
ينقل أحد المؤمنين أن والده كان من أئمة الجماعة الأخيار، يقول : وكنا نقتدي
خلفه في الصلاة ، وكذلك عددمن المؤمنين قد اصطفوا للصلاة جاء شخص عليه ملابس القرويين وهيئة
الأرياف ، ووقف في الصف الأول .
وعادة في الصف الأول يقف العلماء وأهل الفضل وأهل التقوى وكبار السن من المؤمنين ، فلم
نرتح لعمله هذا .
فلما وصل الإمام إلى القنوت في الركعة الثانية ، والقنوت هو سؤال من الله عز وجل كما أن الفقير يأتي ويمد
يده ويسأل.
يقول : في القنوت رأينا أن الرجل القروي انفرد بصلاته وأتمها من غير متابعة للإمام.
فتأثرنا من تصرفه ، حيث جاء ووقف في الصف الأول ثم انفرد في صلاته، فإن فيه إهانة للإمام كما هو واضح،
فسألناه عن سبب عمله ، فلم يجب.
والتفت إمام الجماعة إلى الضوضاء الذي حصل ، فاستفسر الأمر ، فذكرنا له ، فجاء إلى هذا الشخص
القروي ورحب به وسأله عن سبب ذلك.
فقال القروي : هل أقول السبب سراً أم جهراً ؟
قال إمام الجماعة : بل جهراً ، دع الناس يفهمون .
قال القروي : جئت واقتديت بك لأنال ثواب الجماعة ، ولكن في وسط قراءتك لسورة الحمد ، رأيتك
قد ذهبت إلى السوق ، نعم أولياء يرون الصورة الباطنية .
فذهبت إلى السوق تبحث عن شراء دابة ، فعجبتك دابة واشتريتها وجئت بها إلى البيت ، ثم أخذت تبحث
عن مكان للدابة تربطها ، وعن أكلها وشربها ، إلى أن وصلت في صلاتك إلى القنوت وأنت مع دابتك في
أمورها ، فلم أتحمل أكثر من ذلك وانفردت بصلاتي !.
عندما سمع أبي بهذا الكلام تأثر كثيراً ، طبعاً تأثره لم يكن لفضحه أمام الناس ، بل لعدم خشوعه
في الصلاة ، وإن كان البعض منا يخاف من الناس أكثر مما يخاف من الله ، وفي الآية الكريمة :
((يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله
بما يعلمون محيطاً)).النساء 108
ما قيمة الناس أمام الله عز وجل ، فإنهم ماذا يملكون ؟ لا يملكون ضراً ولا نفعاً .
يقول الرجل : تأثر أبي -إمام الجماعة- كثيراً وأخذت دموعه تجري على خديه ، وفي هذه الأثناء غاب الرجل
القروي فبعث أبي خلفه فذهبنا وبحثنا عنه فلم نجده.
*******************
