الامام الكاظم (عليه السلام)في مواجهة هارون الرشيد
تولّى بعد الهادي أخوه هارونُ المعروف بالرشيد، ودام حكمه 23 سنة وشهرين وتسعة وعشرين يوماً، استُشهد الإمام الكاظم عليه السّلام بعد مضي 15 سنة من مُلك هارون الرشيد تقريباً، وذلك سنة 183 هـ، وقيل: سنة 186 هـ.
قال البغداديّ وابن خلِّكان: وأقام [ موسى الكاظم عليه السّلام ] بالمدينة إلى أيّام هارون الرشيد، وتقدّم هارون منصرفاً من عُمرة شهر رمضان سن 179 هـ، فحمل موسى معه إلى بغداد، وحبسه بها إلى أن تُوفّي في محبسه.
وكانت السنون التي قضاها الإمام عليه السّلام في عهد الرشيد أسوأَ ما مرّ به في حياته، فقد سخّر الرشيد كافّة أجهزته القمعيّة لمراقبة الإمام والنيل منه، واستدعاه أكثر من مرّة إلى بغداد في مطلع خلافته وهو حاقد عليه، وكان يضعه في سجنه ثمّ يأمر بإطلاقه بعد مدّة من الزمن، وأحياناً كان يتظاهر بإكرامه وتعظيمه؛ دجلاً ونفاقاً.
أخباره عليه السّلام مع الرشيد
1 ـ عن عبدالرحمان بن صالح الأزديّ، قال: حجّ هارون الرشيد، فأتى قبرَ النبيّ صلّى الله عليه وآله زائراً له، وحوله قريشٌ وأفياء القبائل، ومعه موسى بن جعفر، فلمّا انتهى إلى القبر قال: السّلام عليك يا رسول الله، يا ابنَ عمّي. افتخاراً على من حوله، فدنا موسى بن جعفر فقال: السّلام عليك يا أبه. فتغيّر وجه هارون وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقّاً!
2 ـ وفي كامل الزيارات: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل، عن عليّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا، قال: حضرت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام وهارون الخليفة، وعيسى بن جعفر، وجعفر بن يحيى بالمدينة، وقد جاءوا إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله.
فقال هارون لأبي الحسن عليه السّلام: تقدّم. فأبى، فتقدّم هارون فسلّم وقام ناحية. فقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليه السّلام: تقدّم. فأبى، فتقدّم عيسى، فسلّم، ووقف مع هارون.
فقال جعفر لأبي الحسن عليه السّلام: تقدّم. فأبى، فتقدّم جعفر، فسلّم، ووقف مع هارون.
وتقدّم أبو الحسن عليه السّلام فقال: « السّلام عليك يا أبه، أسأل اللهَ الذي اصطفاك واجتباك وهداك، وهدى بك، أن يُصلّيَ عليك ».
فقال هارون لعيسى: سمعتَ ما قال ؟! قال: نعم.
قال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّاً.
3 ـ وفي الاختصاص: عن عبدالله بن محمّد السائيّ، عن الحسن بن موسى، عن عبدالله بن محمد النهيكيّ، عن محمّد بن سابق بن طلحة الأنصاريّ، قال: كان ممّا قال هارون لأبي الحسن عليه السّلام حين أُدخل عليه: ما هذه الدار ؟ ( مشيراً إلى دار الدنيا ) فقال عليه السّلام: هذه دار الفاسقين، قال الله تعالى: « سَأصْرِفُ عَنْ آياتيَ الَّذينَ يَتَكَبَّرونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنوا بِها وَإنْ يَرَوْا سَبيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذوهُ سِبيلاً وَإنْ يَرَوْا سَبيلَ الغَيِّ يَتَّخِذوهُ سَبيلاً »، الآية.
فقال له هارون: فدارُ مَن هي ؟ قال: هي لشيعتِنا فترة، ولغيرهم فتنة.
قال: فما بالُ صاحب الدار لا يأخذها ؟
فقال: أُخِذت منه عامرة، ولا يأخذها إلاّ معمورة.
قال: فأين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن عليه السّلام: « لَمْ يَكُنِ الَّذينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ وَالمُشْرِكينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأتِيَهُمُ البَيِّنَة ».
