بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليكم يا من اذهب الله عنكم الرجس وطهركم تطهيرا فاوجب علينا طاتكم فَالرَّاغِبُ عَنْكُمْ مَارِقٌ ، وَاللاَّزِمُ لَكُمْ لاَحِقٌ ، وَالمُقَصِّرُ في حَقِّكُمْ زَاهِقٌ ، وَالحَقُّ مَعَكُمْ وَفِيكُمْ ، وَمِنْكُمْ وَإِلَيْكُمْ ، وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَمِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ ، وَإِيَابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَيْكُمْ ، وَفَصْلُ الخِطَابِ عِنْدَكُمْ ، وَآيَاتُ اللهِ لَدَيْكُمْ ، وَعَزَائِمُهُ فِيكُمْ ، وَنُورُهُ وَبَرْهَانُهُ عِنْدَكُمْ ، وَأَمْرُهُ إِلَيْكُمْ .
***
الحمد لله رب العالمين وصلى الله عليكم يا من اذهب الله عنكم الرجس وطهركم تطهيرا فاوجب علينا طاتكم فَالرَّاغِبُ عَنْكُمْ مَارِقٌ ، وَاللاَّزِمُ لَكُمْ لاَحِقٌ ، وَالمُقَصِّرُ في حَقِّكُمْ زَاهِقٌ ، وَالحَقُّ مَعَكُمْ وَفِيكُمْ ، وَمِنْكُمْ وَإِلَيْكُمْ ، وَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَمَعْدِنُهُ ، وَمِيرَاثُ النُّبُوَّةِ عِنْدَكُمْ ، وَإِيَابُ الخَلْقِ إِلَيْكُمْ ، وَحِسَابُهُمْ عَلَيْكُمْ ، وَفَصْلُ الخِطَابِ عِنْدَكُمْ ، وَآيَاتُ اللهِ لَدَيْكُمْ ، وَعَزَائِمُهُ فِيكُمْ ، وَنُورُهُ وَبَرْهَانُهُ عِنْدَكُمْ ، وَأَمْرُهُ إِلَيْكُمْ .
***
المتن :
( " فصل " المفهوم إن امتنع فرض صدقه على كثيرين فجزئي والا فكلي ، امتنعت افراده او امكنت ولم توجد او وجد الواحد فقط مع امكان الغير او امتناعه او الكثير مع التناهي او عدمه )
الشرح :
بعد الانتهاء من مباحث الالفاظ يشرع في هذا الفصل ببحث الكلي ويتضمن المتن اربعة مطالب رئيسة :
- تعريف الجزئي والكلي واقسام الكلي .
- النسب الاربع .
- الكليات الخمس .
- ثم يختم الكلام عن الكلي بـ( خاتمة ) يبين فيها : " تقسيم الكلي الى طبيعي ومنطقي وعقلي " .
وسينصب شرحنا في هذا الدرس المطلب الأول .
وفيه نقطتان :
*النقطة الأولى : تعريف الجزئي والكلي .
* الجزئي : هو المفهوم الذي يمتنع فرض صدقه على كثيرين كمفهوم زيد .
* الكلي : هو المفهوم الذي لا يمتنع فرض صدقه على كثيرين كمفهوم الانسان .
ولنا هنا ثلاث وقفات :
اولا : مقسم الكلي والجزئي كما هو واضح هو المفهوم والمراد منه هو ما حصل عند العقل فيعلم من هذا ان الموجود مالم يحصل يكن حاصلا عند العقل فلا يصح وصفه بالكلية او الجزئية لانهما وصف للمفهوم والموجود في الخارج ومتن الاعيان مقابل الذهن ليس معنى ومدلول ومفهوم ليقال عنه كلي او جزئي
ثانيا : هنا الفاظ ثلاثة لشيء واحد ذاتا وجوهرا :
1ـ المفهوم
2ـ والمعنى
3ـ والمدلول
. فكلها تفيد معنى واحدا وهو ما يستفاد من اللفظ عند اطلاقه لكنها مختلفة بالاعتبار واللحاظ فحسب فمن حيث الفهم من اللفظ يسمى مفهوما كفهم " القول المفرد " من لفظ الكلمة في النحو ومن حيث ان لفظ " الكلمة " يدل على " القول المفرد " فهو مدلول له ومن حيث قصد المتكلم اطلاق لفظ " الكلمة " وارادة " القول المفرد فهو معنى من عناه اذا قصده .
