معالم المدرستين - السيد مرتضى العسكري - ج 2 - ص 32 - 34
وأقام بعض الكتاب أيضا ضجة مفتعلة أخرى على أصحاب مدرسة أهل البيت وقالوا بأن لهم قرآنا آخر اسمه "مصحف فاطمة ( ع )" وذلك لان كتاب فاطمة سمي بالمصحف، والقرآن أيضا سمي من قبل بعض المسلمين بالمصحف، مع أن الأحاديث تصرح بان مصحف فاطمة ليس فيه شيء من القرآن، وإنما فيه ما سمعته من أخبار من يحكم الأمة الإسلامية، حتى أن الإمام جعفر الصادق لما ثار محمد وإبراهيم من أبناء الإمام الحسن (ع) على أبي جعفر المنصور قال: " ليس في كتاب أمهم فاطمة اسم هؤلاء في من يملك هذه الأمة"
وفي مدرسة الخلفاء سموا كتاب سيبويه في النحو بالكتاب.
أضف إلى ذلك إن لفظ "المصحف" لم يرد في القرآن ولا الحديث النبوي الشريف.
وورد تسمية القرآن بالكتاب في القرآن في قوله تعالى:
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة/2).
{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}(البقرة/85).
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} (البقرة/89).
{وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ(البقرة/129).
{وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} (البقرة/151)
إلى عشرات آيات أخرى.
مع هذا لو قال أحد أن كتاب سيبويه حجمه ضعف كتاب الله، لم يقصد أن كتاب سيبويه قرآن أكبر من كتاب الله، ولم يعترض على هذه التسمية من أتباع مدرسة أهل البيت أحد.
وأخيرا إن هذه الأقوال يستفيد منها خصوم الإسلام ويتخذون منها وسيلة للطعن في القرآن، بصر الله بعض الكتاب ليكف عن هذا الهذيان.
إن القرآن الذي بأيدي المسلمين اليوم، هو الذي أكمل الله إنزاله على خاتم أنبيائه في أخريات حياته، وجمعه الصحابة بعد وفاته ودونوه واستنسخوه ووزعوه على المسلمين. أوله: "بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين"، وآخره: "من الجنة والناس"، لم يكن في يوم من الأيام منذ ذلك العصر إلى يومنا هذا قرآن بيد مسلم، يزيد على هذا المتداول كلمة أو ينقص كلمة. لا خلاف في ذلك بينهم.
وإنما الخلاف في تفسير القرآن وتأويل متشابهه، وذلك لأنهما مأخوذان من الحديث وقد اختلف المسلمون في شأن حديث رسول الله ( ص ) كما سنذكره في باب موقف المدرستين من السنة الآتي إن شاء الله تعالى.