إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

القران منهاج الحياة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القران منهاج الحياة

    منهاج الحياة
    يشتمل الدين الإسلاميّ على أتمّ المناهج للحياة الإنسانيّة، ويحتوي على ما يسوق البشر إلى السعادة في الدارين. هذا الدين عُرفت أسسه وتشريعاته من طريق القرآن الكريم والسنّة الشريفة، فالقرآن الكريم ينبوعه الأوّل ومعينه الّذي يترشّح منه.

    والقوانين الإسلاميّة الّتي تتضمّن سلسلة من المعارف الاعتقاديّة والأصول الأخلاقيّة والعمليّة، نجد منابعها الأصيلة في آي القرآن العظيم.

    قال تعالى:
    ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ1.
    وقال تعالى:
    ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين2.

    فلو دقّقنا النظر في النقاط التالية نُدرك كيف اشتمل القرآن الكريم على المناهج الحياتيّة الّتي لا بدّ من توفّرها للإنسان:


    15
    1ـ السعادة غاية الإنسان:
    يهدف كلّ إنسان في هذه الحياة الدنيا للحصول على السعادة. ولكن يختلف البشر في تحديدها وتشخيص الموارد الّتي يمكن أن تحقّقها فبعضٌ يظنّ السعادة في المال، وآخر في الجاه والمنصب وغيرهم في الشهرة وهكذا... والسعادة الحقّة يوم القيامة في الجنّة، وقد قال تعالى:
    ﴿وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى3.

    2ـ ضرورة القوانين والأنظمة:

    لا بدّ للإنسان من هدف خاصّ في أفعاله الفرديّة والاجتماعيّة. وللوصول إلى ذلك الهدف ينبغي استناد أعماله إلى قوانين وآداب خاصّة موضوعة من قِبل دين أو غيره.
    والقرآن الكريم نفسه يؤيّد هذه النظريّة حيث يقول:
    ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ4.

    3ـ ضرورة موافقة القوانين للفطرة الإنسانيّة:

    ينبغي أن تكون القوانين والأنظمة والآداب موافقة للفطرة السليمة، وليست نابعة من العواطف والاندفاعات الفرديّة أو الاجتماعيّة.
    هذا شأن الكون كلّه، سعادته وكماله، باتّباع ما فطره وخلقه الله عليه.
    يقول تعالى: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى5.

    ويقول:
    ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى*وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى6 ويقول: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا7.

    16
    ويقول: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ8.

    ويقول:
    ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ9.

    ويقول:
    ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ10.
    وبعد وضوح هذه المقدّمات، نشير إلى أنّ القرآن الكريم وضع مناهج الحياة للإنسان:
    فقد جعل أساس المنهج معرفة الله، وجعل الاعتقاد بوحدانيّته أوّل الأصول الدينيّة. ومن طريق معرفة الله دلّه على المعاد، والاعتقاد بيوم القيامة؛ الّذي يُجازى فيه المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته وجعله أصلاً ثانياً. ثمّ من طريق الاعتقاد بالمعاد دلّه على معرفة النبيّ لأنّ الجزاء على الأعمال لا يمكن إلّا بعد معرفة الطاعة والمعصية والحسن والسيّئ. ولا تتأتّى هذه المعرفة إلّا من طريق الوحي والنبوّة، وجعل هذا أصلاً ثالثاً.

    واعتبر القرآن الكريم هذه الأصول - الاعتقاد بالتوحيد والنبوّة الّتي يتفرّع منها الإمامة والمعاد والّذي يتفرّع منه العدل - أصول الدين الإسلاميّ.
    وبعد هذا بيّن أصول الأخلاق المُرضية والصفات الحسنة الّتي تُناسب الأصول الثلاثة، والّتي لا بدّ أن يتحلّى بها كلّ إنسان مؤمن، ثمّ شرّع له القوانين والأنظمة العمليّة الّتي تضمن سعادته الحقيقيّة، وتنمّي فيه الأخلاق الطيّبة.

    ونتيجة القول: إنّ القرآن الكريم يحتوي على منابع أصول الإسلام الثلاثة كما يلي:
    1- أصول العقائد، وهي تنقسم إلى أصول الدين التوحيد والنبوّة المعاد.


