اعلم أن الله سبحانه جعل العلم هو السبب الكلي لخلق هذا العالم العلوي و السفلي طرا و كفى بذلك جلالة و فخرا قال الله تعالى في محكم الكتاب تذكرة و تبصرة لأولي الألباب اللّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماوات وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْء عِلْم.
و كفى بهذه الآية دليلا على شرف العلم لا سيما علم التوحيد الذي هو أساس كل علم و مدار كل معرفة و جعل سبحانه العلم أعلى شرف و أول منه امتن به
على ابن آدم بعد خلقه و إبرازه من ظلمة العدم إلى ضياء الوجود فقال سبحانه في أول سورة أنزلها على نبيه محمد (ص) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَق اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ.
فتأمل كيف افتتح كتابه الكريم المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد بنعمة الإيجاد ثم أردفها بنعمة العلم فلو كان ثم منه أو توجد نعمة بعد نعمة الإيجاد هي أعلى من العلم لما خصه الله تعالى بذلك و صدر به نور الهداية و طريق الدلالة على الصراط المستقيم الأخذ بحجزة البراعة و دقائق المعاني و حقائق البلاغة.
و قد قيل في وجه التناسب بين الآي المذكورة في صدر هذه السورة التي قد اشتمل بعضها على خلق الإنسان من علق و في بعضها تعليمه ما لم يعلم ليحصل النظم البديع في ترتيب آياته إنه تعالى ذكر أول حال الإنسان و هو كونه علقة مع أنها أخس الأشياء و آخر حاله و هو صيرورته عالما و هو أجل المراتب كأنه تعالى قال كنت في أول حالك في تلك الدرجة التي هي غاية الخساسة فصرت في آخر حالك في هذه الدرجة التي هي الغاية في الشرف و النفاسة و هذا إنما يتم لو كان العلم أشرف المراتب إذ لو كان غيره أشرف لكان ذكر ذلك الشيء في هذا المقام أولى.
و وجه آخر أنه تعالى قال وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ.
و قد تقرر في أصول الفقه أن ترتب الحكم على الوصف مشعر بكون الوصف علة و هذا يدل على أن الله سبحانه اختص بوصف الأكرمية لأنه علم الإنسان العلم فلو كان شيء أفضل من العلم و أنفس لكان اقترانه بالأكرمية المؤداة بأفعل التفصيل أولى.
و بنى الله سبحانه ترتب قبول الحق و الأخذ به على التذكر و التذكر على الخشية و حصر الخشية في العلماء فقال سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى و إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.
و سمى الله سبحانه العلم بالحكمة و عظم أمر الحكمة فقال وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِير.
و حاصل ما فسروه في الحكمة مواعظ القرآن و العلم و الفهم و النبوة في قوله تعالى وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ و الكل يرجع إلى العلم.
و رجح العالمين على كل من سواهم فقال سبحانه
هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ.
و فرق في كتابه العزيز بين عشرة بين الخبيث و الطيب قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَ الطَّيِّبُ و بين الأعمى و البصير و الظلمة و النور و الجنة و النار و الظل و الحرور و إذا تأملت تفسير ذلك وجدت مرجعه جميعا إلى العلم.
و قرن سبحانه أولي العلم بنفسه و ملائكته فقال
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ.
و زاد في إكرامهم على ذلك مع الاقتران المذكور بقوله تعالى وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
و بقوله تعالى قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.
و قال تعالى يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجات و قد ذكر الله سبحانه الدرجات لأربعة أصناف للمؤمنين من أهل بدر إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.
إلى قوله لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
و للمجاهدين وَ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ.
و لمن عمل الصالحات
وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى و للعلماء يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجات.
ففضل أهل بدر على غيرهم من المؤمنين بدرجات و فضل العلماء على جميع الأصناف بدرجات فوجب كون العلماء أفضل الناس.
و قد خص الله سبحانه في كتابه العلماء بخمس مناقب الأولى الإيمان وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ.
الثانية التوحيد شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ.
الثالثة البكاء و الحزن إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إلى قوله وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ.
الرابعة الخشوع إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ الآية.
الخامسة الخشية إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.
و قال تعالى مخاطبا لنبيه آمرا له مع ما آتاه من العلم و الحكمة وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و قال تعالى بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
و قال تعالى وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ.
