إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ثالثا: وحدة الدولة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ثالثا: وحدة الدولة


    ثالثا: وحدة الدولة والمجتمع
    قال الإمام علي عليه السلام: (ألا وإن ما تكرهون في الجماعة خير لكم ممّا تحبون في الفرقة). ووقوع التصادم العسكري ينتهي حتماً إلى إحدى النتيجتين وهي أمام قيام دولتين، أو انتصار أحد الطرفين وخروجه من المعركة ضعيفاً فتتشتت الدولة والمجتمع، وكلاهما خسارة فادحة. حقن الدماء وإطفاء نار الفتنة عندما تواجه الدولة الإسلامية أخطاراً خارجية، فإن الصراع الداخلي هو في الحقيقة كارثة تضع مستقبل الدولة في مهب الريح، وعليه فإن حقن دماء المسلمين وتوجيه قوتهم نحو الخارج لا شك إنها قضية تستوجب النظر إليها في إطار المسؤولية والحرص على كيان الأمة والإمام الحسن عليه السلام يدرك النتائج التي سببها عصيان معاوية والمعارك الطاحنة التي دارت رحاها في الداخل من قبل، ويدرك أيضاً أن وضع الدولة الإسلامية ربما لا يحتمل صراعاً من هذا النوع، فأراد أن يحقن الدماء أملاً في تصحيح المسيرة، وهو مكسب بلا شك كبير وضعه الإمام عليه السلام من جملة أهداف الصلح. يقول عليه السلام: (وقد رأيت أن حقن الدماء خير من سفكها، ولم أرد بذلك إلا إصلاحكم وبقاءكم). الحفاظ على الوجود الإسلامي إذا كان لكل حرب استحقاقاتها الخاصة، فإن دخول الإمام الحسن عليه السلام في حرب مع معاوية بن أبي سفيان يعني وضع جميع إمكانات الدولة الإسلامية وقوتها العسكرية في صراع يأكل الوجود الإسلامي من الداخل، وبالتالي سيكون هذا الوجود ضعيفاً منهكاً يتهاوى لمجرد أي ضربة متوقعة من الخارج، أو فتنة من الداخل وعليه فقد خطر الصلح في نفسه لأول مرة، كيف لا والإسلام يواجه خطر أعدائه إلى جانب خطر المفروضين عليه باسمه. المتفرغ لتصحيح المسار الصلح يعني بقاء الصفوة الخيرة في وسط الأمة من أجل تنظيم صفوفها وتنسيق برامجها في الإصلاح والتغيير وتحكيم المفاهيم والقيم الإسلامية الأصيلة والوقوف بوجه الزيف والتدليس وتحجيم الانحراف والتآمر على الإسلام باسمه. والإمام الحسن عليه السلام عندما هادن معاوية وتنازل عن الحكم اتجه إلى تغيير الأمة وتحصينها من الأخطار التي كانت تهددها والإشراف على القاعدة الشعبية وتوعيتها بمتطلبات الشخصية الإسلامية وتعبئتها بمستوى التغيير الرسالي للإسلام ولبعث الأمة من جديد.رابعاً: مصلحة خط الإمامة
    لقد واجه الخطر العلوي ومنذ اللحظات الأولى لوفاة الرسول إلى محاولات كثيرة لتحييده عن واقع الممارسة السياسية رغم أن وصايا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله تتضمن إشارات ونصوص واضحة وصريحة على ضرورة تفعيل دور الإمام في الحياة الإسلامية وتمكينها من واقع المسلمين بما يحفظ وجود الدولة وديمومة الإسلام. ولأن وجود هذا الخط هو من الضرورات التي تستوجب التضحيات فلابدّ أن يحفظ الإمام الحسن عليه السلام هذه القضية بدقة أثناء مواجهته مع معاوية. وحيث أن القاعدة العريضة من الأمة التي اندرجت في خط الشرعية الإسلامية تحتاج إلى القائد الذي يوجه سلوكها وحركتها نحو أهداف الإسلام الكبرى، فإن وجود القائد الإمام المعصوم يعد من أوليات حفظ هذا التيار الشرعي وتدعيم حركته نحووضع التحرك الإسلامي العام في إطاره الصحيح، ولهذا فإن الصلح إذا كان يعني المحافظة على الصفوة الخيرة من أتباع أهل البيت عليهم السلام، فهو أيضاً يجعل القيادة المعصومة حاضرة في الأحداث وفي المسيرة بما يحفظ الشرعية الواعية للأمة وتوسيع قاعدتها، وتوجيه الدولة والأمة صوب المسار الصحيح لحركتها. وبملاحظة شروط الإمام نجد أنه عليه السلام استطاع أن يصنع له دوراً بارزاً في حركة الواقع الإسلامي، وقد دعم هذا الوجود بلفت انتباه الأمة له من خلال عدم اعترافه بشرعية معاوية. وحينما نفحص الشرط الآخر للإمام عليه السلام وهو الذي ينص على حرية الإمام والشيعة في الاعتراض على معاوية وولايته فإننا سنجد أن الإمامة وقاعدتها ستوسع من نشاطها السياسي والإعلامي باتجاه توعية الأمة وتصحيح فهمها وفضح الممارسات الشاذة للسلطة الأموية. وهو عين إعداد الأمة في مناخ سياسي يسمح بالحركة السياسية. أخيراً: إن جواز الصلح شرعاً، ولضغط الظروف القاهرة، وحفاظاً على المصلحة الإسلامية العليا.. كل ذلك جعل الإمام يدفع الحرب بالصلح ضمن شروط وضعت على أساس خدمة الأهداف الإسلامية، وإذا ضحى الإمام عليه السلام بالسلطة الفوقية من أجل سلامة البنى التحتية، فإن الواقع الذي يعيشه المسلمون في العصر الراهن هو في الحقيقة استمرار لذلك الموقف المسؤول الذي اتخذته الإمامة المعصومة.
يعمل...
X