بسم الله الرحمن الرحيم
بعد ان تم بيان ماهية العصمة وادلتها ناتي لذكر مفارقة عجيبة وغريبة عند اخوتنا اهل السنة والجماعة فهم في الوقت الذي يثبتون العصمة لغير النبي صلى الله عليه واله وسلم من خلفاء وسلاطين وان بعض الخلفاء كان مسدد لدرجة ان ملكا كان ينطق على لسانه ينفونها عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ويجيزون عليه الاجتهاد والخطا فلنقرا بعض نصوصهم في هذا المجال:
عصمة غير النبي :
1-يقول الذهبي في سير اعلام النبلاء ص90[ومن تتبع رخص المذاهب وزلات المجتهدين فقد رق دينه كما قال الاوزاعي وغيره :من اخذ بقول المكيين في المتعة والكوفيين في النبيذ والمدنيين في الغناء والشاميين في عصمة الخلفاء فقد جمع الشر]انتهى.
اقول:انظر سلمك الله ان الشاميين يقولون بعصمة الخلفاء مطلقا ولا استبعد ان منشا هذه العقيدة هم بنو امية.
2-الصحابي طارق بن شهاب كان يتحدث ان الخليفة الثاني كان ينطق على لسانه ملك ومن المعلوم والمتفق عليه عصمة الملائكة فيكون الخليفة معصوم طبعا فقد ذكر ذلك الامام ابي عبد الله احمد بن حنبل -حققه واخرج احاديثه وصي الله بن محمد عباس -ج1ص323 رقم الحديث 341 يقول:[حدثنا عبد الله قال حدثني ابي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة بن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنا نتحدث ان عمر بن الخطاب ينطق على لسانه ملكٍ]
يقول المحقق:[اسناده صحيح واخرجه الفسوي في تاريخه ج1ص456 والطبري في الكبير ج8 ص384 من طريق شعبه مثله وذكره ابن الجوزي في تاريخ عمر ص286 وابن كثير في البداية والنهاية ج6 ص201و طارق بن شهاب من الصحابه فقد اثبت ابو داوود وبن حجر والذهبي وغيرهم رؤيته للنبي دون السماع وقد تحقق بسند صحيح رواه احمد في المسند ج31 ص125 تحقيق الارنؤط.
3- السنه لابي بكر احمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال -المجلد يشتمل على ثلاثة اجزاء-دراسة وتحقيق الدكتور عطية بن عتيق الزهراني -ص307 قال:[اخبرني محمد بن عمر بن مكرم قال حدثنا ابراهيم بن هانئ قال سمعت بشر بن الحارث يقول:رفع الخطا عن ابي بكر وعمر]
وقال المحقق اسناده صحيح.
وقائل هذا القول هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي الامام العالم الزاهد الرباني القدوة شيخ الاسلام ابو نصر المروزي ثم البغدادي المشهور بالحافي ابن عم المحدث علي بن خشرم ولد سنه اثنين وخمسين ومائة كما ذكر ذلك في السير للذهبي ج10 ص469.
4-اعتقاد بن ابي جمرة ان اهل بدر عصمهم الله فلا يقع منهم ذنبا كما ورد في كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ج10ص96 [وفيه تقوية لاحد الاحتمالين في قوله صلى الله عليه واله وسلم عن اهل بدر ان الله قال لهم اعملوا ما شاتم فقد غفرت لكم وان الراجح ان المراد بذلك ان الذنوب تقع منهم لكنها مقرونة بالمغفرة تفضيلا لهم عن غيرهم بسبب ذلك المشهد العظيم ومرجوحية القول الاخر ان المراد ان الله تعالى عصمهم فلا يقع منهم ذنب نبه على ذلك الشيخ ابو محمد بن ابي جمرة نفع الله به.
