بسم الله الرحمن الرحيم
مازال الكلام اخوتي الاكارم حول التوسل ونريد ان نسلط الضوء اليوم حول التوسل بالميت وهل في التوسل شرك ام لا فاقول :
ويُستفاد من بعض الآيات أنّه كان مثل هذا العَمَل جارياً ورائجاً في الاَُمم السابقة.
وللمثال: طلبَ أبناءُ يعقوب من أبيهم أن يستغفرَ لهم، واستجاب لهم أبوهم يعقوبُ (عليه السلام) ووعدهم بذلك:
(يا أبانا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إنا كُنّا خاطِئِين * قال سَوْفَ أسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَبِّي إنّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحيمُ)
ومن الممكن أنْ يُقال أنّ التوسُّل بدعاء الصالحين يكون في صورةٍ خاصّة عين التوحيد (أو على الاَقلّ مفيداً ومؤثراً) وهي إذا كان من نتوسّلُ به على قيد الحياة.
أمّا إذا ماتَ الاَنبياء والاَولياءفكيفَ يكونُ التوسُّل بهم مُفيداً وعين التوحيد؟
في الجواب على هذا الاِشكال لابدّ من التذكير بنقطتين:
ألف: إذا افترَضْنا أنّ التوسُّل بالنَبي أو الوليّ مشروطٌ بكونهم على قيد الحياة، ففي هذه الصورة يكون التوسُّل بالاَنبياء والاَولياء الاِلَهيّين بعد الموت مجرّد عملٍ غيرِ مفيد، لا أنّه يكون موجباً للشرك.
وقد غُفِلَ عن هذه النقطة الهامّة في الغالب، وتَصوّر البعض أنّ الموتَ والحياةَ رمزُ التوحيد والشرك! مع أنّ هذا الشرط (أي حياة النبيّ
أو الولي عند توسُّلِ الآخرين به) ملاكٌ لكون التوسّل مفيداً أو غير مفيدٍ، لا أنّه «ملاكٌ» لكون التوسُّلِ عَمَلاً توحِيديّاً أو شِركيّاً.
ب: إنّ تأثيرَ التوسّل وكونَه مفيداً يُشترط فيه أمران:
1. أن يكونَ الفردُ المتوسَّلُ به مُتصِفاً بالعلم والشعور والقدرة.
2. أن يكونَ بين المتوسّلِ، والمتوسَّل به ارتباط واتصال وكلا هذين الشرطين (الاِدراك والشعور ووجود الارتباط بينهم وبين المتوسَّل بهم) موجودان في التوسّلِ بالاَنبياء، وإن فارقت أرواحُهم أجسْادَهم وذلك ثابت بالاَدلة العقلية والنقلية الواضحة.
إنَّ وجودَ الحياة البرَزَخيّة من المسائل القرآنيّةِ والحديثيّةِ المسلّمة الضَّرُوريّة،
فإذا كانَ الشهداء الّذين قُتلُوا في سبيلِ الحقِّ أحياءً حسب تصَريح القرآن الكريم، فأولى أن يكون أنبياء الشهداء والاَولياء المقرّبون أحياءً عند ربّهم ـ خاصة وانّ أكثرهم قد استشهد في سبيل الله ـ أيضاً بحياة أعلى وأفضل.
ثم إنّ هناكَ أدلةً كثيرةً على وجود الارتباط بيننا وبين الاَولياء الاِلَهيين نذكر بعضَها:
1. إنّ جميع المسلمين يقولون في نهاية الصَلاة مخاطِبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «السَّلامُ عَليكَ أيُّها النبيُّ ورحمةُ اللهِ وَبَرَكاتهُ».
فهل هم يقولون ما يقولونه لغواً وعبثاً؟ وهل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يسمع كلّ
هذه التحيات وكل هذا السلام ولا يردّ عليها؟!!
2. إنّ النبيَ الاَكرم أَمَر ـ في معركة بدر ـ بأن تلقى أجسادُ المشركين في بئر (قليب) ثم وَقَفَ يُخاطبهم قائلاً: لَقَد وَجَدْنا ما وَعَدنا ربُّنا حقاً، فهل وَجَدتُم ما وَعَدَكم ربُّكم حَقاً؟
فقال أحدُ أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا رسولَ الله أتكلم الموتى؟!
فقالَ النبيُ (صلى الله عليه وآله وسلم):«ما أنْتُمْ بأسَمعَ مِنْهُمْ»
3. لقد ذَهَبَ رسولُ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى البقيع مراراً وقال مخاطباً أَرواح الراقدين في القبور والاَجداث: «السَلامُ على أهلِ الدّيار مِن المؤمِنين والمؤمِنات».
وفي رواية كان يقولُ: «السلامُ عليكمْ دارَ قومٍ مؤمِنين»
4. روى البخاريُ في صحيحهِ أنّه لما تُوفّي النبيُ (صلى الله عليه وآله وسلم) دخل أ بو بكر حجرة عائشة ثم ذهبَ إلى حيث سُجِّيَ رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) فكَشَفَ عن وجهِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقَبَّلهُ ثم قال وهو يَبكي: بأَبي أنتَ يانبيَّ الله؛ لايجمعُ اللهُ عليكَ موتَتَين أمّا الموتة الاَُولى التي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فقد متّها
وإذا لم يكن لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حياةٌ برزخيّةٌ، ولم يكن بينه وبيننا أيُّ ارتباط فكيف خاطَبَه أبو بكر قائِلاً: يا نبيّ الله؟!
5. عندما كان الاِمامُ عليٌ (عليه السلام) يغسّل رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) ويجهّزه قال: انقطَعَ بموتِكَ ما لمْ يَنْقَطِعْ بموتِ غَيْرِك مِن النُبوَّة والاِنْباءِ، وأخبارِ السماء بأبي أنَت وأُمّي اذكُرْنا عند ربِّكَ واجْعَلْنا مِن بالِكَ
البداء …
وفي الختام نُذَكّرُ بأنّ للتَوَسُّلِ بالاَنبياء والاَولياء صُوَراً مختلِفةً جاء شرحُها في كُتُبِ العَقائد. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد واله الطاهرين ، ولاتنسوني من خالص دعائكم ....................................