بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
من المسائل التي لازالت مثارا للجدل هي مسألة رؤيته تعالى فهل هي ممكن ام لا في الدنيا ام في الاخرة ام في كليهما السلام عليكم
فنقول ان رؤيته تعالى وقعت بين النفي والإثبات]
وعند أهل السنّة أنّ اللّه تعالى يصحّ أن يُرى مع امتناع كونه في جهة من الجهات، واحتجّوا لها بالقياس على الموجودات المرئيّة، وبنصوص القرآن والحديث.
والمشبّهة قالوا: إنّ اللّه تعالى جسم في جهة الفوق، ويمكن أن يُرى كما تُرى الأجسام. وبعضهم قالوا: إنّ اللّه تعالى جسم لا كالأجسام، وقالوا: إنّه تعالى خلق آدم على صورته.
والمعتزلة قالوا: إنّه تعالى ليس في جهة، ولذلك لايمكن أن يرى.
والحكماء قالوا: إنّه تعالى وغيره من المفارقات، كالعقول والنفوس، لايمكن أن يرى، لكون جميع ذلك مفارقة للأجسام، وأكثر الأعراض لاترى، والمرئيّ عندهم ليس غير الألوان والأضواء، وإنّما ترى محالّها بتوسّطها، وغير ذلك لايمكن أن يرى،
اما عند مدرسة اهل البيت (عليهم السلام )فقال (عليه السلام): «لاَ تراهُ العُيُونُ بمشاهدة العَيانِ وَلكِنْ تدرِكهُ القُلُوب بِحَقائِقِ الاِِيمانِ»
إنّ الرؤية بالبصر علاوةً على كونِها ممتنعةً عقلاً، مرفوضةً من جانبِ القرآن الكريم، فقد صرّحَ القرآن الكريم بنفِي إمكان ذلك.
فعندما طَلَب النبيّ موسى (عليه السلام) من الله (تحت إلحاحٍ وضغطٍ مِن قومه) أن يريه نفسَه ردّ عليه سبحانه بالنفي المؤكد المؤبد كما يقول: قائلاً: (رَبّ أرِنِي أَنْظُرُ إلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي) 2.
ويمكن أن يَسأَل أحد: إذا كانت رؤيةُ الله بالبصر والعَين غير ممكنة فلماذا قال القرآن الكريم: (وُجُوهٌ يَوْمِئِذٍ ناضِرَةٌ * إلى رَبِّها ناظِرَةٌ) .
والجواب على ذلك هو: أنّ المقصود من النظر في الآية الكريمة، هو انتظار الرحمة الاِلَهية، لاَنّ في الآية شاهدين على ذلك:
1 ـ إن النظر في هذه الآية نُسِبَ إلى الوجوه وقال ما معناه: إنّ الوجوه المسرورة تنظرُ إليه. ولو كان المقصود هو رؤية الله بالبصر لنُسِبَ النظر
العيون لا إلى الوجوه.
2 ـ إن الكلام في هذه السورة عن فريقين: فريق يتمتّع بوجوهٍ مسرورةٍ مشرقةٍ وقد بيّن ثوابَها بقوله: (إلى رَبّها ناظِرَةٌ)
وفريق يتسم بوجوه حَزينة مكفهرّة وقد بيّن جزاءها وعقابها بقوله: (تَظُنُّ أنْ يُفْعَلَ بها فاقِرَةٌ) .
والمقصود من الفقرة الثانية واضح وهو أنّ هذا الفريق يعلم بأنّه سيصيبه عذابٌ يفقر الظهر، ويكسره ولهذا فهو ينتظر مثل هذا العذاب الاَليم.
وبقرينة المقابلة بين هذين الفريقين يمكن معرفة المقصود من الآية الاَُولى وهو أنَّ أصحاب الوجوه المسرورة تنتظر رحمة الله، فقوله تعالى: (إلى رَبّها ناظِرة) كنايةٌ عن انتظار الرَّحمة الاِلَهية، ولهذا النّوع من التكنية وذكر شيء وإرادة شيء آخر كنايةً نظائر في المحاورات العرفية فيقال فلانٌ عينه على يد فلان أي أنّه ينتظر إفضالهَ وإنعامه عليه.
وخلاصة القول؛ أنّه كما ينتظر أصحابُ الوجوهِ الحزينةِ عذاباً إلَهيّاً، ينتظرُ أصحابُ الوجوهِ المسرورةِ رحمةً إلَهيةً كُنّي بها بالنَظَر إليه جرياً على العادةِ المألوفةِ في المحاورات العرفيّة العربيّة، وبقرينة المقابلة التي هي من قوانين البلاغة وقواعدها.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين