بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
الشبهة / بين شيخ الإسلام أن قول النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( اللهم انصر من نصره واخذل من خذله ) خلاف الواقع التاريخي ، وقوله : ( اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) مخالف لأصل الإسلام ، فحديث الغدير مخالف لأصول الإسلام والتاريخ .
الجواب / إن قول ابن تيمية هذا هو إنكار لسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحيحة والثابتة فقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( اللهم انصر من نصره واخذل من خذله ) ورد وبطرق معتبرة ، فقد أخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن علي الفقيه عن النعمان بن هارون البلدي عن أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن هيثم عن عبد الرحمن بن عثمان ، قال : (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِضَبْعِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: «هَذَا أَمِيرُ الْبَرَرَةِ، قَاتِلُ الْفَجَرَةِ، مَنْصُورٌ مَنْ نَصَرَهُ، مَخْذُولٌ مَنْ خَذَلَهُ» ، ثُمَّ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ )
قال الحاكم : ( هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ) .
وأخرجه النسائي في خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بسند صحيح حيث قال : ( أخبرنَا الْحُسَيْن بن حُرَيْث الْمروزِي قَالَ حَدثنَا الْفضل بن مُوسَى عَن الْأَعْمَش عَن أبي إِسْحَاق عَن سعيد بن وهب قَالَ قَالَ عَليّ فِي الرحبة أنْشد بِاللَّه من سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم غَدِير خم يَقُول إِن الله وليي وَأَنا ولي الْمُؤمنِينَ وَمن كنت وليه فَهَذَا وليه اللَّهُمَّ وَال من وَالَاهُ وَعَاد من عَادَاهُ وأنصر من نَصره قَالَ فَقَالَ سعيد قَامَ إِلَى جَنْبي سِتَّة وَقَالَ زيد بن يثيع قَامَ عِنْدِي سِتَّة وَقَالَ عَمْرو ذو مر أحب من أحبه وَأبْغض من أبغضه وسَاق الحَدِيث )
ورجال الحديث كلهم ثقات ، وهم كلهم أيضا من رواة البخاري ومسلم وبقية الصحاح من السنن ، فأما سعيد بن وهب فقد قال عنه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب : ( كوفي ثقة مخضرم ، مات سنة خمس أو ست وسبعين )
وأما أبو إسحاق قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء : ( قال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين : أبو إسحاق ثقة )
وأما الأعمش فقد قال عنه الذهبي ي نفس المصدر : ( الإمام شيخ الإسلام ، شيخ المقرئين والمحدّثين ، أبو محمد الأسدي الكاهلي ، مولاهم الكوفي الحافظ )
وأما الفضل بن موسى فقال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال : ( احد العلماء الثقات ، يروي عن صغار التابعين ، ما علمت فيه لينا )
وأما الحسين بن حريث ، فقال عنه الذهبي في الكاشف : ( ثقة ) .
أما لفظ (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ) فأكثر الأسانيد المعتبرة والصحيحة لحديث الغدير مشتملة عليه بل هو من الزيادات المتواترة ، وقد صرح العجلوني في كتابه كشف الخفاء بذلك حيث قال : ( من كنت مولاه فعلي مولاه رواه الطبراني وأحمد والضياء في المختارة عن زيد بن أرقم وعلي وثلاثين من الصحابة بلفظ اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فالحديث متواتر أو مشهور ) .
وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة : ( وجملة القول أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه ) ، ثم قال : (فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان
صحته أنني رأيت شيخ الإسلام بن تيمية، قد ضعف الشطر الأول من الحديث، وأما
الشطر الآخر، فزعم أنه كذب! وهذا من مبالغته الناتجة في تقديري من تسرعه
في تضعيف الأحاديث ) .
فتكذيب ابن تيمية ودعواه مخالفة الحديث لأصول الإسلام والتاريخ ليس إلا تشكيكا في أحاديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم الثابتة بالقطع ودليلا على بعده عن فهم القران الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو لا يدرك حقيقة المراد من نصر الله عز وجل لرسله وأنبيائه والمؤمنين ولا يفهم من النصرة والانتصار إلا لغة العنف والتسلط والهيمنة بالظلم والقهر والقتل ، وهذه هي أسس وقواعد الإرهاب والعنف التي ساهمت بتشكيلها أفكار ابن تيمية وانتهجتها أتباعه فأن هذا المنطق المنحرف هو الذي نزه ساحة يزيد بن معاوية وقال : أن الحسين قتل بسيف جده ، قال الآلوسي في روح المعاني : ( وأبو بكر بن العربي المالكي عليه من الله تعالى ما يستحق أعظم الفرية فزعم أن الحسين قتل بسيف جده صلّى الله عليه وسلّم وله من الجهلة موافقون على ذلك ) وقال في المصدر نفسه : ( قال ابن الجوزي عليه الرحمة في كتابه السر المصون: من الاعتقادات العامة التي غلبت على جماعة منتسبين إلى السنة أن يقولوا: إن يزيد كان على الصواب وإن الحسين رضي الله تعالى عنه أخطأ في الخروج عليه )