إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

علم الأئمّة عليهم السّلام بالغيب 4

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علم الأئمّة عليهم السّلام بالغيب 4

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد

    الأمر الثاني: الآيات التي تحصر علم الغيب به تعالى وتنفيه عن غيره؛
    إنّ علم الغيب يشكّل ظاهرة في حياة الأنبياء والصالحين، إذاً ماذا تعني الآيات التي تحصر علم الغيب به سبحانه وتنفيه عن غيره ؟
    قال تعالى: قلْ لا يَعلمُ مَن في السماواتِ والأرضِ الغيبَ إلاَّ الله
    وقال: وعندَه مَفاتحُ الغيبِ لا يَعلمُها إلاَّ هو
    وقال: ولا أقول لكُم عندي خزائنُ اللهِ ولا أعلمُ الغَيب
    وقال: وللهِ غيبُ السماواتِ والأرضِ وإليه يُرْجَعُ الأمرُ كلُّه
    وقال: يومَ يَجْمعُ اللهُ الرسلَ فيقولُ: ماذا أُجِبْتُم ؟ قالوا: لا عِلمَ لنا إنّك أنتَ علاّمُ الغُيوب
    هذا القسم من الآيات التي تحصر علم الغيب به، لا تتعارض مع الآيات التي تُثْبت علم الغيب لغيره؛ لأنّ الأُسلوب القرآنيّ الشائع في بيان الأفعال الإلهيّة ـ كالخلق والرزق والموت ـ يعتمد على النفي من جهة والإثبات من جهة أُخرى. مثال ذلك قوله تعالى: الله يَتوفَّى الأنفس
    بما يفيد ظاهراً المباشرة ونفي الواسطة، وقوله تعالى: قلْ يَتوفَّاكُم مَلَكُ الموتِ الذي وُكّل بِكم الذي يفيد وجود الواسطة، إلاّ أنّ التأمّل يجعلنا نعتقد أنّ الآية الأُولى تثبت جهة والثانية تُثبِت جهة أُخرى، فلا يوجد تعارض، وليس هناك نفي وإثبات؛ إذ الآية الأُولى تثبت أنّ الله يتوفّى الأنفس على نحو الأصالة، والآية الثانية تثبت أنّ مَلَك الموت يتوفّى الأنفس على نحو التبعيّة لله سبحانه وتعالى، فالله يتوفّى الأنفس بواسطة مَلَك الموت بموجب الآيتين معاً.
    وهكذا الأمر بالنسبة لعلم الغيب، فالطائفة التي تحصر علم الغيب به تعالى فإنّها تنظر إلى علمه الذاتيّ الأزليّ الذي يختصّ به تعالى، وأمّا الطائفة التي تتحدّث عن علم الغيب عند غير الله تعالى فهي تتحدّث عن علمٍ غير ذاتيّ، وهو ما يُفيضه الله من العلم بالغيب على من يختاره من عباده ليُطْلعه على بعض الحقائق، فلا تعارض بين الطائفتين.
    الأمر الثالث: الآيات التي تثبت إمكان علم الغيب لغيره تعالى؛
    جاءت في القرآن الكريم طائفة من الآيات تتحدّث حول إمكان علم الغيب لغيره تعالى، مثل قوله تعالى:
    هلْ أتَبْعُك على أن تُعلّمني مِمّا عُلِّمتَ رُشْداً
    قال إنّك لن تستطيعَ مَعيَ صَبْراً * وكيف تَصبرُ على ما لم تُحِطْ به خُبْراً
    ولو كنتُ أعلمُ الغَيبَ لآستكثرتُ مِن الخير
    وقلْ ربِّي زِدْني عِلْماً
    حيث توصّلنا قبل قليل إلى أنّ علم الغيب خاصّ به سبحانه، وهو يَهَب منه لمَن يشاء، ولا تعارضَ في النفي والإثبات بين العِلْمَين، فبنفس هذا التحليل ينحلّ التعارض بين الآيات التي تحصر علم الغيب به والآيات التي تتحدّث عن إمكان علم الغيب لغيره.
    إنّ الآيات التي تتحدّث عن إفاضته علمَ الغيب لغيره، تفيد بأنّه علم حاصل بإذنه وإرادته ورضاه، وليس خارجاً عن شؤونه تعالى على كل حال.