قال: فقال له: فنحن كفّار ؟ قال: لا، ولكنْ كما قال الله: « الَّذينَ بَدَّلوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ البَوارِ ».
فغضب عند ذلك هارون وغلظ عليه، فقد لقيه أبو الحسن عليه السّلام بمثل هذه المقالة، وما رهبه، وهذا خلاف قول مَن زعم أنّه هرب منه من الخوف.
4 ـ وفي كتاب « أخبار الخلفاء »: أنّ هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر عليه السّلام: خُذ فدكاً حتّى أردَّها إليك. فيأبى، حتّى ألحّ عليه، فقال عليه السّلام: لا آخذها إلاّ بحدودها، قال: وما حدودها ؟ قال: إن حددتُها لم تردّها، قال: بحقّ جدّك إلاّ فعلت.
قال: أمّا الحدّ الأوّل فعَدَن. فتغيّر وجه الرشيد، وقال: إيهاً!
قال: والحدّ الثاني سمرقند. فاربدّ وجهه.
قال: والحدّ الثالث إفريقية. فاسودّ وجهه، وقال: هيه!
قال: والرابع سِيف البحر ممّا يلي الجزر وأرمينية.
قال الرشيد: فلم يبقَ لنا شيء، فتحوّلْ إلى مجلسي!
قال موسى عليه السّلام: قد أعلمتُك أنّني إن حددتُها لم تردَّها.
فعند ذلك عزم الرشيد على قتله.
وفي رواية ابن أسباط أنّه قال: أمّا الحدّ الأوّل: فعريش مصر، والثاني: دومة الجندل، والثالث: أُحد، والرابع: سِيف البحر.
فقال: هذا كلّه! هذه الدنيا ؟!
فقال عليه السّلام: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة، فأفاء الله على رسوله بلا خيل ولا ركاب، فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة عليها السّلام.
تولّى بعد الهادي أخوه هارونُ المعروف بالرشيد، ودام حكمه 23 سنة وشهرين وتسعة وعشرين يوماً، استُشهد الإمام الكاظم عليه السّلام بعد مضي 15 سنة من مُلك هارون الرشيد تقريباً، وذلك سنة 183 هـ، وقيل: سنة 186 هـ.
قال البغداديّ وابن خلِّكان: وأقام [ موسى الكاظم عليه السّلام ] بالمدينة إلى أيّام هارون الرشيد، وتقدّم هارون منصرفاً من عُمرة شهر رمضان سن 179 هـ، فحمل موسى معه إلى بغداد، وحبسه بها إلى أن تُوفّي في محبسه.
وكانت السنون التي قضاها الإمام عليه السّلام في عهد الرشيد أسوأَ ما مرّ به في حياته، فقد سخّر الرشيد كافّة أجهزته القمعيّة لمراقبة الإمام والنيل منه، واستدعاه أكثر من مرّة إلى بغداد في مطلع خلافته وهو حاقد عليه، وكان يضعه في سجنه ثمّ يأمر بإطلاقه بعد مدّة من الزمن، وأحياناً كان يتظاهر بإكرامه وتعظيمه؛ دجلاً ونفاقاً.
أخباره عليه السّلام مع الرشيد
1 ـ عن عبدالرحمان بن صالح الأزديّ، قال: حجّ هارون الرشيد، فأتى قبرَ النبيّ صلّى الله عليه وآله زائراً له، وحوله قريشٌ وأفياء القبائل، ومعه موسى بن جعفر، فلمّا انتهى إلى القبر قال: السّلام عليك يا رسول الله، يا ابنَ عمّي. افتخاراً على من حوله، فدنا موسى بن جعفر فقال: السّلام عليك يا أبه. فتغيّر وجه هارون وقال: هذا الفخر يا أبا الحسن حقّاً!
2 ـ وفي كامل الزيارات: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل، عن عليّ بن حسّان، عن بعض أصحابنا، قال: حضرت أبا الحسن الأوّل عليه السّلام وهارون الخليفة، وعيسى بن جعفر، وجعفر بن يحيى بالمدينة، وقد جاءوا إلى قبر النبيّ صلّى الله عليه وآله.