وترجمة محمد ابن ابي جمرة واسمه عبد الله بن ابي جمرة الامام القدوة له شرح مختصر للبخاري كما في شذرات الذهب ج6ص23. وقال الذهبي في تاريخ الاسلام ج2 ص258[ابو محمد بن ابي جمرة المغربي المالكي الزاهد شيخ فاضل صالح قوال بالحق مشهور بالقاهرة توفي في ذي القعدة وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.
5-يقول الذهبي في كتابه في مصطلح الحديث تعليق عبد الفتاح ابو غدة ص84بعد ان قسم طبقات الائمة في الجرح والتعديل الى حاد ومعتدل ومتساهل قال ما نصه:[والعصمة للانبياء عليهم السلام والصديقين وحكام القسط]فلاحظ انه لم يكتف بعصمة الشيخين ابي بكر وعمر حتى قال بعصمة السلاطين ايضا فسبحان الله ولاحول ولا قوة الا بالله.
6- ونختم هذه النصوص بقول احد مشايخهم المعاصرين وهو الشيخ صالح الفوزان عضو اللجنة الدائمة للافتاء - في كتاب اغاثة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ص294:[قال الشيخ يعني محمد بن عبد الوهاب {فان الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا }لانهم معصومون عن ذلك رضي الله عنهم ولايمكن ذلك ابدا في حقهم بل لم تبن المساجد في القرون الاربعة كلها.]
وبعد هذة النصوص الواضحة في اثبات العصمة لغير الانبياء كالصحابة مطلقا بحسب الفوزان واهل بدر بحسب ابن حجر والشيخين والسلاطين بحسب الذهبي هل من منصف يعترض على قول الشيعة بعصمة اهل البيت عليهم السلام . المهم اننا نجدهم في الوقت الذي يقولون به بعصمة هؤلاء فانهم لا يقولون بعصمة النبي صلى الله عليه واله الا بالتبليغ وحتى هذه اعترض عليها ابن باز كما تقدم .
فهم وان التزم مشهورهم بعصمة النبي صلى الله عليه خصوص العصمة نجدهم يدعون انه صلى الله عليه واله كان يجتهد في الاحكام الشرعية وا لمراد من الاجتهاد هو ان النبي اذا لم يوجد عنده وحي ودليل على الحكم الشرعي يعتمد على تفكيره الشخصي وانه صلى الله عليه واله قد اخطأ في اجتهاده ولنقرأ بعض نصوصهم:
اجتهادالنبي في الاحكام الشرعية:
1-قال السبكي في الابهاج في شرح المنهاج ج3 ص246{دار الكتب العلمية –بيروت -1404ه-1984م-[اختلفوا في الرسول صلى الله عليه واله وسلم هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لانص فيه فذهب الشافعي واكثر الاصحاب واحمد والقاضيان ابو يوسف وعبد الجبار وابو الحسين الى جوازه ثم منهم من قال بوقوعه وهو اختيار الامدي وابن الحاجب ومنهم من انكر وقوعه وتوقف فيه جمهور المحققين ].
2-وقال محمد بن نظام الدين الانصاري في فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت المطبوع بهامش المستصفى ج2ص366[هل كان يجوز له عليه واله واصحابه الصلاة والسلام الاجتهاد في الاحكام وهو في حقه القياس فقط لا معرفة المنصوصات لان المراد من النصوص واضحة عنده عليه واله الصلاة والسلام ............. الى ان قال فمنعه الاشاعرة التابعون للشيخ ابي الحسن الاشعري واكثر المعتزلة شرعا وعقلا وجوزه الاكثر ونقلوا في ذلك بعض الروايات منها ما رووه عن الشعبي انه كان رسول الله يقضي القضية وينزل القران بعد ذلك بغير ما كان قضى فيترك ما قضى به على حاله ويستقبل ما نزل به القران والحكم بغير القران لا يكون الا بالقياس .
3-ويقول الفخر الرازي في المحصول في علم اصول الفقه
ج2ص489:[قال الشافعي رضي الله تعالى عنه يجوز ان يكون في احكام الرسول صلى الله عليه واله وسلم ما صدر عن الاجتهاد وهو قول ابي يوسف رحمه الله ].
