافعال المعروفة من الشرع وفيه بحث مفصل في علم الاصول .
6ـ الحقيقة والمجاز : فارقه عن سابقه انه لم يشتهر في الثاني ولم يهجر المعنى الاصلي ـ الموضوع له ـ بان بقي يستعمل في الاثنين معا فان استعمل في المعنى الموضوع له سمي " حقيقة " وان استعمل في المعنى الثاني الذي لم يوضع له اللفظ وانما تربطه علاقة بالاول فهو " المجاز " وامثلته كثيرة منها الاسد فله معنى اصلي وضع له وهو الحيوان المفترس واستعماله فيه حقيقة وله معنى يستعمل فيه وهو الرجل الشجاع تربطه مع المعنى الاصلي علاقة واستعماله فيه مجاز .
***
النقطة الخامسة : الناقل في المنقول .
بالعودة للمنقول علينا ان نعرف ان عملية نقل اللفظ من معناه الاصلي الى المعنى الجديد تحتاج الى ناقل وواضع ـ فردا او جماعة ـ ينقله من معناه الاول الى المعنى الثاني الجديد وهذا الناقل على اصناف ثلاثة :
الاول : اهل الشرع : وقد ذكرنا بعض امثلته لما شرحنا المنقول ولا باس بالتذكير ، فان امثلة هذا النوع من النقل في الفقه كثيرة جدا كالصلاة والصيام والحج والزكاة وهكذا فان هذه المفردات لها معنى اولي اصلي وضعت له فالصلاة تعني الدعاء والصيام يعني الامساك والحج يعني القصد وهكذا كل هذه معاني اولية اصلية لهذه الالفاظ لكن اهل الشرع نقلوها من معانيها هذه الى معان جديدة فنقل مثلا الصلاة لمعنى ثان جديد وهو هذه الافعال المخصوصة من قيام وركوع وسجود ونقل الصيام للامساك عن مفطرات خاصة والحج لقصد بيت الله الحرام .
ويقال عن هذا النوع من النقل " المنقول او الاصطلاح الشرعي " .
الثاني : اهل العرف العام : والمقصود بهم عامة الناس في ضمن لغة محددة بمعنى عموم اهل اللغة كعامة الفرس في اللغة الفارسية وعامة العرب في اللغة العربية وعامة الناس الانكليز في اللغة الانكليزية ويمكن ان نمثل لهذا في لغتنا العربية بـ " الحيوان " فانه بالاصل لكل ذي روح لكن نقله عموم الناس العرب الى الحيوانات حاشا الانسان حتى صار من القبيح بل من المسبة ان يقال لشخص حيوان ! او كـ " الدابة " فان معناها الاول كل ما يدب على الارض لكن العرف العام نقلها لخصوص البقر والجاموس وما اشبه .
ويعبر عن هذا المنقول بـ " المنقول العرفي " .
الثالث : اهل العرف الخاص ( = الاصطلاح الخاص )
وهذا في الحقيقة اكثرها دورانا على لسان العلماء فيقولون للفظ كذا معنى لغوي وله معنى اصطلاحي وهذا يعني ان اهل فن او علم خاص نقلوا تلكم اللفظة مما لها من معنى لغوي الى استحداث معنى جديد وهو يشترك معنى المنقول الشرعي في ان الناقل فئة خاصة وناقل محدد بخلاف الثاني " المنقول العرفي " لكنه يفترق عنه بانه اهل صنعة وارباب فن وعلم من العلوم بينما المنقول الشرعي اهل الشرع هم من يقوم بالنقل فحسب .
والحاصل فامثلة هذا النوع من النقل كثيرة لا تحصى فلنكتفي ببعضها فاهل النحو نقلوا لفظ " الفاعل " من معناه اللغوي لمعناه المستحدث المعلوم وهكذا لفظ " التنازع " و " المبتدأ " واهل المنطق فانهم نقلوا لفظة " عكس " من معناها اللغوي الى معنى جديد وهكذا في سائر الفنون مما يطول بيانه .
***