ثالثا : للفرض معنيان :
1ـ تجويز العقل .
2 ـ تقدير العقل .
والفرق بينهما ان الفرض بمعنى تجويز العقل لا يشمل الممتنعات كاجتماع النقيضين بينما الفرض بمعنى التقدير يشملها الا ترى اننا نقول : فرض المحال ليس بمحال ؟ فان الفرض في هذا القول هو بمعنى التقدير ولا حائل امام العقل يمنعه من التقديرات .
فما هو المراد منه في تعريف الجزئي والكلي ؟
الجواب : هو المعنى الأول لا الثاني ـ اي الفرض بمعنى تجويز العقل دون تقديره ـ والسبب في ذلك ان العقل كما قلنا لا صاد ولامانع له من ان يقدر كل شيء بما في ذلك المحالات وعليه فلا يستحيل مثلا ان يقدر صدق الجزئي على كثيرين ولا عدم صدق الكلي على كثيرين ، لكنه لا يجوز ذلك فيكون معنى الجزئي هو ما لم يجوز العقل صدقه على كثيرين والكلي هو ما جوّز العقل صدقه على كثيرين .
* النقطة الثانية : أقسام الكلي .

بيان الأقسام
القسم الأول : هو الكلي الذي يمتنع وجود ولو فرد واحد له ومثاله : اللاشيء واللاموجود فان فرض اي فرد له يستلزم اجتماع النقيضين كما هو واضح .القسم الثاني : هو الكلي الذي لم يمتنع وجود افراد له لكنها لم توجد بكلمة اخرى : افراده ممكنة لكنها لم توجد فمجرد الامكان لا يعني التحقق والوجود الفعلي لان الامكان اعم من الوقوع كما لا يخفى ، ومثال هذا : مفهوم العنقاء فانه كلي ليس له افراد خارجا وان كان وجودها ممكن .
القسم الثالث : وهو الكلي افراده ممكنة وقد وجد منها فرد واحد فقط مع امكان وجود افراد غيره ومثال هذا : مفهوم الشمس فانه كلي وجد له فرد وهو الشمس المعروفة عندنا ولا يستحيل وجود فرد آخر .
القسم الرابع : يشترك مع الثالث في وجود فرد واحد فقط ويختلف عنه في ان افراده التي لم توجد ممتنعة الوجود في حين ان الافراد الباقية في الثالث كانت ممكنة ومثال هذا القسم : مفهوم واجب الوجود فانه كلي لم يوجد له الا فرد واحد هو الله تبارك وتعالى مع استحالة وجود فرد اخر شريك له في وجوب الوجود كما دلت على ذلك براهين التوحيد .
القسم الخامس : وهو الكلي الذي وجدت له افراد كثيرة لكنها متناهية ومحدودة ومثاله : مفهوم الكوكب السيار فانه كلي قد وجد له افراد لكنها محدودة بسبعة .
القسم السادس : نفس الخامس بفارق ان افراده غير متناهية وليس لها عدد محدود ومن امثلته مفهوم : " معلوم الباري " فانه كلي ليس لافراد حصر ونهاية وكـمفهوم " العدد " فهو كلي ليس لافراده حد ونهاية فبعد كل عدد عدد فوقه ونظير العدد " النفس الناطقة " عند الفلاسفة طبقا لنظريتهم من ان العالم قديم ولا اول فلا اخر له .
