اهمية القاعدة
لعل من الضروري التعرض لبعض الادلة الشرعية التي تضمّن الاهم والمهم لبيان اهمية الموضوع وانه السر الذي يقف وراء الكثير من الاحكام والتشريعات الاسلامية وللدلالة ايضا على فطرية تشريعات الاسلام ومنطقيتها وتوافقها مع العقل والاحكام العقلائية الصحيحة
فنقول: هناك جملة من الادلة والقواعد الشرعية ترجع في محصلتها الى الاهم والمهم او تكون من صغرياتها لان الشارع لاحظ فيها التسهيل على المكلفين والسير والرحمة بهم او اللطف المقرب لهم الى الطاعة والمبعد عن المعصية امتناناً لانها اهم في قبال التشديد عليهم وايقاعهم في مشقة الا لزامات العسيرة والمجهدة
منها : ادلة الامارات والظنون الخاصة التي قام الدليل على اعتبارها كالخبر الواحد فان عمدة الفقه يقوم على اخبار الاحاد فان جعل الشارع الحجية له مع انه من الظنون لمصلحة التسهيل التي هي اهم وذلك لانه لولا ذلك لدار الشارع بين امور
أ ان يوجب العباد تحصيل العلم بالاحكام وهو منحصر بالعلم الوجداني والاخبار المتواترة والاخبار المحفوفة بالقرائن لاقطعية .
ب ان لايكلفهم بشيء فيفوّت عليهم الكثير من الصالح الواقعية والمخالفات الولوية
ج ان يكلفهم بالعمل بالظنون الخاصة .
ومن الواضح ان العلم متعذر الحصول غالباً بل مواردة قليلة عادة لا تستوعب كل المسائل التي يحتاجها العباد في مقام العمل فيلزم التكليف بغير المقدور في كثير الاحيان , والمخالفة خروج عن غرض التشريع في كثير من الوارد واختلال النظام ونق للغرض في كثير من الموارد الاخرى فلم يبق الا العمل بالظن الخاص لانه الحل الامثل الذي تقتضيه الحكمة لانه يجمع بين طاعة المولى وإيصال العباد الى المصالح الواقعية او الجعلية السلوكية وعدم الوقوع في العسر والحرج والمشقة ونحوها .
... ومنها : إيجاب الشارع العمل بالبينات والايمان وظاهر الحال واصالة الصحة في فعل المسلم وقول ذي اليد ونحو ذلك في باب القضاء وذلك دفعا للهرج والمرج واختلال النظام فانه لو اوجب العلم في ذلك والاخذ بالواقع لم يقم للمسلمين سوق ولا يمكن فصل الخصومات ولأوجب العراك والتخاصم في كثير من الموارد مع ان الواقع هو المطلوب اولا وبالذات فحيث ان المكلفين لا يقدرون على الوصول اليه في الغالب لعجزهم وجهلهم فيبقى ان يكلفهم بالعلم وهو مشقة وتكليف بغير المقدور او يجيز لهم الترك وفيه تفويت الكثير من المصالح الواقعية وايقاعهم في الكثير من المفاسد مضافاً الى نقض الغرض او يعتبر الطريق الظني حجة شرعاً عليهم وتكليفهم بالعمل بها لايجاد الامن وإيصال الحقوق لاهلها ولو بحسب الظاهر ...
ومنها : رافعية الادلة الثانوية وسائر الادلة الامتنانية للتكاليف الاولية كأدلة رفع الضرر والعسر والحرج فان الشارع كان يمكنه إيجاب كل لك عليهم مادام في دائرة الوسع والطاقة كالوضوء الضرري والصوم والحج الضرريين وكذا في الغسل الحرجي ونحو ذلك من التكاليف ولا يلزم منه محذور عقلي لان المحال العقلي هو التكليف بغير المقدور ...
ومنها : ادلة البراءة والفع للخطأ والنسيان والجهل والاضطرار ورفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ونحو ذلك وكان بامكان الشارع ان يوجب الاحتياط في موارد الجهل بالتكليف او يوجب عليهم تحصيل العلم وكلاهما عير وتضييق , فرفعها الشارع لاهمية التسهيل والامتنان عليهم من الاحتياط والالزام والامارات القائمة على الاحكام والموضوعات كل ذلك لاهمية التسهيل على غيره .
والخلاصة
ان الاهم والمهم هو الروح التي تقف وراء الكثير من الادلة الشرعية وليس احكامها فقط , وهو يكفي لاثبات شرعيتها وإمكان التمسك بها في مقام الفتوى , فكيف وقد قامت الادلة النقلية والعقلية عليها