يا جبل الصبر والنور الإلهي
حيدر عاشور العبيدي
سيدتي الكبرى كيف كان يعيش الفرح في قلبك وهل له من اثر ؟...هل عرفت لحظة الابتسام والنصر؟ ،وهل حبيباتك حولك يعرفن ما في قلبك وروحك ؟ ..على يقين إن أمك الفاضلة النقية الطاهرة كانت اقرب إليك وورثتي عنها المصائب وألام، فكلاكما صنعت من عجينة الصبر الممزوجة بالنور ،وبقي نوركما يزاول ضيائه في كل الأزمان ، رغم كل ظلمات التي صنعها الإنسان بغضا لما تحملن من أسماء عظيمات...أسماء محمديات وعليّات وحسينيات ومهديات.
سيدتي كل يوم ازداد عطشا لمعرفتك واسأل ملايين الأسئلة لكل من حولي، وبحر في عمق أوجاعك، واصحوا على ذكر اسمك فترتفع الصرخات ،وترجع كربلاء ثانية تعج بالعويل والحزن وتجف المياه في الجسد قبل الأرض ونهوي من التل الذي كانت فيه صرختك العظمى، وحين أعلن صوتك حجم الظلم الذي شاهدته عينيك الكريمتين وهي تبكي تنادي وأبتاه واحيدراه، وصدى صوتك كان السيف البتار لكل من شارك وسمع وأيد في فجيعة أخيك أبا الأحرار ...
سيدتي ..اليوم تجمعن الزينبيات من كل بقاع الأرض حول موضع قدمك وقت فجيعتك ،وهن يحملن الزهور بعيون دامعات ويفرحن لولادتك ببحر من الحزن ،ووجع ما بعده وجع ... فتنهال الدموع لترسم مع الابتسام بفرح قدومك للحياة صورة نادرة الوجود مشبعة بحالة غريبة ،وبعناوين صعب البوح بها ...فهن يرسمن من طريقهن علامات الولاء وبصوتهن الخافت الممتلئ بالشجن صورا من الق صورتك ... ولا يقبلن بزينب المظلومة الموجوعة المحرومة إلا أن يكون جميعهن زينبيات بنفس المواصفات وبذات الرسم والصورة...وبصوت واحد ( آه يا زينب)..
سيدتي ... بيوم ميلادك اجتمعت كل لغات العالم في رحاب سيد الشهداء ،وباتوا يسألون عنك بلهجته تصعب من يفهما ،ولكنها تسهل في لفظ اسمك (زينب) فأقبلوا في مواكب ووفود يسألون بذات اللوعة ويمزقهم الشوق وهم بين أجنحة حضرت أخيك وفرشوا همهم ، تحت شموع مولدك جلسوا عاشقيك يبدءون حياتهم باسمك ،واقسموا إن رزقهم الله سيكون لسمك نصيبا على مدى الوجود يا مخلدة الهاشميين...احتفلوا باسمك وعقدوا زواج شراكتهم تحت أضواء كرنفال مولدك، وصدى صوتك يسمعه الجميع عبر أصوات زائريك يسكب في أذاننا الأمل والحياة ... لحظتها صمتت كل الكلمات وفاضت أروحنا في ملكوت الله تحصد الحزن بعبرات الفرح ... ليلة عظيمة تحمل يوم مولدك ،إنها لإحدى مفارقات الكون التي تملأ حياتنا فتثير فينا لحظات نسمو بها وترحل عنا عاداتنا المألوفة ولا يبقى سوى ذكرك يا عقيلة الهاشميين يا جبل الصبر والنور الإلهي .