بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
قال تعالى (ياايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) .
ورد في الحديث الشريف عن ابن ابي نصر عن الامام الرضا عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل ((ياايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)) فقال عليه السلام الصادقون هم الائمة والصديقون بطاعته .
هذه الاية الشريفة من الايات العظيمة التي تحتوي على دقائق في اهم مسألة اعتقادية وهي مسألة الامامة وقد بحثها العلماء والمتكلمون قديماً وحديثاً بما فيهم الخواجا في التجريد لكن هذه الاية لم تعطى حقهى من البحث ولذا سنبحث هذه الاية في مسائل عدة :
المسألة الاولى :
يستفاد من هذه الاية وجود معصوم في كل زمان وكيفية هذه الدلالة هو ان يقال ان الله سبحانه وتعالى امر بالكون مع الصادقين فلا بد من وجودهم حتى يصح الامر المتوجه لسائر المؤمنين في الكون معهم (أي مع الصادقين ) لابد من وجود الصادقين الذين يصح الامربالكون معهم وبكلمة اخرى حيث ان المكلفين موجودون في كل زمان (في زمان نزول هذه الاية وفي زماننا وفي كل زمان ) هذا من جهة ومن جهة اخرى خطابات القرآن الكريم شاملة لكل مؤمن بمعنى خطاب القرآن مأخوذ على نحو القضايا الحقيقية لا تقيد خطاباته واوامره بزمان دون زمان فإذن كل المؤمنين وفي كل زمان يتوجه لهم الامر بالكون مع الصادقين فإن امرهم الله بالكون مع الصادقين دون وجود صادقاً منهم يكون الامر تكليفاً بالمحال ويشهد لهذا الفهم من هذه الاية حديث النبي (صلى الله عليه وآله ) وكلام مفسرين من العامة وكلام العلماء، اما حديث النبي (صلى الله عليه وآله ) فقوله من مات بغير امام مات ميتة الجاهلية وهذا الحديث متواتر عندنا وصحيح عند العامة حيث ذكره الالباني في ظلال الجنة وحسنه ايضاً هذا من جهة، و من جهة اخرى صرح بهذا المعنى الفخر الرازي في تفسيره ان هذه الاية تدل على وجود الصادقين في كل زمان حيث قال ( المسألة الاولى انه تعالى امر المؤمنين بالكون مع الصادقين ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين في كل وقت........ ان قوله كونوا مع الصادقين امر بمرافقة الصادقين ونهي عن مفارقتهم وذلك مشروط بوجود الصادقين وما لا يتم الواجب الا به فهو واجب فدلت هذه الاية على وجود الصادقين )، اذاً من جهة حديث النبي (صلى الله عليع وآله) المروي من طرق العامة والخاصة يشهد على ما استفدناه من الاية وكلام المفسرين يشهد لذلك ايضاً مضافاً الى ذلك كلام العلماء بشكل عام بما فيهم ابن تيمية ايضاً يقول بوجود حجة في كل زمان حيث قال في كتابه مجموع الفتاوى ج25 ص131 يقول ( فإن الارض لن تخلوا من قائم لله بحجة لكي لا تبطل حجج الله وبيناته ) كذلك ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/494 يقول (وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الامة مع كونه في اخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الاخبار ان الارض لاتخلوا من قائم لله بحجة والله اعلم ) هذا تصريح ان الارض لاتخلو من حجة لكن هذا كلام عام من هو الحجة ؟ صرحت طائفة اخرى على ان ذلك الحجة لابد ان يكون من اهل البيت عليهم السلام مثل ابن حجر صاحب الصواعق وابن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري ، ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة يقول ( والحاصل ان الحث وقع على التمسك بالكتاب والسنة وبالعلماء بهما من اهل البيت ويستفاد من مجموع ذلك بقاء الامور الثلاثة الى قيام الساعة ) ونفس المضمون قاله المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير قال ( تنبيه قال الشريف هذا الخبر يفهم بوجود من هم اهل للتمسك به من اهل البيت والعترة الطاهرة في كل زمن الى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور الى التمسك به كما ان الكتا ب كذلك فلذلك كانوا امان لاهل الارض فإن ذهبوا ذهب امان الله ) .