    الأمر الرابع: الآيات التي تثبت إعطاء علم الغيب لخاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله؛
    ذكرنا طائفة من الآيات تثبت إمكان الحصول على علم الغيب لبعض العباد، وذكرنا أيضاً ما يُثْبت إفاضتَه علمَ الغيب لغيره سبحانه، مثل قوله تعالى: وعلّمَ آدمَ الأسماءَ كلَّها ، وقوله: لا يأتيكُما طَعامٌ تُرزَقانِه إلاّ نبّأتُكما بتأويلهِ قبلَ أن يأتيَكُما ، وقوله: وما يَعلمُ تأويلَه إلاّ اللهُ والراسخونَ في العلم
    وبنفس هذا السياق توجد طائفة من الآيات تذكر إفاضة علم الغيب لخاتم الأنبياء صلّى الله عليه وآله، مثل قوله تعالى: وما يَنطِقُ عنِ الهَوى * إنْ هُوَ إلاّ وحيٌ يُوحى وقوله تعالى: سَنُقْرِئُك فلا تَنسى ، وقوله تعالى: ذلكَ مِن أنباءِ الغَيبِ نُوحيهِ إليك
    عن الإمام الباقر عليه السّلام، أنه قال: لا والله لا يكونُ عالِمٌ جاهلاً أبداً، عالماً بشيء جاهلاً بشيء، الله أجلُّ وأعزّ وأكرم مِن أن يفرض طاعةَ عبد يَحجِب عنه سماءه وأرضه
    وعن الإمام الصادق عليه السّلام، قال: « إنّ الله أدّب نبيَّه فأحسن أدبَه »، فلمّا أكمل له الأدب قال: وإنّك لَعلى خُلُقٍ عظيم ثمّ فوّض إليه أمر الدين والأُمّة ليسوس عباده، فقال ما آتاكُمُ الرسولُ فَخُذُوه وما نَهاكم عنه فانتهُوا وأنّ رسول الله كان مسدَّداً موفَّقاً، مؤيَّداً بروح القدس لا يزلّ ولا يُخطئ في شيءٍ ممّا يسوس به، فتأدّب بآداب الله »
    فإذا كان هذا شأن الرسول صلّى الله عليه وآله، وقد أفاض الله سبحانه عليه العلم بالغيب لأجل إكمال الرسالة وسياسة العباد وبسط العدل، وسدّده بروح القدس، فهل منح الله سبحانه هذه القدرة وأفاض علم الغيب لخلفائه الذين ارتضاهم لإكمال مسيرته من أئمّة أهل البيت عليهم السّلام انطلاقاً من نفس الغرض ؟ إنّ هذا ما سوف نتناوله في الفقرة التالية.
    الأمر الخامس: النصوص التي تثبت إعطاء علم الغيب لأئمّة أهل البيت عليهم السّلام؛
    ذكرنا بأن الله سبحانه قد أعطى علم الغيب لأنبيائه والصالحين من عباده، وأئمّة أهل البيت عليهم السّلام هم الذين أذهَبَ اللهُ عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيراً بنصّ الكتاب والسنّة الصحيحة، وأنّهم خلفاء رسوله في تحقيق مهامّ الرسالة وأهدافها، وهذا يستلزم أن يكونوا عالمين بالغيب كما كان يعلم به صلّى الله عليه وآله.
