بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل آية: (أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم) خبرية أم إنشائية؟ وما معنى الترديد بين الموت والقتل؟
وأما الآية الشريفة فهي إنشائية في قوله تعالى: ”أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم“ إذ هو استفهام في صورة التوبيخ والاستنكار. وحتى على فرض أنها خبرية – وليست كذلك - فإنها تكون صادقة لصدورها عمّن لا يُحتمل فيه الكذب، وهو المولى سبحانه.
وقد نزلت الآية في شأن معركة أحد، حينما شاع أن رسول الله الأعظم ( ص وسلم) قد قُتل فيها، فانهزم الناس وولّوا العدو أدبارهم وانكشف ضعف إيمانهم حتى أنهم قالوا: ”قُتل محمد، فالحقوا بدينكم الأول“! (تفسير الطبري ج4 ص151).
ولم يثبت من المسلمين سوى أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) وأبو دجانة الأنصاري بعدما أثخنته الجراحة واحتمله علي ع، وبعض الأصحاب بعد فرارهم يظهر أنهم ندموا فعادوا إلى ساحة القتال كأنس بن النضر وسهل بن حنيف. وكان على رأس الفرّارين يومها عمر بن الخطاب وأبو بكر بن أبي قحافة وعثمان بن عفان وأضرابهم عليهم اللعنة والخزي.
ويكشف ذلك عن حقيقة أن جلّ المسلمين آنذاك ما كان إسلامهم إلا ظاهريا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، إذ لو كان لما فرّوا - والفرار من أكبر الكبائر - ولما شكّوا وكادوا أن يرتدّوا بدعوتهم أنفسهم إلى الرجوع إلى دينهم الأول!
والآية صريحة في مفادها أن هؤلاء إنما يتعلّقون بالإسلام ما دام رسول الله ( ص) حيا، فإذا مات أو قُتل انقلبوا على أعقابهم، ومعنى الانقلاب على الأعقاب رجوعهم إلى ما كانوا عليه تماما في جاهليّتهم، من الكفر والشرك وعبادة الأصنام. ودلالة الآية على ذلك باقية إلى ما بعد معركة أحد إذ لم تنزل آية أخرى تنقض دلالتها فتنفي إمكان وقوع الانقلاب والردّة منهم، وإذ ذاك يتأكد أنهم بعد استشهاد رسول الله ( ص ) قد انقلبوا على أعقابهم وكفروا وارتدّوا، إلا من عصم الله منهم من الذين بقوا أوفياء لرسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.
والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة ( ع) في هذا المعنى كثيرة، فمنها ما عن حنّان عن أبيه عن أبي جعفر الباقر ع: ”كان الناس أهل ردة بعد النبي ص إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبوذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم وبركاته، ثم عرف أناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا، وأبوا ان يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين غ مكرها فبايع، وذلك قول الله عزوجل: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين“. (الكافي ج8 ص245).
ومنها ما عن الحسين بن المنذر قال: ”سألت أبا عبد الله ع عن قول الله: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، القتل أم الموت؟ قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا“. (تفسير العياشي ج1 ص200).
ومنها ما عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: ”قلت لأبي جعفر ع: إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضى لله عز ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد ص من بعده؟ فقال أبو جعفر ع: أوَما يقرأون كتاب الله؟! أوَليس الله يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرالله شيئا وسيجزي الله الشاكرين؟! فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر، فقال: أوَليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، حيث قال: وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات ولكلن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل مايريد؟ وفي هذا ما يُستدل به على أن اصحاب محمد ص قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر“. (المصدر نفسه).
ومنها ما عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله ع قال: ”تدرون مات النبي ص أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت! إنهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شرّ من خلق الله“. (المصدر نفسه).
أما الترديد بين الموت أو القتل في الآية الكريمة، فلعلّه من باب الإضراب الإبطالي، لخفاء حقيقة أنه ( ص) قُتل بالسم إلا عن الذين والوا أهل بيته ( ع) فأدركوها، فيكون المعنى أنكم تعتقدون بموته الطبيعي والحال أنه مقتول مسموم صلوات الله عليه وآله. وقد جاء هذا الإضراب في صيغة الترديد لأنه في سياق المستقبل.
ولعلّه أيضا لبيان أنكم ترتدّون لا في حال قتله ( ص) فقط - إذ كانوا يعتقدون بأن النبي لا يُقتل فإذا قُتل بطلت دعوته وظهر أنه ليس بنبي - وإنما حتى في حال موته بشكل طبيعي، فإنكم في هذه أيضا تكفرون وترتدّون وتنقلبون على أعقابكم.
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل آية: (أفإن مات أوقتل انقلبتم على أعقابكم) خبرية أم إنشائية؟ وما معنى الترديد بين الموت والقتل؟
وأما الآية الشريفة فهي إنشائية في قوله تعالى: ”أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم“ إذ هو استفهام في صورة التوبيخ والاستنكار. وحتى على فرض أنها خبرية – وليست كذلك - فإنها تكون صادقة لصدورها عمّن لا يُحتمل فيه الكذب، وهو المولى سبحانه.
