بسم الله الرحمن الرحيم
ان العقل العام سواء كان برهانيا ام غير برهاني هو الحاكم المطلق والوحيد في اثبات شئ لشئ او نفيه عنه في مطلق القضايا الحملية او اثبات التعاند او التلازم او نفيهما في القضايا الشرطية وهذا في غاية الوضوح وفي سياقه يفهم كلام الغزالي: ((العقل حاكم لا يعزل قط)) المنطق والمعرفة عند الغزالي ص2930.
ولكن تارة يكون له ذلك بنفسه كحكمه بامتناع اجتماع النقيضين وتارة اخرى بالاستعانة بالادوات المعرفية الاخرى كالحس كحكمه بطلوع الشمس او التجربة كحكمه بان الاسبرين مسكن للالم او للوحي كحكمه بوجوب الصلاة وتارة تكون احكامه قطعية واخرى ظنية وهذا التفاوت في احكام العقل مرده الى المبادئ التي اعتمد عليها أي القضايا التي استعملها في القياس.
وبعبارة اوضح ان التفكير- وهو الانتقال من المعلوم الى المجهول - لا يخلو من احدى صور اربع:
1. ان يكون الانتقال من جزئي الى جزئي.
2. ان يكون الانتقال من جزئي الى كلي.
3. ان يكون الانتقال من كلي الى جزئي.
4. ان يكون الانتقال من كلي الى كلي.
وفي الصورة الاولى يكون الاستدلال تمثيلا، وفي الثانية استقراءا، وفي الثالثة والرابعة قياسا.
وبما ان التمثيل والاستقراء لا يورثان اليقين الا اذا ارجعناهما الى القياس صار العمدة في الاستدلال هو القياس،ولذا في الحقيقة أي استدلال قام به الانسان فهو لا يخرج عن هذه الصور الاربعة حتى من استدل على بطلان الدليل العقلي فقد استخدم صورة من صور الدليل العقلي لذا قلنا انه الحاكم الوحيد والمطلق.
وهذا القياس تارة تكون مقدماته يقينية واخرى حسية واخرى نقلية لكن لا يخرج الاستدلال من كونه قياسا ودليلا عقليا .
سعة دائرة الدليل العقلي:
يخرج عن حريم الدليل العقلي امور هي:
1. ان الموضوعات الاعتبارية الشرعية التي اكتسبت وجودها من اعتبار المعتبر لها كالاحكام الشرعية والقوانين الوضعية التي تكون ملاكات احكامها غائبة عن العقل وحاضرة في ذهن المعتبر لا غير.
2. الموضوعات الشخصية المتغيرة التي لا سبيل للبرهان اليها الا بعرض طبائعها الكلية.
وغير هذين الامرين فانه لا يخرج عن دائرة حجية العقل وله ان يعطي فيه حكما.