الباب الثاني وفيه فصول :
الفصل الأول / الأقوال في المقصود من أهل البيت
القول الأول : إن المراد من أهل البيت هم أصحاب الكساء
أنّه لمّا نزلت هذه الآية المباركة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، جمع أهله أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وألقى عليهم كساءً وقال : ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ) فإنّ الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الآية في حقّهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين فقط وإنّه لم يأذن النبي لان يكون مع هؤلاء أحد .
القول الثاني : إن المراد من أهل البيت هم أهل الكساء وزوجات النبي
أنّ المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة : أهل البيت أي علي وفاطمة والحسن والحسين والزوجات أيضاً و ينسب هذا القول إلى الضحّاك فقط ، ولم نجد في كتاب ابن الجوزي ( زاد المسير في علم التفسير) وأمثاله من يعزو هذا القول إلى غير الضحّاك .
ونرى أنّ قول الضحّاك وحده يعارض ما روته الصحاح والسنن والمسانيد عن ابن عباس ، وعن جابر بن عبد الله ، وعن زيد بن أرقم ، وعن سعد بن أبي وقّاص ، وعن أُمّ سلمة ، وعن عائشة
والحال أنّ نفس الزوجات هنّ بأنفسهنّ ينفين هذا القول ، فأُمّ سلمة وعائشة من جملة القائلين باختصاص الآية المباركة بأهل البيت
فأُمّ سلمة وعائشة تنفيان أن تكون الآية نازلة في حقّ أزواج النبي . كما أن نفس الآية الكريمة تدل على عدم شمول زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خلال دلالة لفظة (إنما) التي تجري مجرى ليس، ، فيكون تلخيص الكلام : ليس يريد الله إلا إذهاب الرجس على هذا الحد عن أهل البيت، فدل ذلك على إن إذهاب الرجس قد حصل فيهم . وذلك يدل على عصمتهم ، وإذا ثبت عصمتهم ثبت ما أردناه . وهو عدم شمول غير أهل البيت
القول الثالث : إن المراد من أهل البيت نساء النبي خاصة
إن هذا القول ينقل عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس ، فهذا كان يصرّ على أنّ الآية نازلة في خصوص أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتّى أنّه كان يمشي في الأسواق ويعلن عن هذا الرأي ، ويخطّئ الناس باعتقادهم باختصاص الآية المباركة بأهل البيت ، ممّا يدلّ على أنّ الرأي السائد عند المسلمين كان هذا الرأي ، حتّى أنّه كان يقول : من شاء باهلته في أنّ الآية نازلة في أزواج النبي خاصّة ، وفي تفسير الطبري : إنّه كان ينادي في الأسواق بذلك ، وفي تفسير ابن كثير إنّه كان يقول : من شاء باهلته أنّها نزلت في نساء النبي خاصّة ، وفي الدر المنثور ، كان يقول : ليس بالذي تذهبون إليه ، إنّما هو نساء النبي
لكنّ هذا القول يبطله :
أوّلاً : إنّه قول غير منقول عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
ثانياً : قول تردّه الأحاديث الصحيحة المعتبرة المعتمدة المتفق عليها بين المسلمين .
ثالثاً : هذا الرجل كان منحرفاً فكراً وعملاً ، وكان معادياً لأهل البيت ومن دعاة الخوارج .
الفصل الثاني / الادلة من السنة على القول الأول
السنة هي العادة وهي الطريق التي تتكرر لنوع الناس مما يعدونه عبادة أولا يعدونه عبادة . قال تعالى (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) 137آل عمران
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) والإتباع هو الاقتفاء والاستنان .
وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها ، وسنة الله تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته ، نحو ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) (62) الأحزاب
وقال الجرجاني في ا لتعريفات : السنة في اللغة الطريقة مرضية كانت أو غير مرضية ، وفي الشريعة هي الطريقة المسلوكة في الدين في غير افتراض ولا وجوب ، وسنة رسول الله هي ما كان عليه هو ، وجعلوا السنة القولية في الدرجة الثالثة من الدين ، وأنها تلي السنة العملية ، والسنة العملية تلي القرآن في المرتبة ، ذلك بأن القرآن قد جاء من طريق متواتر بحيث لا يتطرق إليه الشك ، فهو من أجل ذلك مقطوع به جملة وتفصيلا . أما السنة فقد جاءت من طريق غير متواتر ، فهي مظنونة في تفصيلها ، وإن كان مقطوعا بجملتها وعلى هذا تكون السنة قولية وفعلية
أما السنة القولية والمراد بها الأحاديث القوليّة ،المرفوعة إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم
ومن السنة القولية حديث الثقلين ، فقد أخرج حديث الثقلين عن عليّ، وعبد الله بن عمر، وزيد ابن أرقم، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس... بعشرة أسانيد ، وأبو القاسم الطّبراني، وعنه الحافظ أبو بكر الهيثمي قال: ( عن رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم: إني تركت فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض. رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات ، وجلال الدين السّيوطي عن أحمد والطبراني وصحّحه.
ولمّا كان القرآن كلام الله، وكان أصحاب الكساء معصومين مطهّرين بنصّ الكتاب ـ وهم المراد من «عترتي اهل بيتي» ـ كان من الواجب الأخذ بهما واتّباعهما، والايتمار بأوامرهما والانتهاء بنواهيهما، والتمسّك بها في جميع الأمور الدينية والدنيويّة )
وجاء في صحيح مسلم ( حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد ( وتقاربا في اللفظ ) قالا حدثنا حاتم ( وهو ابن إسماعيل ) عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فأتى به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم [ 3 / آل عمران / 61 ] دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي )
وجاء في المستدرك للحاكم (8638 - أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن ، حدثنا الفضل بن محمد ، ثنا نعيم بن حماد ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع ، عن أبي نضرة ، قال : قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم » « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه »
وأما السنّة الفعليّة وهي قيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعمال تدلّ بوضوح على رغبته الأكيدة في تعميمها وهي أقوى دلالةً من القوليّة ، لعدم قبولها للتأويل أو التفسير المختلف فيه ومن السنة الفعلية
ما جاء في صحيح مسلم (6414 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لأَبِى بَكْرٍ - قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ خَرَجَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِىٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
ومنها وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على باب فاطمة عليها السلام فقد روى أبو سعيد الخدري قال لما نزلت هذه الآية كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يأتي باب فاطمة و علي تسعة أشهر عند كل صلاة فيقول الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا و رواه ابن عقدة بإسناده من طرق كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) و عن غيرهم مثل أبي برزة و أبي رافع و قال أبو جعفر (عليه السلام) أمره الله تعالى أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن لأهله عند الله منزلة ليست للناس فأمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة )
ومنها أيضا إخراج ا م سلمة من تحت الكساء
ففي مسند احمد (26508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِهَا فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ بِبُرْمَةٍ فِيهَا خَزِيرَةٌ فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ قَالَتْ فَجَاءَ عَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ وَالْحَسَنُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ وَهُوَ عَلَى مَنَامَةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ تَحْتَهُ كِسَاءٌ لَهُ خَيْبَرِيٌّ قَالَتْ وَأَنَا أُصَلِّي فِي الْحُجْرَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَتْ فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَشَّاهُمْ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ فَقُلْتُ وَأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلَ حَدِيثِ عَطَاءٍ سَوَاءً قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ أَبُو الْحَجَّافِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً
وجاء في صحيح الترمذي للالباني (3038 - ( صحيح )
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة وأنا معهم يا رسول الله قال إنك على خير
الفصل الأول / الأقوال في المقصود من أهل البيت
القول الأول : إن المراد من أهل البيت هم أصحاب الكساء
أنّه لمّا نزلت هذه الآية المباركة على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، جمع أهله أي جمع عليّاً وفاطمة والحسن والحسين وألقى عليهم كساءً وقال : ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي ) فإنّ الذين كانوا تحت الكساء ونزلت الآية في حقّهم هم : علي وفاطمة والحسن والحسين فقط وإنّه لم يأذن النبي لان يكون مع هؤلاء أحد .
القول الثاني : إن المراد من أهل البيت هم أهل الكساء وزوجات النبي
أنّ المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة : أهل البيت أي علي وفاطمة والحسن والحسين والزوجات أيضاً و ينسب هذا القول إلى الضحّاك فقط ، ولم نجد في كتاب ابن الجوزي ( زاد المسير في علم التفسير) وأمثاله من يعزو هذا القول إلى غير الضحّاك .