4-وقال سراج الدين الارموي في التحصيل من المحصول ج2ص281:[قال الشافعي وابو يوسف رحمهما الله يجوز في احكام الرسول صلى الله عليه واله وسلم ما صدر عن اجتهاده .]
5-ويقول ابن قدامة المقدسي الحنبلي في روضة الناظر وجنة المناظر ص322[يجوز ان يكون النبي صلى الله عليه واله وسلم متعبدا في الاجتهاد فيما لانص فيه ].
6-ويقول جمال الدين الاسنوي في شرح منهاج الاصول للبيضاوي بهامش شرح البدخشي على المنهاج ج3ص262:[يجوز له اي النبي صلى الله عليه واله وسلم ان يجتهد فيما لا نص فيه ].
هذا فيما يخص ثبوت الاجتهاد له صلى الله عليه واله وسلم واما النصوص التي تشير الى وقوع الخطا منه في الاجتهاد فهاك بعضها:
خطأ النبي في اجتهاده:
1-يقول ابو اسحاق الشيرازي الشافعي في اللمع في اصول الفقه لابي اسحاق الشيرازي ص134[وقد كان الخطا جائزا الا انه لا يقر عليه ومن اصحابنا من قال ما كان يجوز عليه الخطا وهذا خطا لقوله تعالى {عفا الله عنك لم اذنت لهم }فدل على انه اخطا لان من جاز عليه السهو والنسيان جاز عليه الخطا كغيره .]
ويقول ابن تيمية في الرد على البكري ج1ص306[وتنازع الناس هل في سنته ما يقوله باجتهاده واذا اجتهد هل يجوز عليه الخطا لكن لا يقر عليه واكثر الفقهاء يقولون بالامرين ولم يقل احد ان هؤلاء سابين له والا فيكون اكثر اصحاب مالك والشافعي واحمد يسبون الرسول صلى الله عليه واله وسلم]
ويقول بن قدامة المقدسي الحنبلي في روضة الناظر ص327[ويقول اثناء كلامه عن اجتهاد الانبياء عليهم السلام يجوز وقوع الخطا منهم لكن لا يقرون]
هذا لكن ليس كل علماء المخالفين هم على هذا القول بل ان الكثير منهم قد وافق الشيعة في عصمة النبي عن الخطا فضلا عن الاجتهاد .
اقوال علماء السنة الموافقة للشيعة:
1-قال الزركشي في البحر المحيط ج6 ص219:وقال الماوردي والروياني في كتاب القضاء اختلف اصحابنا في عصمة الانبياء من الخطا في الاجتهاد على وجهين احدهما انهم معصومون وهو مقتضى الوجه القائل بانهم لا يجتهدون الا عن دليل خاص والثاني المنع .
وقد ذكر الزركشي في ص218:اذا جوزنا الاجتهاد فالمختار انه لا يتطرق له الخطا الى اجتهاده .وقال ابو هريرة نبينا عليه السلام معصوم في الاجتهاد من الخطا دون غيره من الانبياء .
2-يقول البيضاوي :لا يخطئ في اجتهاده والا لما وجب اتباعه.
3-وقال السبكي في الابهاج في شرح المنهاج ج3 ص252:[والذي جزم به كونه لا يخطئ اجتهاده هو الحق وانا اطهر كتابي ان احكي فيه قولا سوى هذا القول بل نحفا به ولا نعبأ واستدل في الكتاب بانه لو جاز الخطأعليه لوجب علينا اتباعه في الخطأ وذلك ينافي كونه خطأ ونحن نقول لمن زخرف قوله وقال :يجوز بشرط ان لا يقر عليه اليس يصدق صدور الخطأ المضاد لمنصب النبوة ولقد يلزمك على هذا محال الهذيان وهو ان يكون بعض المجتهدين في حال اصابته اكمل من المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في تلك الحاله معاذ الله ان يكون رسول الله كذلك .
