بسم الله الرحمن الرحيم الإمام (عليه السلام)عندما قبل ولاية العهد بعد التهديد، كان يعلم أن المأمون يريد أن يجعله وسيلةلتحقيق مصالحه السياسية و أغراضه الوقتية، التي تكون لها آثار سيئة و خطيرة على سمعة أهل البيت (عليه السلام) و على مستقبل الأمة و الدين الإسلامي، فلا يمكنه أن يسكت مؤيدا أعمال المأمون الخبيثة. فلا بد له أن يتخذ إجراءات و مواقف يستطيع بواسطتها إفشال مؤامرات المأمون و مخططاته الشريرة. لذلك فالإمام (عليه السلام)رفض الخلافة و من ثم ولاية العهد، و هو في المدينة، و حين خروجه منها، عندما كانالمأمون يبعث له الرسائل و الأشخاص طالبا منه القبول، و حتى في مرو الإمام (عليهالسلام) رفض اشد الرفض، و لكن المأمون اجبره بقبول الولاية، فالإمام (عليه السلام)لم يبق ذلك الإجبار طي الكتمان، فأعلن انه لن يقبل ولاية العهد مختارا و إنماقبلها بعد إكراه و تهديد. وقد عرّف المأمون بنواياه الحقيقية عندما قال له:(.. تريد أن يقول الناس إن علي بن موسى لن يزهد في الدنيا بل الدنيا زهدت به، ألا ترون كيف قبل ولايةالعهد طمعا في الدنيا و طمعا في الخلافة.. ) (23).و نرى كذلك موقف الإمام(عليه السلام) في كيفية البيعة عندما قال له المأمون ابسط يدك للبيعة، ودخل الناس يبايعون، كانوا يصفقون بأيمانهم على يمين الإمام، من أعلى الإبهام إلى الخنصر ويخرجون، حتى بايع في آخر الناس شاب من الأنصار فصفق بيمينه إلى أعلى الإبهام،فتبسم الإمام (عليه السلام) ثم قال: كل من بايعني بايع بفسخ البيعة، غير هذا الشاب فإنه بايعني بعقدها.فقال المأمون:و ما فسخ البيعة منعقدها؟.قال أبو الحسن (عليهالسلام) : عقد البيعة هو من أعلى الخنصر إلى أعلى الإبهام، و فسخها من أعلىالإبهام إلى أعلى الخنصر.فماج الناس في ذلك وأمر المأمون بإعادة الناس إلى البيعة على ما وصفه أبو الحسن (عليه السلام) .فقال الناس: كيف يستحقالإمامة من لا يعرف عقد البيعة، إن من علم لأولى ممن لا يعلم.و يظهر لنا موقف الإمام(عليه السلام) بوضوح عندما اشترط على المأمون بوثيقته التاريخية التي كتبها على أنلا يمارس أي نوع من أنواع السلطة في حل و عقد و في عزل و تعيين، فقد قال الإمام(عليه السلام) للمأمون عندما اجبره بالقبول: (و أنا اقبل ذلك على أن لا أولي أحداو لا اعزل أحدا و لا انقض رسما و لا سنة و أكون في الأمر من بعيد) (24).موقف الإمام (عليهالسلام) هذا تعبير و إعلان صريح بان نظام الحكم فاسد لا يجوز التعاون معه في ابسط الأمور، لأنه نظام فاقد الشرعية.و هذا يعني أيضا أنالإمام (عليه السلام) أعلن براءته من حكم المأمون و من كل تبعاته، و انه لا يمكنله أن يعمل في وسط يحتاج إلى التغيير و التبديل من الجذور.وهناك موقف أخر للإمام(عليه السلام) في صلاة العيد، عندما اشترط على المأمون أن يخرج كما كان يخرج جده رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم لا كما يخرج الآخرون.فالإمام (عليه السلام)عندما اشترط على المأمون أن يخرج كما خرج الرسول صلى الله عليه و اله وكما خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) ، أراد بذلك إفهام الناس بان سلوكه و أسلوبه والمفاهيم التي يحملها تختلف عن سلوك و مفاهيم المأمون و أشياعه، وخطه وخط الرسول صلى الله عليه و اله، و منهجه ومنهج أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ليس خط المأمون، الذي اعتادوا عليه.و بمعنى أخر أرادالإمام (عليه السلام) فضح تصرفات المأمون وأشياعه، و إفهام الناس بان الحاكم هكذا يجب أن تكون تصرفاته و أعماله.هذه المواقف إضافة إلى مواقف أخرى اتخذها الإمام (عليه السلام) ومن جملتها سلوك الإمام في حياتهالاجتماعية، و خطبته عندما بايعه الناس، التي بيّن فيها قبوله للولاية مكرها وأكدعدم شرعية خلافة المأمون: كل هذه المواقف أذهلت عقل المأمون و جعلته يتخبط لا يعرف ماذا يفعل لذلك صمم القضاء عليه.
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
مواقف تاريخية للإمام الرضا (عليه السلام) بعد قبوله الولاية
تقليص
X