ونرى أنّ قول الضحّاك وحده يعارض ما روته الصحاح والسنن والمسانيد عن ابن عباس ، وعن جابر بن عبد الله ، وعن زيد بن أرقم ، وعن سعد بن أبي وقّاص ، وعن أُمّ سلمة ، وعن عائشة
والحال أنّ نفس الزوجات هنّ بأنفسهنّ ينفين هذا القول ، فأُمّ سلمة وعائشة من جملة القائلين باختصاص الآية المباركة بأهل البيت
فأُمّ سلمة وعائشة تنفيان أن تكون الآية نازلة في حقّ أزواج النبي . كما أن نفس الآية الكريمة تدل على عدم شمول زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خلال دلالة لفظة (إنما) التي تجري مجرى ليس، ، فيكون تلخيص الكلام : ليس يريد الله إلا إذهاب الرجس على هذا الحد عن أهل البيت، فدل ذلك على إن إذهاب الرجس قد حصل فيهم . وذلك يدل على عصمتهم ، وإذا ثبت عصمتهم ثبت ما أردناه . وهو عدم شمول غير أهل البيت
القول الثالث : إن المراد من أهل البيت نساء النبي خاصة
إن هذا القول ينقل عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس ، فهذا كان يصرّ على أنّ الآية نازلة في خصوص أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، حتّى أنّه كان يمشي في الأسواق ويعلن عن هذا الرأي ، ويخطّئ الناس باعتقادهم باختصاص الآية المباركة بأهل البيت ، ممّا يدلّ على أنّ الرأي السائد عند المسلمين كان هذا الرأي ، حتّى أنّه كان يقول : من شاء باهلته في أنّ الآية نازلة في أزواج النبي خاصّة ، وفي تفسير الطبري : إنّه كان ينادي في الأسواق بذلك ، وفي تفسير ابن كثير إنّه كان يقول : من شاء باهلته أنّها نزلت في نساء النبي خاصّة ، وفي الدر المنثور ، كان يقول : ليس بالذي تذهبون إليه ، إنّما هو نساء النبي
لكنّ هذا القول يبطله :
أوّلاً : إنّه قول غير منقول عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
ثانياً : قول تردّه الأحاديث الصحيحة المعتبرة المعتمدة المتفق عليها بين المسلمين .
ثالثاً : هذا الرجل كان منحرفاً فكراً وعملاً ، وكان معادياً لأهل البيت ومن دعاة الخوارج .
الفصل الثاني / الادلة من السنة على القول الأول
السنة هي العادة وهي الطريق التي تتكرر لنوع الناس مما يعدونه عبادة أولا يعدونه عبادة . قال تعالى (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) 137آل عمران
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) والإتباع هو الاقتفاء والاستنان .
وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها ، وسنة الله تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته ، نحو ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) (62) الأحزاب
وقال الجرجاني في ا لتعريفات : السنة في اللغة الطريقة مرضية كانت أو غير مرضية ، وفي الشريعة هي الطريقة المسلوكة في الدين في غير افتراض ولا وجوب ، وسنة رسول الله هي ما كان عليه هو ، وجعلوا السنة القولية في الدرجة الثالثة من الدين ، وأنها تلي السنة العملية ، والسنة العملية تلي القرآن في المرتبة ، ذلك بأن القرآن قد جاء من طريق متواتر بحيث لا يتطرق إليه الشك ، فهو من أجل ذلك مقطوع به جملة وتفصيلا . أما السنة فقد جاءت من طريق غير متواتر ، فهي مظنونة في تفصيلها ، وإن كان مقطوعا بجملتها وعلى هذا تكون السنة قولية وفعلية
أما السنة القولية والمراد بها الأحاديث القوليّة ،المرفوعة إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم
ومن السنة القولية حديث الثقلين ، فقد أخرج حديث الثقلين عن عليّ، وعبد الله بن عمر، وزيد ابن أرقم، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس... بعشرة أسانيد ، وأبو القاسم الطّبراني، وعنه الحافظ أبو بكر الهيثمي قال: ( عن رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم: إني تركت فيكم خليفتين كتاب الله وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض. رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات ، وجلال الدين السّيوطي عن أحمد والطبراني وصحّحه.