4-الفخر الرازي في التفسير الكبير ج1 ص239[الفائدة الثالثة قوله {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}يدل على ان احدا من الملائكة والانبياء عليهم السلام ما اقدم على عمل خلاف عمل الذين انعم الله عليهم ولا على خلاف اعتقاد الذين انعم الله عليهم لانه لو صدر منه ذلك لكان قد ضل عن الحق لقوله تعالى {فماذا بعد الحق الا الضلال }يونس 32 ولو كانوا ضالين لما جاز الاقتداء بهم ولا الاهتداء بطريقهم ولكانوا خارجين عن قوله {انعمت عليهم}ولما كان ذلك باطلا علمنا بهذه الاية عصمة الانبياء والملائكة عليهم السلام .
فاذا اضفنا للكلام السابق ما قاله العثيمين في تفسيره ج4 ص144{ومنها ان كل شئ خالف ما جاء عن الله فهو باطل لقوله تعالى –فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون}
يعلم ان النبي لواخطأ لوقع في الضلال والعياذ بالله.
5- ايضا الفخر الرازي في تفسيره ج10 ص144 :[والدليل على ذلك ان الله تعالى امر بطاعة اولي الامر على سبيل الجزم في هذه الاية ومن امر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابد ان يكون معصوما عن الخطأ اذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير اقدامه على الخطأ يكون قد امر الله بمتابعته فيكون ذلك امرا بفعل ذلك الخطأ والخطأ لكونه خطأ منهي عنه فهذا يفضي الى اجتماع الامر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد وانه محال فثبت ان الله تعالى امر بطاعة اولي الامر على سبيل الجزم وثبت ان كل من امر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب ان يكون معصوما عن الخطأ فثبت قطعا ا ن اولي الامر المذكور في هذه الاية لابد ان يكون معصوما.انتهى.
اقول:وبنفس الادلة المذكوره يثبت عصمتهم عن النسيان والا لزمت نفس المحاذير
والحمد لله رب العالمين
بعد ان تم بيان ماهية العصمة وادلتها ناتي لذكر مفارقة عجيبة وغريبة عند اخوتنا اهل السنة والجماعة فهم في الوقت الذي يثبتون العصمة لغير النبي صلى الله عليه واله وسلم من خلفاء وسلاطين وان بعض الخلفاء كان مسدد لدرجة ان ملكا كان ينطق على لسانه ينفونها عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ويجيزون عليه الاجتهاد والخطا فلنقرا بعض نصوصهم في هذا المجال:
عصمة غير النبي :
1-يقول الذهبي في سير اعلام النبلاء ص90[ومن تتبع رخص المذاهب وزلات المجتهدين فقد رق دينه كما قال الاوزاعي وغيره :من اخذ بقول المكيين في المتعة والكوفيين في النبيذ والمدنيين في الغناء والشاميين في عصمة الخلفاء فقد جمع الشر]انتهى.
اقول:انظر سلمك الله ان الشاميين يقولون بعصمة الخلفاء مطلقا ولا استبعد ان منشا هذه العقيدة هم بنو امية.
2-الصحابي طارق بن شهاب كان يتحدث ان الخليفة الثاني كان ينطق على لسانه ملك ومن المعلوم والمتفق عليه عصمة الملائكة فيكون الخليفة معصوم طبعا فقد ذكر ذلك الامام ابي عبد الله احمد بن حنبل -حققه واخرج احاديثه وصي الله بن محمد عباس -ج1ص323 رقم الحديث 341 يقول:[حدثنا عبد الله قال حدثني ابي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة بن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنا نتحدث ان عمر بن الخطاب ينطق على لسانه ملكٍ]
يقول المحقق:[اسناده صحيح واخرجه الفسوي في تاريخه ج1ص456 والطبري في الكبير ج8 ص384 من طريق شعبه مثله وذكره ابن الجوزي في تاريخ عمر ص286 وابن كثير في البداية والنهاية ج6 ص201و طارق بن شهاب من الصحابه فقد اثبت ابو داوود وبن حجر والذهبي وغيرهم رؤيته للنبي دون السماع وقد تحقق بسند صحيح رواه احمد في المسند ج31 ص125 تحقيق الارنؤط.
