بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
ذكر عثمان الخميس في كتابه حقبة من التاريخ عند صفحات 192 – 193 . وهو : أنّ التصدق بالخاتم في الصلاة ينافي الخشوع .
قال: ( وسبحان الله يريدون مدحاً لعلي رضي الله عنه وهو غني عن مدحهم بما مدحه الله ، وبما مدحه رسوله صلى الله عليه وسلم فيذمونه ، فالله تبارك وتعالى يقول : (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن في الصلاة شغلاً )) ، فكيف نرضى لعلي رضي الله عنه وهو من رؤوس الخاشعين وأئمتهم أن يتصدق وهو يصلي ؟ كان يستطيع ، والأولى أن الإنسان يخشع في صلاته قدر ما يستطيع ويؤخر مثل هذه الأمور إلى ما بعد الصلاة) .
الجواب على الشبهة :
لا يخفى على كل ذي حظ من العلم والمعرفة ان القرآن جاء بألفاظ تدل بمضامينها على الوجوب والاستحباب في كثير من آياته منها قوله تعالى : (( وَمَا آتَيتم من رباً ليَربوَ في أَموَال النَّاس فَلا يَربو عندَ اللَّه وَمَا آتَيتم من زَكَاة تريدونَ وَجهَ اللَّه فأولَئكَ هم المضعفونَ )) (الروم:39),وقوله تعالى: (( وَأَوصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيّاً )) (مريم:31). فذكر المفسرون ان الزكاة هنا لم يكن المراد منها اداء المال الواجب بل المصدقة .
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية ما نصه : وإنما الثواب عند الله في الزكاة ; ولهذا قال : ( وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) أي : الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء ، كما [ جاء ] في الصحيح : " وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه ، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله ، حتى تصير التمرة أعظم من أحد " .
وقال البغوي في تفسيره ( وما آتيتم من زكاة ) أعطيتم من صدقة ( تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) يضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات).
تفسير اية : (( وَأَوصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيّاً ))
قال البغوي فيها : أي : أمرني بهما .
فإن قيل : لم يكن لعيسى مال ، فكيف يؤمر بالزكاة؟
قيل : معناه بالزكاة لو كان لي مال . وقيل : بالاستكثار من الخير .
وقال الطبري في تفسيره : وقوله ( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ) يقول: وقضى أن يوصيني بالصلاة والزكاة، يعنى المحافظة على حدود الصلاة وإقامتها على ما فرضها عليّ. وفي الزكاة معنيان: أحدهما: زكاة الأموال أن يؤدّيها. والآخر: تطهير الجسد من دنس الذنوب; فيكون معناه: وأوصاني بترك الذنوب واجتناب المعاصي.
وقوله ( مَا دُمْتُ حَيًّا ) يقول: ما كنت حيا في الدنيا موجودا، وهذا يبين عن أن معنى الزكاة في هذا الموضع: تطهير البدن من الذنوب، لأن الذي يوصف به عيسى صلوات الله وسلامه عليه أنه كان لا يدّخر شيئا لغد، فتجب عليه زكاة المال ، إلا أن تكون الزكاة التي كانت فرضت عليه الصدقة بكلّ ما فضل عن قوته، فيكون ذلك وجهًا صحيحًا.
على هذا البيان الوجيز فان الزكاة التي وردة في آية التصديق هي كما في الايتين المبينتين اعلاه أي المراد منها الصدقة المستحبة وليس الواجبة التي يأمر بها كل من له القدرة والمكانة على ادائها حتى يصح من المستشكل بقوله ان علي (عليه السلام) لكم يكن له شيء يتصدق به هذا ما أردنا بيانه استطرادا.
اما ما في خصوص ما اشكل به الخميس من انه يخالف الخشوع في الصلاة الذي عرف به علي بن ابي طالب (عليه السلام)
أقول : العمل اليسير غير مبطل للصلاة وذلك بشواهد كثير منها :
ما ذهب إليه الجصاص في كتابه أحكام القرآن باب العمل اليسير في الصلاة حيث قال :فإن كان المراد فعل الصدقة في حال الركوع فإنه يدل على إباحة العمل اليسير في الصلاة , وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار في إباحة العمل اليسير فيها , فمنها أنه خلع نعليه في الصلاة , ومنها أنه مس لحيته وأنه أشار بيده , ومنها حديث ابن عباس أنه قام على يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بذؤابته وأداره إلى يمينه , ومنها أنه كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بْن الربيع , فإذا سجد وضعها وإذا رفع رأسه حملها.