وقد نزلت الآية في شأن معركة أحد، حينما شاع أن رسول الله الأعظم ( ص وسلم) قد قُتل فيها، فانهزم الناس وولّوا العدو أدبارهم وانكشف ضعف إيمانهم حتى أنهم قالوا: ”قُتل محمد، فالحقوا بدينكم الأول“! (تفسير الطبري ج4 ص151).
ولم يثبت من المسلمين سوى أمير المؤمنين علي (صلوات الله عليه) وأبو دجانة الأنصاري بعدما أثخنته الجراحة واحتمله علي ع، وبعض الأصحاب بعد فرارهم يظهر أنهم ندموا فعادوا إلى ساحة القتال كأنس بن النضر وسهل بن حنيف. وكان على رأس الفرّارين يومها عمر بن الخطاب وأبو بكر بن أبي قحافة وعثمان بن عفان وأضرابهم عليهم اللعنة والخزي.
ويكشف ذلك عن حقيقة أن جلّ المسلمين آنذاك ما كان إسلامهم إلا ظاهريا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، إذ لو كان لما فرّوا - والفرار من أكبر الكبائر - ولما شكّوا وكادوا أن يرتدّوا بدعوتهم أنفسهم إلى الرجوع إلى دينهم الأول!
والآية صريحة في مفادها أن هؤلاء إنما يتعلّقون بالإسلام ما دام رسول الله ( ص) حيا، فإذا مات أو قُتل انقلبوا على أعقابهم، ومعنى الانقلاب على الأعقاب رجوعهم إلى ما كانوا عليه تماما في جاهليّتهم، من الكفر والشرك وعبادة الأصنام. ودلالة الآية على ذلك باقية إلى ما بعد معركة أحد إذ لم تنزل آية أخرى تنقض دلالتها فتنفي إمكان وقوع الانقلاب والردّة منهم، وإذ ذاك يتأكد أنهم بعد استشهاد رسول الله ( ص ) قد انقلبوا على أعقابهم وكفروا وارتدّوا، إلا من عصم الله منهم من الذين بقوا أوفياء لرسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما.
والروايات الواردة عن أهل بيت العصمة ( ع) في هذا المعنى كثيرة، فمنها ما عن حنّان عن أبيه عن أبي جعفر الباقر ع: ”كان الناس أهل ردة بعد النبي ص إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبوذر الغفاري، وسلمان الفارسي رحمة الله عليهم وبركاته، ثم عرف أناس بعد يسير، وقال: هؤلاء الذين دارت عليهم الرحا، وأبوا ان يبايعوا حتى جاءوا بأمير المؤمنين غ مكرها فبايع، وذلك قول الله عزوجل: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين“. (الكافي ج8 ص245).
ومنها ما عن الحسين بن المنذر قال: ”سألت أبا عبد الله ع عن قول الله: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، القتل أم الموت؟ قال: يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا“. (تفسير العياشي ج1 ص200).
ومنها ما عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال: ”قلت لأبي جعفر ع: إن العامة يزعمون أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع الناس كانت رضى لله عز ذكره وما كان الله ليفتن أمة محمد ص من بعده؟ فقال أبو جعفر ع: أوَما يقرأون كتاب الله؟! أوَليس الله يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرالله شيئا وسيجزي الله الشاكرين؟! فقلت له: إنهم يفسرون هذا على وجه آخر، فقال: أوَليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم قد اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات، حيث قال: وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعدما جاءتهم البينات ولكلن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل مايريد؟ وفي هذا ما يُستدل به على أن اصحاب محمد ص قد اختلفوا من بعده فمنهم من آمن ومنهم من كفر“. (المصدر نفسه).
ومنها ما عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله ع قال: ”تدرون مات النبي ص أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قتل انقبلتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت! إنهما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شرّ من خلق الله“. (المصدر نفسه).
أما الترديد بين الموت أو القتل في الآية الكريمة، فلعلّه من باب الإضراب الإبطالي، لخفاء حقيقة أنه ( ص) قُتل بالسم إلا عن الذين والوا أهل بيته ( ع) فأدركوها، فيكون المعنى أنكم تعتقدون بموته الطبيعي والحال أنه مقتول مسموم صلوات الله عليه وآله. وقد جاء هذا الإضراب في صيغة الترديد لأنه في سياق المستقبل.
ولعلّه أيضا لبيان أنكم ترتدّون لا في حال قتله ( ص) فقط - إذ كانوا يعتقدون بأن النبي لا يُقتل فإذا قُتل بطلت دعوته وظهر أنه ليس بنبي - وإنما حتى في حال موته بشكل طبيعي، فإنكم في هذه أيضا تكفرون وترتدّون وتنقلبون على أعقابكم.