3- السنه لابي بكر احمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخلال -المجلد يشتمل على ثلاثة اجزاء-دراسة وتحقيق الدكتور عطية بن عتيق الزهراني -ص307 قال:[اخبرني محمد بن عمر بن مكرم قال حدثنا ابراهيم بن هانئ قال سمعت بشر بن الحارث يقول:رفع الخطا عن ابي بكر وعمر]
وقال المحقق اسناده صحيح.
وقائل هذا القول هو بشر بن الحارث بن عبد الرحمن بن عطاء المروزي الامام العالم الزاهد الرباني القدوة شيخ الاسلام ابو نصر المروزي ثم البغدادي المشهور بالحافي ابن عم المحدث علي بن خشرم ولد سنه اثنين وخمسين ومائة كما ذكر ذلك في السير للذهبي ج10 ص469.
4-اعتقاد بن ابي جمرة ان اهل بدر عصمهم الله فلا يقع منهم ذنبا كما ورد في كتاب فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ج10ص96 [وفيه تقوية لاحد الاحتمالين في قوله صلى الله عليه واله وسلم عن اهل بدر ان الله قال لهم اعملوا ما شاتم فقد غفرت لكم وان الراجح ان المراد بذلك ان الذنوب تقع منهم لكنها مقرونة بالمغفرة تفضيلا لهم عن غيرهم بسبب ذلك المشهد العظيم ومرجوحية القول الاخر ان المراد ان الله تعالى عصمهم فلا يقع منهم ذنب نبه على ذلك الشيخ ابو محمد بن ابي جمرة نفع الله به.
وترجمة محمد ابن ابي جمرة واسمه عبد الله بن ابي جمرة الامام القدوة له شرح مختصر للبخاري كما في شذرات الذهب ج6ص23. وقال الذهبي في تاريخ الاسلام ج2 ص258[ابو محمد بن ابي جمرة المغربي المالكي الزاهد شيخ فاضل صالح قوال بالحق مشهور بالقاهرة توفي في ذي القعدة وصلي عليه بدمشق صلاة الغائب.
5-يقول الذهبي في كتابه في مصطلح الحديث تعليق عبد الفتاح ابو غدة ص84بعد ان قسم طبقات الائمة في الجرح والتعديل الى حاد ومعتدل ومتساهل قال ما نصه:[والعصمة للانبياء عليهم السلام والصديقين وحكام القسط]فلاحظ انه لم يكتف بعصمة الشيخين ابي بكر وعمر حتى قال بعصمة السلاطين ايضا فسبحان الله ولاحول ولا قوة الا بالله.
6- ونختم هذه النصوص بقول احد مشايخهم المعاصرين وهو الشيخ صالح الفوزان عضو اللجنة الدائمة للافتاء - في كتاب اغاثة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ص294:[قال الشيخ يعني محمد بن عبد الوهاب {فان الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبره مسجدا }لانهم معصومون عن ذلك رضي الله عنهم ولايمكن ذلك ابدا في حقهم بل لم تبن المساجد في القرون الاربعة كلها.]
وبعد هذة النصوص الواضحة في اثبات العصمة لغير الانبياء كالصحابة مطلقا بحسب الفوزان واهل بدر بحسب ابن حجر والشيخين والسلاطين بحسب الذهبي هل من منصف يعترض على قول الشيعة بعصمة اهل البيت عليهم السلام . المهم اننا نجدهم في الوقت الذي يقولون به بعصمة هؤلاء فانهم لا يقولون بعصمة النبي صلى الله عليه واله الا بالتبليغ وحتى هذه اعترض عليها ابن باز كما تقدم .
