بسم الله الرحمن الرحيم
لقد جرت العادة عند العامة والخاصة أنّه إذا توفي أحدٌ أن يدفن في المكان المعدّ للموتى المسمّى ـ بالمقبرة أو الجبّانة ـ كما هو المتعارف في هذا العصر أيضاً، ولا يختلف هذا الأمر بالنسبة لأي شخص مهما كان له من المكانة والمنزلة، فقد كان ولا يزال في المدينة المحل المُعدّ للدّفن ـ البقيع ـ حيث أنّه مثوى لأئمة أهل البيت(عليهمالسلام) ، وزوجات النبي(صلى الله عليه وآله)، وأولاده، وكبار الصحابة والتابعين وغيرهم، كما وأن مدفن الإمامين الجوادين(عليهما السلام) في مقابر قريش.
وأماالسبب في دفن الإمام الهادي(عليه السلام) داخل بيته ، يعود الى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده(عليه السلام) وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاءوالسخط على السلطة والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام الى الخليفة لتضلّعه فيقتله.
وللشارعالذي اُخرجت جنازة الإمام(عليه السلام) إليه الأثر الكبير، حيث كان محلاً لتواجد معظم الموالين لآل البيت(عليهم السلام) إذ ورد في وصفه:
الشارع الثّاني يعرف بأبي أحمد.. أول هذا الشارع من المشرق داربختيشوع المتطبّب التي بناها المتوكل، ثم قطائع قواد خراسان وأسبابهم من العرب، ومن أهل قم، وإصبهان ،وقزوين ، والجبل ، وآذربيجان، يمنة في الجنوب ممّا يلي القبلة .
ويشير الى تواجد أتباع مدرسة أهل البيت في سامراء المظفري في تاريخه إذ يقول: فكم كان بين الجند، والقواد، والاُمراء، والكتّاب، من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت(عليهم السلام) .
كلّ هذاأدّى الى اتّخاذ السلطة القرار بدفنه(عليه السلام) في بيته، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح، إلا أنه يفهم ممّا تطرق إليه اليعقوبي في تاريخه عندذكره حوادث عام (254 هـ ) ووفاة الإمام الهادي(عليه السلام) حيث يقول:
وبعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكّل فصلّى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد،فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم، فردّ النعش الى داره، فدفن فيها...
وتمكّنوابذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء على نقمة الجماهير الغاضبة، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على وجود التحرّك الشيعي رغم الظروف القاسية التي كان يعاني منها ائمة أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم من سلطة الخلافة الغاشمة.