إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بناء الانسان الكامل في منهج اهل البيت(عليهم السلام)(الخط الثاني)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بناء الانسان الكامل في منهج اهل البيت(عليهم السلام)(الخط الثاني)


    الخط الثاني : العمل على تقوية العناصر النظرية الانسانية وترشيدها .
    وهذه العناصر التي يشهد بها الوجدان هي عنصر التعقل ، وعنصر الارادة ، والميول والدوافع الغريزية وقد سعت النصوص الواردة عنهم(عليهم السلام) الى تقوية هذه العناصر وتجليتها في السلوك الانساني ، مع تأكيد على الحالة المتوازنة فيها بحيث تؤدي دورها الطبيعي دون أن يطغى بعضها على البعض الاخر ، وإلاّ انقلب الامر إلى ضده وتحولت إلى عناصر سلبية قاتلة .

    وتتجلى هذه العملية التربوية الانسانية فيما يلي :
    أ ـ تنمية عنصر التعقل واعطاؤه الدور الاساسي في البين :
    والحديث عن هذا المجال رحب فسيح والروايات كثيرة ، وقد اوجدت التأثير في المجال العقائدي، كما في مسألة التركيز على ضرورة الايمان العقلي باصول العقيدة أو في مسألة التحسين والتقبيح العقليين حيث طرحت اروع نظرية اسلامية في البين أو في مسألة الصفات الالهية أو في مجال القضاء والقدر وغير ذلك ، كما كان لها الاثر في `المجال الاستنباطي ، حيث عاد العقل اصلاً من اصول الفقه على التفصيلات المذكورة في محلها . هذا فضلاً عن الحث على إعمال المنهج العقلي في مختلف مجالات المعرفة الاخرى . ونورد هنا بعض النصوص نموذجا , محيلين الراغبين في المزيد إلى الكتب الحديثية المفصلة :
    1 ـ عن الامام امير المؤمنين(عليه السلام) : «من قعد به العقل قام به الجهل» [6]
    2 ـ عنه(عليه السلام) : «العقل اقوى اساس » [7]
    3 ـ وعنه(عليه السلام) : «العقل رسول الحق » [8]
    4 ـ عن الامام الصادق(عليه السلام) : «لا غنى أخصب من العقل ، ولا فقر احطّ من الحمق » [9]
    5 ـ عن الامام الكاظم(عليه السلام) : «يا هشام ، ما قسّم بين العباد افضل من العقل» [10]
    6 ـ عن الامام الباقر(عليه السلام) : «إنما يداقّ اللّه العباد في الحساب يوم القيامة على قدر ما آتاهم من العقول في الدنيا» [11]
    7 ـ وعن الامام علي(عليه السلام) : «العقول أئمة الافكار ، والافكار أئمة القلوب ، والقلوب أئمة الحواس ، والحواس أئمة الاعضاء» . [12]
    8 ـ وعن الامام الكاظم(عليه السلام) : «من اراد الغنى بلا مال وراحة القلب من الحسد والسلامة في الدين ، فليتضرع إلى اللّه عز وجل في مسألته بأن يكمل عقله » [13]
    9 ـ وعن الامام الصادق(عليه السلام) : «حجة اللّه على العباد النبي ، والحجة فيما بين العباد وبين اللّه العقل » [14]
    10 ـ وعن الامام علي(عليه السلام) : «ما آمن المؤمن حتى عقل » [15]
    11 ـ وعنه(عليه السلام) : «العقل عقلان : عقل الطبع وعقل التجربة ، وكلاهما يؤدي المنفعة » [16]
    12 ـ وعنه(عليه السلام) : «لو لم ينه اللّه سبحانه عن محارمه لوجب أن يجتنبها العقل » [17]
    13 ـ وفي الحديث عن وصايا لقمان : «تواضع للحق تكن اعقل الناس» [18]
    ب ـ تقوية عنصر الارادة الانسانية :
    وهذا المعنى امر يؤكده الاسلام ويخطط له تخطيطاً واسعاً ويفرد له جزءاً كبيراً من برامجه ، ومن المقطوع به أن أحد أهداف الصوم ، وكذلك احد اهداف عملية الحج ، هو تقوية الارادة الانسانية عبر التدريب على الصبر ، وهو المعنى المعطى للصوم ، وعبر تفهيم الانسان أن عليه أن يضبط حواسه بارادته ولا يدع نفسه تتغلب عليه ، وإلاّ عاد كالحيوان همه علفه .
    وقد عمل اهل البيت(عليهم السلام) على تقوية هذه الارادة ، وتربية الاتباع الواعين الصابرين عبر النصوص المؤكدة على ذلك ، وعبر التأكيد على ضرورة ضبط النفس والسيطرة على الهوى .