    17
    2- الأخلاق.
    3- الأحكام الشرعيّة والقوانين العمليّة الّتي بيّن القرآن أسسها، وأوكل بيان تفاصيلها إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وجعل النبيّ بيان أهل بيته عليهم السلامبمنزلة بيانه كما يُعرف ذلك من حديث الثقلين المتواتر نقله عند السُنّة والشيعة.

    من خصائص القرآن الكريم
    1ـ سلامته من التحريف:

    من الخصائص المهمّة للقرآن الكريم أنّه محفوظ عن التحريف، وهذا بخلاف الإنجيل والتوراة الّلذَين حُرِّفا حذفاً وإضافة، يقول سبحانه:
    ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ11.

    وهناك كتب وبحوث كثيرة أثبتت تحريفهما ما أزال صفة الوحي والقدسيّة عنهما.

    أمّا القرآن الحكيم فقد بقي مصوناً محفوظاً بحفظ الله ورسوله، وإليكم بعض ما يدلّ على بقائه كما أنزله الله تعالى:
    1ـ القرآن نفسه: وذلك لتواتره بين المسلمين، وعدم الاختلاف فيه، وقد نزل على قلب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في 23 سنة دون تراجع أو تقدّم في البلاغة والفصاحة وحسن البيان، يقول تعالى:
    ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا12.

    ويقول تعالى:
    ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ13، وبهذه الآية المتواترة القطعيّة ثبت أن لا زيادة فيه، فهل فيه نقيصة؟

    18
    يقول تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ14.

    فالذكر هنا هو القرآن، والمراد من حفظه إبقاؤه على ما كان عليه وكما نزل على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. فلو فرض إسقاط آية منه فلا يكون حينئذ محفوظاً من قبل الله، جلّ الله عن ذلك وعلا علوّاً كبيراً.

    2- الروايات الصحيحة عن بيت العصمة والطهارة، حيث تدلّ على أنّ ما بين الدفّتين تمام ما أنزل، من دون نقيصة أو تحريف، وهي على أنواع، منها:
    أـ الأخبار الواردة في بيان الثواب لسور القرآن الكاشفة عن عدم تحريف السور لأنّه لا معنى للثواب على قراءة السور المحرّفة.

    ب ـ الأخبار الدالّة على لزوم عرض الأخبار مطلقاً، أو عند تعارضها، على كتاب الله، حيث إنّه لا معنى لعرض الأخبار على القرآن المحرّف، ما يكشف عن صحّته وعدم وقوع التحريف فيه.

    ج ـ الأخبار الدالّة على وجوب التمسّك بالقرآن، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي"15. وأسانيدها لا تقبل المناقشة عند أحد من المسلمين. فلو كان الكتاب محرّفاً لما كان للتمسك به معنى.

    3- إنّه لو سقط من القرآن شيءلم تبقَ ثقة في الرجوع إليه.
    4- إنّ شدّة الاهتمام والضبط في عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبعده في حفظ الكتاب أخرج سقوط شيء منه عن مجرى العادة.

    2ـ القرآن كتاب عالميّ:

    لا يختصّ القرآن بالعرب أو بالمسلمين،إنّما هو كتاب لكلِّ الناس بجميع ألوانهم وأعراقهم، يقول تعالى:
    ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ16.

    19
    ويقول سبحانه: ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ * نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ17.

    3ـ القرآن كتاب شامل:

    ففيه كلّ ما يحتاج إليه الإنسان في سيره التكامليّ نحو السعادة من أسس العقائد إلى تنظيم المجتمع وأخلاق المعاملة وأدب العبادة وتنظيم حياة الناس. يقول تعالى:
    ﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ18.

    4- القرآن كتاب لكلّ زمان ومكان:
    يقول تعالى:
    ﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ19.
    القرآن هدفه تعريف الإنسان بنفسه وبربّه ودنياه وآخرته والسبل الآيلة لخلوصه من هذه الدنيا سعيداً وحياته فيها معافى، وهذا غير متعلّق بزمان أو مكان، ففي القرآن الحقائق الثابتة، الّتي لا يتطرّق إليها البطلان ولا تنسخ بمضيّ القرون والأعوام، يقول تعالى:
    ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ20.
يعمل...
X