فقال هارون لأبي الحسن عليه السّلام: تقدّم. فأبى، فتقدّم هارون فسلّم وقام ناحية. فقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن عليه السّلام: تقدّم. فأبى، فتقدّم عيسى، فسلّم، ووقف مع هارون.
فقال جعفر لأبي الحسن عليه السّلام: تقدّم. فأبى، فتقدّم جعفر، فسلّم، ووقف مع هارون.
وتقدّم أبو الحسن عليه السّلام فقال: « السّلام عليك يا أبه، أسأل اللهَ الذي اصطفاك واجتباك وهداك، وهدى بك، أن يُصلّيَ عليك ».
فقال هارون لعيسى: سمعتَ ما قال ؟! قال: نعم.
قال هارون: أشهد أنّه أبوه حقّاً.
3 ـ وفي الاختصاص: عن عبدالله بن محمّد السائيّ، عن الحسن بن موسى، عن عبدالله بن محمد النهيكيّ، عن محمّد بن سابق بن طلحة الأنصاريّ، قال: كان ممّا قال هارون لأبي الحسن عليه السّلام حين أُدخل عليه: ما هذه الدار ؟ ( مشيراً إلى دار الدنيا ) فقال عليه السّلام: هذه دار الفاسقين، قال الله تعالى: « سَأصْرِفُ عَنْ آياتيَ الَّذينَ يَتَكَبَّرونَ في الأرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَإنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنوا بِها وَإنْ يَرَوْا سَبيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذوهُ سِبيلاً وَإنْ يَرَوْا سَبيلَ الغَيِّ يَتَّخِذوهُ سَبيلاً »، الآية.
فقال له هارون: فدارُ مَن هي ؟ قال: هي لشيعتِنا فترة، ولغيرهم فتنة.
قال: فما بالُ صاحب الدار لا يأخذها ؟
فقال: أُخِذت منه عامرة، ولا يأخذها إلاّ معمورة.
قال: فأين شيعتك ؟ فقرأ أبو الحسن عليه السّلام: « لَمْ يَكُنِ الَّذينَ كَفَروا مِنْ أهْلِ الكِتابِ وَالمُشْرِكينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأتِيَهُمُ البَيِّنَة ».
قال: فقال له: فنحن كفّار ؟ قال: لا، ولكنْ كما قال الله: « الَّذينَ بَدَّلوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْراً وَأحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ البَوارِ ».
فغضب عند ذلك هارون وغلظ عليه، فقد لقيه أبو الحسن عليه السّلام بمثل هذه المقالة، وما رهبه، وهذا خلاف قول مَن زعم أنّه هرب منه من الخوف.
4 ـ وفي كتاب « أخبار الخلفاء »: أنّ هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر عليه السّلام: خُذ فدكاً حتّى أردَّها إليك. فيأبى، حتّى ألحّ عليه، فقال عليه السّلام: لا آخذها إلاّ بحدودها، قال: وما حدودها ؟ قال: إن حددتُها لم تردّها، قال: بحقّ جدّك إلاّ فعلت.
قال: أمّا الحدّ الأوّل فعَدَن. فتغيّر وجه الرشيد، وقال: إيهاً!
قال: والحدّ الثاني سمرقند. فاربدّ وجهه.
قال: والحدّ الثالث إفريقية. فاسودّ وجهه، وقال: هيه!
قال: والرابع سِيف البحر ممّا يلي الجزر وأرمينية.
قال الرشيد: فلم يبقَ لنا شيء، فتحوّلْ إلى مجلسي!
قال موسى عليه السّلام: قد أعلمتُك أنّني إن حددتُها لم تردَّها.
فعند ذلك عزم الرشيد على قتله.
وفي رواية ابن أسباط أنّه قال: أمّا الحدّ الأوّل: فعريش مصر، والثاني: دومة الجندل، والثالث: أُحد، والرابع: سِيف البحر.
فقال: هذا كلّه! هذه الدنيا ؟!
فقال عليه السّلام: هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة، فأفاء الله على رسوله بلا خيل ولا ركاب، فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة عليها السّلام.