    1 ـ من هنا نجد أمير المؤمنين عليّاً عليه السّلام، يقول: ألا إنّ العلم الذي هبط به آدمُ من السماء إلى الأرض وجميع ما فُضِّلتْ به النبيّون إلى خاتم النبييّن، في عِترة خاتَم النبيّين
    2 ـ وورد عن عبدالله بن الوليد السمّان، أنّه قال: قال لي أبو جعفر عليه السّلام: « يا عبدالله، ما تقول الشيعةُ في عليٍّ وموسى وعيسى عليهم السّلام قال: قلت: جُعِلتُ فداك، ومِن أيّ الحالات تسألني ؟ قال عليه السّلام: أسألك عن العلم، فأمّا الفضل فهم سواء قال: قلت جُعِلت فداك، فما عسى أن أقول فيهم ؟ فقال عليه السّلام: هو واللهِ أعلمُ منهما، ثم قال: يا عبدَالله، أليس يقولون: إنّ لعليٍّ ما للرسول مِن العلم ؟ فقال: قلت: بلى، قال: فخاصمهم فيه، قال: إن الله تبارك وتعالى قال لموسى: وكتَبْنا له في الألواحِ مِنْ كلِّ شيء. فأعَلَمنا أنّه لم يُبيّن له الأمر كلَّه، وقال الله تبارك وتعالى لمحمّد صلّى الله عليه وآله: وجِئْنا بكَ على هؤلاءِ شَهيداً ونَزّلْنا عليكَ الكتابَ تِبياناً لكلِّ شيء
    3 ـ وقال تعالى: قالَ الذي عندَه عِلمٌ مِنَ الكتابِ أنا آتيكَ بهِ قَبْلَ أن يَرتدَّ إليك طَرْفُك
    إنّ سبب قدرة ( آصف بن بَرْخيا ) على ذلك التصرّف الخارق للنواميس الطبيعيّة الاعتياديّة، هو ما عنده مِن علم الكتاب، وهذا مُشعر بأنّ سببه لا شيء آخر، فولايته تدور مدار علم الكتاب، فما دام عنده علم من الكتاب تبقى ولايته ثابتة له بهذا المقدار، فإذا كان هذا شأن مَن عنده علمٌ مِن الكتاب، فما هو يا تُرى شأنُ مَن عنده علمُ الكتابِ كلِّه ؟
    وبهذا الصدد يخبر الإمام الصادق عليه السّلام سَديراً عن علمهم عليهم السّلام بما في الكتاب، قائلاً: « يا سَدير، ألم تقرأ القرآن ؟! فيجيب سدير، قائلاً له: بلى، فيقول له الإمام الصادق عليه السّلام: فهل وجدت في ما قرأتَ من كتاب الله عزّوجلّ قُلْ كفى باللهِ شَهيداً بيني وبينَكُم ومَن عندَه عِلمُ الكتاب ؟ قال: قلت: قد قرأته جُعِلت فداك، قال: أفمَن عندَه علمُ الكتاب كلِّه أفْهمُ أم مَن عندَه علمُ الكتاب بعضه ؟ قلت: لا، بل مَن عنده علم الكتاب كلّه. قال: فأومأ بيده إلى صدره وقال: علمُ الكتاب واللهِ كلّه عندنا، علم الكتاب والله كلّه عندنا »
    4 ـ وقال تعالى: إنّما يُريدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عنكُمُ الرِّجْسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّرَكُم تَطهيراً وقال أيضاً: إنّ اللهَ آصطفى آدمَ ونُوحاً وآل إبراهيمَ وآلَ عِمرانَ علَى العالَمين
    نظراً إلى أنّ عموم إذهاب الرجس والتطهير من جميع المناقص الظاهريّة والباطنيّة وشوائب الكدر وظلمات الجهل والسهو، دالّ على عموم علمهم وفعليّته
    5 ـ عن عبدالأعلى بن أعيَن قال: سمعتُ أبا عبدالله عليه السّلام يقول: ( قد وَلَدني رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأنا أعلم كتاب الله وفيه بَدْء الخَلْق وما هو كائن إلى يوم القيامة، وفيه خبر السماء والأرض، وخبر الجنّة وخبر النار، وخبر ما كان وما هو كائن، أعلم ذلك كأنّي أنظر إلى كفّي، إنّ الله يقول: فيه تِبيانُ كلِّ شيء
    6 ـ عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السّلام في حديث، قال: « علّم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله عليّاً عليه السّلام ألفَ باب، يُفتَح من كلِّ بابٍ ألفُ باب، إلى أن، قال: فإنّ عندنا الجامعة، صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلّى الله عليه وآله وإملائه من فِلْق فيه وخطِّ عليّ عليه السّلام بيمينه، فيها كلُّ حلال وحرام وكلّ شيء يحتاج إليه الناس، حتّى الأرش في الخدش. وضرَبَ بيده إليّ، فقال لي: تأذن لي يا أبا محمّد ؟ قال: قلت: جُعلت فداك، إنّما أنا لك، فاصنع ما شئت، قال: فغمزني بيده، ثم قال: « حتّى أرْش هذا، كأنّه مُغضَب »
