بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين المعصومين
قال تعالى في كتابه العزيز (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )
الأمر الأول / إمامة أولي الأمر وولايتهم
عرض القران الكريم منصبين للنبي صلى الله عليه واله وسلم ، المنصب الأول تلقي الوحي من السماء وتبليغه والمعبر عنه بالنبوة ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
والمنصب الثاني هو الولاية والقيادة والإمامة ( النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ )
وقد حثت الآية الكريمة على طاعة الله والنبي وأولي الأمر فتكون طاعة النبي الأعظم واجبة في الجهتين معا فلا يجب طاعته في الجانب ألتبليغي بل بالاظافة إلى ذلك طاعته في ما يراه من صواب الرأي وهو الذي يرتبط بامامتة وولايته الحكومة والقضاء فيتبين إن لإطاعة الرسول معنى ولإطاعة الله سبحانه وتعالى معنى آخر وان كانت طاعة الرسول إطاعة لله بالحقيقة لان الله هو المشرع لوجوب طاعته كما قال تعالى ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) هذا هو الأمر الموجب لتكرار الطاعة في الآية
أما طاعة أولي الأمر فهي عين طاعة الرسول وهذا مستفاد من العطف في الآية الكريمة وعدم الفصل بينهما لبيان حالة الاتحاد والمجانسة بين الرسول وأولي الأمر فتكون طاعة النبي وطاعة أولي الأمر واحدة فإذا كانت طاعة أولي الأمر عين طاعة الرسول وطاعة الرسول عين طاعة الله فطاعة أولي الأمر عين طاعة الله ،ومهمة ولاة الأمر في الأساس هي المحافظة على تطبيق الشريعة الإسلامية بطرفيها الكتاب والسنة الشريفة المبينة له وإيقاف المسلمين على أحكامها وتوضيح ما استشكل على المسلمين فهمه من أمور دينهم سواء ما كان منه في أمور العقائد أو في العبادات والمعاملات وغيرها وهذه المهمة العظيمة لولاة الأمر لا يستطيع القيام بها على الوجه الصحيح إلا من كان معصوما فلو كانوا غير معصومين وجاز عليهم الفسق والخطاء فلا طاعة لهم إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وما في معناه قوله تعالى ( إِنَّ الله لاَ يَأْمُرُ بالفحشاء)
فالآية الشريفة تدل على افتراض طاعة أولي الأمر هؤلاء ولم تقيده بقيد ولا بشرط ، وليس في الآيات القرآنية ما يقيد الآية في مدلولها حتى يعود معنى قوله ( وأطيعوا .. ) إلى مثل قولنا وأطيعوا أولي الأمر منكم فيما لم يأمروا بمعصية أو لم تعلموا بخطئهم فان أمروكم بمعصية فلا طاعة عليكم وان علمتم خطأهم فقوموهم بالرد إلى الكتاب والسنة ، مع أن الله أبان ما هو أوضح من هذا القيد فيما دون هذه الطاعة المفترضة كقوله في الوالدين ( وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ )
فما باله لم يظهر شيئا من هذه القيود في آية تشمل على أس أساس الدين ومن هذا يتضح أن لأولي الأمر محل ومنصب النبي صلى الله عليه واله وسلم في إمامته وولايته لا في نبوته ورسالته