فدلالة الآية ظاهرة في إباحة الصدقة في الصلاة لأنه إن كان المراد الركوع فكان تقديره : الذين يتصدقون في حال الركوع فقد دلت على إباحة الصدقة في هذه الحال , وإن كان المراد وهم يصلون فقد دلت على إباحتها في سائر أحوال الصلاة ; فكيفما تصرفت الحال فالآية دالة على إباحة الصدقة في الصلاة.
فإن قَالَ قائل : فالمراد أنهم يتصدقون ويصلون , ولم يرد به فعل الصدقة في الصلاة.
قيل له : هذا تأويل ساقط , من قبل أن قوله تعالى: وهم راكعون إخبار عن الحال التي تقع فيها الصدقة , كقولك : تكلم فلان وهو قائم , وأعطى فلانا وهو قاعد , إنما هو إخبار عن حال الفعل.
كما انكم ترون عن سنن أبي داود في "كتاب الصلاة" باب الصلاة في النعل (ص 76): في حق النبي (صلى الله عليه وآله) الحركة في الصلاة حيث يقول :حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا أو قال أذى".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى.
وقال النووى فى " المجموع " (2/179 , 3/132 , 156) : " وإسناده صحيح ".
اذاً بناءً على ما بينا فأن الحركة اليسيرة لا اثر لها في ابطال الصلاة وما اشيع من شبهة حول الحركة خلال التصدق بأنه يوجب البطلان فهو باطل .
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى.
ذكر عثمان الخميس في كتابه حقبة من التاريخ عند صفحات 192 – 193 . وهو : أنّ التصدق بالخاتم في الصلاة ينافي الخشوع .
قال: ( وسبحان الله يريدون مدحاً لعلي رضي الله عنه وهو غني عن مدحهم بما مدحه الله ، وبما مدحه رسوله صلى الله عليه وسلم فيذمونه ، فالله تبارك وتعالى يقول : (قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون ) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن في الصلاة شغلاً )) ، فكيف نرضى لعلي رضي الله عنه وهو من رؤوس الخاشعين وأئمتهم أن يتصدق وهو يصلي ؟ كان يستطيع ، والأولى أن الإنسان يخشع في صلاته قدر ما يستطيع ويؤخر مثل هذه الأمور إلى ما بعد الصلاة) .
الجواب على الشبهة :
لا يخفى على كل ذي حظ من العلم والمعرفة ان القرآن جاء بألفاظ تدل بمضامينها على الوجوب والاستحباب في كثير من آياته منها قوله تعالى : (( وَمَا آتَيتم من رباً ليَربوَ في أَموَال النَّاس فَلا يَربو عندَ اللَّه وَمَا آتَيتم من زَكَاة تريدونَ وَجهَ اللَّه فأولَئكَ هم المضعفونَ )) (الروم:39),وقوله تعالى: (( وَأَوصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيّاً )) (مريم:31). فذكر المفسرون ان الزكاة هنا لم يكن المراد منها اداء المال الواجب بل المصدقة .
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية ما نصه : وإنما الثواب عند الله في الزكاة ; ولهذا قال : ( وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) أي : الذين يضاعف الله لهم الثواب والجزاء ، كما [ جاء ] في الصحيح : " وما تصدق أحد بعدل تمرة من كسب طيب إلا أخذها الرحمن بيمينه ، فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله ، حتى تصير التمرة أعظم من أحد " .
وقال البغوي في تفسيره ( وما آتيتم من زكاة ) أعطيتم من صدقة ( تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون ) يضاعف لهم الثواب فيعطون بالحسنة عشر أمثالها فالمضعف ذو الأضعاف من الحسنات).
تفسير اية : (( وَأَوصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمتُ حَيّاً ))
قال البغوي فيها : أي : أمرني بهما .