فهذه نبذة من فضائله التي نبه الله عليها في كتابه الكريم
و كفى بهذه الآية دليلا على شرف العلم لا سيما علم التوحيد الذي هو أساس كل علم و مدار كل معرفة و جعل سبحانه العلم أعلى شرف و أول منه امتن به
على ابن آدم بعد خلقه و إبرازه من ظلمة العدم إلى ضياء الوجود فقال سبحانه في أول سورة أنزلها على نبيه محمد (ص) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَق اقْرَأْ وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ.
فتأمل كيف افتتح كتابه الكريم المجيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد بنعمة الإيجاد ثم أردفها بنعمة العلم فلو كان ثم منه أو توجد نعمة بعد نعمة الإيجاد هي أعلى من العلم لما خصه الله تعالى بذلك و صدر به نور الهداية و طريق الدلالة على الصراط المستقيم الأخذ بحجزة البراعة و دقائق المعاني و حقائق البلاغة.
و قد قيل في وجه التناسب بين الآي المذكورة في صدر هذه السورة التي قد اشتمل بعضها على خلق الإنسان من علق و في بعضها تعليمه ما لم يعلم ليحصل النظم البديع في ترتيب آياته إنه تعالى ذكر أول حال الإنسان و هو كونه علقة مع أنها أخس الأشياء و آخر حاله و هو صيرورته عالما و هو أجل المراتب كأنه تعالى قال كنت في أول حالك في تلك الدرجة التي هي غاية الخساسة فصرت في آخر حالك في هذه الدرجة التي هي الغاية في الشرف و النفاسة و هذا إنما يتم لو كان العلم أشرف المراتب إذ لو كان غيره أشرف لكان ذكر ذلك الشيء في هذا المقام أولى.
و وجه آخر أنه تعالى قال وَ رَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ.
و قد تقرر في أصول الفقه أن ترتب الحكم على الوصف مشعر بكون الوصف علة و هذا يدل على أن الله سبحانه اختص بوصف الأكرمية لأنه علم الإنسان العلم فلو كان شيء أفضل من العلم و أنفس لكان اقترانه بالأكرمية المؤداة بأفعل التفصيل أولى.
و بنى الله سبحانه ترتب قبول الحق و الأخذ به على التذكر و التذكر على الخشية و حصر الخشية في العلماء فقال سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى و إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.
و سمى الله سبحانه العلم بالحكمة و عظم أمر الحكمة فقال وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِير.
و حاصل ما فسروه في الحكمة مواعظ القرآن و العلم و الفهم و النبوة في قوله تعالى وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ و الكل يرجع إلى العلم.
و رجح العالمين على كل من سواهم فقال سبحانه
هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ.
و فرق في كتابه العزيز بين عشرة بين الخبيث و الطيب قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَ الطَّيِّبُ و بين الأعمى و البصير و الظلمة و النور و الجنة و النار و الظل و الحرور و إذا تأملت تفسير ذلك وجدت مرجعه جميعا إلى العلم.
و قرن سبحانه أولي العلم بنفسه و ملائكته فقال
شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ.
و زاد في إكرامهم على ذلك مع الاقتران المذكور بقوله تعالى وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللّهُ وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
و بقوله تعالى قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ.
و قال تعالى يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجات و قد ذكر الله سبحانه الدرجات لأربعة أصناف للمؤمنين من أهل بدر إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.
إلى قوله لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
و للمجاهدين وَ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجاهِدِينَ.
و لمن عمل الصالحات
وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى و للعلماء يَرْفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجات.
ففضل أهل بدر على غيرهم من المؤمنين بدرجات و فضل العلماء على جميع الأصناف بدرجات فوجب كون العلماء أفضل الناس.
و قد خص الله سبحانه في كتابه العلماء بخمس مناقب الأولى الإيمان وَ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ.
الثانية التوحيد شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ.
الثالثة البكاء و الحزن إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إلى قوله وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ.
الرابعة الخشوع إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ الآية.
الخامسة الخشية إِنَّما يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ.
و قال تعالى مخاطبا لنبيه آمرا له مع ما آتاه من العلم و الحكمة وَ قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً و قال تعالى بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ.
و قال تعالى وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ.
فهذه نبذة من فضائله التي نبه الله عليها في كتابه الكريم