هذه هي اقسام الكلي التي عرضها صاحب المتن بتعليق المحشي و يمكن بيان القسمة بطريقة أخرى :

اشكال وجواب
وقبل ان نختم من اللازم عرض اشكال على قول المصنف " او امكنت " اكتفى بدفعه المحشي دون عرضه وبيانه يتوقف على بيان مصطلحين هما :1ـ الامكان الخاص : وهو بايجاز عبارة عن سلب ونفي ضرورتين : ضرورة الايجاب وضرورة السلب فالممكن بالامكان الخاص هو ما لا يكون وجوده ضروري وحتمي ولا يكون عدمه ضروري كذلك ومثاله كل شيء عدا الله تعالى ، ويقابل هذا الممكن واجب الوجود وممتنع الوجود .
2ـ الامكان العام : وهو عبارة عن سلب ونفي ضرورة واحدة والضرورة المنفية فيه هي ضرورة القضية المخالفة فمثلا : الله موجود بالامكان العام ، ما يخالفها هو : الله ليس بموجود وهذا المخالف ضرورته منفية بمقتضى الامكان العام الذي يعني نفي ضرورة الطرف المخالف وبكلمة اخرى : الممكن العام له افراد ثلاثة هي : الممكن الخاص والواجب والممتنع ، نعم الواجب والممتنع كالنقيضين فان كانت القضية الممكنة العامة موجبة كان المنفي الامتناع كما هو الحال في المثال اعلاه ، وان كانت سالبة كان المنفي وجوب الوجود كـ شريك الباري ليس بموجود بالامكان العام كل ذلك مع صرف النظر عن الجانب الموافق فقد يكون ضروريا كما في المثال الاول وقد يكون ممتنعا كما في المثال الثاني وقد لا يكون لا ضروريا ولا ممتنعا اي ممكنا بالامكان الخاص كـ الانسان موجود بالامكان العام وسياتي الحديث عنه بشكل مفصل في باب القضايا وتحديدا في باب الموجهات .
ـ بيان الاشكال ـ
وبعد هذا البيان المختصر للمصطلحين نعود لبيان الاشكال على عبارة المتن " او امكنت " فنقول:لا يخلو المراد من " الامكان " في العبارة من احد امرين:
أـ اما الامكان العام : فيلزم جعل فرد الشيء قسيما له .
ب ـ او الامكان الخاص : فيلزم جعل قسيم الشيء قسما منه .
فعلى كل واحد منهما يلزم محذور :
بيان ذلك :
فان كان المراد هو الامكان العام فلا يصح جعله قسيما لـ " الامتناع " لانه قال في المتن " امتنعت افراده او امكنت " فجعل الامكان قسيما للامتناع وقد قلنا ان الامتناع فرد من الامكان العام !
واما ان كان المراد من الامكان هو الامكان الخاص فهو قسيم لواجب الوجود فلا يصح جعله مقسما له لانه قال في المتن : " امكنت ولم توجد او وجد الواحد فقط مع امكان الغير او امتناعه " فان المقصود من الكلمة الاخيرة ( او امتناعه ـ اي امتناع الغير ـ ) هو واجب الوجود كما مر عليك في الشرح .
ـ جواب الإشكال ـ
هو ما شرحه الملا عبد الله لعبارة المتن " او امكنت " بقوله : اي لم يمتنع افراده في الخارج فيشمل الواجب والممكن الخاص كليهما .ومعنى جوابه : ان المراد من الامكان في العبارة هو الامكان العام لكن لا مطلقا بحيث بل الامكان العام في الموجبة المتمثل بنفي الامتناع والشامل لضرورة الوجود ( = واجب الوجود ) و الامكان الخاص ولا يعد الامتناع فرد لهذا الامكان العام .
نعم يكون الامتناع فردا للامكان العام في القضية السالبة اي حين يكون الامكان العام عبارة عن سلب الضرورة عن طرف الوجود كما مثلنا بـ " شريك الباري ليس بموجود بالامكان العام " فيكون الامتناع فردا هنا لكنه غير مقصود في العبارة وانما المقصود هو : الامكان العام الذي هو سلب ضرورة العدم .