    7 ـ عن الحسين بن أبي العلاء، قال سمعت أبا عبدالله عليه السّلام، يقول: « إنّ عندي الجَفْرَ الأبيض » قال: قلت: فأيّ شيء فيه ؟ قال: « زبور داود، وتوراة موسى، وإنجيل عيسى، وصُحُف إبراهيم، والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أنّ فيه قرآناً ، وفيه ما يحتاج الناس إلينا، ولا نحتاج إلى أحد، حتّى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة، وأرْش الخدش »
    8 ـ عن ربعي بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السّلام أنه قال: « أبى الله أن يُجريَ الأشياء إلاّ بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً، وجعل لكلّ سبب شرحاً، وجعل لكلّ شرح علماً، وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً، عَرَفه مَن عَرفه، وجَهِله مَن جَهِله، ذاك رسول الله صلّى الله عليه وآله ونحن »
    9 ـ عن بكر بن كرب الصيرفيّ، قال: سمعت أبا عبدالله عليه السّلام، يقول: « إنّ عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس وإنّ الناس لَيحتاجون إلينا، وإنّ عندنا كتاباً إملاءُ رسول الله صلّى الله عليه وآله وخطّ علي عليه السّلام، صحيفة فيها كلُّ حلال وحرام... »
    10 ـ عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السّلام في حديث طويل، قال: « إن الله لا يجعل حجّة في أرضه يُسأل عن شيء فيقول لا أدري »
    11 ـ عن سورة بن كليب، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السّلام: بأيّ شيء يُفتي الإمام ؟ قال: « بالكتاب »، قلت: فما لم يكن في الكتاب ؟ قال: « في السنّة »، قلت: فما لم يكن في الكتاب والسنّة ؟ قال: « ليس شيء إلاّ في الكتاب والسنّة »، قال: فكرّرت مرّةً أو مرّتين، قال: « يُسدَّد ويُوفَّق ، فأمّا ما تظنّ فلا »
    12 ـ عن الحرث بن المغيرة، عن أبي عبدالله عليه السّلام، قال: سمعته يقول: « إنّ الأرض لا تُترك إلاّ بعالِم، يُحتاج إليه ولا يَحتاج إلى الناس، يعلم الحلال والحرام »
    وعن هشام بن سالم، قال: قلت لأبي عبدالله عليه السّلام: ما حقُّ الله على خلقه ؟ قال: « أن يقولوا ما يعلمون، ويكفّوا عمّا لا يعلمون، فإذا فعلوا ذلك فقد أدَّوا إلى الله حقَّه »
    وقال أبو عبدالله عليه السّلام: « لا يَسَعُكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون، إلاّ الكفّ عنه والتثبّت والردّ إلى أئمّة الهدى، حتّى يحملوكم فيه على القصد ويجلوا عنكم فيه العمى، ويعرّفوكم فيه الحق، قال الله: فآسألوا أهلَ الذِّكْرِ إن كُنتم لا تَعلمون »
    13 ـ عن أبي إسحاق النحويّ، قال: دخلت على أبي عبدالله عليه السّلام فسمعته يقول: « إنّ الله أدّب نبيَّه على محبّته، فقال: وإنّك لعَلى خُلُقٍ عظيم ، ثمّ فوّض إليه، فقال عزّوجلّ: وما آتاكمُ الرسولُ فَخَذوه وما نَهاكُم عنه فانتهُوا ، وقال عزّوجلّ: ومَن يُطعِ الرسولَ فقط أطاعَ الله »، قال: ثمّ قال: « وإنّ نبيّ الله فوّض إلى عليّ عليه السّلام وآئتمنَه، فسلّمتُم وجَحَد الناس، فوَالله لنُحبّكم أن تقولوا إذا قلنا، وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّوجلّ، ما جعل الله لأحدٍ خيراً في خلافِ أمرنا »
    14 ـ عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبدالله عليه السّلام، قال: سمعته يقول: « إنّ الأرض لا تخلو إلاّ وفيها إمام، كيما إن زاد المؤمنون شيئاً ردّهم، وإن نقصوا شيئاً أتمّه لهم » .