    يقول امير المؤمنين(عليه السلام): «العقل صاحب جيش الرحمن والهوى قائد جيش الشيطان والنفس متجاذبة بينهما، فأيهما غلب كان في حيزه»[19]
    وعنه(عليه السلام) : «العاقل يتقاضى نفسه بما يجب عليه ولا يتقاضى لنفسه بما يجب له» [20]
    وعن الامام الكاظم(عليه السلام) : «اكثر الصواب في خلاف الهوى» [21]
    وقال الامام الحسن(عليه السلام) : «ايها الناس ، إنما اخبركم عن اخ كان من اعظم الناس في عيني . كان خارجاً من سلطان بطنه فلا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر إذا وجد . كان خارجاً من سلطان فرجه فلا يستخف له عقله ولا رأيه . كان خارجاً من سلطان الجهالة فلا يمدّ يده إلاّ على ثقة لمنفعة »[22]
    وعن رسول اللّه(صلى الله عليه وآله) : «ثلاث خصال من كن فيه استكمل خصال الايمان : الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في الباطل ، وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، ومن إذا قدر لم يتعاط ماليس له » [23]
    ويقول الامام علي(عليه السلام) : «لن يستكمل العبد حقيقة الايمان حتى يؤثر دينه على شهوته » [24]
    ويقول(عليه السلام) : «كان لي فيما مضى أخ في اللّه ، وكان يعظّمه في عيني صغر الدنيا في عينه ... » [25]
    ويقول(عليه السلام) : «اكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب ; فأنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضاً ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك اللّه حراً» [26]
    ويقول(عليه السلام) : «الصبر احسن خُلل الايمان واشرف خلائق الانسان » [27]
    ويقول الامام الصادق(عليه السلام) : «لا ينبغي ... لمن لم يكن صبوراً أن يعد كاملاً»[28]
    ويقول(عليه السلام) : «من جعل له الصبر والياً لم يكن بحدث مبالياً» [29]
    ويقول الامام علي(عليه السلام) :«بالصبر تدرك معالي الامور» [30]
    ويقول الامام الصادق(عليه السلام) : «الصبر رأس الايمان » [31]
    ج ـ التركيز على ضرورة الاستجابة المتوازنة للميول والغرائز :
    فهي في التصور الاسلامي من عطاء اللّه تعالى ، فيجب ألا تكبت من جهة وألاّ يفسح المجال لها لتؤثر على السلوك تأثيراً اعمى ، بل يتم التوازن في عملها باختلاف الظروف والاحوال ووفق هدى الشريعة الغراء وعبر اعمال الارادة الانسانية الواعية .
    فالغرائز طاقات فوّارة عُبئت في الذات الانسانية لتقوم بدفع الانسان للحفاظ على ذاته وللابقاء على نوعه ، والاندفاع نحو استكناه المجهول واعمار الارض واثراء المسيرة الانسانية والوصول بعد ذلك إلى التدين الواقعي ، ومالم يدعمها تعقل صحيح ويهديها وحي اصيل وعلم الهي واسع وتضبطها إرادة قوية ، فسوف تتحول إلى قوى مخّربة وهّدامة تمزق الانسان وتهوي به في مكان سحيق .
    ومن هنا جاءت الروايات الشريفة عن اهل البيت(عليهم السلام) لتؤكد هذه الحقيقة ولتدفع الانسان نحو المسيرة المتوازنة .
    فللانسان أن يحب ذاته ويعمل لها ، ولكن ينبغي ألاّ ينسى أن ذاته مكتوب لها الخلود فعليه أن يعد لذاته في عالم الاخرة ، كما أن عليه ألاّ ينسى أن هناك حباً اسمى للّه تعالى الجمال والكمال المطلق ، وحينئذ ينسى نفسه في حب اللّه .
    يقول الامام امير المؤمنين في مناجاته : «الهي ، كفى بي عزاً أن اكون لك عبداً . وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً . انت كما احب فاجعلني كما تحب».
    ويقول الامام الصادق(عليه السلام) : «لا يمحض رجل الايمان باللّه حتى يكون اللّه احب إليه من نفسه وابيه وامه وولده واهله وماله ومن الناس كلهم » [32]
    ويقول الامام الباقر(عليه السلام) : «الدين هو الحبّ والحبّ هو الدين »[33]
    ويقول الامام الصادق(عليه السلام) : «إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب اللّه وكان عنه اهل الدنيا كأنه قد خولط ، وإنما خالط القوم حلاوة حب اللّه فلم يشتغلوا بغيره »[34]
    وقل نفس الشيء عن الغرائز الاخرى كالغضب والتدين والتملك والغريزة الجنسية وغريزة الامومة وغيرها . ولن نطيل في هذا المجال فالحديث عنه واسع .
    ولا ننسى أن هناك ثروة دعائية ضخمة ورثناها عن اهل البيت(عليهم السلام) ، وهي تركز عنصر التعادل والتوازن اروع تركيز ، وهو ما نلاحظه مثلاً في دعاء الامام علي(عليه السلام) الذي رواه كميل بن زياد ، والادعية الواردة في الصحيفة السجادية وغيرها .
    يقول الامام زين العابدين في دعاء مكارم الاخلاق : «اللّهم صلّ على محمد وآل محمد ولا ترفعني في الناس منزلة إلاّ حططتني عند نفسي مثلها ، ولا تحدث لي عزاً ظاهراً إلاّ احدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها ... اللّهم لا تدع خصلة تعاب مني إلاّ أصلحتها ولا عائبة أؤنّب بها إلاّ حسّنتها ولا اكرومةً فيّ ناقصة إلاّ اتممتها ... اللّهم اجعلني اصول بك عند الضرورة واسألك عند الحاجة واتضرع اليك عند المسكنة ... اللّهم خذ لنفسك من نفسي ما يخلّصها وأبق لنفسي من نفسي ما يصلحها ، فإن نفسي هالكة أو تعصمها» .
    ولا يسع المجال للتوسع فإن العطاء واسع .
    غدير الجابريsigpic
يعمل...
X