بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحصاه علمك
قد وصل بنا البحث الى المقطع المقدس من الدعاء كميل وهو
( برحمتك التي وسعت كل شيء)
للباء معاني كثيرة منها التي يفيد القسم ففي مغني اللبيب (خصت بجواز ذكر الفعل معها نحو "اقسم بالله لتفعلن" ودخولها على الضمير "بك لأفعلن" واستعمالها في القسم الاستعطافي نحو" بالله هل قام زيد" اي أسألك بالله مستحلفاً ) انتهى
والمقصود بالقسم الاستعطافي في ما كان جوابه طلبياً كقول الشاعر
بربك هل ضممت إليك ليلى
قُبَيلَ الصبح أو قبلت فاها
والقسم الغير استعطافي ما كان جوابه جملة خبر كالمثال الأول في عبارة المغني .
اي اسألك مقسماً اياك برحمتك .
ومنها حرف عطف بمعنى بواسطة او بسبب
بالبا اسْتَعِنْ , وعَدَّ ,عَوِّض, ألصِقِ
ومِثْلَ (مَعْ) و (مِن) و (عَنْ) بِهَا انْطِقِ
الفية ابن مالك حروف الجر
وهنا الباء تفيد الاستعانة والوساطة والسبب لما يقال (اكتب بالقلم) اي بواسطة , او مستعين ,او بسبب . اي هنا لولا القلم لم استطع الكتابة والقلم هو السبب في الكتابة .
ومن هنا نقصد لولا رحمتك لي لما استطعت الدعاء والسؤال .
معنى الرحمة : لغتا : رقة القلب وانعطاف يقتضي التفضل و الإحسان ومنه الرحم والانعطاف على ما فيها .
قال الله تعالى (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) الاعراف 156
وقد ورد بالكافي وتفسير القمي (... الله إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه , الرحيم بالمؤمنين خاصة )
اي هناك رحمة رحمانية شملت الصالح والطالح من الخلق , وهناك رحمة رحيمية شملت الخاصة من عبادة اي المؤمنين منهم
(َسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) الاعراف 156
وجاء في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي ما هذا لفظه :-
(فهناك رحمة إلهية عامة يتنعم بها المؤمن والكافر والبر والفاجر وذو الشعور وغير ذي الشعور فيوجدون بها ويرزقون بها في أول وجودهم ثم في مسيرة الوجود ما داموا سالكين سبيل البقاء ، ورحمة إلهية خاصة وهي العطية الهنيئة التي يجود بها الله سبحانه في مقابل الايمان والعبودية ، وتختص لا محالة بالمؤمنين الصالحين من عباده من حياة طيبة نورانية في الدنيا ، وجنة ورضوان في الآخرة ولا نصيب فيها للكافرين والمجرمين ، ويقابل الرحمة الخاصة عذاب وهو اللاملائم الذي يصيب الكافرين والمجرمين من جهة كفرهم وجرمهم في الدنيا كعذاب الاستئصال والمعيشة الضنك وفي الآخرة من النار وآلامها ، ولا يقابل الرحمة العامة شئ من العذاب إذ كل ما يصدق عليه اسم شئ فهو من مصاديق الرحمة العامة لنفسه أو لغيره ، وكونه رحمة هي المقصودة في الخلقة ، وليس وراء الشئ شئ . إذا تحقق هذا تبين أن قوله تعالى " عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ " بيان لخصوص العذاب وعموم الرحمة ، وإنما قابل بين العذاب والرحمة العامة مع عدم تقابلهما لان ذكر الرحمة العامة توطئة وتمهيد لما سيذكره من صيرورتها رحمة خاصة في حق المتقين من المؤمنين ) . انتهى تفسير الميزان ج8
ويقول وسعت اي شملت وأحاطت وتضمنت وزيدت عليهن من السعة .
كل شيء : الكل يقصد بها الكلية المطلقة المنطقية التي لا يكسر كليتها شيء , والشيء هنا كل كبير وصغير وكل شريف وحقير وكل بعيد وقريب .
حيث روي بالطبرسي في المجمع (مجمع البيان 4/370) عن ابن عباس وغيرة ( انه لما نزل " ورحمتي وسعت كل شيء " قال إبليس : أنا من ذلك الشيء فرده الله تعالى يقول " فأسكنها للذين يتقون " انتهى
فقد عطف بحرف العطف الفاء الذي يفيد الترتيب مع فاصل زمني , وهنا والعالم الله ان الرحمة تشمل كل شيء في ملك الله وهي رحمة مؤقتة ولكن تتبع برحمة ابديه يكتبها الله للذين يتقون , لان الله قد قال وسعت والسعة تشمل الصالح والطالح ولكن قد تمنع من البعض بسبب أعمالهم التي تحجب الرحمة الالهية عنهم , " وما ظلمناهم ولكن أنفسهم يظلمون " .
وبعد ان وفقنا الله للتطرق الى هذا النص المقدس وانتهلنا منه ما سد ظمئنا ننتقل إلى المقطع الأخر ( وبقوتك التي قهرت بها كل شيء ...) في الحلقة الخامسة وفقنا الله الى ذلك . والحمد لله رب العالمين .
