بسم الله الرحمن الرحيم
ان من لاحظ اغلب كتب العقيدة يجد انها تعتمد كثيرا على المنهج العقلي فلابد أولا من اثبات حجية هذا المنهج وسبب جعله منهجا للبحث في علم الكلام وباقي العلوم العقلية:
اما سبب جعل منهج البحث في علم الكلام وباقي العلوم العقلية هو المنهج العقلي فلانهم جعلوا الملاك في منهج البحث في العلوم هو موضوع العلم فاذا كان موضوع العلم ماديا كان منهج البحث هو المنهج الحسي التجريبي القائم على الاستقراء، واذا كان موضوع العلم مجردا فالمنهج هو العقل والنقل .
وقد يستدل على ضرورة الالتزام بالمنهج العقلي في علم الكلام ونحوه : ان الاستدلال بالمنهج النقلي يتوقف على اثبات الشرع أولا فلابد من الاقتصار على المنهج العقلي في باب التوحيد والعدل والنبوة ثم بعد ذلك يمكن استخدام النقل في اثبات العقائد.
لكن هذا الجواب يبين ان جواز الاخذ بالدليل العقلي متوقف على تعذر الاخذ بالنقل فمتى ما امكن استخدام النقل فحينئذ فقدنا المسوغ لاستخدام العقل بمعنى اننا لا يجوز ان نستخدم الدليل العقلي في مورد جاء النقل به، فاذا جاء النقل بسهو النبي مثلا فلا يجوز ان ننفي ذلك بادلة العصمة العقلية واذا جاء النقل بلعب الامام الحسين عليه السلام على ظهر النبي في الصلاة فلا ننفي هذا النقل بادلة عصمة الامام من الولادة وان هذا الامر لا يناسب العصمة عن الخطأ لانه اشغال للنبي صلى الله عليه واله في الصلاة واذا جاء النقل بوجود كلب في بيت فاطمة عليها السلام وبسببه يمتنع جبرئيل عليه السلام من الدخول فلا يجوزان نستخدم دليل العقل على رفض هذا النقل.
اذن الجواب السابق لا يصلح بل لا بد من اثبات جواز الاخذ بالدليل العقلي اذا كان قطعيا حتى مع وجود النقل.
واتفق الأصوليين من الامامية والمعتزلة على حجية الدليل العقلي وخالف فيه الاشاعرة والاخباريين من الشيعة والسلفية على خلاف بين الاشاعرة وغيرهم فالاشاعرة اجازوا الاخذ بدليل العقل الا انهم يتوقفون في ادراكه لحسن الافعال وقبحها فمورد عدم الاخذ عندهم هو مدركات العقل العملي فقط بينما الاخباريون والسلفية يرفضون الدليل العقلي جملة وتفصيلا فلا يرتضون بحكمه لا في العقائد ولا في الفقه وبما ان كلامنا في العقيدة فسيقتصر كلامنا على نقد القول الاخباري والسلفي.