فهم وان التزم مشهورهم بعصمة النبي صلى الله عليه خصوص العصمة نجدهم يدعون انه صلى الله عليه واله كان يجتهد في الاحكام الشرعية وا لمراد من الاجتهاد هو ان النبي اذا لم يوجد عنده وحي ودليل على الحكم الشرعي يعتمد على تفكيره الشخصي وانه صلى الله عليه واله قد اخطأ في اجتهاده ولنقرأ بعض نصوصهم:
اجتهادالنبي في الاحكام الشرعية:
1-قال السبكي في الابهاج في شرح المنهاج ج3 ص246{دار الكتب العلمية –بيروت -1404ه-1984م-[اختلفوا في الرسول صلى الله عليه واله وسلم هل كان يجوز له الاجتهاد فيما لانص فيه فذهب الشافعي واكثر الاصحاب واحمد والقاضيان ابو يوسف وعبد الجبار وابو الحسين الى جوازه ثم منهم من قال بوقوعه وهو اختيار الامدي وابن الحاجب ومنهم من انكر وقوعه وتوقف فيه جمهور المحققين ].
2-وقال محمد بن نظام الدين الانصاري في فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت المطبوع بهامش المستصفى ج2ص366[هل كان يجوز له عليه واله واصحابه الصلاة والسلام الاجتهاد في الاحكام وهو في حقه القياس فقط لا معرفة المنصوصات لان المراد من النصوص واضحة عنده عليه واله الصلاة والسلام ............. الى ان قال فمنعه الاشاعرة التابعون للشيخ ابي الحسن الاشعري واكثر المعتزلة شرعا وعقلا وجوزه الاكثر ونقلوا في ذلك بعض الروايات منها ما رووه عن الشعبي انه كان رسول الله يقضي القضية وينزل القران بعد ذلك بغير ما كان قضى فيترك ما قضى به على حاله ويستقبل ما نزل به القران والحكم بغير القران لا يكون الا بالقياس .
3-ويقول الفخر الرازي في المحصول في علم اصول الفقه
ج2ص489:[قال الشافعي رضي الله تعالى عنه يجوز ان يكون في احكام الرسول صلى الله عليه واله وسلم ما صدر عن الاجتهاد وهو قول ابي يوسف رحمه الله ].
4-وقال سراج الدين الارموي في التحصيل من المحصول ج2ص281:[قال الشافعي وابو يوسف رحمهما الله يجوز في احكام الرسول صلى الله عليه واله وسلم ما صدر عن اجتهاده .]
5-ويقول ابن قدامة المقدسي الحنبلي في روضة الناظر وجنة المناظر ص322[يجوز ان يكون النبي صلى الله عليه واله وسلم متعبدا في الاجتهاد فيما لانص فيه ].
6-ويقول جمال الدين الاسنوي في شرح منهاج الاصول للبيضاوي بهامش شرح البدخشي على المنهاج ج3ص262:[يجوز له اي النبي صلى الله عليه واله وسلم ان يجتهد فيما لا نص فيه ].
هذا فيما يخص ثبوت الاجتهاد له صلى الله عليه واله وسلم واما النصوص التي تشير الى وقوع الخطا منه في الاجتهاد فهاك بعضها:
خطأ النبي في اجتهاده:
1-يقول ابو اسحاق الشيرازي الشافعي في اللمع في اصول الفقه لابي اسحاق الشيرازي ص134[وقد كان الخطا جائزا الا انه لا يقر عليه ومن اصحابنا من قال ما كان يجوز عليه الخطا وهذا خطا لقوله تعالى {عفا الله عنك لم اذنت لهم }فدل على انه اخطا لان من جاز عليه السهو والنسيان جاز عليه الخطا كغيره .]
ويقول ابن تيمية في الرد على البكري ج1ص306[وتنازع الناس هل في سنته ما يقوله باجتهاده واذا اجتهد هل يجوز عليه الخطا لكن لا يقر عليه واكثر الفقهاء يقولون بالامرين ولم يقل احد ان هؤلاء سابين له والا فيكون اكثر اصحاب مالك والشافعي واحمد يسبون الرسول صلى الله عليه واله وسلم]
ويقول بن قدامة المقدسي الحنبلي في روضة الناظر ص327[ويقول اثناء كلامه عن اجتهاد الانبياء عليهم السلام يجوز وقوع الخطا منهم لكن لا يقرون]
هذا لكن ليس كل علماء المخالفين هم على هذا القول بل ان الكثير منهم قد وافق الشيعة في عصمة النبي عن الخطا فضلا عن الاجتهاد .