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحصاه علمك
قد وصل بنا البحث الى المقطع المقدس من الدعاء كميل وهو
( برحمتك التي وسعت كل شيء)
للباء معاني كثيرة منها التي يفيد القسم ففي مغني اللبيب (خصت بجواز ذكر الفعل معها نحو "اقسم بالله لتفعلن" ودخولها على الضمير "بك لأفعلن" واستعمالها في القسم الاستعطافي نحو" بالله هل قام زيد" اي أسألك بالله مستحلفاً ) انتهى
والمقصود بالقسم الاستعطافي في ما كان جوابه طلبياً كقول الشاعر
بربك هل ضممت إليك ليلى
قُبَيلَ الصبح أو قبلت فاها
والقسم الغير استعطافي ما كان جوابه جملة خبر كالمثال الأول في عبارة المغني .
اي اسألك مقسماً اياك برحمتك .
ومنها حرف عطف بمعنى بواسطة او بسبب
بالبا اسْتَعِنْ , وعَدَّ ,عَوِّض, ألصِقِ
ومِثْلَ (مَعْ) و (مِن) و (عَنْ) بِهَا انْطِقِ
الفية ابن مالك حروف الجر
وهنا الباء تفيد الاستعانة والوساطة والسبب لما يقال (اكتب بالقلم) اي بواسطة , او مستعين ,او بسبب . اي هنا لولا القلم لم استطع الكتابة والقلم هو السبب في الكتابة .
ومن هنا نقصد لولا رحمتك لي لما استطعت الدعاء والسؤال .
معنى الرحمة : لغتا : رقة القلب وانعطاف يقتضي التفضل و الإحسان ومنه الرحم والانعطاف على ما فيها .
قال الله تعالى (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ) الاعراف 156
وقد ورد بالكافي وتفسير القمي (... الله إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه , الرحيم بالمؤمنين خاصة )
اي هناك رحمة رحمانية شملت الصالح والطالح من الخلق , وهناك رحمة رحيمية شملت الخاصة من عبادة اي المؤمنين منهم
(َسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) الاعراف 156
وجاء في تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي ما هذا لفظه :-
(فهناك رحمة إلهية عامة يتنعم بها المؤمن والكافر والبر والفاجر وذو الشعور وغير ذي الشعور فيوجدون بها ويرزقون بها في أول وجودهم ثم في مسيرة الوجود ما داموا سالكين سبيل البقاء ، ورحمة إلهية خاصة وهي العطية الهنيئة التي يجود بها الله سبحانه في مقابل الايمان والعبودية ، وتختص لا محالة بالمؤمنين الصالحين من عباده من حياة طيبة نورانية في الدنيا ، وجنة ورضوان في الآخرة ولا نصيب فيها للكافرين والمجرمين ، ويقابل الرحمة الخاصة عذاب وهو اللاملائم الذي يصيب الكافرين والمجرمين من جهة كفرهم وجرمهم في الدنيا كعذاب الاستئصال والمعيشة الضنك وفي الآخرة من النار وآلامها ، ولا يقابل الرحمة العامة شئ من العذاب إذ كل ما يصدق عليه اسم شئ فهو من مصاديق الرحمة العامة لنفسه أو لغيره ، وكونه رحمة هي المقصودة في الخلقة ، وليس وراء الشئ شئ . إذا تحقق هذا تبين أن قوله تعالى " عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ " بيان لخصوص العذاب وعموم الرحمة ، وإنما قابل بين العذاب والرحمة العامة مع عدم تقابلهما لان ذكر الرحمة العامة توطئة وتمهيد لما سيذكره من صيرورتها رحمة خاصة في حق المتقين من المؤمنين ) . انتهى تفسير الميزان ج8
ويقول وسعت اي شملت وأحاطت وتضمنت وزيدت عليهن من السعة .
كل شيء : الكل يقصد بها الكلية المطلقة المنطقية التي لا يكسر كليتها شيء , والشيء هنا كل كبير وصغير وكل شريف وحقير وكل بعيد وقريب .
حيث روي بالطبرسي في المجمع (مجمع البيان 4/370) عن ابن عباس وغيرة ( انه لما نزل " ورحمتي وسعت كل شيء " قال إبليس : أنا من ذلك الشيء فرده الله تعالى يقول " فأسكنها للذين يتقون " انتهى
فقد عطف بحرف العطف الفاء الذي يفيد الترتيب مع فاصل زمني , وهنا والعالم الله ان الرحمة تشمل كل شيء في ملك الله وهي رحمة مؤقتة ولكن تتبع برحمة ابديه يكتبها الله للذين يتقون , لان الله قد قال وسعت والسعة تشمل الصالح والطالح ولكن قد تمنع من البعض بسبب أعمالهم التي تحجب الرحمة الالهية عنهم , " وما ظلمناهم ولكن أنفسهم يظلمون " .
وبعد ان وفقنا الله للتطرق الى هذا النص المقدس وانتهلنا منه ما سد ظمئنا ننتقل إلى المقطع الأخر ( وبقوتك التي قهرت بها كل شيء ...) في الحلقة الخامسة وفقنا الله الى ذلك . والحمد لله رب العالمين .