بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
اللهم صل على محمد وال محمد
الحقيقة و المجاز
أما الحقيقة: فهو اللفظ المستعمل فيما وضع له،
و تنقسم إلى الشرعية و اللغوية و العرفية.
أما الأولى: فهو اللفظ الذي كان وضعه بيد الشارع و ثابتا من قبله.
فإذا ثبت أن الشارع وضع لفظا لمعنى كلفظ الصلاة للهيئة المعهودة و الصوم للإمساك المعلوم و الزكاة للصدقة المعروفة إما بتنصيصه بأني وضعت هذه الألفاظ لهذه المعاني أو باستعماله لها في تلك المعاني مجازا ثم صيرورتها حقيقة بكثرة الاستعمال، يقال إن هذه الألفاظ حقيقة شرعية في هذه المعاني و الحقيقة الشرعية فيها ثابتة و إذا لم يثبت وضعه لها بأحد النحوين يقال إنه لم يثبت الحقيقة الشرعية في هذه الألفاظ بالنسبة إلى هذه المعاني.
و تظهر ثمرة النزاع فيما إذا وقعت الألفاظ المذكورة في كلام الشارع موضوعا لحكم فقال مثلا يجب الصلاة عند رؤية الهلال من كل شهر فعلى القول بثبوت الحقيقة الشرعية فيها كان الواجب هو الصلاة بمعنى الأركان المخصوصة و إلّا كان الواجب هو معناها اللغوي أعني مطلق الدعاء.
و أما الثانية: أعني الحقيقة اللغوية فهو ما كان وضعه بيد واضع اللغة كالحجرو الشجر.
و أما الثالثة: أي الحقيقة العرفية فهو ما كان وضعه بيد أهل العرف كالسيارة و الطيارة.
و أما المجاز: فهو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له،
و يقسم تارة إلى المجاز في الكلمة و إلى المجاز في الإسناد و إلى المجاز في الحذف.
أما الأول: فإن كانت العلاقة بين المعنى الحقيقي و المستعمل فيه هي المشابهة فاستعارة.
و إلّا فمجاز مرسل و أقسامه كثيرة تنشأ من كثرة العلائق الملحوظة في الاستعمال المجازي.
فمنها: تسمية الشيء باسم جزئه كإطلاق العين على الربيئة.
و منها: عكسه كقوله تعالى: «يَجْعَلُونَ أَصٰابِعَهُمْ فِي آذٰانِهِمْ» على ما قيل.
و منها: تسمية الشيء باسم سببه كإطلاق العقد على البيع.
و منها: تسمية السبب باسم مسببه كقولهم أمطرت السماء نباتا أي غيثا.
و منها: تسمية الشيء باسم ما كان كإطلاق الحاج على الراجع عن سفر الحج.
و منها: تسمية الشيء باسم ما يكون كقوله تعالى: «إِنِّي أَرٰانِي أَعْصِرُ خَمْراً».
و منها: تسمية الشيء باسم محله كقوله تعالى: «فَلْيَدْعُ نٰادِيَهُ» و المراد أهل المجلس.
و منها: تسمية الشيء باسم حاله كقوله تعالى: «وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللّٰهِ» أي الجنة كما قيل.
و منها: تسمية الشيء باسم آلته كقوله تعالى: «وَ اجْعَلْ لِي لِسٰانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ» أي ذكرا حسنا.
و أما المجاز في الإسناد فكقولهم جرى الميزاب و قوله «صلّى اللّه عليه و آله و سلم»: «رفع عن أمتي الخطاء و النسيان» إذ الإسناد الحقيقي هو إسناد الجري إلى الماء و إسناد الرفع إلى حكم الفعل الصادر خطاء أو نسيانا لا إلى نفس الخطاء. و أما المجاز في الحذف فكقوله تعالى: «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ» أي أهل القرية بناء على كون القرية بمعنى الضيعة أو المصر لا بمعنى الناس و المجتمع.
والحمد لله منتهى رضاه