    15 ـ عن ابن الطيّار، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: « إن الله احتجّ على الناس بما آتاهم وعرّفهم ».
    الأمر السادس: الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام وعلم الغيب؛
    لمّا كان الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام هو الخليفةَ المنصوص عليه بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ حسب الأدلّة النقليّة والعقليّة الثابتة في موردها ـ فقد أفاض سبحانه من علمه الغيبيّ للإمام كما أفاض لرسول الله صلّى الله عليه وآله؛ ليكون قادراً على أداء مهامّه الرساليّة، وبهذا الصدد نذكر جملة من النصوص التي تؤكّد امتلاكه عليه السّلام لعلم الغيب، منها:
    1 ـ قوله تعالى: ومَن عندَه عِلمُ الكتاب ، حيث روى الجمهور أنّه هو عليّ بن أبي طالب عليه السّلام
    2 ـ قوله تعالى: ثمّ أورَثْنا الكتابَ الذينَ آصطفَينا مِن عبادِنا ، رُوي أنّه عليّ عليه السّلام، وهو من أجلى المصاديق لمن اصطفاه الله من عباده.
    3 ـ قوله تعالى: وتَعيَها أُذُنٌ واعية، وقد روى الجمهور أنّها نزلت في عليّ عليه السّلام أيضاً، وأنّه قال: « ما سمعتُ شيئاً من رسول الله صلّى الله عليه وآله فنَسِيتُه » .
    فالذي يمتلك علمَ الكتاب، وهو من المصطفَين الذين أُورِثوا الكتاب، هو باب علم الرسول صلّى الله عليه وآله، وهذا العلم يتضمّن علوم الغيب وغيرها، وقد مُنح للإمام عليّ عليه السّلام حسب هذه النصوص.
    4 ـ قال عليه السّلام مخبراً عن حوادث غيبيّة: « والله لو شئتُ أن أخبر كلَّ رجل منكم بمخرجه ومولجه، وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا فيَّ برسول الله صلّى الله عليه وآله، ألا وإني مُفْضيه إلى الخاصّة ممّن يؤمن ذلك منه. والذي بعثه بالحقّ واصطفاه على الخَلْق، ما أنطِق إلاّ صدقاً، ولقد عَهِد إليَّ بذلك كلِّه، ومَهلك مَن يهلك، ومَنجى من ينجو، ومآل هذا الأمر، وما أبقى شيئاً يمرُّ على رأسي إلاّ أفرغه في أُذنيّ، وأفضى به إليّ »

    5 ـ أشار عليه السّلام وأخبر عن الحوادث التي فعلها القرامطة بقوله: « يَنتحلون لنا الحبَّ والهوى، ويُضمرون لنا البغضَ والقِلى، وآية ذلك قتلُهم ورّاثَنا، وهجرُهم أحداثَنا ».
    قال ابن أبي الحديد: وصحّ ما أخبر به؛ لأنّ القرامطة قتلت مِن آل أبي طالب عليه السّلام خَلْقاً كثيراً
    6 ـ جاء في خطبة للإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام، أنّه قال: « سَلُوني قبل أن تَفقدوني، فوالله لا تسألونني عن فئةٍ تُضلّ مائة، وتهدي مائة، إلاّ نبّأتكم بناعقها وسائقها إلى يوم القيامة ».
    فقام إليه رجل فقال له: أخبرني كم في رأسي ولحيتي من طاقة شعر ؟
    فقال عليه السّلام: « والله لقد حدّثني خليلي رسول الله صلّى الله عليه وآله بما سألت، وإنّ على كلِّ طاقة شَعر من رأسك مَلَكاً يلعنك، وإنَّ على كلّ طاقة من شَعر من لحيتك شيطاناً يستفزّك، وإنّ في بيتك لَسَخْلاً يقتل ابنَ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ولولا أنّ الذي سألت عنه يعسُر برهانه لأخبرتُ به، ولكن آيةُ ذلك ما نبّأتُ به مِن لعنك وسخلك الملعون ».