اقوال علماء السنة الموافقة للشيعة:
1-قال الزركشي في البحر المحيط ج6 ص219:وقال الماوردي والروياني في كتاب القضاء اختلف اصحابنا في عصمة الانبياء من الخطا في الاجتهاد على وجهين احدهما انهم معصومون وهو مقتضى الوجه القائل بانهم لا يجتهدون الا عن دليل خاص والثاني المنع .
وقد ذكر الزركشي في ص218:اذا جوزنا الاجتهاد فالمختار انه لا يتطرق له الخطا الى اجتهاده .وقال ابو هريرة نبينا عليه السلام معصوم في الاجتهاد من الخطا دون غيره من الانبياء .
2-يقول البيضاوي :لا يخطئ في اجتهاده والا لما وجب اتباعه.
3-وقال السبكي في الابهاج في شرح المنهاج ج3 ص252:[والذي جزم به كونه لا يخطئ اجتهاده هو الحق وانا اطهر كتابي ان احكي فيه قولا سوى هذا القول بل نحفا به ولا نعبأ واستدل في الكتاب بانه لو جاز الخطأعليه لوجب علينا اتباعه في الخطأ وذلك ينافي كونه خطأ ونحن نقول لمن زخرف قوله وقال :يجوز بشرط ان لا يقر عليه اليس يصدق صدور الخطأ المضاد لمنصب النبوة ولقد يلزمك على هذا محال الهذيان وهو ان يكون بعض المجتهدين في حال اصابته اكمل من المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في تلك الحاله معاذ الله ان يكون رسول الله كذلك .
4-الفخر الرازي في التفسير الكبير ج1 ص239[الفائدة الثالثة قوله {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}يدل على ان احدا من الملائكة والانبياء عليهم السلام ما اقدم على عمل خلاف عمل الذين انعم الله عليهم ولا على خلاف اعتقاد الذين انعم الله عليهم لانه لو صدر منه ذلك لكان قد ضل عن الحق لقوله تعالى {فماذا بعد الحق الا الضلال }يونس 32 ولو كانوا ضالين لما جاز الاقتداء بهم ولا الاهتداء بطريقهم ولكانوا خارجين عن قوله {انعمت عليهم}ولما كان ذلك باطلا علمنا بهذه الاية عصمة الانبياء والملائكة عليهم السلام .
فاذا اضفنا للكلام السابق ما قاله العثيمين في تفسيره ج4 ص144{ومنها ان كل شئ خالف ما جاء عن الله فهو باطل لقوله تعالى –فماذا بعد الحق الا الضلال فانى تصرفون}
يعلم ان النبي لواخطأ لوقع في الضلال والعياذ بالله.
5- ايضا الفخر الرازي في تفسيره ج10 ص144 :[والدليل على ذلك ان الله تعالى امر بطاعة اولي الامر على سبيل الجزم في هذه الاية ومن امر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابد ان يكون معصوما عن الخطأ اذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير اقدامه على الخطأ يكون قد امر الله بمتابعته فيكون ذلك امرا بفعل ذلك الخطأ والخطأ لكونه خطأ منهي عنه فهذا يفضي الى اجتماع الامر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد وانه محال فثبت ان الله تعالى امر بطاعة اولي الامر على سبيل الجزم وثبت ان كل من امر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب ان يكون معصوما عن الخطأ فثبت قطعا ا ن اولي الامر المذكور في هذه الاية لابد ان يكون معصوما.انتهى.
اقول:وبنفس الادلة المذكوره يثبت عصمتهم عن النسيان والا لزمت نفس المحاذير
والحمد لله رب العالمين