ولمّا كان القرآن كلام الله، وكان أصحاب الكساء معصومين مطهّرين بنصّ الكتاب ـ وهم المراد من «عترتي اهل بيتي» ـ كان من الواجب الأخذ بهما واتّباعهما، والايتمار بأوامرهما والانتهاء بنواهيهما، والتمسّك بها في جميع الأمور الدينية والدنيويّة )
وجاء في صحيح مسلم ( حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد ( وتقاربا في اللفظ ) قالا حدثنا حاتم ( وهو ابن إسماعيل ) عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما منعك أن تسب أبا التراب ؟ فقال أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له خلفه في بعض مغازيه فقال له علي يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبوة بعدي وسمعته يقول يوم خيبر لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فتطاولنا لها فقال ادعوا لي عليا فأتى به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه ولما نزلت هذه الآية فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبنائكم [ 3 / آل عمران / 61 ] دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال اللهم هؤلاء أهلي )
وجاء في المستدرك للحاكم (8638 - أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسن ، حدثنا الفضل بن محمد ، ثنا نعيم بن حماد ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن أبي رافع إسماعيل بن رافع ، عن أبي نضرة ، قال : قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ، وإن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية ، وبنو المغيرة ، وبنو مخزوم » « هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه »
وأما السنّة الفعليّة وهي قيام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأعمال تدلّ بوضوح على رغبته الأكيدة في تعميمها وهي أقوى دلالةً من القوليّة ، لعدم قبولها للتأويل أو التفسير المختلف فيه ومن السنة الفعلية
ما جاء في صحيح مسلم (6414 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ - وَاللَّفْظُ لأَبِى بَكْرٍ - قَالاَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ قَالَتْ عَائِشَةُ خَرَجَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا ثُمَّ جَاءَ عَلِىٌّ فَأَدْخَلَهُ ثُمَّ قَالَ (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)
ومنها وقوف النبي صلى الله عليه وآله وسلم على باب فاطمة عليها السلام فقد روى أبو سعيد الخدري قال لما نزلت هذه الآية كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يأتي باب فاطمة و علي تسعة أشهر عند كل صلاة فيقول الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا و رواه ابن عقدة بإسناده من طرق كثيرة عن أهل البيت (عليهم السلام) و عن غيرهم مثل أبي برزة و أبي رافع و قال أبو جعفر (عليه السلام) أمره الله تعالى أن يخص أهله دون الناس ليعلم الناس أن لأهله عند الله منزلة ليست للناس فأمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم خاصة )
ومنها أيضا إخراج ا م سلمة من تحت الكساء
ففي مسند احمد (26508 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي بَيْتِهَا فَأَتَتْهُ فَاطِمَةُ بِبُرْمَةٍ فِيهَا خَزِيرَةٌ فَدَخَلَتْ بِهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا ادْعِي زَوْجَكِ وَابْنَيْكِ قَالَتْ فَجَاءَ عَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ وَالْحَسَنُ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَجَلَسُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تِلْكَ الْخَزِيرَةِ وَهُوَ عَلَى مَنَامَةٍ لَهُ عَلَى دُكَّانٍ تَحْتَهُ كِسَاءٌ لَهُ خَيْبَرِيٌّ قَالَتْ وَأَنَا أُصَلِّي فِي الْحُجْرَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةَ { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا } قَالَتْ فَأَخَذَ فَضْلَ الْكِسَاءِ فَغَشَّاهُمْ بِهِ ثُمَّ أَخْرَجَ يَدَهُ فَأَلْوَى بِهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي وَخَاصَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ فَأَدْخَلْتُ رَأْسِي الْبَيْتَ فَقُلْتُ وَأَنَا مَعَكُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ إِنَّكِ إِلَى خَيْرٍ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي أَبُو لَيْلَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِثْلَ حَدِيثِ عَطَاءٍ سَوَاءً قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَحَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ أَبُو الْحَجَّافِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً
وجاء في صحيح الترمذي للالباني (3038 - ( صحيح )
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا فقالت أم سلمة وأنا معهم يا رسول الله قال إنك على خير