إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

طغيان الغرائز....

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طغيان الغرائز....

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصلى الله على محمد واله الطاهرين
    إن الغرائز والميول البشرية تشبه النهر الذي تقوم عليه الحياة الفردية والاجتماعية. فإن كانت الاستجابة لها بصورة معقولة وحسب مقاييس ثابتة فانها تمنح الحياة نشاطاً وحيوية، أما إذا أرضيت بالصورة الفوضوية العارمة ومن دون نظام أو ترتيب فلا شك في أنها تؤدي إلى الشقاء والانهيار. وبعبارة أخرى: فكما أن النهر كان مسخراً لصالح الناس تارة وكان الناس مسخرين لتأثير النهر تارة أخرى، كذلك الغرائز فانها قد تخضع لقيادة العقل، وقد يخضع العقل لقيادة الغرائز. إن السعادة تتحقق متى خضعت الميول جميعها لسيطرة العقل، وكانت منقادة لأوامره ومقرراته.
    هذا الكلام مقبول لدى جميع الماديين والمتألهين في العالم، فقد أقر العقلاء والعلماء جميعهم بأن الانقياد للغرائز وإرضاءها بلا قيد أو شرط يتنافى مع التمدن والسعادة البشرية.
    "تقضي الحياة، وخصوصاً الحياة الاجتماعية للانسان، أن تهدى الغرائز الأولى منذ البداية، وتوجه نحو الأهداف الاجتماعية، وبصورة أوضح نقول: كما أنه يجب إقامة سد أمام مجرى الماء لادارة محرك من المحركات المعتمدة على قوة الماء فإن التمدن يجب أن يخضع الغرائز لسيطرة دقيقة، وذلك ليبلغ بالانسان إلى الرقي والتكامل"1.
    إن أول نكتة يجب أن تسترعي انتباهنا في هذا المقام، هي أن إرضاء جميع الميول النفسانية بصورة حرة وبلا قيد أو شرط أمر مستحيل. ذلك لأن تحقيق بعض الرغبات يتنافى مع إتيان الرغبات الأخرى، وفي الواقع يوجد تناقض واضح بين كثير من ميول الانسان. لقد أوضح الامام علي عليه السلام التناقض القائم بين بعض الميول والرغبات بعبارة قصيرة وحكيمه، إنه يقول:
    "ما أعجب أمر الانسان، إن سنح له الرجاء أذله الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن سعد نسي التحفظ، وإن ناله خوف حيره الحذر، وإن اتسع له الأمن أسلمته الغيرة، وإن جددت له النعمة أخذته الغرة، وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع، وإن أفاد مالاً أطغاه الغنى، وإن عضته فاقة شمله البلاء، وإن جهده الجوع قعد به الضعف، وإن أفرط في الشبع كظته البطنة، فكل تقصير به مضر، وكل إفراط به مفسد، وكل خير معه شر، وكل شيء له آفة
    فما أكثر الرغبات النفسية التي تدفع الانسان إلى الافراط في الاستجابة للغريزة الجنسية، أو الطعام في حين أنه يتنافى مع الرغبة في الصحة، وما أكثر اللذائذ التي يتطلبها الانسان من قبيل الخمرة والحشيشة، في حين أنها تتضمن عوارض مختلفة ونتائج وخيمة تهدد حياة الانسان
    واذا ماجرى تعديل مناسب للغرائز بشكل يمنع طغيانها وتمردهانواذا مااستخدمت الاحاسيس والعواطف بمواقعها المناسبة ومعاييرها الصحيحة فان ذلك سيساهم في سعادة الانسان فردا ومجتمعاً وبلوغه مراحل متقدمة من الكمال اما اذا لم يكبح جماح الغرائز والاحاسيس واطلق لجامها دون قيد اوشرط او رادع،وسمح لها بالطغيان والتمرد،فانها ستدفع بالمرء الى ارتكاب جرائم كبرى
    ويصبح وحشي واكبر من أي حيوان وحشي اخر
    واكثر ضرراًوقد اشار اولياء الله تعالى الى هذه الحقيقة قبل اكثر من اربعة عشر قرنا
    واعترف بها علماء النفس المعاصرون اليوم صراحة.
    سدد الله المؤمنين من كل سوء وحفظهم
    وصلى الله على محمد واله الطاهرين..
يعمل...
X