    وكان ابنه في ذلك الوقت صغيراً، وهو الذي تولّى قتل الحسين عليه السّلام فيما بعد
    7 ـ كانت للإمام أمير المؤمنين أحكام غريبة وعجيبة أكثر من أن تُحصى، وهي تكشف بدورها عن علم الإمام الممنوح له من الله تعالى، حيث نجده يجيب عن أحكام الله بعد عجز غيره عنها، مثل الأمر بشقّ الولد نصفين حتّى رجعت المرأتان المتداعيتان إلى الحقّ
    وكقسمة الدراهم على صاحبي الأرغفة ، واستخراج حكم الخُنثى ، وأحكام البغاة، حتّى قال الشافعي: عَرَفنا حكمَ البغاة من عليّ عليه السّلام
    8 ـ جاء في ( أُسد الغابة ) لابن الأثير في ترجمة غرفة الأزديّ، أنّه كان من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ومن أصحاب الصُّفّة، وهو الذي دعا له النبيُّ أن يبارك في صفقته، قال غرفة: دخلني شك من شأن عليّ عليه السّلام، فخرجت معه على شاطئ الفرات فعدل عن الطريق، ووقف ووقفنا حوله، فأشار بيده: « هذا موضع رواحهم، ومناخ ركابهم، ومهراق دمائهم، بأبي مَن لا ناصرَ له في الأرض ولا في السماء إلاّ الله ». فلما قُتل الحسين عليه السّلام خرجتُ حتّى أتيت المكان الذي قتلوه فيه فإذا هو كما قال ما أخطأ شيئاً. قال غرفة: فاستغفرتُ اللهَ ممّا كان منّي من الشكّ، وعلمت أنّ عليّاً عليه السّلام لم يقدم إلاّ بما عُهِد إليه فيه .
    9 ـ أخبر الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام بقتل ( ذي الثَّدِيّة ) من الخوارج، وعدم عبور الخوراج النهر بعد أن قيل له: قد عبروا
    10 ـ وأخبر عليه السّلام عن شهادته
    11 ـ وأخبر بأنّ المغول سيأخذون المُلْك من بني العبّاس
    12 ـ وأخبر بصلب ميثم التمّار وطعنه بحربة عاشرَ عشرة، وأراه النخلةَ التي يُصلَب على جذعها، ففعل به ذلك عبيدُالله بن زياد عليهما اللّعنة
    الأمر السابع: الروايات التي تتحدّث عن علم الأئمّة وإخباراتهم الغيبيّة
    1 ـ جاء في الحديث القدسيّ: « يا ابن آدم، أنا غنيٌّ لا أفتقر، أطِعْني فيما أمرتُك أجعلْك غنيّاً لا تفتقر. يا ابن آدم، أنا حيٌّ لا أموت، أطِعْني فيما أمرتُك أجعلْك حيّاً لا تموت. يا ابن آدم، أنا أقول للشيء كنْ فيكون، أطِعني فيما أمرتك أجعْلك تقول للشيء كن فيكون »
    والأئمّة أطاعوا الله تعالى حتّى شُهِد لهم بالعصمة، فهم أَولى مَن يصدق في حقّهم هذا الحديث القدسيّ.
    2 ـ قال رسول الله صلّى الله عليه وآله « أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها » .
    3 ـ عن ابن عطاء المكّيّ، قال: اشتقتُ إلى أبي جعفر ( الباقر عليه السّلام ) وأنا بمكّة، فقَدِمتُ المدينة ـ ما قَدِمتها إلاّ شوقاً إليه ـ فأصابني برد شديد فانتهيت إلى بابه نصف الليّل، فقلت: أطرقُه في هذه الساعة أو أنتظره حتّى أُصبح ؟ فإنّي لأُفكّر في ذلك إذ سمعته، يقول: « يا جارية، افتحي الباب لابن عطاء، فقد أصابه برد شديد في هذه اللّيلة ». ففتحت الباب .
    4 ـ عن أبي كهمس، قال: كنت نازلاً بالمدينة في دار فيها وصيفة كانت تعجبني، فانصرفت ليلاً، فاستفتحْتُ الباب ففتحت لي، فقبضتُ على يديها، فلمّا كان من الغد دخلت على الصادق عليه السّلام فقال: « يا أبا كهمس، تُبْ إلى الله ممّا صنعتَ البارحة »
يعمل...
X