فإن قيل : لم يكن لعيسى مال ، فكيف يؤمر بالزكاة؟
قيل : معناه بالزكاة لو كان لي مال . وقيل : بالاستكثار من الخير .
وقال الطبري في تفسيره : وقوله ( وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ ) يقول: وقضى أن يوصيني بالصلاة والزكاة، يعنى المحافظة على حدود الصلاة وإقامتها على ما فرضها عليّ. وفي الزكاة معنيان: أحدهما: زكاة الأموال أن يؤدّيها. والآخر: تطهير الجسد من دنس الذنوب; فيكون معناه: وأوصاني بترك الذنوب واجتناب المعاصي.
وقوله ( مَا دُمْتُ حَيًّا ) يقول: ما كنت حيا في الدنيا موجودا، وهذا يبين عن أن معنى الزكاة في هذا الموضع: تطهير البدن من الذنوب، لأن الذي يوصف به عيسى صلوات الله وسلامه عليه أنه كان لا يدّخر شيئا لغد، فتجب عليه زكاة المال ، إلا أن تكون الزكاة التي كانت فرضت عليه الصدقة بكلّ ما فضل عن قوته، فيكون ذلك وجهًا صحيحًا.
على هذا البيان الوجيز فان الزكاة التي وردة في آية التصديق هي كما في الايتين المبينتين اعلاه أي المراد منها الصدقة المستحبة وليس الواجبة التي يأمر بها كل من له القدرة والمكانة على ادائها حتى يصح من المستشكل بقوله ان علي (عليه السلام) لكم يكن له شيء يتصدق به هذا ما أردنا بيانه استطرادا.
اما ما في خصوص ما اشكل به الخميس من انه يخالف الخشوع في الصلاة الذي عرف به علي بن ابي طالب (عليه السلام)
أقول : العمل اليسير غير مبطل للصلاة وذلك بشواهد كثير منها :
ما ذهب إليه الجصاص في كتابه أحكام القرآن باب العمل اليسير في الصلاة حيث قال :فإن كان المراد فعل الصدقة في حال الركوع فإنه يدل على إباحة العمل اليسير في الصلاة , وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبار في إباحة العمل اليسير فيها , فمنها أنه خلع نعليه في الصلاة , ومنها أنه مس لحيته وأنه أشار بيده , ومنها حديث ابن عباس أنه قام على يسار النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بذؤابته وأداره إلى يمينه , ومنها أنه كان يصلي وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بْن الربيع , فإذا سجد وضعها وإذا رفع رأسه حملها.
فدلالة الآية ظاهرة في إباحة الصدقة في الصلاة لأنه إن كان المراد الركوع فكان تقديره : الذين يتصدقون في حال الركوع فقد دلت على إباحة الصدقة في هذه الحال , وإن كان المراد وهم يصلون فقد دلت على إباحتها في سائر أحوال الصلاة ; فكيفما تصرفت الحال فالآية دالة على إباحة الصدقة في الصلاة.
فإن قَالَ قائل : فالمراد أنهم يتصدقون ويصلون , ولم يرد به فعل الصدقة في الصلاة.
قيل له : هذا تأويل ساقط , من قبل أن قوله تعالى: وهم راكعون إخبار عن الحال التي تقع فيها الصدقة , كقولك : تكلم فلان وهو قائم , وأعطى فلانا وهو قاعد , إنما هو إخبار عن حال الفعل.
كما انكم ترون عن سنن أبي داود في "كتاب الصلاة" باب الصلاة في النعل (ص 76): في حق النبي (صلى الله عليه وآله) الحركة في الصلاة حيث يقول :حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال ما حملكم على إلقاء نعالكم قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل صلى الله عليه وسلم أتاني فأخبرني أن فيهما قذرا أو قال أذى".
وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى.
وقال النووى فى " المجموع " (2/179 , 3/132 , 156) : " وإسناده صحيح ".
اذاً بناءً على ما بينا فأن الحركة اليسيرة لا اثر لها في ابطال الصلاة وما اشيع من شبهة حول الحركة خلال التصدق بأنه يوجب البطلان فهو باطل .